صدق أو لا تصدق رحل مبارك ومصر أصبحت حرة!
١٢ فبراير ٢٠١١هتافات المتظاهرين العالية وصفيرهم المدوي هو الذي أعطى للخبر واقعيته، في مشاهد سريالية امتزج فيها الفرح بالدهشة. لم يكن أحد ينتظر اليوم أن يعلن مبارك عن استقالته. اليوم الذي بدأ بمظاهرات حاشدة خصوصا وأن ليلة الأمس كانت مخيبة لآمال المصريين بتخلي مبارك عن السلطة. ميدان التحرير كان مليئا عن آخره. من خلال شرفة مطعم الفندق الذي أقيم فيه والمطل مباشرة على الميدان، أشاهد هدا الزخم الهائل من المتظاهرين وبحر من الرايات المصرية بألوانها اﻷبيض واﻷحمر واﻷسود. لكن لا أحد يتوقع أن تحسم المعركة اليوم. حتى الصحفيين الغربيين المجتمعين هنا في مطعم الفندق.
"الرئيس يتنحى عن سلطاته"
بسرعة اقتربت من الشرفة لأرى الناس وهم يهرولون فرحين في كل اتجاه والرايات ترفرف بقوة وحيوية لم أراها من قبل.لا أحد اهتم لما تبقى من كلمة سليمان. حتى موظفو الفندق الذين لم يشاركوا قط في المظاهرات لا يستطيعون إخفاء قرحتهم، ويهرولون من نافدة لأخرى لمشاهدة الحشود الجماهرية الموجودة في الميدان وهم يرددون هتافاتهم وينادون بالحياة لوطنهم مصر. في هذه اﻷثناء لا أرى سوى حل واحد. هده الفرحة يجب أن أعيشها عن قرب.
في الشارع يعانقني المارة ويباركون لي باللغة اﻹنجليزية. لربما الكاميرا التي أحملها هي التي تعطيهم الانطباع كوني أجنبيا ولا أفهم العربية. أحد المارة يعانقني بحرارة و يقول لي بالإنجليزية شكرا على مجهودكم" ربما يقصد وجود الصحفيين اﻷجانب الذين رافقوا شعب مصر في هده الفترة العصيبة، رغم المضايقات والاعتداءات التي تعرض بعضهم إليها في اﻷيام الأخيرة. لكن، وقبل أن أتمكن من طرح السؤال على المتظاهر هرول في المشي وهو يحيي كل من يلقاهم. وهم ليسوا قلائل. طبعا يرد هؤلاء التحية وكأنهم يعرفون بعضهم البعض مند مدة طويلة.
"مبارك راح، مصر حرة"
جو الفرحة يمتد أيضا إلى الجنود القابعين بالقرب من مبنى المتحف الوطني، والذين يحاولون بلباقة منع المتظاهرين من الصعود على سطح الدبابات الموجودة هناك. المتظاهرون يستجيبون لذلك دون تردد أو إبداء أي شكل من أشكال المقاومة. عوضا عن ذلك يقدمون التهاني للجنود برحيل مبارك. البعض يتجه نحوي ويطلب مني أخذ صور تذكارية،وهو ما أفعله أيضا دون تردد.
في هذه اﻷثناء أشعر أن الساحة تعرف تدفقا متزايدا من الناس، وأقرر العودة إلى الفندق حتى أتمكن من مشاهدة الميدان بشكل أفضل. لكني أستغرق ما يقارب نصف ساعة من أجل الوصول إلى باب الفندق رغم أن المسافة لا تبعد بأكثر من مائة متر، بسبب الزحام الحاشد الذي يعرفه الميدان. في الطريق أسأل متظاهرا عن شعوره، لكنه قبل أن يجيب يعانقني.قائلا "„مبارك قمع الشعب المصري لمدة ثلاثين سنة. خلال هده المدة لم نفرح، ﻷننا لم نكن أحرارا. فكيف تسألني عما أشعر به؟ إنها فرحة لا يمكنني وصفها" وعن سؤالي كيف يتوقع مرحلة ما بعد مبارك اقتصر رده على كون الخطوة الثانية تأتي بعد اﻷولى. اﻷولى تمت بسلام "وأتمنى أن تكون الخطوة الثانية سلمية أيضا. سنرى.“
من خلال مكالمة هاتفية مع بعض اﻷصدقاء أعلم أن الوضع لا يختلف في كل أنحاء القاهرة. فالناس يخرجون إلى الشوارع ضاربين قرار حظر التجول وهو فترة لم يرفيها الكثيرون شوارع القاهرة في المساء، خاصة أولائك الذين لم يشاركو في المظاهرات، كما يخبرني أحد اﻷصدقاء عبر الهاتف. أستمع وأشاهد الميدان وهو يزداد امتلاء بالناس والمفرقعات النارية وهي تصعد إلى السماء، والناس يرددون: "مبارك راح، مصر حرة.“
خالد الكوطيط / القاهرة
مراجعة: حسن زنيند