صحف ألمانية: ترامب يضع الشرق الأوسط على حافة حرب كبيرة!
٩ مايو ٢٠١٨
انتقدت العديد من الصحف الألمانية قرار ترامب الانسحاب من الاتفاقية النووية مع إيران معربين عن قلقهم من أن يؤدي هذا الأمر إلى حرب جديدة تشعل المنطقة برمتها، إلا أن بعض الترحيب للخطوة الأمريكية وجد صداه في بعض الصحف.
إعلان
لفتت الصحف الألمانية إلى خطورة الانسحاب من الاتفاقية النووية الإيرانية حيث كتب موقع مجلة "شبيغل" أونلاين في هذا الصدد:
"نعم، هذا صحيح، إيران تدعم الإرهاب، وتأجج الصراعات في الشرق الأوسط. وكذلك من الصحيح اعتبار أن الاتفاق مع إيران ليس مثاليا بالضرورة، إلا أنه يضمن على الأقل بأن إيران لا تبنى قوة نووية. لقد وجدت طهران الآن عذرا جيدا من أجل مواصلة العمل في البرنامج النووي. ويأمل ترامب في أن يتمكن من التوصل إلى اتفاق أفضل عن طريق التهديد والعقوبات، فهو يسير على خطى نموذج كوريا الشمالية، حيث قد يتمكن قريبا من توقيع أتفاق قريب معها بهذا الصدد (وربما لا يتمكن أيضا) إلا أن هذا رهان محفوف بالمخاطر.
بداية وقبل كل شيء يضع ترامب الولايات المتحدة و إسرائيل والمنطقة بأسرها على حافة حرب كبرى. ولا يوجد ما يضمن أن هذا الأمر قد ينجح في تخويف إيران. طهران قاومت ضغوط الولايات المتحدة لمدة 40 عاما. لماذا ينبغي على ملالي إيران الخضوع ألان؟ وماذا بيد ترامب أن يفعله لو بقيت طهران على عنادها؟ وكيف يمكنه منع الصين وروسيا من دعم إيران في صراعها مع الولايات المتحدة. هل يريد ترامب غزو إيران كما فعل سلفه جورج بوش مع العراق. هو يستطيع فعل ذلك بالطبع إلا أن نتائج هذه الخطوة معروفة".
أما صحيفة "برلينير تسايتونغ" فسارت على خطى مجلة "شبيغل" حيث كتبت على صفحاتها تقول:
"تم بذل عامين ونصف من الكفاح الدبلوماسي من أجل إقناع إيران بالتخلي عن تطوير القنبلة النووية، بينما في المقابل استغرق دونالد ترامب 11 دقيقة للتخلي عن اتفاقية 2015، على الرغم من أن بعضا من الوقت مازال موجودا قبل إعادة إحياء العقوبات، إلا أنه على المرء أن لا يتوهم في تأثير هذا القرار. في إيران يعزز القرار الأمريكي موقع المتشددين، وفي أوروبا يضع الحلفاء أمام اختبار صعب، وفي الشرق الأوسط يغذي القرار أزمة جديدة.
أما صحيفة "شتوتغارتر ناخريشتين" سلطت المزيد من الضوء على الوضع في أوروبا وكتبت تقول:
"إن أسوأ شيء في قرار ترامب الخاطئ بصورة جلية من وجهة نظر ألمانية أنه يخلق مناطق ذات أمن مختلف في حلف شمال الاطلسي. كما أن قراره يدق أسفين بين الدول الأعضاء في الناتو. فإذا التزم الأوروبيون بالاتفاق، فهم يقفون بذلك ضد أهم حليف لهم، وإذا اتبعوا ترامب فقد يبقى الحلف موحدا إلا أنه يلزمه التصرف حيال البرنامج النووي الإيراني. الألمان والبريطانيون والفرنسيون يقفون أمام مفترق طرق إما الوقوف أمام قرار ترامب وهو ما يعتبر تخلي عن الولايات المتحدة الأميركة أو المشاركة في حرب ليست في سلم أولوياتهم ولا مع إيران النووية".
صحيفة "فرانكفورتر ألغماينة تسايتونغ" نشرت على صفحاتها:
"بالطيع يتوجب منع إيران من الحصول على اسلحة نووية. إن انتقادات حكومة ترامب بأن إيران تواصل العمل على برنامجها الصاروخي والسعي إلى سياسات عدوانية في المنطقة، ومن بينها دعم حزب الله في لبنان وكذلك دعم المتمردين في اليمن مبررة. إلا أن الاتفاق النووي لا ينبغي إنهاء العمل به أو إعادة صياغته من جديد. ولقد كان جليا التزام إيران ببنود الاتفاق لحد الآن. والتفتيش لم يتم بصورة شاملة إلا أنه كان قريبا جدا من هذا الأمر.
ويجب على المرء أن يخمن بأن الاتفاقية مع إيران التي كانت في فترة حملة ترامب الانتخابية شوكة في عينه، يرفضها ترامب بشدة لأنها أبرمت في عهد سلفه أوباما، وعليها أن لا تبقى في الوجود. إلا أن ترامب لا يعير اي اهمية لحقيقة أن عناده وإصراره قد يتسببان في وضع المنطقة في آتون حرب كبيرة، فالمهم بالنسبة لترامب التخلص من إرث أوباما.
من جانب آخر، لم يخل الأمر من مرحبين بقرار ترامب، فصحيفة هيسيشه نيدر زاكسيشه ألغماينه كانت من الصحف القليلة في ألمانيا التي رحبت بهذا القرار ونشرت على صفحاتها.
"لم تكن المشكلة في الاتفاقية النووية الدولية التي وقعت مع إيران تكمن في الذي تم تنظيمه وانما في الأمور التي لم يتم تنظيمها بعد. فما مدى مصداقية مثل هذا الاتفاق إذا كانت إيران تستطيع رغم ذلك دفع بناء صواريخ نووية ذاتية الدفع إلى الإمام؟ ما قيمة هذا الاتفاق إذا لم يتناول في سياقه مسألة استقرار الشرق الأوسط برمته؟ من المهم ملاحظة أن إسرائيل لا تهدد إيران بالإبادة بل أن العكس هو الصحيح . إن سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهذا الاتفاق لهو أمر خطير بالفعل، إلا أن مواصلة هذا الاتفاق هو أمر أكثر خطورة.
ع.أ.ج
محطات في تاريخ النووي الإيراني وكيف خرج من يد واشنطن
مدى رفض الغرب لبرنامج إيران النووي معروف للجميع، لكن تاريخ نشوء هذا البرنامج النووي قد يفاجئ الكثيرين، سيما إذا ما عرفنا أنه بدأ غربيا وأمريكيا بالذات. تعرف في هذه الجولة المصورة على أبرز محطات هذا البرنامج المثير للجدل.
صورة من: ISNA
نتانياهو: "إيران خدعت العالم".
قبل أيام من اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقرار متوقع بشأن الاتفاق النووي مع إيران، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن حيازته لوثائق تثبت أن "إيران خدعت العالم بإنكار أنها كانت تسعى لإنتاج أسلحة نووية".
صورة من: Reuters/A. Cohen
الاتحاد الأوروبي حريص على الاتفاق
ردود الفعل الغربية على تصريحات نتنياهو جاءت متضاربة، فقد تحفظ الأوروبيون إلى حد كبير في مواقفهم مؤكدين على أهمية الاتفاق مع طهران، فيما أعلنت الخارجية الأمريكية أن الوثائق التي كُشف عنها "حقيقية".
صورة من: Getty Images/AFP/E. Vidal
البداية أمريكية مع آيزنهاور
بدأت قصة البرنامج النووي الإيراني في خمسينات القرن الماضي في إطار برنامج الرئيس الأمريكي آيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي عام 1967 تم التوقيع على اتفاقية بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة وإيران لتوريد اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم. وفي العام نفسه تأسس مركز طهران للبحوث النووية بدعم أمريكي.
صورة من: gemeinfrei
التوقيع على المعاهدة
في الأول من يونيو/ حزيران عام 1968 وقعت إيران على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.
صورة من: UN Photo/Eric Kanalstein
بداية الطموحات النووية
في السبعينات أعلن شاه إيران محمد رضا بهلوي عن خططه لبناء 23 مفاعلاً نووياً حتى نهاية التسعينات، معللاً ذلك بالتهيؤ لفترة ما بعد النفط، ومؤكداً أن بلاده لا تسعى لبناء أسلحة نووية، ولكنه أضاف "في حال بدأت دول صغيرة في المنطقة ببناء ترسانة نووية، فستعيد إيران النظر في سياستها."
صورة من: AP
الدور الألماني في البرنامج الإيراني
في عام 1975 كرافت فيرك أونيون التابعة لشركة سيمنز الألمانية العملاقة توقع اتفاقية مع إيران لبناء مفاعل بوشهر النووي. وفي 1977 وافقت الحكومة الألمانية لكرافت فيرك أونيون على بناء 4 مفاعلات إضافية في إيران.
صورة من: dpa
الثورة الإيرانية وتحول سياسة الغرب
1979 اندلعت الثورة الإسلامية في إيران والتي أزاحت نظام الشاه الحليف الغربي والمدعوم تحديدا من الولايات المتحدة، ما شكل منعطفاً في التعاطي الغربي مع الطموح النووي الإيراني. الولايات المتحدة أوقفت إمداداتها من اليورانيوم المخصب لإيران. أما كرافت فيرك أونيون الألمانية فعلقت أعمال بناء مفاعلي بوشهر قبل إتمامها.
صورة من: bachehayeghalam.ir
دخول روسيا على الخط
بعد انقطاع الدعم الغربي للبرنامج النووي الإيراني، بدأ في مطلع التسعينات تعاون إيراني روسي توج بتأسيس منظمة بحثية مشتركة مع إيران باسم "برسيبوليس" وأمدت روسيا إيران على زمن الرئيس بوريس يلتسن بخبراء الطاقة النووية الروسية، والمعلومات التقنية. وفي منتصف التسعينات تم توقيع اتفاق روسي إيراني لاستكمال العمل في مفاعل بوشهر غير المنتهي.
صورة من: AP
مفاعل آراك النووي أثار مخاوف الغرب
بدأت المخاوف الدولية إزاء البرنامج النووي الإيراني في مطلع الألفية الثالثة عند حصول الولايات المتحدة الأمريكية على معلومات من مصادر من المعارضة الإيرانية مفادها قيام إيران ببناء مفاعل لإنتاج الماء الثقيل في مدينة آراك، وهو نوع من المفاعلات يمكنه إنتاج مادة البلوتونيوم اللازمة لإنتاج السلاح النووي.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Kenare
بداية سياسة العصا والجزة الغربية
مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الأمنية والسياسية خافيير سولانا قام بزيارة إلى طهران وأعلن أن إيران ستسمع "أخبارا سيئة" إذا لم توقع على البروتوكول الإضافي الخاص بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، والسماح الفوري بتفتيش المنشآت النووية الإيرانية "دون قيد أو شرط".
صورة من: AP
الأخبار السيئة كانت..
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصدر قراراً في سبتمبر 2003 يلزم إيران بـ"الوقف الفوري الكامل" لكافة نشاطاتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، وبتوقيع البروتوكول الإضافي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Schlager
الإيرانيون لم يستجيبوا للضغوط
لكن إيران لم تستجب للضغوط واستأنفت تخصيب اليورانيوم معلنة في أبريل/نيسان 2006 النجاح في عمليات التخصيب بنسبة 3.5% الصالحة لأغراض سلمية، والبعيدة عن الأغراض العسكرية التي تتطلب نسبة تخصيب تزيد على 90%.
صورة من: AP
بداية العقوبات على إيران
رد فعل مجلس الأمن الدولي جاء سريعاً حيث أصدر في ديسمبر 2006 قراره رقم 1737 الذي يمنع أي دولة من تسليم إيران أو بيعها أي معدات أو تجهيزات أو تكنولوجيا يمكن أن تساعدها في نشاطات نووية وبالستية، بالإضافة إلى تجميد أصول عشر شركات و12 شخصا لهم علاقة بالبرامج.
صورة من: AP
التوصل للاتفاقية بعد سنوات من الأزمة
بعد سنوات طويلة من المفاوضات الماراثونية ومبادرات عدة، توصلت طهران في 2 أبريل 2015 مع الدول الست الكبرى في مدينة لوزان السويسرية إلى "اتفاق إطار" يقود إلى حل نهائي لملف البرنامج النووي الإيراني. الإتفاق نص على تخلي إيران عن أجزاء من خطتها النووية مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها. ودخل حيز التنفيذ في 15 يناير 2016. إعداد: ميسون ملحم