صحف ألمانية: اتفاق السلام فرصة للتباهي ولحفظ ماء وجه الجميع
١٤ أغسطس ٢٠٢٠
اهتمت كبريات الصحف الألمانية باتفاق السلام الإسرائيلي الإماراتي، وخلصت العديد من التعليقات إلى أنه "صفقة" مربحة لجميع الأطراف، لكن هناك من تساءل عمّا إذا كان سيخدم عملية السلام في المنطقة، غير أن الإجابة كانت مخيّبة.
إعلان
حظي الاتفاق بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة على اهتمام عدد من الصحف الألمانية الصادرة الجمعة (14 أغسطس/ آب)، وجاءت التعليقات متباينة في قراءة أهداف هذا الاتفاق ودوافعه وكذا في تحديد الطرف الأكثر استفادة منه. فصحيفة "فراكفورتر ألغماينه تسايتونغ" على سبيل المثال وصفت الاتفاق بين البلدين بأنه "زواج" هدفه يتمثل في..
"إذا أقامت إسرائيل الآن علاقات دبلوماسية مع الإمارات العربية المتحدة وعلقت قرار ضمّ أراضي الضفة، الذي هو بالأصل قرار شائك ساسياً، فإن ذلك يمثل انتصاراً مزدوجاً لنتنياهو. لكن أيضا قيادة الإمارات سوف تستفيد من هذه الصفقة، لكونها ستُظهر أنها فعلت شيئًا من أجل القضية الفلسطينية.
الطرف الثالث في هذا التحالف هو ترامب، الذي سيتباهى بأنه صانع سلام. وهذا الأمر ليس مجانبا للصواب، لأن زيادة التعاون بين إسرائيل والدول العربية يمكنه أن يعود بالنفع على المنطقة. غير أن الهدف المباشر من هذا الزواج، أشار إليه الشريكان بوضوح نسبياً، ويكمن في (إنشاء) تحالف ضد إيران".
ما يوصف بـ"التهديد الإيراني" اعتبرته صحيفة "تاغس شبيغل" بدورها السبب الرئيسي لهذا التقارب، مرجحة الإعلان عن اتفاقات سلام قريباً حتى مع المملكة العربية السعودية:
"الاتفاق غيّر البلدين الواقعين في الشرق الأوسط: لم يعد العداء القائم منذ عقود مع "الصهاينة" يهيمن على السياسة، بل حلت محله المواجهة مع إيران. لقد وحدت إسرائيل والإمارات والولايات المتحدة، أولئك الذين يرون في نظام الملالي تهديداً لهم. يبدو أن الصراع المشترك ضد طهران بات يفوق النفور السابق منها. مبدئياً ينطبق هذا أيضاً على المملكة العربية السعودية. لذلك لا يستبعد مراقبون أن تتقارب المملكة مع إسرائيل في القريب العاجل.
من جهتها، رأت صحيفة "دي فيلت" أن الاتفاق يحفظ ماء وجه جميع الأطراف وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو:
"حمامة السلام القادمة من الخليج تمنح الآن لجميع الأطراف فرصة حفظ ماء الوجه. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يملك الآن حججا جيدة لتبرير تراجعه عن قرار ضمّ أراضي الضفة أمام الأعضاء المتشددين في حزب الليكود الذي يترأسه. كما ضمنت القدس أن علاقة إسرائيل مع حكومة أمريكية جديدة محتملة برئاسة جو بايدن لن تكون مثقلة بقرار الضم منذ البداية".
اتفاق أبراهام.. أحدث حلقة في مسار حروب وسلام متعثر
قبل أكثر من سبعين عاماً أعلن عن قيام إسرائيل. ذات الإعلان يؤرخ له الفلسطينيون بيوم "النكبة". عقود طوال من الشد والجذب بين الطرفين دون التوصل إلى حل نهائي للصراع الذي خلف ضحايا كثر وخسائر جسيمة.
صورة من: Getty Images/A. Wong
"النكبة"
"عيد الاستقلال" بالنسبة للإسرائيليين هو ذكرى "النكبة" بالنسبة للفلسطينيين. فبسبب حرب 1948 فقد فلسطينيون كثر بيوتهم ومورد رزقهم. وقدر عدد الذين خرجوا من بلدهم حينذاك بـ 700.000 فلسطيني، يُنعتون اليوم باللاجئين الفلسطينيين.
صورة من: picture-alliance/dpa
إعلان التأسيس والاعتراف
في الـ 14 من أيار/ مايو 1948 أعلن رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل. وكانت أمريكا أول الداعمين لتلك الدولة والمعترفين بها ورُفع علم الدولة الجديدة أمام مبنى الأمم المتحدة في نيويورك. قيام إسرائيل فتح الباب على مصراعيه لـ"صراع الشرق الأوسط".
صورة من: picture-alliance/akg-images
"أرض الميعاد"
اليهود أكبر مكون في المجتمع الإسرائيلي. ويصل عدد سكان الدولة العبرية اليوم أكثر من 8٫5 مليون نسمة. وينعت اليهود موطنهم الحالي بـ"أرض الميعاد"، إذ يعتقدون أن الرب وعد إبراهيم وعاهده على أن تكون هذه الأرض لنسله، وبأنها الأرض التي سيعود إليها اليهـود.
صورة من: AFP/Getty Images
حرب الأيام الستة
تعددت الحروب بين إسرائيل وجيرانها العرب، ففي 5 حزيران/ يونيو 1967 نشبت حرب جديدة بين الدولة العبرية وبين كل من مصر وسوريا والأردن، لتكون الثالثة في سلسلة الصراع العربي الإسرائيلي. لكنها سرعان ما انتهت بنصر إسرائيلي واستيلائها على قطاع غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان.
صورة من: picture alliance/AP/KEYSTONE/Government Press Office
لاجئون في دول الجوار وفي الضفة والقطاع
يُقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين اليوم بحوالي 5 مليون لاجئ فلسطيني. وحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، فإن اللاجئين الفلسطينيين يوجدون بـ 58 مخيم في الأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية. وتُطلق كلمة "لاجئ" على الخارجين من فلسطين بعد نكبة 1948، في حين يقال "نازحون" لمن غادروا فلسطين بعد "نكسة" 1967.
ظروف مزرية
يعيش اللاجئون الفلسطينيون أوضاعاً اجتماعية واقتصادية قاسية في المخيمات. فقد كشفت أونروا في تقاريرها عن الأوضاع المزرية لهؤلاء، والتي تمتاز عموماً بالفقر وبالكثافة السكانية وبظروف الحياة المكبلة. علاوة عن بنية تحتية غير ملائمة كالشوارع والصرف الصحي. ويشار إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في هذه المخيمات لا "يملكون" الأرض التي بني عليها مسكنهم، في حين يمكنهم "الانتفاع" بالأرض للغايات السكنية.
صورة من: John Owens
لماذا أنوروا؟
الأونروا هي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى. وتعمل على المساعدة والحماية وكسب التأييد لهم، وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم. وتخصص الوكالة مدارس وعيادات صحية ومراكز توزيع داخل المخيمات وخارجها. تم تأسيس الوكالة بموجب القرار رقم 302 (رابعا) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة.
صورة من: Getty Images/AFP/
حرب رابعة
في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 قام الجيشان المصري والسوري بهجوم مفاجئ على القوات الإسرائيلية المرابطة في سيناء وهضبة الجولان. حقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية. انتهت الحرب رسمياً مع نهاية 24 أكتوبر مع خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي الإسرائيلي.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر تفتح الباب
في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 1977 فاجئ الرئيس المصري أنور السادات العالم بزيارته إلى إسرائيل، لتنطلق مفاوضات سلام شاقة برعاية أمريكية وتتوج في سبتمبر/ أيلول 1978 بتوقيع اتفاقات كامب ديفيد، التي تبعها توقيع معاهدة السلام في 26 آذار/ مارس من عام 1979. أنهت المعاهدة حالة الحرب وانسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء. لم يحظ السلام بالتأييد في العالم العربي، إذ اعتبرها العرب آنذاك "خيانة" للفلسطينيين.
صورة من: picture-alliance/CNP/Arnie Sachs
اتفاق أوسلو
بعد شهور من المفاوضات السرية الموازية لعملية السلام التي انطلقت في مدريد عام 1991 تم في 13 من سبتمبر/ أيلول 1993 في حديقة البيت الأبيض توقيع اتفاق أوسلو الذي كان إعلاناً عن المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقال. حصل كل من ياسر عرفات وإسحاق رابين وشيمون بيريز على نوبل للسلام. لكن المعاهدة قوبلت برفض فصائل فلسطينية لها. انعقدت جولات كثيرة لاستكمال السلام الذي تعثر باندلاع الانتفاضة الثانية.
صورة من: Getty Images
معاهدة وادي عربة
في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 1994 وبرعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون وقع رئيس الأردن وإسرائيل معاهدة سلام بينهما. أنهت معاهدة وادي عربة رسمياً عقوداً من حالة الحرب، بيد أنها لم تكتسب شرعية شعبية في الأردن حتى اليوم، ففي نظر الشريحة الأكبر من الأردنيين، الذين يشكل الفلسطينيون أكثر من نصفهم، لا تزال إسرائيل "عدواً". وبموجب المعاهدة احتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/G. Gibson
حق العودة
حق العودة حلم يراود معظم اللاجئين الفلسطينيين. ولجأ الفلسطينيون وخصوصاً بعد اتفاق أوسلو إلى تشكيل لجان ومؤسسات بهدف الحفاظ على قضية اللاجئين والدفاع عن حق العودة.
صورة من: picture-alliance/dpa/ZUMA Wire/APA Images/A. Amra
الإمارات والدولة العبرية تعلنان التطبيع الكامل
توصلت الإمارات وإسرائيل إلى "اتفاق سلام تاريخي"، حسب الرئيس ترامب الذي قال إنهما ستباشران قريبا لقاءات لعقد اتفاقيات عدة. وتعد الإمارات أول بلد خليجي يعلن عن تطبيع كامل مع إسرائيل. محمد بن زايد أعلن في تغريدة أنه تم في اتصال مع ترامب ونتانياهو "الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية. بيد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رد بأن مخطّط الضمّ "تأجّل" لكنّه "لم يُلغ".
البحرين تنضم للإمارات
شهرا بعد الإعلان الإماراتي-الإسرائيلي، انضمت البحرين إلى الدولتين، ووقع بنيامين نتنياهو اتفاقي سلام مع وزيري خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، والبحريني عبد اللطيف الزياني. يُعتقد أن البحرين لن تكون الأخيرة، وأن هناك دولا عربية قد تنضم، في مؤشر جديد على قرب نهاية رسمية للصراع العربي-الإسرائيلي ليتحول إلى صراع فلسطيني-إسرائيلي، بيدَ أن هناك دولا في المنطقة لن تغير موقفها كإيران.
"الاتفاق مربح لكافة الأطراف الثلاثة: ترامب يمكنه التباهي بالنجاح الدبلوماسي، حتى لو كان التقارب بين الدولتين قائماً بالفعل منذ فترة طويلة. نتنياهو يمكنه بدوره التباهي بنجاح دبلوماسي مماثل، بعد أن حصل على وسيلة لحفظ ماء الوجه عبر الخروج من معضلة سياسة داخلية وخارجية طالما ناور فيها منذ الإعلان عن ضمِّ الضفة الغربية. كما يمكن للإمارات ادعاء أنها هي من أوقف قرار الضم والإفصاح أخيراً عن علاقاتها الوثيقة بإسرائيل. و كما يحدث في كثير من الأحيان، فإن الخاسر الأكبر هم الفلسطينيون الذين يدركون مرة أخرى بأن القضية الإيرانية أهم بكثير للدول العربية من قضية حقوق "الأشقاء" الفلسطينيين".
في المقابل، لم تركز صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" على مكاسب هذا الاتفاق بالنسبة للأطراف المعنية فحسب، وإنما عرّجت أيضا على قدرته في احتواء جوهر الصراع وخلصت إلى..:
"الصفقة التي تم تحديدها الآن ذات جوهر واقعي على الأقل، وذلك عكس ما سمي بخطة ترامب للسلام في يناير/كانون الثاني للإسرائيليين والفلسطنيين، إذ تحمل الصفقة هذه المرة مقايضة من نوع ما. فقد وضع الإسرائيليون خطط ضمهم التي قوبلت بانتقادات شديدة في الأراضي الفلسطينية جانباً وحصلوا في المقابل على باب مفتوح لتوثيق العلاقات مع دول الخليج السنية. إضافة إلى ذلك، فالاثنان لهما مصلحة مشتركة (تتجلى في) احتواء الأطماع الإيرانية في المنطقة.
غير أن الصعوبات لا تقف عند هذا الحد، إذ أن هناك ما يكفي من العناصر الراديكالية في كلا الجانبين التي ستقوم بنسف هذا الاتفاق باعتباره خيانة. جوهر الصراع في الشرق الأوسط يكمن بالأساس في القضية العالقة والمتعلقة بإقامة دولة فلسطينية، ولهذا يتعين على إسرائيل تقديم تنازلات أكبر بكثير من مجرد التخلي المؤقت عن الاستيلاء على الأراضي".
الطرح ذاته قدمته صحيفة "تاغس شاو" مشددة على ضرورة أن يخدم هذا الاتفاق الهدف الأساسي وهوتحقيق السلام في المنطقة:
"تحقيق السلام في الشرق الأوسط، لا يزال الاتفاق بعيداً جدا منه. ورغم ذلك هو إشارة إيجابية و"خطوة كبيرة لم يسبق حدوثها من قبل في العالم العربي". بيد أن على هذا الاتفاق الآن الدخول حيز التنفيذ. وللوصول إلى هذ المرحلة، لا تزال الطريق طويلة".