صحف ألمانية: تحرك ألمانيا إزاء سوريا ذكاء أم خجل من نفسها؟
١٦ أبريل ٢٠١٨
في الوقت الذي رحب فيه ساسة ألمان بإعلان ألمانيا عدم المشاركة في الضربات العسكرية الغربية ضد سوريا، رأى آخرون أنه يجب على ألمانيا أن تتولى دور الوسيط المحايد للبحث عن حل للنزاع، تعليقات الصحف الألمانية تعكس هذا الجدل.
إعلان
بعد الضربات الجوية التي وجهتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضد أهداف في سوريا نهاية هذا الأسبوع، قال وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إن إنعاش عملية السلام السياسية للتوصل لحل للصراع لا يزال من أهم الأولويات. وقالت المنسقة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني قبل اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء اليوم الاثنين (16 أبريل 2018) :"يبدو لي بوضوح شديد أن هناك حاجة لمنح دفعة لإعادة إطلاق عملية سياسية بقيادة الأمم المتحدة في هذا التوقيت".
وفي هذا السياق انتقدت صحف مثل "هاندلسبلات" عدم مشاركة ألمانيا في الضربة العسكرية الغربية ضد سوريا، معتبرة أن ذلك لا يتناسب مع حجم ألمانيا، وكتبت تقول:
"في الوقت الذي أطلق فيه سلاح الجو الأمريكي بدعم من البريطانيين والفرنسيين مقاتلات للانتقام من هجوم بالغازات السامة على مدنيين لتوجيه ضربة لمنشآت عسكرية سورية، أصدرت ميركل تصريحا صحفيا. والتصريح يمكن تلخيصه على النحو التالي: العقوبة يجب أن تحصل، لكن بدون مشاركتنا. فهذا هو الاستعداد الألماني للمسؤولية من الناحية العملية: اعتراف شفوي... ألمانيا تقدر القيم الدولية، ولكن عندما يصبح الوضع جديا، فإنها تتقاعس. فالبلاد الأقوى اقتصاديا في أوروبا تتصرف في مجال السياسة الخارجية مثل بلجيكا كبيرة... مرة أخرى يتضح: ليس هناك موقع آخر تتباين فيه التوقعات من برلين والاستعداد الألماني للتجاوب معها مثل ما هو حاصل في السياسة الخارجية".
تعليق آخر من صحيفة "بيلد" واسعة الانتشار يشدد على انتقاد موقف برلين، ويقول بأنه يخجل من تحفظ ألمانيا، وجاء فيه:
"هل ينتابني الخوف من القصف في سوريا؟ بالطبع! ولكن أقوى من الخوف يكون خجلي من وطني ألمانيا التي لم تنجح في الكشف عن موقف واضح ضد الأسد وبوتين. فمنذ سبع سنوات يتواصل التقتيل، أطول من الحرب العالمية الثانية. أو أنكم تعرفون مظاهرات ضد الأسد في مدينتكم؟ أو ضد بوتين لأنه يدعمه؟ أو خطب نارية داخل البرلمان بأنه يجب علينا مساعدة السوريين؟ أنا لا".
في حين ترى صحيفة "لودفيغسبورغر كرايزتسايتونغ" الوضع من زاوية مختلفة، وكتبت تقول:
"حاليا لا يوجد إلا فاعل واحد على الساحة الدولية يمكن الثقة به بأنه قادر على المبادرة بحذر لإطلاق حوار جديد بين الشرق والغرب في قضية سوريا وما يتجاوزها: أنغيلا ميركل متحررة من أي شهوة لممارسة لعبة العضلات. فالسلوك المتعجرف مثل الذي يستخدمه ترامب وبوتين كوسيلة في سياستهما لا يثير إعجاب ميركل. فهي تقابل في واشنطن وموسكو باحترام واسع".
صحيفة "أوغسبورغر ألغماينه" علقت على موقف ألمانيا في هذه الأزمة السورية، وكتبت تقول:
"الحكومة الألمانية تجلس بين جميع الكراسي وتتمايل بين القوى. والحقيقة المرة تفيد أنه مع دونالد ترامب وفلادمير بوتين ورجب طيب اردوغان عاد نموذج الرجل المستبد والأناني والقوي إلى الساحة الدولية الذي يدافع عن مصالحه دون مراعاة لشيء. ألمانيا التي تريد كحمامة إدخال التوازن لا تملك شيئا ضد ذلك وتهدد بهذا الشكل أن تصبح كرة لن يأخذها أحد على محل الجد. وبالتالي لا يوجد شك في تموقع البلاد ـ إلى جانب أصدقائها وشركائها وحلفائها. وهذا ليس فقط بالكلمات، بل أيضا بالأفعال. (ألمانيا) وحدها هي ضعيفة".
ر.ز/ م.أ.م
ضرب أهداف محددة في سوريا ردا على "كيماوي دوما"
بعد أسبوع من وقوع هجوم في دوما، يفترض أن يكون النظام السوري استخدم خلاله أسلحة كيماوية، أعلن الرئيس الأمريكي ترامب قيام قوات بلاده بالتعاون مع فرنسا وانجلترا بضرب أهداف "دقيقة" لها علاقة ببرنامج الأسلحة الكيماوية للأسد.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/S. Walsh
ترامب ينفذ تهديداته
نفذت الولايات المتحدة بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا هجمات جوية على سوريا فجر السبت (14 أبريل/ نيسان 2018). وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إن الضربات استهدفت ثلاث مناطق لها علاقة بإنتاج الأسلحة الكيماوية. وذلك بعد أسبوع من هجوم كيماوي محتمل على بلدة دوما وتهديد ترامب بتوجيه ضربة لسوريا، فقد اتهمت الدول الثلاث نظام الأسد بالوقوف وراء الهجوم.
صورة من: Reuters/Twitter/French Military
أهداف تحيط بدمشق
المواقع التي قُصفت تضمنت مطار الشراعي بغربي دمشق في منطقة الديماس قرب الحدود اللبنانية. كما أصاب الهجوم موقعا في مدينة مصياف ومستودعات للجيش في شرق القلمون ومنطقة الكسوة جنوبي دمشق وموقعا في منطقة جبل قاسيون المطلة على دمشق، حسب مصدر مقرب من النظام السوري.
صورة من: picture alliance/AP Photo/H. Ammar
ضرب المركز الرئيسي للأبحاث الكيماوية
قالت وسائل الإعلام الرسمية السورية إن الهجوم أصاب أيضا منشأة للأبحاث العلمية في دمشق حيث قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن المنشأة تستخدم في تطوير وإنتاج واختبار أسلحة كيماوية وبيولوجية. بينما قالت باريس إن الضربات استهدفت المركز الرئيسي للأبحاث الكيماوية وموقعي إنتاج في سوريا.
صورة من: Imago/Xinhua/A. Safarjalani
أعلام سوريا وإيران وروسيا في شوارع دمشق
عندما طلع النهار على دمشق خرج المتظاهرون حاملين الأعلام السورية والروسية والإيرانية وصور الأسد. ونددت الخارجية السورية بـ"العدوان البربري الغاشم". بينما قالت الخارجية الإيرانية في بيان إن الولايات المتحدة وحلفاءها، الذين قاموا بالعمل العسكري ضد سوريا "رغم غياب أي أدلة مؤكدة... سيتحملون المسؤولية عن تداعيات سياسة المغامرة على مستوى المنطقة وما يتجاوزها".
صورة من: Reuters/O. Sanadiki
ترامب: ضربات دقيقة
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من البيت الأبيض أن هذه الضربات هي قصاص لاستخدام حكومة الأسد الأسلحة الكيماوية ضد شعبها. وأضاف "إنها ليست أفعال إنسان وإنما جرائم ارتكبها وحش" وأوضح ترامب أنها "ضربات دقيقة" قصدت أهدافا لها علاقة ببرنامج الأسلحة الكيماوية للأسد.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Ngan
فرنسا أبلغت روسيا قبل الضربات
قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي إن الجيش الفرنسي استهدف المركز الرئيسي للبحوث الكيماوية في سوريا ومنشأتين أخريين وإن باريس أخطرت روسيا قبل تنفيذ الضربات. وكانت الوزيرة تتحدث بعد ساعات من إصدار الرئيس إيمانويل ماكرون أمرا بتدخل عسكري في سوريا مع الولايات المتحدة وبريطانيا. وأضافت للصحفيين "لا نتطلع لمواجهة ونرفض أي منطق للتصعيد. وهذا هو السبب في أننا وحلفاءنا تأكدنا من تنبيه الروس مسبقا".
صورة من: Reuters/Twitter/Emmanuel Macron
اعتراض "عدد كبير" من الصواريخ
أكدت وزارة الدفاع الروسية أن الولايات المتحدة وحلفاءها أطلقوا أكثر من مئة صاروخ على سوريا، مشيرة إلى أن القوات السورية اعترضت "عددا كبيرا" منها. وقال فلاديمير دجاباروف الذي يتولى منصب نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي، إن موسكو ستدعو على الأرجح لاجتماع في مجلس الأمن الدولي لمناقشة الضربات الجوية الأمريكية والبريطانية والفرنسية على سوريا.
صورة من: AFP/Getty Images/M. Antonov
سبع سنوات ولانهاية في الأفق
دخلت الأزمة السورية عامها الثامن في (مارس/ آذار 2018)، ولا تبدو نهاية في الأفق. ورغم استرجاع بشار الأسد لمناطق كثيرة من أيادي المعارضة وتنظيمات أخرى متطرفة وإرهابية، إلا أنه لا يستطيع بسط نفوذه على بلده. ويقدر ضحايا الحرب السورية حتى الآن بنحو 480 ألف قتيل من كافة الجبهات، بينهم 19 ألف طفل، كما نزح 11 مليون شخص، وبلغ عدد اللاجئين خارج سوريا 5.5 مليون سوري. إعداد: صلاح شرارة