صحف ألمانية: على الوافدين معرفة منظومة قيمنا واحترامها
حسن ع. حسين٩ يناير ٢٠١٦
مازالت أحداث ليلة رأس السنة في كولونيا وتداعياتها تشغل اهتمام الصحف الألمانية، التي كشفت عن تقصير مدير شرطة كولونيا. كما أكدت على وجوب استخدام الدولة لسلطتها دون استعراض وأن يعرف الوافدون منظومة قيم المجتمع ويحترموها.
إعلان
حول تداعيات الاعتداءات الجنسية التي تعرضت لها نساء في ليلة رأس السنة في كولونيا كتبت صحيفة "نويه برسه"، الصادرة في هانوفر بشمال ألمانيا تقول: "أزمة اللاجئين تهز ألمانيا إلى درجة جعلت الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الحليف الحاكم في برلين، يطالب الدولة بإظهار قوتها. ويبدو أن ألمانيا تقف على عتبة منعطف تاريخي. ولكن ماذا يعني "دولة قوية"؟ فالإجراءات ينبغي لها أن تظهر قدرة الدولة على ضمان الأمن دون أن تستعرض سلطتها. وعلى الدولة أيضا أن تجهز رجال الشرطة بالمستلزمات الضرورية بشكل جيد لأداء مهامهم بالشكل المطلوب. وعلى الدولة القوية أن تتعامل مع الناس على قدم المساواة. كما أن الدولة القوية تحمي مواطنيها من المجرمين، سواء أكان هؤلاء المجرمون يحرقون نزل اللاجئين، أو يوجهون إساءات للنساء. كما أن الدولة القوية ليست بحاجة إلى الغش واللف والدوران وإخفاء الحقائق، بل تقول الحقيقة دوما، حتى وإن كانت بعض الحقائق تثير القلق. فالدولة القوية هي دولة واثقة من نفسها. وعندما تكون كذلك، فإنها تزرع الاطمئنان في نفوس المواطنين."
وحول تصرف رجال الشرطة مع أعمال التحرش الجنسي أمام ساحة محطة القطار الرئيسية في كولونيا كتبت صحيفة "نورنبرغر ناخريشتن" تقول: "رغم أن عملية الكشف عن جنسية المشتبه بهم لا تلعب دورا في أغلب تحقيقات الشرطة، إلا أنه في حالة اعتداءات من هذا النوع كان يجب على فولفغانغ ألبرس، مدير شرطة كولونيا، أن يعتمد مبدأ الشفافية في كشف جنسيات الجناة؛ لمنع تداعيات أكبر، خصوصا عندما ظهرت مؤشرات بأن تلك الاعتداءات تدخل خانة الجريمة المنظمة. وكان ينبغي نشر التقرير، الذي أعدته الشرطة في اليوم التالي للأحداث، والذي يسرد بإسهاب تفاصيل الأحداث وجنسيات المشتبه بهم، ليساعد بذلك في تخفيف توجيه سهام الاشتباه العام نحو اللاجئين والمسلمين."
أما صحيفة "شتوتغارتر تسايتونغ" فتناولت الموضوع من زاوية أخرى وكتبت تعليقا جاء فيه: "ما لا يجدي نفعا فعلا، هي تلك المطالب الجماعية بتشديد القوانين ورفع الشعارات الشعبوية. لكن ما ينفع حقا، هو إظهار الدولة لقدرتها وسلطتها، وأن تحاول عبر السياسة الخارجية فعل كل شيء لوقف تدفق اللاجئين. أما داخليا فتحاول عبر المزيد من القدرة التنظيمية احتواء أزمة اللجوء وتطبيق مبدأ احتكار الدولة للعنف. عملية الاندماج في المجتمع يمكن أن تنجح فقط؛ إذا تم ضمان قبول واحترام منظومة قيمنا. فالمجتمع هو أكثر من مجرد مفهوم الدولة الاجتماعية. وهذا ما ينبغي على الوافدين الجدد معرفته وتقبله."
لكن صحيفة "نويس دويتشلاند" اليسارية تسلط الضوء على جانب مهم لقضية أحداث ليلة رأس السنة في كولونيا وكتبت تقول: "السؤال عما إذا كان لأحداث الليلة المرعبة في محطة كولونيا للقطارات أية علاقة بالثقافة الإسلامية، سؤال محق، ومثيرا للجدل في نفس الوقت. بيد أن الأحداث قسمت المجتمع. وحاليا يتم توظيف كارثة كولونيا من قبل دول أخرى كحجة لمنع دخول المسلمين إليها، وذلك خشية حدوث أمر مماثل فيها. وهذا ما صرح به رئيس وزراء سلوفاكيا روبيرت فيكو، والذي أعلن أنه لا يريد قبول وافدين مسلمين إلى بلاده. وشبح الذنب الجماعي، يحوم مجددا في قارة تكمن قوتها في احترام الحقوق الفردية وتمجد ثقافة الخصوصية الفردية. إنه أمر مجنون ينبغي ألا يتحول إلى قاعدة عامة."
الاعتداءات الصادمة في كولونيا.. مشاهد وردود فعل حادة
أثارت سلسلة الاعتداءات الجماعية التي تعرضت لها أكثر من مائة امرأة ليلة رأس السنة في مدينة كولونيا سخطا ألمانيا كبيرا على المستوى السياسي والشعبي وردود أفعال قوية، وفتحت النقاش مجددا حول اندماج المهاجرين في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa
يثير حوالى مئة اعتداء جنسي تم تسجيلها في مدينة كولونيا ليلة رأس السنة ونسبت إلى "شبان عرب على ما يبدو" استياءً كبيرا في ألمانيا، حيث نددت الحكومة بأعمال العنف، لكنها أكدت في الوقت نفسه أنها قلقة من اتهام اللاجئين.
صورة من: Reuters/W. Rattay
وفقا لبيانات الشرطة، فإن نحو 1000 رجل "يبدو أنهم من المنطقة العربية أو شمال أفريقيا" تجمعوا ليلة رأس السنة في ساحة محطة القطار الرئيسية في كولونيا، وتشير التحقيقات إلى أن عدة مجموعات تكونت من هذا التجمع، وحوطّوا النساء من كل جانب وتحرشوا بهن وسرقوهن، ووصفت الشرطة ما حدث بأنه جرائم جنسية جرت في شكل جماعي بالإضافة إلى حالة اغتصاب.
صورة من: DW/V. Kern
بعد الاعتداءات، نظم بين 200 و300 شخص حسب الشرطة تجمعا رمزيا امام كاتدرائية كولونيا للدعوة إلى احترام النساء. ورفعوا لافتة كتب عليها "السيدة ميركل، ماذا تفعلين؟ الأمر مخيف".
صورة من: Reuters/W. Rattay
رفع الكثير من المتظاهرين أيضا لافتات، كتبوا عليها " كلنا ضد التحرش وضد العنصرية"، في إشارة لعدم توجيه أصابع الاتهام لكافة الأجانب وخاصة اللاجئين. وذلك بعد أن قام الكثير من أنصار الأحزاب اليمينية والمحافظة بالحديث بتهديد المهاجرين ووصفهم بأوصاف عنصرية.
صورة من: Reuters/W. Rattay
عبر العديد من المتظاهرين في مدنية كولونيا على غضبهم من الأحداث، التي شهدتها مدينتهم ليلة رأس السنة، رافعين لافتات كتبوا عليها " طفح الكيل" و" لن نسكت" و" سنحارب التحرش" .
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
طالبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الثلاثاء (الخامس من كانون الثاني / يناير 2016 ) بما وصفته بـ "برد صارم من دولة القانون" على التعديات التي تعرضت لها عشرات النسوة أمام محطة القطار الرئيسية في مدينة كولونيا غربي ألمانيا ليلة رأس السنة. جاء ذلك على لسان المتحدث باسمها شتيفان زايبرت.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
لم تعلن الشرطة حتى الآن توقيف أي شخص في إطار هذه القضية. ولكن قائد شرطة مدينة كولونيا، التي تستعد لاستقبال مئات الآلاف من المحتفلين لمهرجانها التقليدي من الرابع إلى العاشر من شباط/ فبراير، أعلن عن تعزيز قوات الأمن وعمليات المراقبة بالكاميرات لتفادي مثل هذه الحوادث.
صورة من: DW/V. Kern
"لا يمكن للشرطة أن تعمل بهذه الطريقة"، إحدى العبارات التي انتقد بها وزير الداخلية الألماني توماس دي مزيير مساء الثلاثاء (الخامس من كانون الثاني/ يناير 2016)، عدم تحرك شرطة كولونيا خلال سلسلة الاعتداءات التي تعرضت لها أكثر من مائة امرأة ليلة رأس السنة الأمر الذي أثار السخط في البلاد.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Schwarz
حذر وزير العدل الألماني هايكو ماس من وضع اللاجئين تحت الاشتباه العام عقب أحداث التحرش والاعتداء الجنسي التي تعرضت لها نساء في مدينة كولونيا الألمانية ليلة رأس السنة. وقال ماس "لا ينبغي لأحد أن يستغل هذه التحرشات والاعتداءات في التشويه الجزافي لسمعة اللاجئين... إذا كان هناك طالبو لجوء بين الجناة فإن هذا ليس سببا لوضع كافة اللاجئين تحت الاشتباه العام".
صورة من: picture alliance/dpa/K. Nietfeld
أثارت تصريحات رئيسة بلدية كولونيا هنرييتي ريكر مساء الثلاثاء (الخامس من كانون الثاني/ يناير 2016) زوبعة من الانتقادات بعد أن نصحت النساء في مؤتمر صحفي بأخد مسافة (نحو ذراع) من الرجال الذي "لا نشعر معهم بالثقة". بعدها انتشر هاشتاغ #einarmlaenge الذي عبر فيه الكثير من الألمان عن سخريتهم وانتقادهم لهذه النصيحة.
صورة من: Reuters/W. Rattay
وجد المحافظون البافاريون في الاتحاد الاجتماعي المسيحي الذين ينتقدون سياسة الحكومة في مجال الهجرة، وسيلة لتعزيز حججهم. إذ قال الأمين العام للحزب أندريا شوير بعد أحداث كولونيا: "اذا كان طالبو لجوء أو لاجئون قد ارتكبوا هذه الاعتداءات فيجب إنهاء إقامتهم في ألمانيا فورا". وهو ما انتقدته الأحزاب المعارضة، متهمة إياه بالشعبوية وعدم احترام دولة القانون.