بعد فوزها في انتخابات مخيبة للآمال، تباشر المستشارة أنغيلا ميركل مفاوضات صعبة لتشكيل أغلبية جديدة، في مشهد سياسي متشرذم؛ بعد الاختراق التاريخي، الذي حققه اليمين الشعبوي. وسيتوجب على ميركل المقاومة وعدم التراجع.
إعلان
بعد انتصار حزب المستشارة أنغيلا ميركل في الانتخابات التشريعية، رغم أنه جاء انتصارً ضعيفاً مقارنةً مع الانتخابات الماضية، أجمعت غالبية تعليقات الصحف الأوروبية على أن سياسة الحكومة الألمانية يجب أن تتغير؛ من أجل سد الطريق أمام حزب "البديل من أجل ألمانيا"، اليميني الشعبوي، الذي حقق اختراقا قويا في هذه الانتخابات.
وفي هذا السياق قالت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية إن ولاية الحكم الرابعة لميركل قد تكون مسمومة، وتابعت تقول: "أنغيلا ميركل ليست سعيدة بأن تكون زعيمة للعالم الحر. وحتى لو افتُرِض أنه كانت لديها هذه التطلعات، لكانت قد تأثرت الآن سلباً بسبب ظروف انتصارها الانتخابي. والحكم لولاية رابعة في ألمانيا مسألة لها نموذج سابق، لكن الولاية الرابعة قد تكون مسمومةً، مثلما وقع لمرشدها السابق الراحل هلموت كول، الذي تحتم عليه معايشة ذلك من قبل. بل إن الكثيرين يعتقدون أن ميركل لن تبقى في منصبها طوال فترة الدورة التشريعية كاملةً".
وقالت "ذا تايمز" عن حزب "البديل" إنه للمرة الأولى منذ 1960 يحصل فيها حزب يميني متطرف سياسيا على تمثيل في البرلمان وأضافت: "دخول حزب البديل من أجل ألمانيا البرلمان الألماني لا يمثل خطراً مباشراً، لأن جميع الأحزاب الأخرى ترفض تشكيل حكومة معه؛ لكنه (حزب البديل) سيطالب بقوة مستمرة باتباع تعامل متشدد مع المهاجرين (...) وبشكل عام ستتعامل ميركل المنتصرة مع حكومة غير مستقرة منذ البداية. ويجب عليها أن تقاوم ذلك بنهج سياسة تحول نشطةٍ، عوض التراجع".
زعيم حزب "البديل" يتوعد ميركل بـ"المطاردة" ويعد بـ"إستعادة بلدنا"
00:45
صحيفة "دير ستاندار" الصادرة بفيينا اهتمت هي الأخرى بدخول حزب البديل من أجل ألمانيا البرلمان الألماني، وكتبت تقول: "ظلت ألمانيا لفترة طويلة، وبشكل ملفت للانتباه، دون مجموعة يمينية داخل البرلمان. لكن عندما نسمع ما يقوله أتباع حزب البديل من أجل ألمانيا بكل بديهية حول "التنظيف" والتهميش "ووضع نهاية لثقافة الشعور بالذنب"، فإن المرء يتألم. فالنسيان لا يحق أبداً. كل هذا يحصل في بلد انطلق منه قديماً الإرهاب النازي. والآن يجلس ممثلو الشعب هؤلاء في البرلمان في قلب الديمقراطية حيث سيلقون خطاباتهم. ومن يعتقد أنه بإمكانه مواصلة العمل على غرار ما سبق، فإنه مخطئ. وهذا ينطبق على جميع الأحزاب، لاسيما بالنسبة إلى ميركل ومارتن شولتس. كلاهما لم يمحص النظر خلال الحملة الانتخابية أو أنهما لم يستوعبا حجم خيبة الأمل".
صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية كتبت تعقيبا على نتائج الانتخابات التشريعية في ألمانيا تقول:"أنغيلا ميركل اعتقدت أن تأييد حزب البديل من أجل ألمانيا سيتراجع عندما تنتهي أزمة اللاجئين. وقد تراجع بقوة تدفق اللاجئين، لكن اليمين المتطرف استقر في موضعه. ولن يختفي لفترة طويلة من المشهد السياسي الألماني."
وجاء في تعليق صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" الصادرة في زوريخ السويسرية: "حزب البديل من أجل ألمانيا ملزم بتوضيح مساره وتثبيت موقعه كحزب يميني داخل البرلمان. وإذا لم يتخلص بسرعة من الصورة السيئة لسمعته عن قصد خلال الحملة الانتخابية، كحزب يميني متطرف بأفكار عنصرية، فإنه سيضيع فرصة التأثير مباشرة على السياسة الألمانية. وكتلة نيابية لحزب البديل، يمينية متطرفة وغير قادرة دائما على التحالف في البرلمان؛ ستقدم خدمة سيئة لألمانيا، وهذا ما يوحي به تحديداً الوضع الحالي للحزب".
ر.ز/ م.أ.م/ ص.ش
بالصور- ساسة ومشاهير في قاعات التصويت لانتخاب البرلمان الألماني
توافد الناخبون الأحد 24 سبتمبر/ أيلول للتصويت لانتخاب البرلمان الألماني (بوندستاغ) في دورته الـ19. جولة مع أبرز اللقطات.
صورة من: Reuters/A. Schmidt
لا استثناءات حتى لميركل
في الساعة الثامنة صباح الأحد (24 سبتبمر/ أيلول 2017) فتحت اللجان والمقرات الانتخابية في ألمانيا أبوابها لاستقبال عشرات ملايين الناخبين الذين يحق لهم التصويت في انتخاب البرلمان الاتحادي (بوندستاغ) في دورته الـ19. كل مواطن لابد أن يعرف بشخصة قبل الادلاء بصوته، حتى المستشارة ميركل هنا في الصورة تبرز بطاقتها الشخصية لمسؤولة في لجنة الانتخابات.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
لا تعليق رغم الحضور الإعلامي الكبير
أدلت المستشارة الألمانية وزوجها يوآخيم زاور، بصوتيهما ظهر الأحد بمقر اللجنة الانتخابية في جامعة هومبولت وسط العاصمة الألمانية برلين، ووسط حضور إعلامي كبير. رغم ذلك التزمت ميركل الصمت ورفضت الإدلاء بتصريحات، لكنها تحدثت قليلا، بعد التصويت، مع المعاونين في اللجنة الانتخابية.
صورة من: Reuters/K. Pfaffenbach
شولتس يصوت مبكرا
أما مارتن شولتس، مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وأبرز منافس لميركل على منصب مستشار ألمانيا فقد وصل، حوالي الساعة العاشرة صباحا بتوقيت ألمانيا، مع زوجته "إنجي"، لمركز الاقتراع في موطنه مدينة فورسلن بالقرب من الحدود الهولندية. وتغلق اللجان الانتخابية أبوابها دائما في الساعة السادسة مساء ليتم بعدها الإعلان عن النتائج الأولية.
صورة من: Reuters/T. Schmuelgen
الطقس والمستقبل الديمقراطي لألمانيا!
وأعرب مارتن شولتس عن أمله أن يساهم الطقس، الذي كان مشمسا في زيادة نسبة المشاركة. وقال " أتمنى أن يستخدم أكبر عدد ممكن من المواطنين حقهم في التصويت وتعزيز المستقبل الديمقراطي لجمهورية ألمانيا الاتحادية من خلال التصويت للأحزاب الديمقراطية".
صورة من: Reuters/T. Schmuelgen
رئيس برتبة مواطن!
الرئيس الألماني فراك- فالتر شتاينماير وزوجته "إلكه" يقفان سويا في طابور الانتخابات في مدرسة ابتدائية بحي تسيلندورف في العاصمة برلين، وأدلى الرئيس وزوجته بصوتيهما في طقس بارد ممطر، على عكس من شولتس وزوجته. ووجه شتاينماير الشكر إلى نحو 650 ألف معاون في اللجان الانتخابية، مشيرا إلى أن هؤلاء المعاونين أسهموا في حسن سير الانتخابات هذا العام.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. von Jutrczenka
الطقس بارد في دائرة غابرييل
يبدو أن طقس الأحد وخصوصا في الصباح، كان باردا في ولاية ساكسونيا السفلى، وهو ما يفسر انخفاض نسبة التصويت هناك في الصباح. لكن وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل تسلح مع زوجته "إنكه" بالملابس الضرورية وذهبا للتصويت في لجنة بمدينة غوسلار، وارتدت الزوجة شالا وسروالا باللون الأحمر، شعار الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي يرأسه زوجها.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Pförtner
بافاريا والاختلاف الواضح
هذا الناخب ذهب للإدلاء بصوته مرتديا الزي التقليدي البافاري في الانتخابات، التي يخشى فيها الكثيرون من صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" إلى البرلمان. وينتخب المواطنون في بافاريا عادة حزب الاتحاد الإجتماعي المسيحي، الذي لا يوجد سوى في ولاية بافاريا. ويعد الشقيق الأصغر لحزب الاتحاد الديقراطي المسيحي، الذي تتزعمه ميركل.
صورة من: Getty Images/L. Preiss
الخضر وفرصة قد تكون ولّت
جم أوزديمير، زعيم حزب الخضر والمرشح الرئيسي للحزب، أدلى بصوته في برلين حيث يسكن أيضا. الحزب شارك في ائتلاف حكومي سابق مع الاشتراكيين بين 1998 و2005، لكن يبدو أن هذه الفرصة لم تعد موجودة الآن. وإنما ما سيكون موجودا هو تشكيل ائتلاف حاكم مع المسيحيين والليبراليين، وهذا شيء لم يحدث من قبل على مستوى الحكومة الاتحادية.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Hirschberger
ابتسامة تثير القلق
فراوكه بيتري، زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، تدلي بصوتها في مدينة لايبزيغ بشرق ألمانيا. ورغم أن حزبها يدخل الانتخابات البرلمانية لأول مرة إلا أن استطلاعات الرأي وضعته في المركز الثالث خلف الديمقراطيين المسيحيين والاشتراكيين. يرفض الحزب استقبال اللاجئين وخطابه يثير المخاوف خصوصا لدى الأقليات، لكن بيتري تبتسم في وجه الكاميرا، ورفضت إعطاء أية تعليق للصحفيين.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Willnow
مواطنون من أصول مهاجرة
الانتخاب حق لكافة من يحمل الجنسية الألمانية. لذلك فهناك ملايين الألمان من أصول مهاجرة، حتى مسلمة وعربية، وغيرها لديهم الحق في التصويت. وفي الانتخابات الحالية بدا القلق على الأقليات خوفا من صعود اليمين الشعبوي للبرلمان عبر بوابة حزب البديل، لذلك حرص كثيرون على الذهاب للانتخاب.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Hirschberger
البرلمان الألماني من الداخل
ويسعى الجميع إلى كسب مقاعد لدخول مبنى البرلمان بالعاصمة الألمانية برلين. هذا المبنى، الذي كان يعرف سابقا بالرايخ تاغ عاد منذ عام 1999 ليكون حاضنا لأعضاء البرلمان الألماني (بوندستاغ)، بعد فترة من وجود مبنى آخر في بون بعد الحرب العالمية الثانية. اعداد : صلاح شرارة