صعود اليمين الشعبوي في ألمانيا.. هل تتحول أوروبا إلى اليمين؟
٣٠ يونيو ٢٠٢٣
فاز حزب "البديل" اليميني الشعبوي في ألمانيا بأول منصب قيادي على مستوى البلديات في ولاية تورنغن شرقي البلاد. هل يعني ذلك تحول أوروبا إلى اليمين بعد نجاحات الأخير حتى في بلد مثل إسبانيا؟
فاز حزب "البديل" اليميني الشعبوي في ألمانيا بأول منصب قيادي على مستوى البلديات في ألمانيا.صورة من: Martin Schutt/dpa/picture alliance
إعلان
أدت نتيجة انتخابات الأسبوع المنصرم في ولاية تورنغن بشرق ألمانيا إلى ابتهاج قادة حزب " البديل من أجل ألمانيا " (AfD) على أمل تحقيق المزيد من المكاسب في الانتخابات الإقليمية المقرر إجراؤها في عام 2024. لكن التقدم الذي أحرزه اليمين المتطرف لم يقتصر على ألمانيا فقط. فيما يلي نظرة عامة على تعزيز نفوذه في أوروبا.
إسبانيا
سقطت واحدة من آخر معاقل اليسار في أوروبا في أيار/ مايو، عندما تم توجيه ضربة قوية للتحالف اليساري الحاكم بقيادة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في الانتخابات المحلية والإقليمية. ودعا سانشيز بعد ذلك إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة في 23 يوليو/ تموز. وفازت في مدريد إيزابيل دياز أيوسو، وهي شخصية سياسية بارزة في الحزب الشعبي أعيد انتخابها. ويُعرف عنها سخريتها من النسوية، وحقوق المتحولين جنسيًا، والمساواة في الحقوق وحماية الأقليات وحماية المناخ.
ضربة قوية لليسار في أسبانيا بعد الفوز الذي حققه الحزب الشعبي في مدريد، هل يحقق اليمين الفوز في الانتخابات العامة القادمة؟صورة من: JAVIER SORIANO/AFP
لكن الأمر الأكثر أهمية هو صعود حزب فوكس اليميني، والذي من المرجح أن يشارك في الحكم في العديد من البلديات ومناطق الحكم الذاتي. ولم يكن من قبيل المصادفة أن يكون رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان من بين أول المهنئين للحزب بنتائج الانتخابات.
هنغاريا
أوربان يقدم مخطط تحول أوروبا إلى اليمين . في نيسان/ أبريل 2022 ، فاز رئيس الوزراء المجري القومي فيكتور أوربان برابع فترة على التوالي في الانتخابات، وجاء فوزه رغم الحملة الموحدة من قبل المعارضة التي كانت لديها آمال كبيرة في الوصول إلى الحكومة.
ويرأس أوربان وحزبه القومي اليميني "فيدس" ما يطلق عليه اسم "ديمقراطية غير ليبرالية" على أساس النموذج الروسي. إذ كانت كراهية الأجانب حجر الزاوية في أجندة حكومته لسنوات. وكان تبريره لرفضه الترحيب باللاجئين في عام 2015 هو أن المجريين "لا يريدون أن يصبحوا عرقًا مختلطًا" ، وأن دول أوروبا الغربية متعددة الثقافات "لم تعد دولًا".
فرنسا
بعد فوز أوربان في الانتخابات عام 2022 ، سارعت مارين لوبان بإرسال تهنئتها إلى بودابست. وحقق حزبها التجمع الوطني اليميني الشعبوي مكاسب هائلة في الانتخابات البرلمانية عام 2022 ، حيث حصد 89 مقعدًا وشكل أكبر مجموعة يمينية شعبوية في أي برلمان فرنسي منذ الحرب العالمية الثانية.
وستكون الخطوة التالية هي الفوز في الانتخابات الأوروبية لعام 2024 ، والتي لم تعد مستحيلة بعد 10 سنوات من زيادة دعم الناخبين لليمين المتطرف في فرنسا.
إيطاليا.. اليمين المتطرف يتجه نحو السلطة
02:03
This browser does not support the video element.
إيطاليا
شهد حزب "أخوة إيطاليا" اليميني ذو الجذور الفاشية بزعامة جيورجيا ميلوني صعودًا سريعا. وقد فازت ميلوني في الانتخابات البرلمانية الإيطالية في أيلول/ سبتمبر 2022 ، مما جعلها أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في البلاد. يُذكر أن ميلوني، التي بدأت حياتها المهنية في منظمة شباب فاشية جديدة، هي مدافعة عن موسوليني وتكن إعجابا له.
السويد
على النقيض من ذلك، كان أمام جيمي أكيسون، زعيم حزب الديمقراطيين السويديين الشعبويين اليميني، طريق طويل ليقطعه لتحقيق مكانة اليمين. وفي سنوات شباب، كان لا يزال يعتبر معتدلاً. واليوم يريد أن "يجعل السويد عظيمة مرة أخرى" على غرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
تأسس الحزب في عام 1988 من قبل أعضاء من المشهد اليميني المتطرف ليصبح ثاني أقوى قوة سياسية في البلاد. ومنذ ذلك الحين، يضغط الديمقراطيون السويديون على حكومة يمين الوسط الحاكمة بخطابهم المناهض للهجرة وللإسلام. وقد وصف أكيسون الإسلام السويدي بأنه "أكبر تهديد خارجي منذ الحرب العالمية الثانية".
فنلندا
وجد الشعبويون الأكثر نجاحا في الدول الاسكندنافية من يقلدهم في فنلندا المجاورة، هناك تشكل تحالف من أربعة أحزاب يضم الحزب المعروف سابقا باسم "الفنلنديون أولا"، وقد وصل إلى الحكومة في نيسان/ أبريل 2023.
وقد تمكن الحزبالشعبوي اليميني، الذي فازت زعيمته ريكا بورا بمنصب وزير المالية، من تأمين سبعة مناصب وزارية. وتريد بيرا إعادة فنلندا إلى "المسار الصحيح" من خلال "نقلة نوعية" في الهجرة، ما يعني تخفيض حصة بلادها من اللاجئين إلى 500 شخص.
ماريان كوتليبا، رئيس حزب الشعب السلوفاكي الفاشي الجديد، هل يعزز موقعه في الانتخابات القادمة؟ صورة من: Marek Molnar/AA/picture alliance
سلوفاكيا
ومع ذلك، تبدو بورا معتدلة عند مقارنتها بماريان كوتليبا، رئيس حزب الشعب السلوفاكي الفاشي الجديد، وأحد أكثر النازيين الجدد تطرفاً في البلاد. ويثير هذا الرجل غضب الروما واليهود والمثليين جنسياً.
في عام 2022، حُكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ بتهمة "الترويج لإيديولوجية تعرض الديمقراطية للخطر" واضطر للتخلي عن مقعده في البرلمان الوطني. لكن ذلك لم يلعب دروا كبيرا في تقويض نجاح حزبه. وبعد أن حصل على 17 مقعدًا في المجلس الوطني السلوفاكي، ما يشكل نسبة 8 في المائة في الانتخابات البرلمانية لعام 2020 ، يتوقع الحزب تحقيق مكاسب أكبر في انتخابات مبكرة في 30 أيلول/ سبتمبر.
اليونان
منذ أيام، فاز رئيس الوزراء المحافظ كيرياكوس ميتسوتاكيس وبسهولة بولاية ثانية وهامش قياسي مرتفع على المعارضة اليسارية. فيما حصل حزب "سبارتيانر" القومي المتطرف على 4.8 في المائة، وحصل حزب "إلينيكي ليسي" الشعبوي اليميني على 4.7 في المائة من الأصوات حتى الآن، كما من المرجح أن يدخل البرلمان حزب "نايكي" الأرثوذكسي المتطرف بتمكنه من جني 3.8 في المائة من الأصوات. وبذلك يتمكن اليمين من الفوز بأكثر من 13 بالمائة من مقاعد البرلمان اليوناني
ريم ضوا/ أوليفر بيبر
إيطاليا.. أبرز وجوه اليمين المتطرف وملامح سياسته
فاز تحالف أحزاب يمينية بالانتخابات البرلمانية الإيطالية، لتستعد إيطاليا لاستقبال أول حكومة يمينية متطرفة منذ سقوط الفاشية. فما هي أبرز وجوه التيار اليميني في إيطاليا وملامح سياسته القادمة؟
صورة من: Guglielmo Mangiapane/REUTERS
جورجيا ميلوني
هي زعيمة حزب "فراتيلّي دي إيطاليا" (إخوة إيطاليا) وتبلغ من العمر 45 عاماً. فاز حزبها بأكثر من 26 بالمئة من الأصوات رغم أنه تاسس في عام 2012. يتوقع أن تقوم بتشكيل الحكومة لتصبح أول سيدة في إيطاليا تتولى هذا المنصب ولتقود أول حكومة يمينية في البلاد بعد الحرب العالمية الثانية.
صورة من: Gregorio Borgia/AP/picture alliance
يمينية.. منذ الصغر!
انضمت ميلوني في صغرها لفرع الحركة الطلابية "جبهة الشباب" اليمينية المتطرفة والتي أسسها عدد من أتباع الزعيم الفاشي بينيتو موسوليني بعد الحرب العالمية الثانية. عُرفت لاحقاً بخطبها النارية والحماسية. وفي مقابلة تليفزيونية عام 1996 وصفت موسوليني بالسياسي الجيد، ما جعل سياسيين إيطاليين يصنفونها كأحد رموز الفاشيين الجدد.
صورة من: Flavio Lo Scalzo/REUTERS
قادة اليمين المتطرف يهنئون
تلقت ميلوني تهنئة من زملائها في اليمين بجميع أنحاء أوروبا، بمن فيهم القومية الفرنسية مارين لوبان، وقيادة حزب البديل اليميني الشعبوي في ألمانيا، ورئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي. ستحظى ميلوني مع حليفيها في الائتلاف، حزب "الرابطة" المعادي للهجرة بقيادة ماتيو سالفيني و"فورزا إيطاليا" اليميني بقيادة سيلفيو بيرلوسكوني، بغالبية مطلقة في مجلسي النواب والشيوخ.
صورة من: Alessandro Serrano/Photoshot/picture alliance
ماتيو سالفيني
أحد أبرز حلفاء ميلوني وزعيم حزب "لا ليغا" (الرابطة) اليميني الشعبوي الذي حصل على 9 بالمئة من الأصوات. يبلغ من العمر 49 عاما وهو أحد أشد المعادين لاستقبال بلاده للمهاجرين واللاجئين وتصادم عدة مرات مع منظمات إغاثة داخل وخارج إيطاليا. ليس من المرجح أن يعود لمنصبه السابق كوزير للداخلية لأنه يجب أن يمثل أمام المحكمة بسبب الاحتجاز غير القانوني، وإساءة استخدام السلطة في قضية سفينة الإنقاذ "أوبن آرمز".
صورة من: Tiziana Fabi/AFP/Getty Images
سيلفيو بيرلسكوني
رجل أعمال ذائع الصيت وكان رئيساً للوزراء. يتزعم حاليا حزب فورزا إيطاليا الذي حصل على 8 بالمئة تقريبا من الأصوات في الانتخابات. يبلغ من العمر 85 عاماً. كان عضواً في البرلمان الإيطالي لعدة سنوات، قبل أن يتم انتخابه عضواً في مجلس الشيوخ في أوائل عام 2013. بعد عدة إدانات بتهم الاحتيال الضريبي، تم طرده من المجلس في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام نفسه. ونتيجة لذلك، تم منعه من الترشح لمدة ستة أعوام.
صورة من: Gregorio Borgia/AP Photo/picture alliance
غضب شعبي
تعرضت أحزاب الوسط واليسار الإيطالية لانتقادات شديدة من المواطنين بسبب "عدم الكفاءة الاستراتيجية"، لتتراجع نسب التصويت عاماً بعد عام في تعبير عن الإحباط، إذ انخفضت المشاركة من 73 بالمئة عام 2018 إلى 64 بالمئة في 2022. ويزداد غضب الإيطاليين وخاصة في الجنوب بسبب وعود السياسيين على مدى سنوات والتي لم يتحقق منها سوى القليل. يرى محللون أن التصويت كان أشبه بعملية انتقامية من الفشل السياسي المتتالي.
صورة من: Andrea Roncini/Pacific Press Agency/IMAGO
لا تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية
من الناحية الاقتصادية والسياسة الخارجية، قد لا تتغير إيطاليا كثيرا على المدى القصير. وفق خبراء، ستحرص ميلوني على أن تظهر للنخب الإيطالية والدولية أنها زعيمة تتمتع بقدر كبير من المسؤولية السياسية. يتوقع أيضا أن تبقي ميلوني على مجموعات المصالح المحلية القوية، مثل اتحاد أرباب العمل "Confindustria" إلى جانبها. لكنها ستتفاوض بقوة مع الاتحاد الأوروبي على الدعم المقدم من خلال خطة التعافي من أزمة كورونا.
صورة من: Tiziana Fabi/AFP/Getty Images
مخاوف المهاجرين والمثليين
أجندة ميلوني والأحزاب المتحالفة معها مناهضة للأقليات العرقية والدينية والجنسية والمهاجرين. تحدثت في أكثر من لقاء عن ضرورة محاربة أوروبا لمحاولات "الأسلمة"، كما انتقدت كثيراً المثلية الجنسية. وقالت إنها ستعمل على فرض حصار بحري على قوارب اللاجئين والمهاجرين. وترى ميلوني أن اليسار العلماني والإسلام الراديكالي يهددان الهوية الثقافية لبلادها!
صورة من: Juan Medina/REUTERS
أزمات في مواجهة ميلوني
سيتحتم على ميلوني معالجة الأزمة الناجمة من الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة نتيجة حرب أوكرانيا، في وقت تواجه إيطاليا ديناً يمثل 150 بالمئة من إجمالي ناتجها المحلي، وهي أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان.
صورة من: Massimo Percossi/ANSA/picture alliance
ميلوني وإصلاحات دراغي!
يقول خبراء اقتصاديون إن أكبر قلق يساور المستثمرين بالنسبة لميلوني هو معرفة ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستبتعد عن إصلاحات أقرها رئيس الحكومة المستقيل ماريو دراغي أتاحت لإيطاليا الحصول على دعم الاتحاد الأوروبي، وهو الرجل الذي كان يعرف كيف يناور مع باقي أوروبا، وهذا ما لا ينطبق على ميلوني. إعداد: عماد حسن