صحف ألمانية: فشل مباحثات 5+1 خسارة للغرب قبل إيران
١٢ نوفمبر ٢٠١٣بعد أن عُلقت آمال كبيرة على مفاوضات جنيف بين إيران والقوى الكبرى الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى ألمانيا (مجموعة 5+1)، حول برنامج إيران النووي المثير للجدل، انتهت اللقاءات دون التوصل إلى أي اتفاق، وأرجأت المشاورات إلى موعد لاحق في المدينة ذاتها.
إرجاء المشاورات إلى موعد لاحق قيّمته الصحافة الألمانية على أنه سيف ذو حدين. فمن جهة قد يضعف فرص التوصل إلى اتفاق قريب، ما قد يسيء إلى صورة الولايات المتحدة على وجه الخصوص، ومن جهة أخرى، سيعطي متسعا إضافيا من الوقت لجميع الأطراف لخلق الثقة في ما بينها، كما تقول صحيفة "فراكفورتر روندشاو" (Frankfurter Rundschau) الواسعة الانتشار:
"إرجاء المفاوضات ليس بالخبر السار، ولا بالكارثة أيضا. فبإمكان الأطراف في العشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري التوصل إلى اتفاق لمنع طهران من الحصول على القنبلة النووية. وإذا ما فشلت المباحثات، فإن القوى الغربية ستخسر الكثير. وستبدو الولايات المتحدة ضعيفة، لكونها لم ترتب الأمور مع حلفاءها، إسرائيل والمملكة العربية السعودية.(...).
في المقابل، ستحرز إيران مكاسب سياسية، لكونها كانت مستعدة، واقتربت من المطالب الغربية إلى حد كبير، كما تزعم التصريحات الرسمية القادمة من إيران. وفي هذه الحال، سيكون المرء قد أجبر طهران على تطوير برنامجها النووي. لكن في حال تكللّت المباحثات بالنجاح، فإن إيران ستخرج من عزلتها السياسية. وسيعود ذلك بالنفع اقتصاديا وسياسيا على جميع الأطراف، بما فيها إسرائيل".
وعن أسباب فشل لقاءات جنيف الأخيرة إلى التوصل إلى الاتفاق المنشود، كتبت "نويه رور تسايتونغ" (Neue Ruhr Zeitung):
"للأسف، لم يتم التوصل نهاية الأسبوع الماضي إلى اتفاق تاريخي خلال المحادثات حول برنامج إيران النووي. والاعتقاد أن ذلك كان على وشك التحقق، ما هو إلا أمنيات لا صلة لها بالواقع. الصراع بين الغرب، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، له تاريخ طويل على أن يحلّ بين يوم وليلة. ورغم ذلك، هناك ما يدعو إلى التفاؤل: فأهم طرفي اللعبة بحاجة ماسة إلى بعضهما البعض أكثر من أي وقت مضى. أمريكا بحاجة إلى إيران، لكي لا ينهار العراق، وأن ينجح الانسحاب من أفغانستان إلى حد ما، وأن لا يتدهور الوضع في سوريا بالكامل. إيران، من جهتها، بحاجة إلى رضا الأمريكيين، لكي تنهض اقتصاديا من جديد".
إلى جانب ذلك، يجب أخذ الجهات الإقليمية الفاعلة الأخرى بعين الاعتبار والتي تراقب التقارب بمضض، كما هو الشأن بالنسبة لإسرائيل والسعودية، كما تضيف ذات الصحيفة:
"تخفيف محتمل للعقوبات الاقتصادية (على طهران)، يجب أن يوافق عليه الكونجرس الذي ينظر بريبة إلى إيران. وهناك تتم متابعة انزعاج الحليفين الرئيسيين في المنطقة بدقة: إسرائيل التي لا تثق نهائيا في الخطاب الجديد الصادر من إيران. (...) والمملكة العربية السعودية. هذا البلد الخليجي الذي يخشى من علو نجم عدوه الأول في المنطقة، سياسيا واقتصاديا. فإذا ما تحسنت العلاقة بين الغرب وإيران، فقد ينجح الأخير الذي يضم نحو ثمانين مليون نسمة، في التحول إلى قوة إقليمية. وبتخفيف العقوبات، سينخفض أيضا سعر النفط والغاز. بمعنى آخر أن هناك أطرافا عدة، ليس من مصلحتها التوصل إلى حل سلمي، ويبقى الدعاء أن يخسر هؤلاء".
وليس بعيدا عن الِشأن الإيراني، اهتمت صحف أخرى بالملف السوري أيضا، بعد أن أعلن الائتلاف الوطني السوري يوم الاثنين (11 نوفمبر 2013) استعداده للمشاركة في مؤتمر جنيف2 حول سوريا، شرط أن يقوم هذا المؤتمر الدولي بتشكيل سلطة انتقالية بصلاحية كاملة دون مشاركة الرئيس بشار الأسد. وقد علقت صحيفة "زوددويتشه تسايتونغ" على ذلك بالقول:
"إن تاريخ الشرق الأوسط هو أيضا تاريخ لسلسلة من مؤتمرات سلام لا حد لها. تاريخ لمؤتمر خطط له، وأقيم ولم يسفر عن أي نتائج كمؤتمر جنيف1. أو اتفاق لم يصل إلى نهايته كاتفاق أوسلو. ومن ثمة فمن الطبيعي أن يتمّ التشكيك في التصريحات المتعلقة بجنيف2. لا يمكن لأطراف النزاع أن يحققوا اختراقا، في الوقت الذي لا يعترفون ببعضهم البعض كأطراف حوار. وربما، لن ينعقد المؤتمر الآن، ولا في كانون الثاني/يناير القادم، ولا حتى العام القادم، بل فقط حين تترسخ قناعة لدى الأطراف المعنية بأن المستفيد الوحيد من الحرب في سوريا، هو من لا يهمه إطلاقا مصير هذا البلد: وهم متطرفو الجهاد الدولي".
أما صحيفة نويس دويتشلاند فطالبت بالتالي:
"هناك دول كفرنسا وقطر وإيران ولبنان تغذي الصراع. يجب أن تتوقف عملية توريد السلاح، وكارثة اللاجئين بحاجة إلى مساعدات عاجلة. كلّ هذه القضايا، لا يجب مناقشتها في جنيف فحسب، وإنما حل جزء منها. والإيمان بأن ذلك ممكنا، يحتاج إلى جرعة هائلة من التفاؤل".