قالت صحيفة إسبانية إن الجنرال عبد القادر حداد، المعروف باسم "ناصر الجن"، فرّ من الجزائر ووصل إلى الساحل الشرقي لإسبانيا، بينما يسود تكتم رسمي وإعلامي في الجزائر على الأمر.
قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية- إن الجزائر العاصمة وضواحيها شهدت يومي 18 و19 سبتمبر/أيلول انتشاراً أمنياً واسعاً قالت إنه "غير مسبوق منذ العشرية السوداء في التسعينيات".صورة من: Felix Zahn/photothek/picture alliance
إعلان
قالت صحيفة "إلكوفيندثيال elconfidencial" الإسبانية إن الجنرال عبد القادر حداد والمعروف باسم (ناصر الجن) "نجح في التحايل على مراقبة حراسه وفرّ من الجزائر ووصل إلى الساحل الإسباني"، فيما يسلط "هروبه الضوء على حسابات الثأر والخصومات بين قادة الجيش الجزائري"، بحسب الصحيفة.
وقالت الصحيفة في تغطية حصرية لها إن الجنرال الجزائري فرّ على متن زورق سريع فجراً بين مساء 18 و 19 سبتمبر/ أيلول ووصل السواحل الإسبانية "مثل أي مهاجر جزائري"، بعد أن تمت الإطاحة به. ويعد حداد (ناصر الجن) أحد أقوى القادة العسكريين في الجزائر.
وذكرت الصحيفة الاسبانية أن وجهة حداد كانت ساحل أليكانتي كوستال ديل سول، وفقًا لما أكده مغتربون جزائريون ومصادر شرطية في المقاطعة.
وتحدث بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عن عملية "هروب" الجنرال الجزائري.
رد فعل السلطات الجزائرية
ولم يتسن التحقق في الجزائر وإسبانيا من صحة خبر هروب الجنرال "ناصر الجن" أو وصوله إلى إسبانيا.
ولم تعقب السلطات الجزائرية على "هروب" الجنرال حداد، لكن نشطاء ومؤثرين جزائريين بالخارج يتداولون منذ أيام مسألة "هروب" الجنرال "ناصر الجن"، كما ذكر بعضهم أنه اعتقل أثناء محاولته الهروب، فيما تم رصد تحركات واسعة لقوات الأمن حول العاصمة الجزائر وفي مناطق عدة شمال البلاد وفق مصادر صحيفة.
وكانت صحيفة "لوموند" الفرنسية قد نشرت السبت الماضي، أن الجزائر العاصمة وضواحيها شهدت يومي 18 و19 سبتمبر/ أيلول انتشاراً أمنياً واسعاً قالت إنه "غير مسبوق منذ العشرية السوداء في التسعينيات".
وذكرت الصحيفة الفرنسية أن السلطات أقامت حواجز للشرطة والجيش وأغلقت الطرقات، كما تم تفتيش السيارات والمركبات من قبل عناصر بزي مدني، ما تسبب في اختناقات مرورية استمرت لساعات، فيما قامت مروحيات بطلعات عدة ما أثار الكثير من الشكوك.
شخصية مثيرة للجدل
وترأس الجنرال حداد المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI) لمدة عام، وهي إحدى أقوى أجهزة الاستخبارات الجزائرية. لكن قبل أربعة أشهر تمت إقالته من منصبه لأسباب غير محددة وأرسل إلى سجنين عسكريين، الأول في مدينة البليدة ثم في بشار جنوب غرب البلاد، قبل أن يخضع للإقامة الجبرية في فيلا في حي ديلي إبراهيم الراقي في الجزائر العاصمة. وكان من المقرر أن يحاكم قريبًا، في ظل عدم معرفة التهم الموجهة إليه.
وعلى الرغم من المراقبة التي كان يخضع لها من قبل الشرطة العسكرية، تمكن الجنرال حداد من الفرار، حسب الصحيفة الإسبانية، التي ذكرت أنه وعند وصوله إلى أليكانتي، قال "إنه اتخذ هذا القرار لأنه علم أنه سيُقتل قبل أن يمثل أمام القاضي. وأضاف أن وفاته كانت ستُعرض على أنها انتحار".
إعلان
لماذا يختار جنرالات الجزائر إسبانيا؟
وقالت الصحيفة الإسبانية إن عبد القادر حداد يعرف إسبانيا جيدًا، "حيث يمتلك عقارات فيها، وكان قد فر إلى أليكانتي في نهاية العقد الماضي هربًا من عمليات التطهير التي قام بها رئيس أركان الجيش، الجنرال أحمد قايد صلاح (توفي في 23 ديسمبر 2019) ، بعد أن أطاح بالجنرال محمد مدين في عام 2015 وقام بتفكيك دائرة الاستعلام والأمن النافذة (DRS)".
وتضيف الصحيفة الإسبانية أن "إسبانيا هي المكان الذي يختاره عدد كبير من العسكريين والسياسيين الجزائريين لشراء منازل، وللحصول على ملاذ عندما تسوء الأمور، حيث استقر الجنرال خالد نزار - الذي كان رئيس أركان الجيش ثم وزير الدفاع - في برشلونة في عام 2019، قبل أن يُحكم عليه بالسجن 20 عامًا بتهمة ”التآمر ضد الدولة" والذي عاد قبل وفاته بقليل في ديسمبر 2023".
وذكرت الصحيفة أن "مصير منفيين جزائريين آخرين كان أسوأ، مثل العقيد عمر بنشيد وابنه، اللذين توفيا في عام 2001 بعد أن دهسهما قطار في أليكانتي، وهي وفاة أثارت فضول الشرطة".
أوروبا وبلدان شمال إفريقيا.. لعبة المصالح ومقايضة الهجرة بالمال
تحتاج دول الاتحاد الأوروبي لموافقة دول جنوب المتوسط من أجل وقف الأعداد القياسية للمهاجرين غير النظاميين. ولذلك سعت بروكسل لصفقات تبادل مصالح مع دول كمصر وتونس وموريتانيا، وتفاوض أخرى كالمغرب. اتفاقيات تعرضت لنقد شديد.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMA Wire/IMAGO
رئيسة الحكومة الإيطالية تزور تونس للمرة الرابعة
تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تونس، للمرة الرابعة خلال عام. وتركز مرة أخرى على مكافحة الهجرة غير القانونية. وأكدت مصادر إيطالية قبل هذه الزيارة أن "التعاون في مجال الهجرة يظل جانبا أساسيا في العلاقة بين إيطاليا وتونس". وتأتي الزيارة قبل شهرين من الانتخابات الأوروبية التي تخاض في إطارها نقاشات ساخنة حول الهجرة.
صورة من: Slim Abid/AP/picture alliance
اتفاقية مع تونس
وكانت تونس وقعت في تموز/يوليو 2023 مذكرة تفاهم مع المفوضية الأوروبية لكبح موجات الهجرة المنطلقة من سواحلها وجرى تعميم الخطوة مع موريتانيا ومصر لاحقا. وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، التي زارت تونس مع رئيسي وزراء إيطاليا وهولندا، إلى أهمية التعاون في مجال مكافحة عصابات تهريب البشر وإدارة الحدود والبحث والإنقاذ عبر تمويل بقيمة 100 مليون يورو هذا العام.
صورة من: Freek van den Bergh/ANP/picture alliance
ثلثا المهاجرين يصلون إيطاليا عبر تونس
ومن بين أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى السواحل الإيطالية القريبة في 2023، انطلق قرابة ثلثي العدد من سواحل تونس وأغلبهم من سواحل صفاقس التي تضم الآلاف من مهاجري دول إفريقيا جنوب الصحراء، والحالمين بالوصول إلى دول التكتل الأوروبي الغني. وتوفي أكثر من 1300 مهاجر قبالة سواحل تونس عام 2023، أي ما يفوق نصف عدد الوفيات في البحر المتوسط، المصنف كأخطر الطرق البحرية للهجرة غير النظامية.
صورة من: Ferhi Belaid/AFP/Getty Images
اتفاقية مع مصر
رئيسة المفوضية الأوروبية زارت القاهرة أيضا، برفقة رؤساء حكومات بلجيكا وإيطاليا واليونان. ووقعت اتفاقية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهدف إقامة شراكة مع السلطات المصرية لمساعدة هذا البلد الغارق في أزمة اقتصادية خطيرة، والذي يقع على حدود حربين في قطاع غزة والسودان، وحيث يوجد نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ - بما في ذلك أربعة ملايين سوداني و 1,5 مليون سوري - بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
صورة من: Dati Bendo/dpa/EU Commission/picture alliance
مساعدات لموريتانيا مقابل التعاون في مجال الهجرة
كما وقعت موريتانيا مع بروكسل إعلانا للتعاون المشترك بينهما في مجال محاربة الهجرة غير النظامية يشتمل على نقاط متفرقة منها منع المهاجرين من التدفق نحو السواحل الأوروبية، وخاصة إسبانيا، وإعادة المهاجرين الموريتانيين غير النظاميين. والتعاون في مجال اللجوء، ومساعدة موريتانيا على إيواء طالبي اللجوء الأجانب على أراضيها مع احترام حقوقهم الأساسية. ولقي الاتفاق انتقادات واسعة في موريتانيا.
صورة من: BORJA PUIG DE LA BELLACASA/AFP
العبور من المغرب
يعتبر المغرب أحد أهم الوجهات للعبور إلى الاتحاد الأوروبي. إلا أن الرباط تشدد رقابتها على المنفذين البريين في سبتة ومليلة، إضافة للعبور بحرا. واعترضت السلطات المغربية 87 ألف مهاجر حاولوا الانطلاق من المغرب إلى أوروبا في 2023، وأنقذت 22 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل في البحر أثناء محاولة العبور.
صورة من: Bernat Armangue/AP Photo/picture alliance
تقارب إسباني مغربي
التقارب الأوروبي مع المغرب تدفع به خصوصا إسبانيا، التي أعلنت في مارس/آذار 2022 تأييد موقف المغرب فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وزار رئيس الوزراء الإسباني سانشيز المغرب أكثر من مرة. وعملت الرباط ومدريد على توثيق التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية. واحتلت قضية الهجرة موقعا مهما في المحادثات.
صورة من: /AP Photo/picture alliance
سعي أوروبي لاتفاق قريب مع المغرب
هناك اتفاقيات ثنائية بين دول أوروبية والمغرب بخصوص الهجرة. ولكن هناك مفاوضات تجريها المفوضية الأوروبية مع الرباط، منذ سبع سنوات، ومن المقرر أن يتم التوقيع على الاتفاق نهاية 2024. التعاون مع المغرب ثمنه ليس ماليا، وإنما سياسي، بحسب مصادر أوروبية مطلعة، كما نقلت صحيفة "كرونه" النمساوية، حيث تشترط الرباط دعم بروكسل بخصوص الصحراء الغربية. وفي المقابل، يدعم المغرب السياسة الأوروبية المتعلقة باللاجئين.
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
انتقادات حقوقية لهذه الاتفاقيات
انتقد نواب في البرلمان الأوروبي "الوضع الكارثي للديموقراطية وحقوق الإنسان في مصر". كما تعرضت مذكرة التفاهم مع تونس لانتقادات من قبل اليسار الذي يدين "استبداد" الرئيس التونسي سعيد، والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء في بلده.
ودان المجلس الأوروبي للاجئين "الاتفاقات المبرمة مع الحكومات القمعية".
صورة من: Mahmud Turkia/AFP
تبقى ليبيا
ومع هذه الاتفاقيات المتتالية مع دول شمال إفريقيا للحد من الهجرة غير النظامية، تبقى دولة واحدة بمثابة العقدة أمام المنشار. حيث تستغل ميليشيات مسلحة في ليبيا الانقسام في البلد، لتحقق ثروات طائلة من خلال تهريب المهاجرين على قوارب مكتظة باتجاه اليونان وإيطاليا. وعجزت الجهود الأوروبية حتى الآن عن إيجاد حل للمعضلة، التي تفاقمت في يونيو/حزيران 2023 مع تسجيل واحد من أكبر حوادث غرق المهاجرين على الإطلاق.