تعتزم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التخلي عن رئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي والبقاء في الوقت نفسه مستشارة حتى 2021 قبل أن تنسحب كلياً من السياسة. فهل ينجح هذا الترتيب؟ عدة صحف ألمانية متشككة.
إعلان
صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" أشادت بقرار المستشارة ميركل، وكتبت تقول:
"تراجع ميركل منطقي وفي نفس الوقت يمثل مفاجئة. فالحزب المسيحي الديمقراطي يعيش انهياراً دراماتيكياً. فهو يحتل في استطلاعات الرأي مرتبة أقل من 30 بالمائة. وظهر في الواقع، على المستوى الاتحادي وفي ولاية هيسن، كأقوى حزب، إلا أنها كانت انتصارات نسبية. فالخسارات لصالح حزبي البديل من أجل ألمانيا والخضر كبيرة. واحتلال الحزب الشعبي الآخر، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، مرتبة أسوء منه لا يمثل أي عزاء للحزب المسيحي الديمقراطي. لكن قرار ميركل يمثل انقلاباً؛ فهي فاجأت الكثيرين داخل الحزب، ولاسيما خصومها الذين يجب عليهم الآن ترتيب مواقعهم. فهي تقف الآن كشخص فاعل وليس كمدفوعة للفعل، وبالتأكيد ليس كمبعدة عن المشهد. وهذا هو أفضل خيار عندما يجب الاعتراف بالهزيمة".
وحتى صحيفة "برلينر تسايتونغ" امتدحت بإيجابية قرار ميركل، وكتبت تقول:
"قد يكون وارداً أن تؤجل أنغيلا ميركل بكل سرور قراراتها حتى آخر لحظة، ولكنها اليوم تفتح وفي الوقت المناسب الباب لتجديد حزبها. وقد يكون ذلك بعد 18 عاماً استحقاقاً أخيراً، ولكن لا يجب على الإطلاق المبالغة في تقديره".
صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" تنظر إلى قرار ميركل من زاوية أخرى وتعتبرها "مستشارة إلى حين"، وكتبت تقول:
"في كانون الأول/ديسمبر سيكون للحزب المسيحي الديمقراطي (ومن المحتمل أيضاً للحزب الاجتماعي المسيحي) قيادة جديدة. وحتى قيادة الكتلة البرلمانية الموحدة للحزبين جديدة، وأنغيلا ميركل مستشارة إلى حين ـ الركيزة الأخرى للحكومة، أي الحزب الاشتراكي الديمقراطي، يعاني من مشكلة قيادة معروفة ويطرح في كل مرة طلبات جديدة على حزب ميركل وشقيقه البافاري. وقيادة الاتحاد المسيحي الجديدة وجب عليها ببساطة ابتلاع هذا الأمر؟ وهذا كله ليس مقومات جيدة، لا من ناحية المضمون ولا الأشخاص، لصالح حكومة مستقرة وقوية".
وحتى صحيفة "هاندلسبلات" من دوسلدورف تشك في أن ميركل ستبقى مستشارة حتى 2021، وكتبت تقول:
" انتهى زمن ميركل، والآن يرتبط الأمر فقط بإيجاد مخرج مشرف لها من عالم السياسة. بالانسحاب المعلن من رئاسة الحزب تكون ميركل قد قامت بالخطوة الأولى. ومن المشكوك فيه أن تكمل فترة المستشارية إلى نهايتها كما خططت لذلك".
موقع "شبيغل أونلاين" الإلكتروني يرى في مخططات انسحاب ميركل السياسي جزءاً من الانهيار السياسي للغرب. فمعلق المجلة يعتبر أنه وجب على ميركل الانسحاب أبكر من البارحة:
"كان على ميركل الانسحاب في الوقت المناسب قبل الانتخابات السابقة، منتصرة وغير مغلوبة. وكان ذلك سيكون محل إعجاب. لكنها الآن تخرج من الحلبة كمنهزمة، مثل الآخرين قبلها. وهذا ليس البتة عاراً في أي ديمقراطية، ولكنه مرير بالنسبة إلى امرأة قدمت دوما عن نفسها صورة أنها هي من تقرر مصيرها.
وهناك في الخارج يستمر الواقع: في البرازيل يفوز فاشي بالانتخابات. وفي إسطنبول تم قتل صحفي وربما تقطيعه داخل قنصلية بلد يشن حرباً دموية في اليمن وتمده ألمانيا رغم ذلك بأسلحة. ولكن ما يُسمى الغرب ما زال يتخاصم حول الرد المناسب. الغرب؟ الرئيس الأمريكي يتخلى عن اتفاقية حظر الصواريخ النووية المتوسطة المدى... ومعارضو هذا الرئيس يجدون متفجرات في البريد الموجه إليهم. وداخل كنيس يتعرض يهود للقتل. الغرب انهار. وباراك أوباما كان رئيسه الأخير".
صحيفة "بيلد" الشعبية سلطت الضوء على النجاحات الانتخابية لحزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي، وكتبت في هذا الإطار عن ميركل تقول:
"أنغيلا ميركل لم تعد تلك الشخصية التي بإمكانها تعطيل مفعول المزيج المتفجر من الغضب وخيبة الأمل والقلق ومخاوف الانهيار. بأفواج كبيرة انتقل ناخبو الحزب المسيحي الديمقراطي الذين ينتمون في الحقيقة إلى وسط المجتمع إلى التصويت لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا. والغالبية منهم من منطلق الاحتجاج لا من منطلق القناعة ببرامج وأفكار حزب البديل، لأنه لا توجد أفكار وبرامج حقيقية لدى حزب البديل من أجل ألمانيا ما عدا الشعار التالي: ميركل يجب أن ترحل.
في وقت متأخر لكن على أمل أن لا يكون قد فات الآوان اعترفت المستشارة ميركل بذلك. فبعد 18 عاماً كرئيسة للحزب المسيحي الديمقراطي و13 عاماً في المستشارية ها هي تفسح الطريق لخليفتها وتشير للناخبين: أنتم لم تعودوا مجبرين على التصويت ضدي وضد الأحزاب الشعبية في صندوق الاقتراع. وهذا صحيح، وكان ضروري بإلحاح ـ ويستحق ذلك الاحترام. والرسالة الموجهة لجميع الناس الذين صوتوا في خيبة أمل لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا هي: ابتعدوا عن المتطرفين وعودوا إلى الوسط".
ر.ز/ م.أ.م
نهاية حقبة في ألمانيا - ميركل تحدد موعد رحيلها السياسي
عندما تولت منصب مستشارة ألمانيا في عام 2005، كانت أنغيلا ميركل مفعمةً بالأمل، ونجحت في سنواتها الأولى. لكن أمام تراجع شعبية حزبها في انتخابات البرلمانات المحلية، أعلنت ميركل أنه "حان الوقت" لتفتح ألمانيا "صفحة جديدة".
صورة من: Sean Gallup/Getty Images
قرار سريع بعد انتخابات هيسن
رغم أن الضغوط كانت قوية إلا أن كثيرين لم يتوقعوا أن يأتي الرد بهذه السرعة. فبعد ساعات من التراجع الكبير لحزبها في انتخابات ولاية هيسن بقيادة فولكر بوفيير (الصورة)؛ أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الإثنين (29 أكتوبر/ تشرين الأول 2018) أنها لن تترشح مجددا لرئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي قضت 18 عاما من حياتها السياسية رئيسة له.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Schwarz
حلفاؤها في بافاريا يسجلون خسارة تاريخية
وسبق التراجع الكبير لحزب ميركل في هيسن، خسارة تاريخية للحزب المسيحي الإجتماعي (البافاري) برئاسة زيهوفر (الصورة) في الانتخابات في بافاريا، التي نُظَّمت الأحد (14 تشرين الأول/ أكتوبر 2018). وحصل الحزب على 37.2 في المائة من الأصوات، وهي أسوأ نتيجة له منذ نحو 60 عاما. وبهذه النتيجة بدأت الضغوط تتزايد على ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
ائتلاف ميركل الكبير يتراجع
صعود ميركل كأول امرأة إلى منصب المستشارة عام 2005 أصبح ممكنا بفضل ما عرف بالائتلاف الكبير، الذي يضم حزبها المسيحي الديمقراطي وشقيقه المسيحي الاجتماعي (التحالف المسيحي) إضافة إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي. لكن بعد انتخابات بافاريا تراجعت بحدة شعبية هذا الائتلاف الكبير فقد نشرت القناة الثانية الألمانية استطلاعا للرأي، بلغت فيه شعبية التحالف المسيحي 27%، أما الاشتراكيون فحصلوا على 14%.
صورة من: picture-alliance/AP/M. Sohn
أزمة اللاجئين تؤدي لتراجع شعبية ميركل
خلال سنواتها الـ13 في منصب المستشارة حققت ميركل نجاحات كبيرة خصوصا على المستوى الاقتصادي ومسرح السياسة الدولية، وإلا لما أعيد انتخابها لثلاث ولايات أخرى. غير أن سياسة "الباب المفتوح" أمام اللاجئين بداية من عام 2015 أدت إلى تذمر الناخبين الألمان، خصوصا مع وقوع هجمات إرهابية وجرائم جنائية نفذها لاجئون. والنتيجة هو صعود اليمين الشعبوي.
صورة من: Reuters/F. Bensch
اليمين الشعبوي لأول مرة في البوندستاغ
استغل حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، اليميني الشعبوي تذمر قطاع عريض من الألمان من سياسة اللجوء، ليحقق النجاح في ولايات الشرق ويدخل البرلمان الألماني (بوندستاغ) في انتخابات خريف 2017 لأول مرة في تاريخه. وفي 2018 بدأ الحزب ينجح في دخول كافة برلمانات الولايات التي أجريت فيها انتخابات وبنسب مرتفعة. ليحمل متابعون سياسة ميركل السبب في صعود اليمين بهذا الشكل.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. von Jutrczenka
مشهد لن يتكرر
قسم ميركل اليمين الدستورية كمستشارة لألمانيا لولاية رابعة في مارس/ آذار 2018 لن يتكرر من جديد، فهي لن تترشح لانتخابات البرلمان الألماني (بوندستاغ)، المقررة في خريف 2021، وبذلك لن تكون أمامها فرصة لتولى منصب المستشارية. وستخرج ميركل برغبتها من الحياة السياسية الألمانية كلها، إن لم تضطر للخروج مبكراً لسبب ما.
صورة من: Reuters/K. Pfaffenbach
"لم أولد مستشارة لألمانيا"
خلال إعلانها التاريخي في برلين عن عدم تشرحها من جديد لمنصب المستشارة قالت ميركل (64 عاما) "لقد قلت مرة إنني لم أولد كمستشارة وهذه المقولة لم أنسها أبدا". وفي هذه الصورة نرى الطفلة أنغيلا ميركل، عندما كان سنها نحو ثلاثة أعوام. وكبرت ميركل وأصبحت مستشارة لألمانيا وتوجت خلال الأعوام الماضية بأقوى امرأة في العالم حسب قائمة مجلة فوربس الأمريكية، كما أصبحت أشهر سياسية في العالم في السنوات الأخيرة.
صورة من: imago
ابنة القس
ترعرعت أنغيلا ميركل في أسرة بروتستانتية في مدينة تيمبلين بولاية براندنبورغ. كان والدها قس، في حين كانت الأم ربة بيت تعمل على رعاية "إنجي" واثنين من إخوتها الصغار. ولم يكن أحد يعتقد أن أنغيلا دوروثيا كازنر، ستصبح أقوى امرأة في العالم. لكن صفات كالاجتهاد والموضوعية وضبط النفس والتواضع كانت وراء هذا النجاح الخارق.
صورة من: Reuters/I. Kalnins
مشجعة كرة
تعد ميركل من أكثر المتابعين لمنتخب بلادها لكرة القدم، إذ كانت من أبرز الحاضرين في نهائي كأس العالم بين ألمانيا والأرجنتين في البرازيل. وقد تفاعلت المستشارة مع مجريات المباراة، لتتوجه بعدها إلى غرفة تغيير ملابس اللاعبين وأخذت صورا تذكارية معهم، معبرة عن فخرها بالمنتخب الألماني وإنجازاته.
صورة من: Reuters
أصول بولندية
تظهر هذه الصورة غريتا ولودفيغ جدي المستشارة الألمانية، مع والدها هورست كاتسمرساك. كانت الأسرة تعيش في بوسن ببولندا، ثم استقرت في وقت لاحق ببرلين. بعدها قامت العائلة بتغيير اسمها سنة 1930 إلى كازنر. وعندما عرفت الجذور البولندية للمستشارة الألمانية سنة 2013، أثار ذلك اهتماماً كبيراً وخاصة في بولندا نفسها.
صورة من: picture-alliance/dpa
تلميذة مجتهدة
درست ميركل في براندنبورغ. هذه الصورة تظهر ميركل في مخيم "هيمل فوت" الصيفي بعد فترة وجيزة من حصولها على شهادة الثانوية العامة سنة 1973 بتفوق. وكانت المستشارة بارعة في اللغة الروسية والرياضيات. وخلال فترة دراستها كانت ميركل أيضاً عضوا في منظمة الشباب الاشتراكي، وهي أول مستشارة لألمانيا نشأت في جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقاً.
صورة من: picture-alliance/dpa
طالبة الفيزياء
بعد حصولها على شهادة التعليم الثانوي بدأت ميركل دارسة الفيزياء في جامعة لايبزيغ. بعدها مباشرة بدأت بالعمل في أكاديمية العلوم في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، حيث حصلت على شهادة الدكتوراه في مجال تفاعلات التحلل الكيمائي. وفي ذلك الوقت التقت بزوجها الأول أولريش ميركل، الذي قال عنها إنها كانت تحب السفر. في هذه الصورة تظهر ميركل في العاصمة التشيكية براغ.
صورة من: picture-alliance/dpa
البداية من القمة
بعد انفصال ميركل عن زوجها الأول زاد اهتمامها بالمجال السياسي، حيث انخرطت في الحزب المسيحي الديمقراطي. وبعد تجاوزها العقبات السياسية وجدت نفسها آنذاك قريبة من المستشار الألماني هلموت كول، الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي والراعي، الذي فسح لها المجل لتولي أعلى المناصب.
صورة من: Reuters
صعود سريع
في سنة 1998 اقترح رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي آنذاك فولفغانغ شويبله، ميركل لتولي منصب الأمين العام للحزب. وبعد أربع سنوات أصبحت ميركل رئيسة للحزب. وفي سنة 2005 فازت مع حزبها بالانتخابات لتصبح أول مستشارة لتخلف بذلك غيرهارد شرودر المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي.
صورة من: Reuters
"Mutti"
تمكنت المستشارة ميركل أو "ماما ميركل" كما يلقبها الألمان من كسر الصور النمطية، فهي تعد أول امرأة قادمة من شرق ألمانيا تتولى منصب المستشار باعتبارها زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أحد أبرز الأحزاب السياسية في ألمانيا. الكاتبة الألمانية جولي زيه خصصت لها قطعة مسرحية بعنوان "Mutti" أي "الماما".