1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"صفقة مع الشيطان"ـ جدل حول اتفاق تبادل سجناء بين الغرب روسيا

يوري رشتو | آلكسي سترلنيكوف
٣ أغسطس ٢٠٢٤

قامت دول غربية وروسيا وبيلاروسيا بتبادل 26 سجينا في عملية غير وُصفت بأنها الأكبر منذ الحرب الباردة. الصفقة، التي لعبت ألمانيا فيها دورا محوريا، أثارت ردود أفعال متباينة، سيما لجهة الثمن المقابل لهذا "القرار المؤلم".

وصول مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" إيفان جيرشكوفيتش، إلى الولايات المتحدة، 1 أغسطس/آب
شملت صفقة تبادل الأسرى إطلاق سراح مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" إيفان جيرشكوفيتش صورة من: Manuel Balce Ceneta/AP/dpa/picture alliance

كان مطار كولونيا-بون على موعد ليكون مسرحا لحدث غير مسبوق في العقود الأخيرة؛ إذ هبطت طائرتان تقلان 13 شخصا قادمتين من أنقرة في إطار صفقة تبادل للسجناء بين دول غربية من جهة وبين روسيا وحليفتها بيلاروسيا من جهة أخرى.

وشهدت الصفقة إطلاق سراح 26 شخصا وتعتبر "تاريخية" بالنسبة للولايات المتحدة فهي أكبر عملية من هذا النوع منذ انتهاء الحرب الباردة. ومن بين الذين تم الإفراج عنهم كانت هناك شخصيات معارضة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. في المقابل، أطلقت ألمانيا والولايات المتحدة والدول الشريكة سجناء روس يشتبه في أنهم جواسيس.

وخرجت مصادر تركية لتصف الصفقة بكونها "أكبر عملية تبادل سجناء بين الشرق والغرب منذ الحرب العالمية الثانية".

من هم المفرج عنهم؟

وشملت صفقة تبادل السجناء إطلاق سراح مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" إيفان جيرشكوفيتش وجندي المارينز الأمريكي السابق بول ويلان وأيضا المواطن الألماني ريكو ك، الذي حكم عليه بالإعدام في بيلاروسيا بسبب تورطه المزعوم في هجوم بالقنابل ثم تم العفو عنه.

وكان قد حكم على جيرشكوفيتش مؤخرا بالسجن لمدة 16 عاما بتهمة التجسس، بعد احتجازه العام الماضي في رحلة صحافية إلى يكاترينبرج بينما كان ويلان محتجزا في روسيا منذ عام 2018.

كما تم إطلاق سراح العديد من منتقدي الكرملين والسياسيين المعارضين الروس، بما في ذلك إيليا ياشين وفلاديمير كارا مورزا. كان ياشين محتجزًا في مستعمرة جزائية في منطقة سمولينسك. وحُكم عليه بالسجن 8 سنوات ونصف عام 2022 بتهمة "نشر معلومات كاذبة" عن الجيش الروسي.

ومن بين الروس الذين جرى الإفراج عنهم من السجون الروسية، كان العديد من المعارضين الروسي ومنتقدي للكرملينالبارزين مثل فلاديمير كارا-مورزا وإيليا ياشين الذي كان محتجزا في منطقة سمولينسك وحُكم عليه بالسجن ثماني سنوات ونصف عام 2022 بتهمة "نشر معلومات كاذبة" عن الجيش الروسي.

وشهدت الصفقة أيضا إطلاق سراح ثمانية روس وعودتهم إلى روسيا من بينهم روسي أُدين بقتل معارض شيشاني في وضح النهار في حديقة بوسط برلين عام 2019. ويشتبه بان الروسي، وهو فاديم كيه، كان عميلا للاستخبارات الروسية فيما كان يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في ألمانيا بتهمة ارتكابه جريمة القتل.

وفي مقابل نقل فاديم كيه وتسعة أفراد آخرين كانوا محتجزين سابقا في الولايات المتحدة والنرويج وبولندا وسلوفينيا، تم الإفراج عن 16 من المواطنين الغربيين وشخصيات معارضة روسية.

وكانت روسيا قد تقدمت للولايات المتحدة عام 2022 بعرض لإطلاق سراح سجناء أمريكيين مقابل الإفراج عن فاديم فيما رأى مسؤولون أمريكيون في حينه أن العرض لم يكن جديا نظرا لأنه المدان الروسي لم يكن مسجونا في الولايات المتحدة.

وبرز اسم فاديم في مقابلة تلفزيونية أجريت مؤخرا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أبدى خلالها انفتاحه على إتمام صفقة تبادل تشمله.

يرى مراقبون أن دور ألمانيا كان محوريا في إنجاح صفقة تبادل السجناءصورة من: Christoph Reichwein/dpa-Pool/picture alliance

محورية الدور الألماني

ويرى مراقبون أن دور ألمانيا كان محوريا في إنجاح الصفقة، رغم أن مسار إطلاق سراح فاديم كراسيكوف اتسم بالتعقيد السياسي للحكومة نظرا لوقاحة جريمة القتل التي ارتكبها في وضح النهار في حديقة بالعاصمة برلين لا تفصلها عن مقر البرلمان والمستشارية سوى مسافة قصيرة سيرا على الأقدام.

وفي تعليقه، قال المستشار الألماني أولاف شولتس "لم يكن من السهل على أي شخص أن يتخذ هذا القرار بترحيل قاتل محكوم عليه بالسجن المؤبد بعد سنوات قليلة فقط في سجنه في ألمانيا، لكن مصلحة الدولة في تنفيذ عقوبة السجن يجب أن تتم موازنتها مع حرية أبرياء مسجونين في روسيا وآخرين معتقلين ظلما لأسباب سياسية."

وأشار شولتس إلى أن قرار الإفراج عن كراسيكوف حظى على موافقة زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس.

من جانبه، يرى ديمتري أوريشكين، الخبير في الشأن الروسي، أن صفقة تبادل السجناء كانت بمثابة محاولة من جانب الكرملين لإحياء ممارسة تعود للحقبة السوفيتية تتمثل في فرض تنازلات على الخارج وإضعاف المعارضة في الداخل. وأضاف أن بوتين "يمثل هذا النظام، لذا فهو يعيد إحياء شكلا مألوفا لكيفية عيش المواطنين السوفييت حياتهم."

"صفقة مع الشيطان"

وفي مقال رأي نشرته صحيفة "بيلد" الألمانية، فقد جرى الترحيب بإطلاق سراح نشطاء ومواطنين ألمان كانوا محتجزين ظلما في روسيا، لكن المقال قال إن الصفقة تبعث برسالة "سلبية إلى الشعب الروسي مفادها أن بوتين بطل لأنه أنقذ قتلة".

و تواجه الحكومة الألمانية انتقادات بعد تنازلات من أجل إتمام صفقة التبادل مع موسكو.

بيد أن المتحدث باسم الحكومة، ستيفن هيبستريت، دافع عن إطلاق سراح فاديم، قائلا: "الإفراج لم يكن ممكنا إلا إذا جرى ترحيل مواطنين روس ذوي خلفيات استخباراتية كانوا محتجزين في أوروبا، ونقلهم إلى روسيا".

وفي تغريدة على منصة "إكس"، كتب مايكل روث، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، "في بعض الأحيان، ولأسباب إنسانية، يتعين عليك عقد صفقة مع الشيطان".

قوة التحالف الأمريكي الألماني

وفي المقابل، يقول مراقبون إن الصفقة تحمل في طياتها دلائل على قوة التحالف الذي يربط ألمانيا والولايات المتحدة. وفي ذلك، قالت دانييل غيلبرت، الأستاذة البارزة في العلوم السياسية بجامعة نورث وسترن، إن قادة الولايات المتحدة وألمانيا قرروا أن الأمر يستحق اتخاذ "قرار مؤلم وصعب لضمان حرية سجناء محتجزين ظلما في روسيا".

وفي مقابلة مع DW، أضافت أن "المسؤولين والقادة الذين انخرطوا في هذا العمل الدبلوماسي حاولوا بذل كل ما في وسعهم للتوصل إلى أفضل صفقة ممكنة لإعادة مواطنيهم إلى بلادهم".

وقالت إن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد طلب "المساعدة من حلفاء بلاده الأقوياء لا سيما ألمانيا. ركز بايدن على التأكد من أن إطلاق سراح السجناء سيكون جزءا من صفقة مهمة لألمانيا".

وأشارت إلى حجم الصفقة كان مذهلا في ضوء صفقات جرت في السابق بين الولايات المتحدة وروسيا فقط.

وأضافت "شمول الصفقة إطلاق سراح 24 شخصا من 7 دول مختلفة يظهر قدرا كبيرا من التنسيق ويشير أيضا إلى أنه في بعض الأحيان بهدف التوصل إلى اتفاق، يتعين وضع الكثير من الأوراق على الطاولة".

أعده للعربية: محمد فرحان

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW