1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

صراع على سلطة الانترنت في تونس بين المدونين والرقابة

١٧ مايو ٢٠١٠

ابتدع مدونون في تونس طريقة جديدة للاحتجاج على حجب عدد من المدونات والمواقع الإلكترونية عبر تنظيمهم ل"مظاهرة إلكترونية" شارك فيها الآلاف. ويعتقد إعلاميون في تونس أن الحجب يساهم في تعزيز دور المدونات والصحافة الإلكترونية.

تنامي دور المدونات في تونس يصطدم بالرقابةصورة من: DW

يخوض الآلاف من مستعملي الانترنت في تونس، منذ مطلع شهر مايو/أيار 2010، تجربة غير مسبوقة في التظاهر "افتراضيا" عبر الانترنت احتجاجا على منع وحجب مدونات ومواقع. حيث أسّس المتظاهرون موقعا الكترونيا خاصا أطلقوا عليه اسم "عمار 404" ليكون فضاءً للتظاهر، كما اختاروا عبارة "سيّب صالح" التي تعني في اللهجة العاميّة التونسية "كفاية..أتركني وشأني" كشعار لحملتهم. لكن الموقع حُجب بعد ساعات من إطلاقه، ما حدا بالمحتجين إلى نقل التظاهر إلى المدونات الشخصية وشبكات التواصل الاجتماعية ومن أشهرها ''فيسبوك''.

وفي حوار مع دويتشه فيله قال الصحافي والمدون التونسي سفيان الشورابي وهو أحد المشاركين في حملة "سيّب صالح" أن "المظاهرة متواصلة إلى أجل غير مسمى وأن عدد المشاركين فيها وصل حاليا إلى 20 ألفا بينهم حوالي 350 مدونا يزودون مواقع الحملة بصور ومقاطع فيديو صمموها وأخرجوها خصيصا لهذا الحدث". ولم يتسن التحقق من هذا الرقم لدى "الوكالة التونسية للانترنت"، وهي الجهة الرسمية المسؤولة عن قطاع الانترنت في البلاد.

قصة "عمار 404"

المدون التونسي الشاب سفيان الشورابي يبدو في قلب العاصمة تونس وهو يرفع شعار حملة "سيب صالح" الإحتجاجية على حجب المواقع الإلكترونيةصورة من: sofiene chourabi

وابتدع مدونون في تونس علامة "عمار 404" ليرمزوا بها إلى جهاز الرقابة على الانترنت، والمثير أن "عمّار" اسم محدود التداول في تونس، غير أن بطلي اثنتين من أشهر المسرحيات الكوميدية التي استقرت في الذاكرة الجماعية للتونسيين منذ السبعينات ("الماريشال عمّار" و"عمّار بو الزوّر") يحملان هذا الاسم. أما الرقم"404" فهو ليس سوى الرقم الذي يظهر على شاشة الحاسوب كلما تعذّر النفاذ من داخل تونس إلى المواقع الإلكترونية المحجوبة. وفي هذا السياق اتهم مشاركون في حملة الاحتجاج الإلكترونية الوكالة التونسية للانترنت (هيئة حكومية خاضعة لإشراف وزارة تكنولوجيات الاتصال) بـحجب المدونات والمواقع الإلكترونية دون مبرر قانوني، ولم يتسن الحصول على رد رسمي على هذه الاتهامات.

وفي حوار مع دويتشه فيله قال الصحافي والمدون التونسي زياد الهاني المعروف بتدويناته اللاذعة للسلطات التونسية أن ما يطلق عليه "عمّار 404" حجب مدونته 60 مرة وأنه يعيد كل مرة فتح المدونة بنفس الاسم ("صحافي تونسي") مع إضافة رقم يحيل على عدد مرات الحجب التي تتم حسب رأيه "دون سند قانوني". وحسب سفيان الشورابي فإن حملة الاحتجاج "الكترونيا" اتسعت ولم تعد مقتصرة على المدونين وأوضح أن "فئات واسعة من مستخدمي الانترنت في تونس وخارجها انضموا للحملة من خلال بث رسائل على موقع حملة"سَيٍب صالح" يطالبون من خلالها برفع الحجب على المواقع الشهيرة لتبادل مقاطع الفيديو (يوتيوب، ديلي موشن، وات تي في) وتبادل الصور (فليكر)" حيث يتعذر النفاذ إليها من تونس الا باستخدام برنامج "البروكسي" الكاسر للحجب.

المدونات بين الحرية والمحظورات

تنامي اعتماد فئات المجتمع التونسي على الانترنت كمصدر للمعلوماتصورة من: AP

ويعزو مراقبون أسباب اتساع حملة الاحتجاجات إلى ارتفاع وتيرة الحجب التي طالت في الآونة الأخيرة مدونات ومواقع شهيرة لا تهتم خصيصا بالشأن التونسي بالإضافة إلى مواقع تبادل الصور والفيديو. وكان عدد من مستخدمي الانترنت التونسيين قد أقدموا على توجيه رسالة مفتوحة إلى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو/أيار 2010) ، أكدوا من خلالها أن "حجب المواقع الإلكترونية بات أبرز عائق أمام حرية الإبحار على شبكة الانترنت انطلاقا من تونس". واعتبر هؤلاء ،في الرسالة التي تناقلتها منتديات ومدونات الكترونية تونسية، بأن عمليات المنع التي تتم حاليا تتعارض مع الفصل الثامن للدستور التونسي ومع مقتضيات الميثاق العالمي لحقوق الإنسان.

وفي ردها على الانتقادات تقول السلطات التونسية أنها لا تحجب إلا المواقع "الإباحية أو تلك التي تحرّض على الإرهاب والجرائم والعنف والكراهية والتطرف". وفي خطاب وجهه للإعلاميين التونسيين بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة نفى الرئيس التونسي أن تكون وسائل الإعلام في تونس خاضعة للرقابة وقال أنه في تونس"لا رقيب على الإعلام والإعلاميين إلا رقابة الضمير واحترام القانون وأخلاقيات المهنة ومعاييرها".

وفي مؤشر على إقرار ببعض النواقص في المجال الإعلامي في تونس وخصوصا الإعلام الإلكتروني تعهد الرئيس التونسي في خطابه بـ"مواصلة العمل على مزيد من تكريس التعددية الإعلامية"، كما تعهد بالعمل على" تطوير المنظومة التشريعية للإعلام الإلكتروني بما يواكب التحولات التي يشهدها العالم في هذا المجال".

"سلطة" الانترنت في المجتمع

الصحافي والمدون التونسي زياد الهانيصورة من: DW/Sarah Mersch

ويرصد الخبراء تناميا ملحوظا لدور المدونات في تونس التي تشهد طفرة في مجال استخدام الانترنت، وحسب إحصائيات حديثة نشرتها وزارة تكنولوجيات الاتصال التونسية مؤخرا فقد فاق عدد مستعملي الانترنت 3 ملايين ونصف مليون شخص وهو ما يعادل حوالي 35 في المائة من عدد سكان البلاد، وما يساعد على انتشار استخدام الانترنت في تونس أن مواطنا من أصل عشرة في حوزته جهاز كمبيوتر، كما أن نسبة التعليم في هذا البلد تعتبر من بين الأفضل عربيا.

ويؤكد خبراء وإعلاميون تونسيون أن الانترنت وسع من هوامش حرية التعبير في البلاد، وأصبح البعض يتحدث عن "سلطة" مستخدمي الانترنت وخاصة المدونّين رغم عدم توفر أرقام دقيقة حول أعدادهم (المدونين)، حيث أظهرت دراسة بعنوان "المدونات الإلكترونية وسلطة التدوين" أعدها الدكتور جمال الزرن، الباحث وأستاذ الإعلام بجامعة تونس أن دور المدونات يشهد تناميا قويا وقال أنها"فرضت نفسها كنمط جديد من الصحافة والنشر الإلكتروني" معتبرا أن قوتها الأساسية تكمن في كونها تمثل "صوت رجل الشارع دون أي تلوينات إيديولوجية أو رقابة مؤسساتية".

من جهته قال المدون والصحافي زياد الهاني إن "التدوين والتقنيات الحديثة للإتصال فسحت مجالات جديدة للتحرك بالنسبة للنشطاء السياسيين وهيئات المجتمع المدني، ووفرت فضاء ديمقراطيا للتعبير الحر استطاع أن يتحدى سلطة الرقيب" مشيرا بأن "حركة التدوين واستخدام الانترنت أصبحت تشمل فئات اجتماعية واسعة بعد أن كانت مسألة حرية الرأي والتعبير شأنا نخبويا".

حجب المدونات "يساهم في تزايد الإقبال عليها"

وبخلاف ما يُعتقد فإن منع وحجب المواقع والمدونات "يساهم في تزايد الإقبال عليها" نظرا للرغبة المستمرة لدى شرائح واسعة من المجتمع في توسيع هامش حرية تدول المعلومات، لكن أيضا بفضل استخدام بعض التقنيات الحديثة في كسر عمليات الحجب ، كما يقول الصحافي والمدون زياد الهاني.

ويقدر حاليا عدد المشتركين في موقع "فيسبوك" الاجتماعي بمليون ونصف المليون بعد أن كان عددهم 28 ألفا فقط قبل عامين. وكان موقع "فيسبوك"قد تعرض قبل عامين للإغلاق مدة أسبوعين وإبانها قام المدون زياد الهاني، الذي يعمل في جريدة "الصحافة" الحكومية، برفع دعوى قضائية ضد الوكالة التونسية للانترنت متهما إياها بـ "إغلاق الموقع دون سند قانوني"لكن المحكمة قضت بعدم سماع الدعوى. ولم يعد فتح الموقع إلا بأمر من الرئيس التونسي زين العابدين بن علي شخصيا.

الكاتب: منير السويسي - تونس

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW