صحف ألمانية: لا خطاب ماكرون ولا الرسومات تبرر هجوم نيس
٣٠ أكتوبر ٢٠٢٠
ركزت الصحف الألمانية بقوة على هجوم نيس الذي صدم بقوة فرنسا وأوروبا، والذي تسبب في مقتل رجل وسيدتين وجرح ستة آخرين. منفذ الهجوم حسب السلطات الفرنسية تونسي الجنسية، عمره 21 عاما، قدم لاجئا إلى فرنسا، وله دوافع إسلاموية.
"بعد الانتصار على ميليشيا داعش الإرهابية في سوريا والعراق، كادت أوروبا نسيان قسمها بتوجيه الضربة في الداخل. أنّ فرنسا على رأس أهداف (الإرهابيين)، أمر بيّنه قبل خمس سنوات اعتداء الدهس في نيس والمذبحة في مقر المجلة الساخرة "شارلي إيبدو"، وسنة بعدها الهجوم على النادي الليلي باتاكلان في باريس.
الاعتداء الأخير في نيس وقطع رأس المدرس صامويل باتي يؤشران على أن فرنسا مستهدفة مجددا، في ظل وضع تذكيه المشاكل التي لا حلّ لها مع الراديكاليين الإسلاميين داخل المجتمع الفرنسي".
صحيفة "فرانكفورتر ألغاماينه" ترفض اعتبار الرسوم الكاريكاتورية أو خطاب الرئيس ماكرون بحق الإسلام سببا لتبرير الجريمة الشنيعة: "لا تصريحات الرئيس الفرنسي حول الإسلام ولا الادعاء بوجود معاداة للإسلام، يمكنها أن تصلح كتبرير لقتل أشخاص أبرياء...ففي مجتمع حرٍّ يكون النقاش منفتحا ومتباينا. وهذه ليست طبيعة الإرهابيين الإسلامويين، تماما كما لم تكن طبيعة الإرهابيين اليساريين المتطرفين فيما قبل. كلاهما يربط بينهما خيط العدمية. السؤال الآن، هل يستطيع علماء الدين العقلاء من المسلمين الوصول إلى جناة محتملين يتحركون على انفراد، قبل أن يتسببوا في حمام دم ويبثون الكراهية لدفع مجتمعات إلى حرب حضارات".
حول دور الرئيس الفرنسي ماكرون، ترى صحيفة "تاغسشبيغل" الصادرة في برلين، أن من واجبه بعد هجوم نيس تهدئة الوضع: "على الرئيس تهدئة النقاش المحتدم حاليا في فرنسا حول الإسلام، والذي بدأ أكثر فأكثر يأخذ طابعا هستيريا. وهذا لا يعني إطلاقا، أن عليه التراجع عن مسار الدفاع عن حرية التعبير.
مع صامويل باتي، يسقط لأول مرة مدرس ضحية الإرهاب الإسلاموي. وبالتالي فإنه من المهم جدا أن يدافع ماكرون بشدة على حرية رسامي الكاريكاتور. لكن عقب الاعتداء في نيس وجب على رئيس الدولة إعادة النقاش المنحرف حول المحيط السياسي للإسلامويين إلى مساره الصحيح".
الرئيس أردوغان كان بدوره حاضرا بقوة في تعليقات الصحف، فوفق صحيفة "ميركور" فإنه "من دعاة الكراهية": "كرد فعل على الإرهاب الحاصل قبل أسبوعين لجأ الرئيس إيمانويل ماكرون إلى اعتقال وترحيل إسلامويين بارزين. لكنه بقي ردّ غير كافي. وليس فقط فرنسا بل كل أوروبا عليها مواجهة المحرضين الذين يجلبون الكراهية من الخارج إلى داخل جالياتنا المسلمة ويحرضونها على بلدها المضيف وعلى رأسهم أردوغان الذي يدعي العظمة. إنها لسخرية قوية أن تظل تركيا متطلعة إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بالرغم من أن رئيسها أردوغان يهاجم أوروبا بجميع الأشكال الممكنة".
تضيف الصحيفة قائلة: "فمرة هو يستخدم سفنا حربية في بحر إيجة ومرة أخرى يأمر جيشه بنقل آلاف المهاجرين إلى الحدود أو يحرض مسلمي أوروبا ضد حكوماتهم. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مخطئة، فتركيا ليست شريكا موثوقا به. أردوغان يعامل أوروبا مثل خصم وذلك بالاحتقار العميق الذي يكنّه أيّ مستبد مثله، يضعف أمام ترامب وبوتين ويستقوى فقط أمام الضعفاء".
صحيفة "نويه أوسنابروكر تسايتونغ" استنكرت صمته بعد جريمة نيس: "السخرية التي حاولت التعاطي مع الدين الإسلامي..منحت الرئيس التركي أردوغان فرصة سانحة لتقديم نفسه على أنه حامي رموز العالم الإسلامي. ولكن عندما يتعرض أشخاص للقتل على يد متطرفين إسلامويين مثل ما حصل مجددا في نيس، فإن الكلمات تغيب عن سليط اللسان- أم أن الأفعال الوحشية في فرنسا يراها أردوغان "قضية شرف" بالنسبة للمسلمين، عندما يتعلق الأمر بالوقوف ضد هجمات مفترضة ضد النبي محمد".
ع. غ/ م.أ.م
محطات دموية .. أبرز الاعتداءات التي ضربت فرنسا
ارتفعت مؤخرا حدة الاعتداءات الدامية في فرنسا، لكن هذه الدولة عانت منذ عقود من ضربات ضد المدنيين ورجال الأمن فوق ترابها. نعرض هنا جانبا من أبرز ما عانته فرنسا في مواجهة الاعتداءات الإرهابية خلال العقود الأخيرة.
صورة من: Reuters/V. Kessler
مساء دام في ستراسبورغ
مساء دام عاشته مدينة ستراسبورغ الألمانية. الثلاثاء (12 ديسمبر/ كانون الأول 2018) مٌسلح، موضوع على قائمة المراقبة الأمنية، يطلق النار على مارة بوسط المدينة موقعاً ثلاثة قتلى و 13 جريحا.
صورة من: Reuters/C. Hartmann
إجراءات أمنية استثنائية
بعد اعتداء ستراسبورغ قررت الحكومة الفرنسية رفع حالة التأهب لأعلى مستوياتها وإطلاق عمليات تفتيش مكثفة على الحدود.
وزير الداخلية الفرنسي أعلن أن السلطات المحلية في ستراسبورغ ستمنع المظاهرات من أجل إتاحة المجال لقوات الأمن لمطاردة المشتبه به في عملية إطلاق النار. إعتداء ستراسبورغ يأتي بعد سلسلة إعتداءات دامية شهدتها فرنسا خلال العقود الماضية...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Cegarra
هجوم دموي.. والفاعل غير معروف
انفجرت قنبلة شهر تشرين الأول/ أكتوبر1980 في معبد يهودي بباريس مّا أدى إلى مصرع 4 أشخاص وجرح 46. المُثير في القضية أنه لحد الآن، لم تحدّد العدالة الفرنسية منفذي الهجوم. حامت الشكوك حول حسان دياب، الذي يعمل حاليا أستاذا جامعيا في كندا، حيث جرى توقيفه عام 2008، ثم نقله إلى فرنسا. وبعد مسار مطول من التحقيق، أعلنت العدالة الفرنسية بداية 2018 أن الأدلة بحق دياب غير دامغة، وبالتالي أطلق سراحه.
صورة من: AFP/Getty Images
كارلوس.. الثعلب الإرهابي
شكّل الفنزويلي كارلوس، الملقب بالثعلب، كابوسا لفرنسا قبل اعتقاله عام 1994. وجهت له اتهامات بالضلوع في مقتل شرطيين عام 1975 بباريس، ثم هجوم آخر عام 1982 عبر تفجير قنبلة في قطار، ممّا أدى إلى مقتل 5 أشخاص وجرح 27. نهاية العام ذاته اتُهم بقيادة هجومين في محطة قطار مرسيليا وقطار TGV، انتهيا بمصرع 5 أشخاص وجرح 45. من دوافع هجماته رغبته بإطلاق سراح رفيقيه الألمانية ماغدالينا كوب والسويسري برونو بيرغيت.
صورة من: picture-alliance/dpa
GIA تصل إلى فرنسا
خرجت عمليات الجماعة الإسلامية المسلحة GIA من الجزائر إلى فرنسا عام 1995، عندما تعرّضت هذه الأخيرة لثمانية هجمات، استخدمت فيها قنابل وأسلحة تقليدية أدت إلى مصرع 8 أشخاص وجرح 200 آخرين. الهجوم الأسوأ وقع في محطة سان ميشيل نوتردام بباريس، كما اغتيل إمام جزائري ومرافقه بباريس. أدت الهجمات إلى توتر في علاقات فرنسا بالجزائر، خاصة مع اتهامات بتورط أجهزة أمنية جزائرية في عمليات GIA.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Guez
حتى الأطفال لم يسلموا من الإرهاب
أجهز محمد مراح على سبعة أشخاص، وثلاثة أطفال، فضلاً عن جرحه ستة آخرين، في ثلاث هجمات مختلفة، بمدينتي تولوز ومونتوبان شهر مارس 2012، أخطرها في مدخل مدرسة يهودية. أعلن "جند الخلافة" المرتبط بالقاعدة مسؤوليته عن الواقعة، غير أن الشرطة الفرنسية نفت أن تكون لمراح علاقة بأيّ تنظيم.
صورة من: Reuters
مجزرة شارلي إيبدو
مثلت بداية عام 2015 صدمة كبيرة للفرنسيين، إثر قيام ثلاثة مسلحين، هما الأخوين كواشي وأميدي كوليبالي، المرتبطين بتنظيم "داعش"، بقتل 27 شخصا. أول الهجمات كانت على مجلة شارلي إيبدو، حيث قتل 12 شخصاً، بينهم ثمانية من طاقم المجلة الساخرة. وبعدها قُتل أربعة في متجر يهودي من لدن كوليبالي، الذي كان يحتجز رهائن قبل تصفيته. قُتلت شرطية في مكان آخر، قبل محاصرة الأخوين كواشي في مطبعة.
صورة من: Reuters/Noble
حمام دم في باريس وسان دوني
نفذ "داعش" أسوأ هجوم إرهابي بفرنسا شهر نوفمبر 2015. مجموعة هجمات نفذها جهاديون في باريس وسان دوني. بدأت في ملعب فرنسا عبر تفجير 3 إرهابيين لأجسادهم، ثم جرى إطلاق النار على زبائن مقاهٍ ومطاعم، وكان الهجوم المروّع في مسرح باتكلان بإطلاق الرصاص على جمع من الناس. وصل عدد القتلى إلى 130 والجرحى إلى 413. تزعم المجموعة المنفذة عبد الحميد أبا عوض، مغربي- بلجيكي، وقد قُتل لاحقاً برفقة شركاء آخرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
نيس تنزف دما
يوم صيفي هادئ في نيس عام 2016 ينتهي بمجزرة. محمد لحويج بوهلال يقود شاحنة ثم يدهس جمعا من المدنيين، متسبباً في مقتل 86 شخصا وجرح 458، قبل الإجهاز عليه. تبنى "داعش" العملية، لكن الادعاء العام الفرنسي قال إن الهجوم منفرد. لم يعرف عن بوهلال، التونسي الجنسية، تدينه أو ارتباطه بالإسلام الراديكالي، ولم تعرف دوافعه وراء الهجوم الذي تسبّب باستمرار حالة الطوارئ بفرنسا بعدما كان من المقرر نهايتها.
صورة من: Reuters/E. Gaillard
هجوم إرهابي في تريب
الجمعة 23 آذار/ مارس 2018 أدى حادث إرهابي آخر إلى مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وأصابة أربعة آخرين بجروح في هجمات نفذها مسلح قال إنه من تنظيم "داعش". المسلح احتجز رهائن في بلدة تريب بجنوبي غرب البلاد، قبل أن ترديه قوات الأمن قتيلا. فيما أدعى التنظيم أن الفاعل أحد جنوده. والرئيس الفرنسي ماكرون يصف الهجوم بالـ"إرهابي" نفذه إسلامي متشدد.