انتقدت الصحف الألمانية التدخل العسكري الروسي في سوريا، وقالت إن بوتين يصب الزيت على النار. ولمحت الصحف أن إسرائيل وتركيا ستكون من أوائل الدول التي ستتأثر بالوجود الروسي في سوريا.
إعلان
ذكرت مجلة "دير شبيجل" الألمانية في عددها الأخير"إن زعمبوتين بأن الأسد قادر وحده، بقوته المتداعية المتفككة في ميليشيات في عدة أماكن، على وقف قوات تنظيم الدولة الإسلامية المعروفة بداعش، خاطئ. فجيش بشار قادر بالكاد على وقف المتمردين، بالرغم من مؤازرة عشرات الآلاف من المقاتلين له، وهو يتجنب خوض معارك مع داعش حتى الآن. روسيا تدعي أنها تريد وقف تمدد تنظيم داعش المتزايد، إلا أن هذا يتناقض مع نية بوتين المعلنة وهي إنقاذ الأسد، الأمر الذي سيطيل من أمد الحرب ولن ينهيها. كما سيزيد من تقسيم سوريا وسيحول دون تعاون جميع الجماعات الأخرى في سوريا، من الجيش السوري والثوار والأكراد في الشمال، ضد داعش. بدون روسيا لا يوجد حل، وهو ما يعرفه الجميع من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وحتى وزير الخارجية الألماني فرانك فاتر شتاينماير، إلا أن هذا لا يعني أن يوافق المرء بوتين. وكما يبدو فإن بوتين هو من يصنف من هم الإرهابيين حسب التعريف الروسي، فالضربات الجوية الروسية الأولى كانت على ما يبدو على أهداف في محافظتي حماة وحمص والتي يسيطر عليها الثوار وليس داعش".
صحيفة "دي فيلت" ربطت بين الوضع السوري الجديد وأزمة القرم، وعلقت قائلة: "لا يمكن فهم تدخل بوتين في سوريا، إلا من خلال السياسة وإلاستراتيجيه التي يتبعها بوتين عالميا. وطريقته تكمن، كما كان الحال في أوكرانيا، في استغلال ضعف الغرب باستخدام الطرق العسكرية، من أجل خلق حالة من المواجهة، ليقدم بوتين نفسه بعدها كصانع للسلام، وكأنه الرجل الذي بحوزته طرق الخروج من المشاكل القائمة (...) إن بوتين بتدخله العسكري في الشرق الأوسط يعزز في ذهن الألمان الوهم بأنه قادر بقواه العسكرية على حسم الأمر هناك، وحل المشاكل التي من الممكن أن تواجهها ألمانيا. الشيء المهم لنا (الألمان) ألا نكون في مقدمة المعركة. إلا أن ما يفعله بوتين سيشعل المزيد من نيران المعركة هناك، وسيسهم في استمرار تدفق الأعداد الكبيرة من اللاجئين الهاربين من سوريا.
الأسد في سوريا: باقٍ أم راحل؟
مازال قادة العالم منقسمين حول مستقبل الأسد، ففيما تعارض فرنسا وبريطانيا وتركيا ودول الخليج بقاءه، تطالب بذلك روسيا وإيران. أما إدارة اوباما فتريد العمل مع الجميع لإزاحته وألمانيا مستعدة للحوار مع الجميع ومن ضمنهم الأسد.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
التقى الرئيسان الأميركي والروسي باراك أوباما وفلاديمير بوتين في الأمم المتحدة للبحث في حلول للأزمة السورية ، لكنهما لم يحققا أي تقدم بخصوص دور الرئيس بشار الأسد. وترى الولايات المتحدة أن الأسد جزء من المشكلة، فيما تصفه روسيا بأنه جزء من الحل.
صورة من: Reuters/M. Segar
ووصف الرئيس أوباما في خطاب أمام الجمعية العام للأمم المتحدة الأسد بأنه "مستبد يقتل الأطفال". وقال إن "الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع أي دولة بما في ذلك سوريا وإيران لتسوية النزاع". وحمل أوباما بعنف على الرئيس السوري لأنه "يلقي البراميل المتفجرة لقتل أطفال أبرياء".
صورة من: Reuters/Mikhail Klimentyev
تبادل الرئيسان الروسي والأميركي الأنخاب وتصافحا على غداء لكن الهوة بين موقفيهما حول مستقبل الأسد مازالت واسعة. وقال الرئيس الروسي إن "عدم التعاون مع الجهة السورية التي تكافح الإرهاب وجها لوجه سيكون خطأ فادحا". وأضاف "علينا أن نعترف أن لا احد سوى القوات المسلحة للرئيس السوري يقاتل فعليا الدولة الإسلامية".
صورة من: Reuters/Mikhail Metzel
أكد رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض في المنفى خالد خوجة أن "لا احد يمكنه الصفح" عن ممارسات نظام الرئيس السوري بشار الأسد". وأضاف خوجة "ما يجري في سوريا هو إبادة تتم تحت أنظار العالم"، وتساءل " أتعتقدون أن النظام يقاتل تنظيم الدولة الإسلامية؟ الإحصاءات تقول غير ذلك".
صورة من: Reuters/M. Dabbous
أعلنت المستشارة أنغيلا ميركل أن الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يشارك في أي مفاوضات تهدف إلى إنهاء النزاع المستمر في بلاده منذ أكثر من أربع سنوات. فيما دعا وزير خارجيتها فرانك-فالتر شتاينماير إلى إشراك إيران في مساعي حل النزاع باعتبار أنّ: "إيران فاعل إقليمي رئيسي مطلوب لحل الأزمة.... سيمكننا إنجاح الأمر فقط عندما نأتي بكافة الأطراف الفاعلة المهمة على طاولة واحدة الآن".
صورة من: Getty Images/A. Berry
من جانبه، دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى تشكيل "جبهة موحدة" للتصدي للمتطرفين في الشرق الأوسط. وقال روحاني إن "اخطر واهم تهديد يواجه العالم اليوم هو أن تتحول المنظمات الإرهابية إلى دول إرهابية". ولمح روحاني إلى مستقبل ومصير بشار الأسد عن طريق إجراء انتخابات، وقال "نحن نؤيد دعم السلطة من خلال أصوات الناس بدلا من الأسلحة".
صورة من: picture-alliance/Geisler-Fotopress
الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند دعا إلى التعامل مع روسيا وإيران لإنهاء الصراع في سوريا، وقال للصحفيين "روسيا وإيران تقولان إنهما ترغبان في لعب دور أكبر في حل سياسي. نحتاج للعمل مع هذين البلدين ولأن نبلغهما أن ذلك الحل أو الانتقال يجب أن يحدث.. لكن بدون بشار الأسد".
صورة من: Reuters/A. Jocard
أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أنه يتعين الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وتنظيم الدولة الاسلامية حتى لو انتهي الأمر بأن يلعب الأسد دورا مؤقتا في أي حكومة انتقالية، مضيفا "نريد سوريا بدون تنظيم الدولة الإسلامية وبدون الأسد.. لأنه بصراحة لا مستقبل للشعب السوري في بلد يوجد فيه أي منهما ".
صورة من: Reuters/Stefan Rousseau
تركيا من جانبها لا زالت تعارض انتقالا سياسيا في سوريا يكون فيه دور لبشار الأسد. وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في تصريح لصحيفة حريت التركية: "مقتنعون بأن بقاء الأسد في السلطة خلال الفترة الانتقالية لن يجعلها انتقالية. نعتقد أن هذا الوضع سيتحول إلى أمر واقع دائم".
صورة من: Reuters/Umit Bektas
السعودية ودول خليجية أخرى ثابتة على معارضتها لبقاء الأسد. ودعا وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية "دون أي تدخل أجنبي" فيما اعتبر وزير خارجية قطر إنه يوجد توافق دولي عام مع روسيا بشأن دعوتها إلى محاربة تنظيم الدولة الإسلامية لكنه حذر من أن خطة الرئيس بوتين لا تعالج السبب الأساسي للأزمة في سوريا وهو الرئيس بشار الأسد.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
10 صورة1 | 10
حرب بالوكالة
صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" قالت إن المعارك التي تدور في سوريا هي حرب بالوكالة، وذكرت بأن "المواجهة بين القوى العظمى، التي تم تجنبها بصعوبة في المسألة الأوكرانية، وذلك بامتناع الغرب عن تسليح كييف لمواجهة الروس بالرغم من الاستفزازات الروسية، تلك المواجهة تحدث الآن في سوريا". وأشارت الصحيفة إلى أنه "مع تدخل بوتين العسكري في سوريا. فإن الصراع بين الثوار وقوات النظام أصبح حرب بالوكالة بين روسيا والولايات المتحدة. وذلك بعد أن أصبحت القوى العظمى أطرافا مشاركة".
صحيفة "فرانكفورتر ألغيمانه تسايتونغ" أعربت عن قلقها من عواقب التدخل الروسي في سوريا وقالت "إسرائيل وتركيا هم أول من سيشعر بالوجود الروسي في سوريا. إسرائيل لن تكون قادرة كما هو الحال حتى الآن على التحرك بحرية واستهداف مواقع لحزب الله في سوريا ولبنان. وفي البحر الأبيض المتوسط تستطيع روسيا عرقلة حركة البحرية الإسرائيلية، والحد من عمليات استخراج الغاز الطبيعي التي تجريها إسرائيل. تركيا أيضا عليها نسيان مخططها بإقامة حظر جوي شمال سوريا. التدخل الروسي سيشعل أتون الحرب هناك، و سيكون من عواقبه تدفق اللاجئين على أوروبا.
وختمت صحيفة "برلينير تسايتونغ" القول بأن " التدخل الروسي يعزز تقسيم سوريا، ويجبر المقاتلين السنة على الخوض بمنطق حرب دينية سنية شيعية، وبهذا يصب بوتين الزيت على النار بدلا من إطفائها. وسيخلق الآلاف من اللاجئين، ويضعف من قوة الغرب. وللتفاوض مع السادة في موسكو وطهران الذين يدعمون الأسد، يحتاج الغرب لإستراتيجية موحدة في سوريا، خاصة لحماية المدنيين هناك. فالاتحاد الأوروبي محتاج أيضا أن يتكلم بوضوح مع أوباما، الذي يبدو أنه يفقد اهتمامه مع مرور الوقت بموضوعي سوريا والعراق. ويبدو أن حركة اللجوء التي نشهدها الآن قد تكون مجرد مقدمة لتغيير جذري أكبر قد نشهده مستقبلا".