خلافا للمستشارة أنغيلا ميركل، تدعم غالبية قادة الحزب المسيحي الديمقراطي سياسة الحد من حق جمع شمل الأسرة للاجئين السوريين. الصحف الألمانية كانت لها آراء متباينة حول هذا الموضوع.
إعلان
جريدة "فرايه بريسه" الصاردة في مدينة كيمنتس كتبت:
"ارتفاع عدد المهاجرين يثير قلق المواطنين الألمان، وبالتالي فإنه من الطبيعي إيجاد حلول لوقف تدفق المزيد من الوافدين. لكن الأمر لا يجب أن يتحول إلى تصفية حسابات سياسية داخلية على حساب اللاجئين".
اللاجئون والخوف من قدوم فصل الشتاء
رغم تزايد انخفاض درجات الحرارة، فإن سيل اللاجئين القادمين إلى أوروبا عبر طريق البلقان لم ينقطع. في غضون ذلك تعمل السلطات في ألمانيا والنمسا جاهدة على توفير مآوٍ مجهزة بالتدفئة لتقيهم البرد والمطر خلال فصل الشتاء.
صورة من: picture-alliance/AP/Hussein Malla
على الرغم من أن فصل الشتاء لم يحل بعد في أوروبا، إلا أن الكثير من اللاجئين يشكون بعد رحلة طويلة وشاقة عبر البلقان من البرد والصقيع. فمثلا على الحدود النمساوية-الألمانية لا تنزل درجات الحرارة في النهار عن 10 درجات مئوية، إلا أنها سرعان ما تتدحرج ليلا إلى ما دون الصفر.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Weigel
لاجئون يتدفؤون على نار أضرموها في حطب جمعوه من غابة قريبة. وبعكس الـ60 ألف لاجئ الذين قدموا طلبات اللجوء في النمسا، يريد هؤلاء مواصلة السفر إلى المانيا. ولضمان فرص إقامة تتوفر فيها التدفئة العادية، من المقرر إقامة 100 ألف مآوى على طول طريق البلقان، 5000 منها في النمسا.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Weigel
على طول الحدود النمساوية الألمانية أصبح يسمح فقط لخمسين لاجئاً في الساعة بالعبور عبر المعابر الحدودية، لتسهيل عملية تسجيلهم. في الأثناء بإمكان بقية اللاجئين، الذين ينتظرون عبور الحدود، الإقامة في خيام تحتوي على أرضية وأجهزة تدفئة. وتصل الطاقة الاستيعابية لكل خيمة إلى ألف شخص.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Scharinger
بيد أن الخيام على الحدود النمساوية الألمانية ممتلئة إلى درجة أن الكثيرين لم يجدوا مكانا يقيمون فيه ولم يجدوا سوى الأرض يفترشونها والسماء يلتحفونها. في الصورة البعض من أكثر من ألف لاجئ ينتظرون في بلدتي كوفشتاين وكولرشلاغ السماح لهم بمواصلة السفر إلى ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Stache
لكن الوضع يختلف في الكثير من الدول الواقعة على طريق البلقان، فمثلا خلال الأيام الماضية وجد العديد من اللاجئين أنفسهم في بلدة ريغونس في سلوفينيا مجبرين على الإقامة في العراء دون حماية من البرد والمطر. ولا يختلف الوضع كثيرا في دول البلقان الأخرى.
صورة من: picture-alliance/AA/S. Mayic
تعد جزيرة ليسبوس اليونانية وجهة الكثير من اللاجئين. وللوصول إليها يركب هؤلاء البحر قادمين من السواحل التركية. وفي فصل الشتاء تنخفض درجات حرارة المياه إلى 17 درجة مئوية. وفي سياق متصل تقول مراسلة DW جيل أومايرا: "عندما تسوء الأحوال الجوية، يخفض المهربون من أسعارهم. وبالتالي يأتي عدد أكبر من اللاجئين."
صورة من: Reuters/G. Moutafis
اعتبر الكثير من السياسيين والمصالح الألمانية إقامة اللاجئين في خيام بأنها "حل مؤقت". كان ذلك في فصل الصيف. ولكن الأمر أصبح الآن شبه مؤكد: سيضطر العديد من اللاجئين للإقامة في خيام حتى خلال فصل الشتاء القارس. كما أن الخيام المدفأة – كما هو الحال في مخيم للاجئين في ولاية سكسونيا السفلى – يكاد يكون أمرا نادرا.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Steffen
ولكن، ليس في أوروبا فقط يخشى اللاجئون من قدوم فصل الشتاء ومن موجات البرد والصقيع، ففي لبنان يعيش نحو 200 ألف شخص في منطقة البقاع الجبلية تحت خيام من البلاستيك. وفي العام الماضي عانى هؤلاء الأمرّين مع سقوط الثلج وموجات الصقيع. لكن إقامة خيام تقي من البرد والمطر والثلج قوبل برفض من قبل الكثير من أصحاب الأرض لأنهم لا يريدون أن يبقى السوريون هناك بشكل دائم.
صورة من: picture-alliance/AP/Hussein Malla
8 صورة1 | 8
أما جريدة "راينشه بوست" في مدينة دوسلدورف، فهي ترى أنه لا مفر من ضرورة الحد من سياسة جمع شمل الأسرة، وكتبت:
"طاقة استيعاب السلطات المحلية وصلت إلى أقصى حدودها عمليا، ولا يمكن أن تتحمل المزيد في الوقت الحالي، عبر منح اللاجئين حق جمع شمل ذويهم. ولكن كلما طال فترة بقاء اللاجئين هنا، وكلما زاد معدل الاعتراف بهم، كلما زادت الحاجة إلى ضرورة الحسم في هذا الموضوع".
لعبة سياسية قذرة ضد اللاجئين السوريين
جريدة "برلينر تسايتونغ" كان لها رأي مخالف تماما:
"اللاجئون السوريون تحديدا هم لاجئون فروا من ويلات الحرب. والآن لديهم الأمل في الاستقرار و بناء حياة جديدة في ألمانيا. أن يسرق بعض السياسيين الألمان هذا الأمل منهم، فهو قرار ليس ذكيا وليس صائبا وغير إنساني أيضا. ردع أناس بحاجة ماسة للمساعدة بحجة أن الحكومة عاجزة عن استيعاب المزيد هو أمر سخيف، خاصة عندما تأتي هذه التصريحات من سياسيين طالما استندوا في آرائهم على أسس القيم المسيحية".
أما مجلة "شبيغل"، فترى أن القرار السياسي متناقض مع مطالب الشعب الألماني، معلقة:
"إنها لعبة سياسية قذرة حيكت على حساب آلاف العائلات التي تفرقت بعد لجوء الأبناء والآباء إلى ألمانيا. إن ما يثير فزع الألمان هو وصول الآلاف من الرجال هنا لوحدهم، وفي المقابل يسعى وزيرا المالية شوبيله والداخلية دي ميزيير إلى منعهم من لم شمل عائلاتهم. وما يثير قلق الألمان أيضا هو مشكلة إدماجهم جميعا في المجتمع، وفي المقابل يسعى كل من شويبله ودي ميزيير إلى قطع الطريق أمام إدماجهم.
إذا لم نمنح هذه العائلات حق لم الشمل بطرق شرعية، فسيبحثون بالتأكيد عن طرق غير شرعية خطيرة ومميتة. وسنرى المزيد من جثث الأطفال الملقاة على ضفة المتوسط الجنوبية. وبالتالي فإن تطبيق هذا القرار سيكون عديم الحكمة والإنسانية".
مجلة شبيغل تحلل دوافع وزيري الداخلية دي ميزير والمالية شويبله، اللذين يعتبران ناقدين لسياسة المستشارة ميركل فيما يخص سياسة اللجوء:
"كلاهما (أي دي ميزير وشويبله) لهما هدف واحد: الحد من تزايد عدد الأجانب في ألمانيا، لأن شعبية اليمين المتطرف، المعادي بدوره للأجانب، في تزايد مستمر. قيم الجمهورية الألمانية القائمة على الحرية والمساواة والأخوة أصبحت مهددة، ليس بسبب الأجانب، بل بسبب الألمان أنفسهم. يعتقد كل من دي ميزير وشويبله أنهما يعبران عن غالبية الرأي العام الألماني، لذلك بادرا باتخاذ موقف المعارضة داخل الحكومة الألمانية. هذا السلوك يمكن أن نلخصه في كلمة واحدة: إنه انقلاب".