صحف ألمانية: الاتحاد الأوروبي يلوم نفسه بسبب سوريا
١٧ أبريل ٢٠١٨
بعد الضربات العسكرية الغربية تتطلع ألمانيا والاتحاد الأوروبي إلى مبادرات دبلوماسية جديدة لإنهاء الحرب في سوريا. إلا أن فرص تلك المبادرات تقيمها الصحف الألمانية في غالبيتها بالضعيفة لتحقيق اختراق.
إعلان
صحيفة "برلينر تسايتونغ" كتبت في هذا السياق تقول:
"جمهورية ألمانيا الاتحادية هي أقوى بلد في الاتحاد الأوروبي، وهي تتحمل بالتالي مسؤولية قيادية لا تقوم على ما يبدو بتفعيلها. فإذا لجأت القوى الكبرى الأخرى إلى حمل السلاح، فبإمكان قوة كبيرة أوروبية موحدة أن ترفع صوت الرشاد والدبلوماسية ـ قبل أن يتم إشعال الصواريخ المقبلة، وفي أحسن الأحوال بالاشتراك مع فرنسا. وسيكون جزء كبير من الرأي العام العالمي بجانبها...وهذا سيعني بصفة ملموسة على سبيل المثال تنظيم اجتماع خاص للمجلس الأوروبي أو على الأقل لوزراء الخارجية بسرعة قبل الهجوم الصاروخي المعلن عنه من قبل دونالد ترامب. وعلى الأقل محاولة إيجاد موقف أوروبي موحد ضد التصعيد العسكري المتجدد... ولكن الحديث عن مسؤولية دون عمل أي شيء هو قليل بالنسبة إلى بلد من أهمية وتطلع ألمانيا".
صحيفة "رويتلينغر غنرال أنتسايغر" ترسم صورة قاتمة عن الوضع في سوريا، وكتبت تقول:
"بالفعل إنه دوما من الأفضل البحث عن حل على طاولة المفاوضات عوضا عن ساحة المعركة. إلا أن هذا تم تجربته عدة مرات في سوريا وفي الغالب بدون نجاح. فمن جهة لا ميركل ولا ماكرون لهما مخطط يرسم كيف سينشران السلام في البلاد. والقضايا المركزية تبقى مفتوحة: من سيحكم البلاد؟ ومن سيفرض نظام ما بعد الحرب وسيضمنه؟ والأهم من ذلك هو أنه لا يمكن إحلال السلام إلا إذا اقتنعت أطراف الحرب بأنه لا يمكن لها تحسين مواقفها من خلال ممارسة العنف. ولم يصل الأمر بعد إلى هذه الحالة، لأن الأسد يشعر بأنه قوي. ويظن أنه بوسعه في أرض المعركة إعادة السيطرة. وهذه ليست أرضية انطلاق جيدة لحل سلمي".
" ألمانيا ليس لها ما تعرضه سوى الكلمات الرنانة"
صحيفة "باديشن نويستن ناخريشتن" لا ترى هي الأخرى دورا لألمانيا في سوريا، وكتبت تقول:
"المشكلة هي أنه ما دامت روسيا وإيران وتركيا لها تصورات متعارضة تماما بشأن مستقبل سوريا، ولا يمكن لها التوحد، فإن جميع محاولات الوساطة للغرب سيكون محكوم عليها في النهاية بالفشل. وليس هناك حاجة إلى ألمانيا في هذا الإطار لا عسكريا ولا سياسيا. فليس لها ما تقدمه سوى الكلمات الرنانة التي تبقى بدون قيمة وتتلاشى بدون إصغاء".
صحيفة "مركيشه أودرتسايتونغ" من فرانكفورت كتبت تقول:
"الحرب في سوريا حُسمت. فصاحب السلطة الأسد فاز بها ـ بمساعدة قوية من روسيا. ومن خسر هم القتلى والجرحى والمطرودين من البلاد التي دمرتها الحرب. والخاسر أيضا هي أيضا دبلوماسية الأزمات الدولية. لا سيما الاتحاد الأوروبي الذي يتفلسف حول مسؤوليته المتنامية في العالم يلوم نفسه بسبب سوريا".
صحيفة "هاندلسبلات" من دوسلدورف كتبت تقول:
"السؤال الحاسم هو تحت أي ظروف ستكون موسكو مستعدة للتخلي عن حاكم دمشق؟ هل يوجد مجال تفاوض؟ وما هي على كل حال مصالح روسيا؟ الحقيقة هي أن حسابات بوتين الماكرة أتت أكلها. فبتدخلها العسكري في سوريا باتت روسيا ـ في أيام أوباما متهكم بها كقوة متوسطة ـ ليس فقط الفاعل الحاسم في بلاد الحرب الأهلية. فموسكو تقف في الأثناء بتأثيرها الفاعل على إيران وكذلك تركيا من الناحية السياسية على قدم المساواة مع الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة الأكثر تفجرا في العالم. لكن هناك حقيقة أخرى هي أن روسيا حققت بالفعل أهم أهدافها في الحرب، لكنها غير قادرة على إعادة بناء البلاد التي دُمرت كليا تقريبا ـ وليس حتى بدعم شركائها الإقليميين. وإذا أرادت روسيا المزدهرة الاستفادة على المدى البعيد اقتصاديا من التزامها العسكري في المنطقة، فهي تحتاج إلى مساعدة الغرب. فالفرص إذن أن يتخلى بوتين عن دعم الأسد ليست فعلا كبيرة، لكنها ليست في حدود الصفر. ويستحق ذلك المحاولة. وتشكيل حكومة انتقالية بمشاركة مجموعات الشعب المختلفة بدون الأسد ـ كما تمت برمجتها في 2012 ـ هي صعبة، لكنها ليست مستحيلة، لاسيما عندما تقترن بمخطط لإعادة البناء. وبالفعل يمكن للاتحاد الأوروبي أن يلعب هنا دورا محوريا".
ر.ز/ م.أ.م
محطات في الدور الألماني خلال الأزمة السورية
إلى جانب الدور الإنساني، لعبت ألمانيا أدوارا أمنية وسياسية في الأزمة السورية. وعلى مدى سبع سنوات، لم تتخلف برلين عن تسجيل حضورها في ملفات الأزمة داعية دائماً إلى وقف الحرب و"الجرائم ضد الإنسانية" في سوريا.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
منفذ اللاجئين
منذ بداية الأزمة في سوريا سنة 2011، يبحث السوريون عن منافذ لمغادرة بلدهم نحو بلدان أكثر أمانا. وكانت ألمانيا واحدة من المنافذ التي فتحت الباب أمامهم منذ 2015، كما أتاحت لهم فرصة النفاذ من ويلات الحرب حتى صار عدد السوريين من غير الحاملين للجنسية الألمانية، عام 2017، يقدر بحوالي 699 ألف شخص، في ألمانيا، أي ثالث أكبر جالية أجنبية في البلاد، حسب ما أفاد "مكتب الإحصاء الاتحادي".
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Pförtner
"ماما ميركل" محبوبة اللاجئين السوريين
لعبت قرارات ميركل في ملف اللاجئين دورا رياديا. وكان قرارها الشهير عام 2015، بفتح الحدود الألمانية أمام اللاجئين السوريين خاصة وقد وصلوا أوروبا عبر البحر المتوسط، محط أنظار العالم بأسره، إذ لم تقف عند "اتفاقية دبلن" و"فضاء شينغن" والهدنة مع دول أوروبا الشرقية. وتمسكت بشعارها "نستطيع أن ننجز ذلك"، في إشارة منها إلى تفاؤلها بالتغلب على أزمة اللاجئين. قرارات ميركل جعلتها تُنعت بـ"ماما ميركل".
صورة من: Reuters/F. Bensch
إدماج وإندماج
تعمل ألمانيا بشكل مكثف على إدماج اللاجئين في الحياة العامة. وتخصص ميزانيات مهمة من أجل تعليم اللغة وتوفير دورات للاندماج ، فضلا عن دورات التأهيل للعمل لصالح اللاجئين. علاوة على ذلك، يحظى الأطفال باهتمام خاص، إذ يذهبون، بعد وصولهم بفترة بسيطة إلى ألمانيا، إلى المدارس أو إلى دور الحضانة وذلك بهدف الانفتاح على العالم الجديد والتأقلم معه.
صورة من: picture-alliance/W. Rothermel
إنقاذ وتطبيب ومليارات اليورو للدعم
قدمت ألمانيا مساعدات كثيرة للسورين خلال الحرب. فبالإضافة إلى التطبيب، رصدت عام (2017) للمساعدات الإنسانية في سوريا 720 مليون يورو. فضلا عن 2.2 مليار يورو، قدمتها لسوريا منذ بداية الحرب الأهلية هناك في عام 2012، وكان وزير الخارجية الألمانية زيغمار غابرييل، قد تعهد بعشرة ملايين يورو إضافية للمساعدات المقدمة لسوريا في ظل الوضع المأساوي في الغوطة الشرقية.
صورة من: Ärzte ohne Grenzen
مساعدات إنسانية في الداخل والخارج
لا تنحصر المساعدات الإنسانية الألمانية على المحتاجين اليها في سوريا فحسب، بل تشملهم في ألمانيا أيضا، حيث تتظافر جهود الدولة والمجتمع المدني لمد اللاجئين بالمعونة الضرورية، خاصة في الأيام الأولى من التحاقهم. وتعتبر موائد "تافل" من بين الجهات التي يتوجه إليها اللاجئون بهدف الحصول على الطعام.
صورة من: DW/B. Knight
حضور ألماني أنساني حتى في مخيمات اللجوء عبر العالم
تقديم ألمانيا لمساعداتها الإنسانية لصالح اللاجئين لا يقتصر على سوريا أو ألمانيا، وإنما يتجاوزه وصولاً الى مخيمات اللاجئين في الأردن ولبنان، مثلا. وقد مولت الحكومة الألمانية مشاريع مهمة في المخيمات، كمشروع الكهرباء الذي استفاد منه مخيم الزعتري والذي بلغت طاقته 12.9 ميغاوات. وبالإضافة إلى توفير الكهرباء، فقد أتاحت المحطة بيئة أكثر أماناً للأطفال والبالغين في هذا المخيم.
صورة من: picture-alliance/dpa/B.v. Jutrczenka
إنقاذ من الجوع والعطش
عانى الدمشقيون من ندرة المياه وانقطاعها المتواصل بسبب الحرب واستمرار المعارك، خاصة في منطقة وادي بردى، قرب دمشق. وكانت الحكومة الألمانية أول من بادر لحل هذا المشكل، إذ قالت وزارة الخارجية الألمانية، في يناير/ كانون الثاني 2017، إن دبلوماسيين ألمانا ساعدوا في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة السورية وقوات المعارضة في وادي بردى، بهدف إعادة إمدادات المياه إلى دمشق.
صورة من: picture-alliance/dpa/Y. Badawi
محاربة داعش
شارك الجيش الألماني في الحملة العسكرية الدولية ضد تنظيم داعش في سوريا. وقد شارك في العملية ما يناهز 1200 جندي ألماني. المهمة العسكرية الألمانية في سوريا، شملت عناصر المشاة، إضافة إلى طائرات استطلاع من نوع "تورنادو" وطائرة للتزود بالوقود وسفينة حربية لدعم حاملة الطائرات الفرنسية "شارل ديغول" في البحر المتوسط، فضلا عن عمليات استطلاعية عبرالأقمار الصناعية.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive/USAF
اتفاق مع تركيا ساهم في إنقاذ أرواح آلاف من طالبي اللجوء
في بدايات عام 2016، وقع الاتحاد الأوربي وأنقرة اتفاقية للحد من تدفق اللاجئين من السواحل التركية إلى أراضي الاتحاد. هذا الاتفاق الذي تعرض لانتقادات، وتبعه توتر كبير بين الطرفين التركي والأوروبي، كانت ألمانيا من بين مناصريه. فقد اعتبرته اتفاقا ناجحا ما دام قد حقق هدفه، و"ساهم في مكافحة أعمال التهريب المميتة للاجئين عبر بحر إيجة بشكل فعال"، حسب تصريح المتحدث باسم الحكومة الألمانية.
صورة من: Reuters/Yves Herman
محاربة الأسلحة الكيماوية
لعبت ألمانيا دورا بارزا في محاربة الأسلحة الكيماوية في سوريا، وكانت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، قد أعلنت دعمها للضربة العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على أهداف منتخبة في سوريا يوم 14 أبريل/ نيسان2018، كما رأتها "ضرورية وملائمة للحفاظ على فعالية الحظر الدولي لاستخدام الأسلحة الكيماوية ولتحذير النظام السوري من ارتكاب انتهاكات أخرى".
صورة من: picture alliance/AP Photo/H. Ammar
ألمانيا وسيط محايد محتمل و"رسول سلام"
تساءل البعض عن سبب عدم مشاركة ألمانيا في الضربة العسكرية على النظام السوري، فيما أعتبر آخرون إمكانية لعب ألمانيا دور الوسيط المحايد للبحث عن حل للنزاع. وتشير معطيات إلى إمكانية تأثير ألمانيا في إيجاد حل للأزمة السورية، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس، الذي أكد أن الصراع السوري بحاجة إلى حل يتم التوصل إليه عبر التفاوض وتشارك فيه كل القوى في المنطقة. مريم مرغيش.