صحف ألمانية: "البديل" الشعبوي سيراهن على انقسام المجتمع
٢٤ سبتمبر ٢٠١٧
أسفرت الانتخابات التشريعية في ألمانيا عن فوز الاتحاد المسيحي بزعامة ميركل. فيما تمكن حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي من انتزاع المرتبة الثالثة ودخول البرلمان لأول مرة في تاريخه، وهو حدث شغل تعليقات الصحف.
إعلان
فاز الاتحاد المسيحي الديمقراطي، بزعامة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بالانتخابات التشريعية، وذلك بالرغم من خسارة حزبي الاتحاد (المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي) لنسبة كبيرة من الأصوات، مقارنة مع الانتخابات السابقة. واحتل الحزب الاشتراكي الديمقراطي المرتبة الثانية، لكن بنسبة ضعيفة، جعلته يقرر مغادرة التحالف الحكومي، وشغل كراسي المعارضة. لكن المثير للانتباه هو دخول حزب "البديل من أجل المانيا" لأول مرة البرلمان الألماني، وهو حزب شعبوي يميني يركز في برنامجه على رفض الهجرة والإسلام.
نجح هذا الحزب الشعبوي في انتزاع نسبة تفوق 13 في المائة من مجموع أصوات الناخبين، وعن ذلك كتبت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" تقول:
"دخول حزب البديل من أجل ألمانيا كثالث أقوى حزب البرلمان يُعتبر خطوةً تاريخية إلى الوراء بالنسبة إلى المجتمع الألماني. إنه لأمر مرير بالنسبة إلى الثقافة الديمقراطية، وضربة ضد أول مادة في القانون الأساسي (الدستور الألماني)، التي تحمي كرامة جميع الناس بما في ذلك اللاجئين. والأكيد يبقى أن الغالبية الكبيرة من الناخبين موجودة في خندق آخر ولم تصوت لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا. وفي الوقت نفسه تبقى الأصوات الكثيرة التي حصدها حزب البديل هزيمة لمدنية الكيان السياسي".
دخول حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي البرلمان الألماني، كان أيضا موضوعا سلطت عليه الضوء مجلة "دير شبيغل" في موقعها الالكتروني وعلقت تقول:
"اليمينيون الشعبويون يدخلون الآن كثالث أقوى كتلة البرلمان الألماني، وفي صفوفهم لا يوجد قليل من اليمينيين المتطرفين. أشباح الماضي تعاود الكَرَّة. فلأول مرة، منذ المرحلة المبكرة للجمهورية الاتحادية، يجلس مجدداً حزب يميني في البرلمان الألماني. لكن كتلة حزب البديل من أجل ألمانيا ستكون أقوى من سلفها، حيث يتوقع حصولها على أكثر من 80 ممثلاً برلمانياً. وهذا له تأثيراته: تخطي الحدود والاستفزازات والفضائح المبرمجة. حزب البديل من أجل ألمانيا سيركز كل شيء على دخوله البرلمان القادم بعد أربع سنوات، والشرط لحدوث ذلك هو وجود مجتمع منقسم".
صحيفة "بيلد" الواسعة الانتشار عنونت تعليقها على الانتخابات التشريعية بالقول "كان من الممكن أن تكون النتيجة أسوء"، وتابعت تقول: "دعونا نكون صريحين: كان من الممكن أن يأتي كل شيء أسوأ. أنغيلا ميركل دافعت على كل حال عن منصب المستشارية، وحزب البديل لم ينتفخ ليصبح في مستوى حزب شعبي. وإذا كان هذا كافياً لنتحدث عن انتصار لميركل فإن كل شيء يكون قد قيل حول النتيجة".
وواصلت الصحيفة تقول: "لننظر إلى ما هو إيجابي: ميركل تنقذ نفسها بتحقيق الهدف، والبلاد تبقى في منأى عن تشكيلة جديدة لتحالف حكومي كبير. وهذا ما يمكن استنتاجه. وتحت هذا كله تبقى النتيجة مفتوحة".
صحيفة "دير تاغس شبيغل" ألقت نظرة عامة على نتيجة الانتخابات التشريعية في مقاربة مع دخول حزب البديل من أجل ألمانيا البرلمان الألماني، وكتبت تقول:
"حزبا الاتحاد المسيحي، قد يميلان أكثر إلى اليمين؛ لكي لا يتقوى حزب البديل من أجل ألمانيا أكثر. والحزب الليبرالي الديمقراطي سبق وأن فعل ذلك. وهنا يُتاح مجالٌ جديد للاشتراكية الديمقراطية. في آن واحد يمكن أن تفكر فيما إذا كان ممكنا تشكيل كيان معاكس مع حزب اليسار والخضر، له أغلبية ضد الحكومة المقبلة. ومن ثم سيتولى الحزب الاشتراكي الديمقراطي دوراً جديداً: ألا وهو دور الزعامة. وهذا قد يشكل تحدياً مثيراً".
صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" علقت أيضا نتائج على هذه الانتخابات وكتبت تقول:
"البرلمان الألماني في خطر، لأنه سيتحول إلى أرضية رنانة لأجندة شعبوية ونظريات المؤامرة الشيزوفرينية، وتقوي بهذا الشكل التمكن بسهولة من السيطرة على المجال العام. وهذا من أجل التسلل بشكل منهجي لتفريغ البديهية الليبرالية لمجتمع منفتح. هذا يهمنا جميعاً! يهمنا جميعاً نحن الذين لا نُحسب على حزب البديل من أجل ألمانيا وزبائنه. هذه الديمقراطية تحتاج إلى شغفنا ومقاومتنا ومعارضتنا بلا حل وسط ضد سم اليمين. والآن أكثر من أي وقت مضى: لا مجال للتودد في أي مكان".
أما صحيفة "شتوتغارتر تسايتونغ" فقد سلطت الضوء على النتيجة الضعيفة، التي أحرزها الحزب الاشتراكي الديمقراطي في هذه الانتخابات التشريعية، الأمر الذي جعله يختار كرسي المعارضة عوض المشاركة مجدداً في الحكومة، وكتبت تقول:
"في الوقت الذي حقق فيه الاتحاد المسيحي نتيجة محترمة، رغم خسارة قوية في الأصوات، يطرح سؤال نفسه لدى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بعد نتيجة (اليوم) الأحد، مثلما طرح نفسه أيضا في الانتخابات في المرتين السابقتين. (والسؤال هو:) لماذا سجل الحزب نتيجة سيئة رغم (وجود) مرشح محترم (في قيادته)؟ لكن ضعف الحزب الاشتراكي الديمقراطي ليس قضية أشخاص. فضعف الحزب الاشتراكي الديمقراطي يكمن في أنه لم يقدر على تقديم مشروع معارض ذي مصداقية في وجه الحزب المسيحي الديمقراطي. الاشتراكيون الديمقراطيون ليسوا الآن بحاجة إلى نقاش حول الأشخاص. فالمطلوب هو توجه جديد في البرنامج داخل المعارضة".
م.أ.م/ ر.ز/ص.ش
بالصور- ساسة ومشاهير في قاعات التصويت لانتخاب البرلمان الألماني
توافد الناخبون الأحد 24 سبتمبر/ أيلول للتصويت لانتخاب البرلمان الألماني (بوندستاغ) في دورته الـ19. جولة مع أبرز اللقطات.
صورة من: Reuters/A. Schmidt
لا استثناءات حتى لميركل
في الساعة الثامنة صباح الأحد (24 سبتبمر/ أيلول 2017) فتحت اللجان والمقرات الانتخابية في ألمانيا أبوابها لاستقبال عشرات ملايين الناخبين الذين يحق لهم التصويت في انتخاب البرلمان الاتحادي (بوندستاغ) في دورته الـ19. كل مواطن لابد أن يعرف بشخصة قبل الادلاء بصوته، حتى المستشارة ميركل هنا في الصورة تبرز بطاقتها الشخصية لمسؤولة في لجنة الانتخابات.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
لا تعليق رغم الحضور الإعلامي الكبير
أدلت المستشارة الألمانية وزوجها يوآخيم زاور، بصوتيهما ظهر الأحد بمقر اللجنة الانتخابية في جامعة هومبولت وسط العاصمة الألمانية برلين، ووسط حضور إعلامي كبير. رغم ذلك التزمت ميركل الصمت ورفضت الإدلاء بتصريحات، لكنها تحدثت قليلا، بعد التصويت، مع المعاونين في اللجنة الانتخابية.
صورة من: Reuters/K. Pfaffenbach
شولتس يصوت مبكرا
أما مارتن شولتس، مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وأبرز منافس لميركل على منصب مستشار ألمانيا فقد وصل، حوالي الساعة العاشرة صباحا بتوقيت ألمانيا، مع زوجته "إنجي"، لمركز الاقتراع في موطنه مدينة فورسلن بالقرب من الحدود الهولندية. وتغلق اللجان الانتخابية أبوابها دائما في الساعة السادسة مساء ليتم بعدها الإعلان عن النتائج الأولية.
صورة من: Reuters/T. Schmuelgen
الطقس والمستقبل الديمقراطي لألمانيا!
وأعرب مارتن شولتس عن أمله أن يساهم الطقس، الذي كان مشمسا في زيادة نسبة المشاركة. وقال " أتمنى أن يستخدم أكبر عدد ممكن من المواطنين حقهم في التصويت وتعزيز المستقبل الديمقراطي لجمهورية ألمانيا الاتحادية من خلال التصويت للأحزاب الديمقراطية".
صورة من: Reuters/T. Schmuelgen
رئيس برتبة مواطن!
الرئيس الألماني فراك- فالتر شتاينماير وزوجته "إلكه" يقفان سويا في طابور الانتخابات في مدرسة ابتدائية بحي تسيلندورف في العاصمة برلين، وأدلى الرئيس وزوجته بصوتيهما في طقس بارد ممطر، على عكس من شولتس وزوجته. ووجه شتاينماير الشكر إلى نحو 650 ألف معاون في اللجان الانتخابية، مشيرا إلى أن هؤلاء المعاونين أسهموا في حسن سير الانتخابات هذا العام.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. von Jutrczenka
الطقس بارد في دائرة غابرييل
يبدو أن طقس الأحد وخصوصا في الصباح، كان باردا في ولاية ساكسونيا السفلى، وهو ما يفسر انخفاض نسبة التصويت هناك في الصباح. لكن وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل تسلح مع زوجته "إنكه" بالملابس الضرورية وذهبا للتصويت في لجنة بمدينة غوسلار، وارتدت الزوجة شالا وسروالا باللون الأحمر، شعار الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي يرأسه زوجها.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Pförtner
بافاريا والاختلاف الواضح
هذا الناخب ذهب للإدلاء بصوته مرتديا الزي التقليدي البافاري في الانتخابات، التي يخشى فيها الكثيرون من صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" إلى البرلمان. وينتخب المواطنون في بافاريا عادة حزب الاتحاد الإجتماعي المسيحي، الذي لا يوجد سوى في ولاية بافاريا. ويعد الشقيق الأصغر لحزب الاتحاد الديقراطي المسيحي، الذي تتزعمه ميركل.
صورة من: Getty Images/L. Preiss
الخضر وفرصة قد تكون ولّت
جم أوزديمير، زعيم حزب الخضر والمرشح الرئيسي للحزب، أدلى بصوته في برلين حيث يسكن أيضا. الحزب شارك في ائتلاف حكومي سابق مع الاشتراكيين بين 1998 و2005، لكن يبدو أن هذه الفرصة لم تعد موجودة الآن. وإنما ما سيكون موجودا هو تشكيل ائتلاف حاكم مع المسيحيين والليبراليين، وهذا شيء لم يحدث من قبل على مستوى الحكومة الاتحادية.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Hirschberger
ابتسامة تثير القلق
فراوكه بيتري، زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، تدلي بصوتها في مدينة لايبزيغ بشرق ألمانيا. ورغم أن حزبها يدخل الانتخابات البرلمانية لأول مرة إلا أن استطلاعات الرأي وضعته في المركز الثالث خلف الديمقراطيين المسيحيين والاشتراكيين. يرفض الحزب استقبال اللاجئين وخطابه يثير المخاوف خصوصا لدى الأقليات، لكن بيتري تبتسم في وجه الكاميرا، ورفضت إعطاء أية تعليق للصحفيين.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Willnow
مواطنون من أصول مهاجرة
الانتخاب حق لكافة من يحمل الجنسية الألمانية. لذلك فهناك ملايين الألمان من أصول مهاجرة، حتى مسلمة وعربية، وغيرها لديهم الحق في التصويت. وفي الانتخابات الحالية بدا القلق على الأقليات خوفا من صعود اليمين الشعبوي للبرلمان عبر بوابة حزب البديل، لذلك حرص كثيرون على الذهاب للانتخاب.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Hirschberger
البرلمان الألماني من الداخل
ويسعى الجميع إلى كسب مقاعد لدخول مبنى البرلمان بالعاصمة الألمانية برلين. هذا المبنى، الذي كان يعرف سابقا بالرايخ تاغ عاد منذ عام 1999 ليكون حاضنا لأعضاء البرلمان الألماني (بوندستاغ)، بعد فترة من وجود مبنى آخر في بون بعد الحرب العالمية الثانية. اعداد : صلاح شرارة