صحف ألمانية: قناة السويس الجديدة لا تحل مشاكل مصر الهيكلية
إعداد: ر.ز / عبد الرحمان عمار ٧ أغسطس ٢٠١٥
تطرقت الصحف الألمانية إلى إيجابيات قناة السويس الجديدة وأهميتها وذكرت أنها تعزز قوة الجيش الاقتصادية، لكنها أشارت إلى المخاطر المحدقة بالقناة واعتبرت أن المشروع الضخم وحده لا يكفي لدفع مصر للأمام وحل مشاكلها الهيكلية.
إعلان
احتفل المصريون بافتتاح مشروع توسعة قناة السويس بإنشاء "قناة السويس الجديدة"، الذي يعقد عليه السياسيون والمواطنون المصريون آمالا كبيرة لتحقيق انتعاشة اقتصادية في البلاد. وهنا بعض آراء الصحف الألمانية التي ركزت على إيجابيات المشروع على الاقتصاد المصري، واعتبرت أن مصر أعلنت عودتها كأحد مراكز الاقتصاد العالمي.
"مشروع ضخم محفوف بالمخاطر"
اعتبرت صحيفة "تاغيس تسايتونغ" مشروع توسعة قناة السويس "مشروعا ضخما يحاكي أسلوب مصر القديمة"، لكن الفرق الوحيد هو "أنه لم يقم أحد الفراعنة بتنصيب تمثال له". وتضيف الصحيفة: "رغم أن البعض يتهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأن لديه دوافع تخليد نفسه، فإن الجنرال السابق يحاول وضع أساس للاقتصاد المصري، وهو ما كان يأمل به المصريون خلال الربيع العربي، ولكن ذلك لم يحصل خلال فترة حكم الإخوان المسلمين".
وحسب نفس الصحيفة فإن المصريين "يأملون في خلق فرص شغل وسبل العيش لأكبر شريحة من السكان، بدل الازدهار الذي يقتصر على الطبقة العليا فقط". لكن تحقيق ذلك يتطلب مجموعة من الشروط، يشرحها كاتب المقال قائلا: "من بين الشروط المسبقة لذلك تحقيق التوقعات بعد توسيع قناة السويس التي يقال إن إيراداتها ستتضاعف في السنوات المقبلة، غير أن حركة الشحن في البحر لن تتزايد بنسب مرتفعة. إضافة إلى ذلك فمخاطر وقوع هجمات في شبه جزيرة سيناء أو في مدخل البحر الأحمر من شأنه أن يؤثر على مردودية المشروع. لكن كل هذه الشكوك لا تنقص من أهميته".
"المشروع الضخم وحده لا يكفي لدفع البلاد إلى الأمام"
مصر تدشن قناة السويس الجديدة وسط مراسم احتفالية
دشن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخميس "قناة السويس الجديدة" التي تعقد عليها الآمال لإنعاش الاقتصاد المصري، بعرض جوي وبحري وبمشاركة دولية واسعة.
صورة من: picture-alliance/dpa/Str
احتفالاً بافتتاح القناة الجديدة علق كثير من المصريين أعلام بلدهم على سياراتهم وشرفات منازلهم، وسط تركيز إعلامي كبير على الإنجاز الذي صنعه المصريون خلال عام واحد.
صورة من: Reuters/M. Abd El Ghany
دشن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخميس "قناة السويس الجديدة" التي تعقد عليها الآمال لإنعاش الاقتصاد المصري بعرض جوي وبحري، وبمشاركة دولية واسعة.
صورة من: Reuters/The Egyptian Presidency
من جانبه أشاد نائب المستشارة ووزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابرييل، المشارك في حفل الافتتاح، بجهود مصر في إنجاز المشروع العملاق، قائلاً: "إن توسيع قناة السويس يعد إنجازاً هندسياً رائعاً تم النجاح في إتمامه في وقت قياسي بفضل مشاركة شركات ألمانية وخبرتها".
صورة من: Getty Images/S. Gallup
وكانت أولى تجارب تشغيل قناة السويس الجديدة قد كللت بالنجاح. وانطلقت التجارب يوم السبت الماضي وشاركت فيها قافلتان من السفن العملاقة. وتعد القناة الجديدة جزءا من مشروع بمليارات الدولارات يهدف إلى تحفيز التجارة بين أوروبا وآسيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
يبلغ طول قناة السويس الجديدة 72 كلم، وهي عبارة عن فرع للقناة الأصلية التي يعود تاريخ بنائها إلى 145 عاما. ويمر الفرع الجديد بالموازاة مع قناة السويس التي يبلغ طولها 190 كلم وتشكل محورا هاما للتجارة العالمية، حيث عبرتها نحو 17100 سفينة خلال عام 2014، وفق الأرقام الرسمية للهيئة المديرة للقناة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
الهدف من تشغيل المجرى الجديد هو مضاعفة القدرة الاستيعابية لحركة الملاحة في القناة وتتوقع هيئة قناة السويس أن يكون بوسع حوالي 97 سفينة عبور القناة يومياً بحلول 2023 مقابل 49 سفينة حالياً.
صورة من: Reuters/M. Abd El Ghany
ويزيد افتتاح القناة الجديدة إيرادات القناة السنوية من 5.3 مليارات دولار (حوالي 4.7 مليار يورو) متوقعة لعام 2015 إلى 13.2 مليار دولار ( 11.7 مليار يورو) عام 2023.
صورة من: Getty Images/AFP
مثل القناة الأولى تربط قناة السويس الجديدة بين البحر الأحمر والبحرالمتوسط، حيث يمكن الإبحار في كلا الاتجاهين، أي من الجنوب عبر البحر الأحمر إلى البحر المتوسط وفي الاتجاه المعاكس من الشمال أيضا. ومن المنتظر أن تساهم القناة في تخفيض فترة انتظار عبور السفن من 18 إلى 11 ساعة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
بلغت تكلفة أعمال بناء قناة السويس الجديدة التي انطلقت في الخامس من آب/ أغسطس 2014 نحو أربعة مليارات دولار، وفق تقديرات للحكومة المصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
شاركت في تجارب تشغيل قناة السويس الجديدة ست سفن حاويات عبرت القناة في قافلتين: القافلة الأولى قدمت من السويس وضمت سفنا حملت أعلام سنغافورة ولوكسمبورغ والبحرين. أما الثانية فجاءت من بورسعيد، الواقعة شمالا على البحر المتوسط، وقد ضمت سفنا تحمل أعلام ليبيريا وهونكونغ وسنغافورة أيضا.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Shaker
تمت عملية التشغيل التجريبي لقناة السويس الجديدة في ظل تأمين جوي وبحري مكثف من خلال استخدام طائرات الهليكوبتر والمنشآت البحرية التابعة للجيش المصري.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
مشروع تطوير قناة السويس هو أحد المشاريع الكبيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أصر على ألا تتجاوز عملية البناء مدة عام. وبالفعل تم الافتتاح الرسمي كما خُطط له من قبل. ويأمل السيسي في أن يعوض هذا المشروع العجز الذي تسبب فيه تراجع قطاع السياحة والاستثمارات الأجنبية منذ ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.
صورة من: picture-alliance/dpa/Office Of The Egyptian President
تم البدء في حفر قناة السويس الأولى عام 1859 ودامت مدة بنائها عشرة أعوام. وتعد القناة مصدرا حيويا للعملية الصعبة في مصر. وقد كانت القناة في ملك شركة فرنسية-بريطانية قبل أن يعلن الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر عام 1956 تأميمها. وقد تتسبب ذلك في اندلاع حرب عرفت بـ"العدوان الثلاثي" على مصر.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
إلى جانب القناة الجديدة تخطط الحكومة المصرية لبناء مركز صناعي ولوجيستي وتجاري بالقرب منها، حيث من المقرر بناء عدة موانئ تعمل على تقديم خدمات للأساطيل التجارية التي تعبر القناة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
كما تخطط الحكومة المصرية لإقامة قناة جانبية بميناء شرق بورسعيد على البحر المتوسط والبدء في تنفيذه بعد افتتاح قناة السويس الجديدة بهدف مساعدة السفن على الدخول مباشرة إلى الميناء. ومن المقرر أن يبلغ طول هذه القناة الجانبية 9.5 كيلومترا عمقها 18.5 مترا، وعرضها التحتي 250 مترا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
ارتياح وفرح لدى المهندسين والعمال الذين شاركوا في عملية حفر وبناء قناة السويس الجديدة بعد نجاح تجارب التشغيل الأولى، وفقا للمسؤولين المصريين.
صورة من: picture-alliance/dpa/Str
16 صورة1 | 16
بدورها أشارت "زود دويتشه تسايتونغ" إلى إيجابيات المشروع على المستوى الاقتصادي وعلى دور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكتبت تقول: "السيسي يجعل مستقبل بلاده رهينا بالنجاح الاقتصادي لمشروع قناة السويس، الذي يدخل في خطط السيسي كمركز ضمن شبكة بناء أو تحديث الموانئ ومناطق التجارة الحرة. هكذا يريد خلق الملايين من فرص العمل الجديدة". غير أن الخبراء - بحسب الصحيفة - "يشيرون إلى تغيير أنماط التجارة العالمية، ما يدفهم للتشكيك بالعائدات التي توقعها المصريون. فحتى السندات الشعبية، التي مول بها السيسي أجزاءً من المشروع، يجب إرجاعها لأصحابها بالفوائد المتفق عليها".
رغم ذلك، يقول كاتب المقال إن السيسي "أوفى السيسي بوعده للمصريين وأيقظ بهذا المشروع النموذجي الضخم في الشرق الأوسط صحوة وطنية. لكن هذا المشروع الضخم لوحده لا يدفع البلاد إلى الأمام، فمصر تعاني من مشاكل هيكلية كالاكتظاظ السكاني والفقر وأزمة التعليم ونقص المياه المشاكل الهيكلية". وترى الصحيفة أنه "يجب على مصر محاربة الإرهاب والتطرف الديني والفساد وعقلية التعذيب لدى رجال الشرطة. ولكن على السيسي أن يبدأ بشيء ما، ليتمكن بالوفاء بوعده بمستقبل أفضل لـ 90 مليون مصري".
"قناة السويس الجديدة تعزز قوة الجيش الاقتصادية"
أما صحيفة "فرانكفورتَر ألغيماينة تسايتونغ" فترى أن توسعة قناة السويس هو مؤشر على قوة قيادة الجيش التي تسير الأمور في مصر. "من خلال قيام قيادة الجيش ببناء الممر الثاني لقناة السويس في عام واحد فقط، فهي بذلك توضح بأنها تقدر على تحقيق ما تريد وبسرعة، وتقوم بما يعود عليها بالفضل. الشركة التي توجد في ملكية الجيش دفعت بالمشروع إلى الأمام، وقناة السويس الجديدة ستعزز القوة الاقتصادية للجيش".
وترى الصحيفة أن عموم البلاد ستستفيد من المشروع "لأن عدد السفن التي تمر عبر قناة السويس ستزداد، وهو ما يدر مليارات الدولار من الرسوم. ففي الوقت الحالي يتم إجراء عشرة بالمئة من التبادلات التجارية العالمية في عرض البحر عبر قناة السويس، وهذا ما لم يعرف المصريون في السابق كيفية استغلاله. وفي المستقبل لن يتم فقط خفض عدد الساعات التي يستغرقها عبور السفن، بل ستتحول ضفاف القناة إلى محطات مرور دولية ومركز لشركات الشحن الكبيرة، ومناطق صناعية تربط آسيا بأوروبا، وتخلق فرص العمل للمصريين. وبهذا تعلن مصر عودتها كموقع داخل الاقتصاد العالمي".