تباينت تعليقات الصحف الألمانية بشأن قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في سان بطرسبورغ. وفي حين يجمع المراقبون على أن القمة توجه رسالة للغرب. ولكن هل ستكون لها انعكاسات على الأزمة السورية ايضا؟
إعلان
علقت صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" على لقاء الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، بأنه:
"في السياسة الخارجية، أظهر أردوغان أنه مستعد لإعادة تطبيع العلاقات مع إسرائيل. و هذه المرونة ضرورية أيضا للقائمة الطويلة من الإخفاقات في السياسة الخارجية. نعم، العلاقة التركية الأوروبية متوترة، والأمر لا يختلف أيضا فيما يخص العلاقة التركية الأمريكية. ولكن ربما تعترف القيادة في أنقرة بأن اتهامها للغرب بالوقوف إلى جانب الانقلابيين، غير مبرر. وبأن أوروبا هي الشريك الذي لا يمكن لتركيا الاستغناء عنه. التضامن بين روسيا وتركيا، الذي ظهر بعد محاولة الانقلاب، ينغبي ألا يظهر بشكل مختلف مثلما في الملف السوري. ولكن في هذا الصدد يظل البلدان عمليا خصمان مختلفا المصالح".
أما صحيفة "رويتلينغر جنرال أنتسايغر" فلا ترى في أردغان وبوتين شريكين على نفس المستوى:
" بوتين لا يزال بعيدا جدا عن اعتبار أردوغان شريكا متساويا. فهو يعتبر نفسه لاعبا عالميا، في حين أن تركيا واحدة من بين القوى الإقليمية في الشرقين الأدنى والأوسط. وتركيا الإسلامية هي عكس ما يريده الكرملين، حيث يعرف المسؤولون هناك بالضبط بأن الكثير من المتمردين الإسلاميين في النزاع الشيشاني دخلوا إلى البلاد عبر تركيا، وفي الصراع السوري أيضا يواجهان بعضهما. إذ أن أردوغان عدو الأسد، وبوتين يدعمه. (...) الغضب من الغرب أو الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي ليس أساسا لبناء "الصداقة". بوتين لن يتراجع لصالح أردوغان عن أي من مواقفه بخصوص النزاعات القائمة ".
وعلى عكس ذلك فإن صحيفة "ألغيمانية تسياتونغ" الصادرة في ماينز لا تستبعد أن تغير تركيا سياستها بشأن الأزمة السورية، فكتبت:
"إذا شكك الاتحاد الأوروبي في اتفاقية اللاجئين، فإن أردوغان قد يتحرك بسرعة باتجاه سياسة أمنية. وعندها قد يكسب بوتين أردوغان إلى جانبه في سياسته الحربية لبقاء الأسد في السلطة".
من جهتها شددت صحيفة " فرانكفورتر روندشاو" على الجانب الرمزي للزيارة، وترى أن:
"أول زيارة رسمية لأردوغانإلى الخارج بعد الانقلاب العسكري الفاشل هي أيضا إشارة لابتعاد تركيا عن الغرب، وإشارة تحذير للاتحاد الأوروبي، الذي لم يتعامل بطريقة مناسبة مع شريكه الصعب بعد المحاولة الانقلابية".
وأما تعليق موقع "شبيغل أولاين" فقد ركز على جانب آخر:
" الدفء المفاجئ في العلاقات بين أردوغان وبوتين يبعث على الاطمئنان نوعا ما. لأن تغيير المواقف السياسية للرئيسين- وبصرف النظر عن سعيها المستمر لمصلحتهما – يظهر أنهما لا يتبعان أي أيديولوجيا"
بعد محاولة الانقلاب - أردوغان يتعهد بقيام تركيا جديدة
بعد نحو ثلاث أسابيع من محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا ومظاهرات يومية في نحو ثمانين مدينة تركية، لا تزال الحكومة التركية تواصل حملة التطهير التي أطلقتها وطالت عدة قطاعات حكومية. أردوغان نفسه تعهد بقيام تركيا جديدة.
صورة من: DW/D. Cupolo
خلال محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف الشهر الماضي دعا الرئيس رجب طيب أردوغان أنصاره إلى النزول إلى الشوارع للمساعدة على إفشال مخطط بعض العسكر الإطاحة بحزب العدالة والتنمية من الحكم. ويعود الفضل الكبير في ذلك إلى أنصاره الذين ملوؤا الشوارع في مختلف أنحاء البلاد. ومذاك الحين وهو يدعوهم للخروج في مظاهرات ليلية "من أجل السهر على الديمقراطية".
صورة من: DW/D. Cupolo
آخر المظاهرات شارك فيها مليونا متظاهر في إسطنبول ونحو عشرة آلاف آخرين في أنقرة. وقد نظمت في نحو ثمانين مدينة مظاهرات مؤيدة لحزب الرئيس أردوغان، حزب العدالة والتنمية الذي نجح في الإفلات من محاولة الانقلاب العسكري. أنصار أردوغان اعتبروا ذلك نصرا على الانقلابات التي شهدتها البلاد وكذلك على الدستور العلماني.
صورة من: DW/D. Cupolo
وفي إسطنبول تعهد أردوغان أمام المتظاهرين بـ "إعادة بناء تركيا من الأساس" ناشرا بذلك مشاعر التفاؤل لدى أنصاره. لاله أليجي (ليست في الصورة)، التي شاركت في جميع المظاهرات المؤيدة لأردوغان منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، تقول: "عندما تنتهي عملية التطهير، فإن تركيا ستدفع بعجلة التنمية سريعا إلى الأمام لأن أولئك الذين انخرطوا في الحكومة لن يشكلوا بعد ذلك عبئا على بلادنا".
صورة من: DW/D. Cupolo
آتالاي (ليس في الصورة) هو مصمم هندسة داخلية، رفض إعطاء اسمه بالكامل ولكنه أكد أنه يدعم أردوغان لأن الأخير سيقود تركيا إلى الساحة العالمية. "أردوغان بصدد إعلام العالم بأننا نحن هنا وأننا سنصبح قوة كبيرة"، على حد تعبيره. "حتى إن لم تحب ذلك، فعليك أن تقبل به. العالم أكبر من (مجموعة الدول السبع)."
صورة من: DW/D. Cupolo
وعلى الرغم من أن العديد من المشاركين في مظاهرات الأحد أكدوا أنهم يدافعون عن الديمقراطية، إلا أن المعارضين لاحظوا أن ثالث أكبر حزب سياسي، وهو حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد منع من المشاركة فيها. "بما أني كردية، فلا يمكنني الذهاب إلى هذه المظاهرات لأنني لن أشعر بالأمان"، هذا ما تقوله حواء أوزكان (ليست في الصورة)، إحدى رؤساء منظمة توهاد-فيد المدافعة عن حقوق السجناء. "ليس الكل مرحب بهم."
صورة من: DW/D. Cupolo
تقول أوزكان إن الحكومة تدعم كليا هذه المظاهرات، فيما تحظر بشكل واسع المظاهرات الاحتجاجية الأخرى. وتشير إلى أن المشاركين حصلوا على الماء والغذاء مجانا، كما أنه كان بإمكانهم استخدام كل وسائل النقل في أنقرة وإسطنبول مجانا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بهدف تحفيز الناس على المشاركة في المظاهرات الداعمة لأردوغان. "نحن بصدد معايشة اشتراكية مؤقتة في تركيا"، على حد تعبير أوزكان.
صورة من: DW/D. Cupolo
وفيما كانت الحكومة تفرض حظرا على مواقع التواصل الاجتماعي في حالات الطوارئ، لعبت هذه المواقع دورا مهما خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، حيث استخدم أردوغان نفسه موقع فيس تايم للتواصل مع أنصاره ودعوتهم إلى النزول إلى الشوارع لإفشال مخطط الانقلابيين. أما المعارضة فتقول إن الحكومة تسمح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي فقط عندما تعود عليها بالنفع.
صورة من: DW/D. Cupolo
من جهة أخرى يشكو أصحاب المطاعم والمقاهي في قلب مدينة أنقرة من تراجع عدد الزبائن منذ انطلاق المظاهرات المؤيدة لأردوغان. وفي سياق متصل يقول جان، وهو صاحب مقهى رفض الإفصاح عن اسمه كاملا، إن "هذه المظاهرات مؤشر على أن الأمور ستسوء قريبا."
صورة من: DW/D. Cupolo
يرى البعض أن هذه المظاهرات بالنسبة لحزب العدالة والتنمية الحاكم طريقة لتقوية قاعدته الشعبية، على حد تعبير محمد، وهو لاجئ سوري. ويقول – شريطة عدم الكشف عن هويته - بأنه كان شاهد عيان على الانقلاب الذي حصل في مصر وأن هذه المظاهرات هي عبارة عن "تدريب لأنصار أردوغان" وأنه "سيدعوهم قريبا للتظاهر ضد الحركات التي لا يحبها."
صورة من: DW/D. Cupolo
قامت الحكومة التركية بتغيير أسماء مناطق شهيرة انطلاقا من ساحة كيزيلاي وصولا إلى جسر البوسفور في إسطنبول تكريما لضحايا محاولة الانقلاب الفاشلة. وأصبح اليوم يتعين على المسافرين من الجزء الأوروبي لإسطنبول إلى القسم الآسيوي المرور عبر ساحة "شهداء جسر الـ 15 من يوليو".