1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

صراعات حول مصادر المياه تهدد منطقة الأنديز

إيفا مانكه/نهلة طاهر ١٤ نوفمبر ٢٠١٢

يستفيد سكان منطقة الأنديز حتى الآن من ذوبان الكتل الجليدية، لكن عند غياب الجليد بشكل نهائي، ستزداد حدة الصراعات حول المياه الشحيحة. وهنا لا بد من إيجاد حل سياسي.

في مدينتي لاباز إلآتو المتجاورتين يعيش الآن أكثر من ثلاثة ملايين ومائتي ألف نسمة. والعدد يزداد بشكل مستمر.صورة من: ddp images/AP Photo/Dado Galdieri

يرى سكان لاباز التغيير بشكل جلي، فجبل إيليماني، الذي يبلغ ارتفاعه 6439 مترا، والذي كان سمة مميزة للمدينة، تغطيه الآن كميات قليلة من الثلج، أقلبكثير مما كان الحال عليه قبل عشرة أو عشرين عاما. أماقمة جبل تشاكالتايا المجاورة، فقد تغيرت بشكل كبير،فحتى وقت قريب كانت قمة ذلك الجبل التي يبلغ ارتفاعها 5300 مترا، تعتبر أعلى منتجع للتزلج في العالم. ومنذ عام 2009 لم يعد البوليفيون المتحمسون لتلك الرياضة يذهبون إلى هناك، إذ أن جبل تشاكالتايا الجليدي اختفى تقريبا. وهذا الأمر يقلق الكثيرين، كما تقول كارين كيمبر، التي تعمل لصالح البنك الدولي كخبيرة بيئية لمنطقة أمريكا اللاتينية. الخبيرة التي درست هذا الموضوع بشكل مكثف، ترى أننا لسنا بحاجة إلى علماء، كي يقولوا لنا بأن الأمور لا تسير على ما يرام هنا."


الكتل الجليدية مهددة بالاختفاء

في كل مكان في جبال الأنديز نرى صورة مماثلة لتلك التي تبدو عليا الجبال المطلة على لاباز، فالأنهار والكتل الجليدية آخذة في الذوبان. ووفقا للتوقعات، فإنها ستشترك جميعها في المصير الذي انتهت إليه قمة تشاكالتايا، خلال فترة تتراوح بين عشرين وأربعين عاما. وسيكون لهذا عواقب وخيمة بالنسبةللسكان الأنديز، وذلك لأن كميات الجليد الهائلة لم تكن مهمة للمنطقة بسبب العامل الترفيهي وجذب محبي رياضة التزلج في دول عديدة مثل كولومبيا والإكوادور وبوليفيا وبيرو وشيلي، وإنما لأن الكتل الجليدية تمثل عنصرا مهما في الحفاظ على التوازن المائي في المنطقة.

نسبة كبيرة من السكان تعتمد على إمدادات المياه بواسطة الشاحناتصورة من: dp images/AP Photo/Dado Galdieri

في فصل الصيف وهو موسم الأمطار في أمريكا الجنوبية، تخزن الكتل الجليدية السليمة المياه التي تتساقط على شكل جليد. وفي فصل الشتاء الذي لا يهطل فيه المطر، يذوب هذا الجليد ويغذي الأنهار التي يعتمد عليها السكان في التزود بالمياه. ومع اختفاء الأنهار الجليدية يختل هذا التوازن. ووفقالتقديرات البنك الدولي سيؤدي التغير المناخي بحلول عام 2020، إلى تهديد إمدادات المياه العذبة لأكثر من 40 مليون شخص، وهو ما يعادل 70 في المئة من سكان منطقة الأنديز.

تنامي الصراعات حول المياه
هذا التطور سيؤدي إلى حدوث مشاكل اجتماعية كبيرة، لأنه يزيد مجددا من حدة الصراعات القائمة على الموارد المائية، فالموارد المائية هي في الأصل شحيحة، ويأتي التغير المناخي في العقود الأخيرة ليفاقم من حدة المشكلة.وتعود مشكلة شح المياه جزئيا، إلى تزايد عدد السكان في المنطقة، وهناك عامل إضافي يتمثل في تطور عجلة التنمية الاقتصادية وارتفاع مستويات المعيشة، وكلها عوامل تؤدي في المحصلة إلى زيادة الطلب على المياه.

قدر الخبراء في عام 2004 المدة اللازمة لذوبان الكتل الجليدية بسبع سنوات، لكن الكتل الجليدية تلاشت في عام 2009.صورة من: ddp images/AP Photo/Dado Galdieri

يتنافس سكان المدن وسكان المناطق الريفية بشكل خاص على الموارد المائية،ولكن هناك أيضا تنافس داخل إطار المناطق الحضرية بين الأسر والمصانع. وكما يحذر باسكال غيروت، الخبير في مجال التغير المناخ فيأمريكا اللاتينية في منظمةCARE الإنسانية، فإن التنافس سيزداد حدة خلال العقد المقبل، وذلك لأن "الكتل الجليدية آخذة في الذوبان، وإذا تلاشت بشكل نهائي، فإن مشاكل خطيرة ستحدث."

أما الآن، فلا تزال أمام بلدان الأنديز فسحة من الوقت، كما يقول خبير البنك الدولي كيمبر: "فذوبان الكتل والأنهار الجليدية، يوفر كميات أكبر من المياه مقارنة بالكمية التي كانت متوفرة سابقا، وخاصةبالنسبة للمدن الكبيرة مثل لاباز أو كيتو أو ليما أو بوغوتا". لكن هذا مجرد وضعمؤقت لأن المدن تنمو بسرعة، ومع النمو تتزايد أيضا الحاجة للمياه. وبالإضافة إلى ذلك، فإن معدل استهلاك الفرد يرتفع تماشيا مع الانتعاش الاقتصادي. وحتى الآن تسنى في بعض الأماكن تغطية زيادة الطلب على المياه، عبر ذوبان الكتل والأنهار الجليدية، ما يعني أن المدن هي المستفيدة في الوقت الراهن.

ومع ذلك، فإن البنية التحتية في معظم المدن ليست مناسبة للاستفادة من زيادة تدفق المياه بشكل دائم، فالمدنتفتقر إلى السدود والخزانات الكبيرة وشبكات التوزيع الإضافية، وكذلك إلى النظم الفعالة لمعالجة المياه. وكما يوضح كيمبر، فإن "المشكلة هي أن البنية التحتية لإمدادات المياه مصممة لمدن ذات حجم محدد. ومنأجل توفير المزيد من المياه لعدد أكبر من السكان، يجب على المدينةأولا استثمار الكثيرمن المال."

وفي هذه المهلة الزمنية المتاحة الآن، يتعين الاستفادة من إمدادات المياه الوفيرة، ويجب أن تبذل بلدان الأنديز أقصى جهد ممكن لتطوير البنية التحتية. ويعتمدالبنك الدولي أيضا على أبحاث أجريت على تخزين المياه الجوفية.وهناك أيضا خطط لضخ المياه إلى المدن من خلال خط أنابيب يصل طوله إلى كيلومترات من حوض الأمازون أو خطط أخرى لتحلية مياه البحر، ولكنها مكلفة للغاية.

حلول سياسية لمشكلة شح مصادر المياه


لكن التدابير التقنية ليست سوى جزء من الحلول المتاحة لمشكلة شح موارد المياه بشكل متزايد، حيث لا يكفي أن يأتي شخص من الخارج ويطرح فكرة استثمار الملايين لإنشاء محطة لمعالجة المياه. ويرىغيروتمن منظمة CAREمحاولة إيجاد حل تقني محدود للمشكلة غير كاف، وبأن الحلول "يجب أن تأتي من الداخل، فبالإضافة إلى التدابير التقنية، هناك حاجة إلى هياكل حكومية ملائمة".
وبالنظر إلى الإمكانات الموجودة لنشوب الصراعات حول مصادر المياه، لا بد من وجود مؤسسة وطنية ذات سلطة عليا لتقوم بتوزيع المياه الشحيحة، كما يرى الخبراء. ومن أجل ضمان توزيع عادل خلال فترات الجفاف، لا بد من أن تتمتع تلك المؤسسة بسلطة تسمح لها بتجميد قرارات الحكومات المحلية، وكذلك تقييد وتحديد حصة الأفراد في استهلاك المياه. وكما يوضح غيروت فإن "خير مثال على ذلك في منطقة الأنديز هي مؤسسة Autoridad Nacional del Aguaالتي قامت دولة بيرو بتأسيسها قبل بضع سنوات، وهي مؤسسة تتمتع باستقلال مالي وإداري كبير، وتعتبر أعلى سلطة لاتخاذ القرار في قطاع المياه، وهي التي تحددالأولويات في استخدام المياه في فترات الجفاف. وهنا يتمثل دورها في المقام الأول في ضمان حق الفرد في الحصول على حصة كافية من المياه.

في جميع أنحاء منطقة الانديز تذوب الكتل الجليديةصورة من: ddp images/AP Photo/Karel Navarro
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW