صحف أوروبية: على الغرب أن يرد على "الثورة المضادة" بالسودان
٢٦ أكتوبر ٢٠٢١
ركزت صحف ألمانية وأوروبية على الانقلاب العسكري في السودان، أو ما دعته بعضها بـ "الثورة المضادة". من أي الزوايا تم تناول ما يحدث هناك؟ وماذا اقترح بعض كتاب الأعمدة في هذه الصحف على الغرب أن يرد على الانقلاب؟
إعلان
صحيفة "فرانكفورتر ألغماينة تسايتونغ" الألمانية علقت على الحدث السوداني بالقول:
"حققت الثورة المضادة في العالم العربي نجاحاً آخر. مؤخراً عطل الرئيس التونسي عمل البرلمان، واليوم يضع الجيش السوداني المجلس الانتقالي تحت الإقامة الجبرية ويتولى السلطة. كانت هناك بوادر تدل على فشل الثورة السلمية في السودان، وبنفس السيناريو الذي تم في مصر عام 2013: في البداية كسب الوقت بحل مؤقت، ثم تشويه سمعة الحكومة المدنية، وأخيراً دعوات لتولي الجيش السلطة".
وتابعت الصحيفة متطرقة إلى الدول التي اعتبرتها تقف وراء ما يحدث: "الوضع الاقتصادي في البلد على حافية الانهيار. لا يمكن للسودان الاستمرار اقتصادياً بدون مساعدة خارجية. بعد الانقلاب لن يكون الغرب مستعداً (للدعم الاقتصادي). وعليه يجب على من أراد هذه الخطوة إلى الوراء (الانقلاب) مد يده إلى جيبه وتقديم الدعم، وهنا نعني مصر والسعودية والإمارات".
صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية ركزت على ضرورة تحرك الدول الغربية من بوابة الاقتصاد:
"مجلس السيادة العسكري - المدني، الذي كان منوطاً به قيادة التغيير الديمقراطي بعد 30 عاماً من الديكتاتورية في عهد عمر البشير، وعد بتحفيز الاقتصاد، لا سيما من خلال التفاوض على تخفيف الديون. لكن الأزمة من الحجم الذي يصعب على الخطة رؤية النور ووضعها موضع التنفيذ الفعلي. النتيجة: السكان يموتون من الجوع، والغضب يتصاعد ... وتقوضت الثقة في السلطات المدنية. هبة من السماء للجيش الذي انتظر ساعته بصبر ...".
إلى جانب بيانات التضامن على تويتر، لدى الدول الغربية بعض الأدوات التي يجب أن تستخدمها، إذا أرادت منع هذه الدولة الرئيسية في شرق إفريقيا من السقوط مرة أخرى في أيدي الجيش. وتلك الأدوات في الأساس ذات طبيعة اقتصادية".
صحيفة "دي فولكس كرانت" الهولندية علقت:
"لم يكن مفاجئاً استيلاء الجيش على السلطة. في العامين الماضين تملك العديد من السودانيين بالتأكيد هذا التوقع المخيف. .... بالنسبة لكبار قادة الجيش كانت فكرة أن يتم تحميلهم يوماً ما في بلد يحكمه المدنيون مسؤولية جرائم مثل الإبادة الجماعية في دارفور ليست جذابة".
صحيفة "نويه زوريشه تسايتوغ" السويسرية كتبت:
"إن التكاليف المرتبطة بالاستيلاء غير الخجل على السلطة ستكون كبيرة. من المرجح أن يؤدي الانقلاب إلى مزيد من زعزعة استقرار الوضع السياسي في البلاد. (...). يمكن للمانحين الغربيين تجميد أموال المساعدات المطلوبة بشكل عاجل؛ وفي أسوأ الحالات، يمكن أن تعود العقوبات".
م.س/خ.س/أ.ح
السودان.. انقلاب عسكري يعصف بالانتقال الديمقراطي
منذ اندلاع الثورة السودانية في ربيع 2019 شهد السودان تجاذبات بين القوى المدنية والعسكر. الرهان كان على المرحلة الانتقالية التي شهدت بدورها صراعات قوية تبدو أن ذروتها سجِّلت في ليلة انقض فيها العسكر على مكتسبات الثورة.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
اعتقالات بالجملة
منذ فجر الاثنين 2021.10.25، تتوالى تقارير إعلامية من السودان تفيد باعتقال الجيش لعددٍ من الوزراء وسياسيين بارزين من بينهم قيادات "قوى الحرية والتغيير" المظلة المدنية التي قادت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الجنرال عمر حسن البشير 2019.04.11. رئيس الوزراء عبد اللّه حمدوك ذُكر في البداية إنه وضع تحت الإقامة الجبرية، وأكدت وزارة الثقافة والاعلام أنه نُقل بدوره إلى مكان مجهول بسبب "رفضه تأييد الانقلاب".
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
متمردون سابقون
قائمة المعتقلين حسب وسائل الإعلام تطول تباعا لتشمل أيضا ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وفق ما نشر حسابه على تويتر. وكانت جماعته المتمردة قد وقعت اتفاق سلام في 2020 مع السلطات الانتقالية متعهدة بالاندماج في الجيش. وعمل ياسر عرمان مؤخرا كمستشار لعبد الله حمدوك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. El-Mofty
إعلاميون وصحفيون
الاعتقالات طالت أيضا إعلاميين وصحفيين، فقد اقتحمت قوات عسكرية مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين. فيما تمّ قطع الانترنت، في وقت تواترت فيه تقارير عن توجه عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي إلى تعليق العمل بالوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية في البلاد.
صورة من: Hussein Malla/AP Photo/picture alliance
إعلان طلاق
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين(2021.10.25) فرض حالة الطوارئ في السودان وحل مجلسي السيادة والوزراء. كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، وإنهاء عمل ولاة السودان، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام. وزارة الإعلام السودانية وصفت إجراءات البرهان بأنها "انقلاب عسكري".
صورة من: picture-alliance/AA
غضب وإنزال أمني
على الفور خرج العشرات من المدنيين لشوارع الخرطوم وتم إحراق الإطارات، كما تم نشرت قوات الدعم السريع في شوارع العاصمة الخرطوم.
صورة من: REUTERS
دعوات للخروج إلى الشارع
مباشرة بعد الاعتقالات دعت القوى الثورية وعلى رأسها "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في حسابه على فيسبوك، إلى "الخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين، والعصيان المدني في مواجهتهم". رئيس الوزراء حمدوك بدوره طالب بـ "احتلال الشوارع دفاعاً عن الثورة". ذات الدعوات أطلقها أيضا حزبا "الأمة" و"الشيوعي".
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP via Getty Images
ردود فعل دولية
اجتمعت القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن ما حدث في السودان فجر الاثنين انقلاب "مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول على الإطلاق"، كما جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي هدّد بوقف المساعدات إلى السودان.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Arboleda
قلق على مستقبل السودان
قلق بالغ على مستقبل السودان شددت عليه تصريحات مسؤولين من الأمم المتحدة ودول غربية وسط مطالبات حثيثة إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح. الاتحاد الأوروبي دعا إلى الإفراج عن قادة السودان المدنيين وشدد على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء"، من جهته دعا الإتحاد الأفريقي إلى "الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والإعلان الدستوري".
صورة من: Giscard Kusema
انقلاب بعد انقلاب
الانقلاب الجديد جاء بعد أربعة أسابيع عن محاولة انقلاب فاشلة لم تفهم تفاصيله بعد. وبعد يومين من تظاهرات حاشدة نزل فيها عشرات الآلاف من السودانيين إلى شوارع المدن، دعماً لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم منذ السبت الماضي، في مؤشر على الانقسام المهيمن على المشهد.
صورة من: picture-alliance/Photoshot
مآل الثورة؟
المشهد اليوم يوحي بنهاية اتفاق 2019، حين وقّع العسكريون والمدنيون الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس البشير، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجبه، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة. غير أن الشروخ اتسعت بين فريق يسعى إلى عودة العسكر إلى الحكم وفريق آخر يريدها "مدنية..مدنية". و.ب