يتوقع الخبراء أن يكون لزيادة الإنفاق الدفاعي في ألمانيا آثارا كبيرة على قطاع الصناعة في البلاد، وسوق العمل أيضا. فما أبرز التوقعات؟ وهل ستشهد ألمانيا قفزة في هذا المجال؟
يرى الخبراء أن قطاع الصناعات الدفاعية في ألمانيا يمر بحالة من الازدهار المستمر منذ عامين تقريباصورة من: Philipp Schulze/dpa/picture alliance
إعلان
يتوقع الخبير الألماني في مجال سوق العمل، إنتسو فيبر، انتعاشا مستداما وطويل الأمد في قطاع صناعة الدفاع الألمانية، مدفوعا بزيادة الإنفاق الدفاعي. وقال فيبر، الخبير لدى معهد أبحاث التوظيف وسوق العمل (آي إيه بي) في نورنبرغ، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) اليوم السبت (السادس من سبتمبر/أيلول 2025)، إن الاتجاه التصاعدي في هذا القطاع سيكون مستداما، و"متواصلا لسنوات عديدة".
وأشار مدير قسم التوقعات وتحليلات الاقتصاد الكلي بالمعهد، إلى أن إعفاء الإنفاق الدفاعي من قيود الاستدانة يفتح المجال أمام ضمانات التمويل، ما يعزز من قدرة الحكومة على دعم القطاع.
إنفاق دفاعي أكبر.. وظائف أكثر
ووفقا لدراسة أجراها المعهد، فإن رفع الإنفاق الدفاعي الألماني من 2% إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي بتمويل من القروض، يمكن أن يؤدي إلى توفير فرص عمل جديدة تصل إلى 200 ألف وظيفة.
ودعا فيبر الحكومة إلى استغلال هذه الموارد المالية في إحداث تحول نوعي في الصناعة عبر تعزيز الابتكار والمنافسة، وأضاف: "يكمن التحدي الآن فيما إذا كانت هذه الأموال ستستهلك في الإنفاق فقط، أم ستسهم أيضا في تحقيق تجديد صناعي فعلي".
شركات ناشئة في صناعة السلاح
03:29
وخلافا للعديد من القطاعات الأخرى التي تشهد تراجعا، يرى فيبر أن قطاع الصناعات الدفاعية في ألمانيا يمر بحالة من الازدهار المستمر منذ عامين تقريبا، مشيرا إلى تزايد ملحوظ في أعداد موظفي الشركات العاملة في هذا القطاع، بينما يتراجع التوظيف في باقي القطاعات الصناعية بوضوح.
إقبال على الشركات المصنعة
وفي مجموعة "راينميتال" للصناعات الدفاعية، على سبيل المثال، ارتفع عدد طلبات التوظيف من ألمانيا من نحو 59 ألفا في عام 2021 إلى 175 ألفا في عام 2024، منها 120 ألف طلب قدم خلال النصف الأول فقط من هذا العام، بحسب متحدث باسم المجموعة.
وأوضح المتحدث أنه منذ بداية هذا العام توظف الشركة المصنعة للدبابات وأنظمة الدفاع الجوي نحو 500 موظف جديد شهريا، أغلبهم في مجالات الإنتاج وتكنولوجيا المعلومات، مضيفا أنه يجرى البحث حاليا عن موظفين في اختصاصات تطوير المنتجات والإنتاج، مثل المهندسين وخبراء الميكاترونيات.
أما شركة "رينك" في أوغسبورغ، فتعتزم مواصلة التوسع في قوتها العاملة خلال السنوات المقبلة، لكنها أشارت إلى أن التحسينات الكبيرة في الكفاءة الإنتاجية قد تقلل من الحاجة إلى أعداد كبيرة من الموظفين مقارنة بما كان متوقعا عام 2023، بحسب متحدث باسم الشركة.
وفي نفس السياق، ذكرت مجموعة "ديل" أن قسم الدفاع لديها يشهد زيادة مستمرة في أعداد المتقدمين لوظائف يقدر بالمئات سنويا، كما تم تعيين أكثر من ألف موظف جديد في عام 2024 وحده، بحسب متحدثة باسم الشركة. ومن المتوقع استمرار هذا الاتجاه بنفس الحجم حتى عام 2026. وتنتج "ديل" أنظمة دفاعية مثل نظام الدفاع الجوي "إريس-تي"، المستخدم أيضا في أوكرانيا.
إعلان
إنقاذ عمالة ماهرة عاطلة
ويرى فيبر أن قطاع الدفاع يمثل فرصة مهمة لإعادة دمج العمالة المتخصصة من قطاعات أخرى تعاني من التراجع، لا سيما قطاع السيارات وقطع الغير، وقال: "بفضل الاستشارات والتدريب المستهدف، يمكن للعمال المهرة من هذه القطاعات الانتقال بنجاح إلى صناعة الدفاع".
ورغم التفاؤل بشأن نمو القطاع، أشار فيبر إلى أن حجم صناعة الدفاع لا يزال صغيرا نسبيا ولا يمكنه وحده تعويض التراجع الصناعي العام في ألمانيا، موضحا أن القوة العاملة المباشرة في قطاع صناعة الأسلحة أي الشركات المصنعة للأسلحة والذخائر والمركبات القتالية - تبلغ حاليا 17 ألف شخص، وذلك دون احتساب الموردين أو الشركات التي تصنع منتجات مزدوجة الاستخدام (مدني وعسكري)، مثل أنظمة الاتصالات.
تحرير: عارف جابو
تقنيات أحدثت ثورات في عالم السلاح
يحذر خبراء الذكاء الاصطناعي" أي آي " من مخاطر ثورة قد تحدث لو طُورت أسلحة مميتة ذاتية التحكم والعمل بشكل غير مدروس، لكنّ السؤال المهم يبقى: ما هي الاختراعات التي أحدثت فعلا ثورات في عالم السلاح وصناعته؟
صورة من: Getty Images/E. Gooch/Hulton Archive
" أي آي " الثورة الثالثة في عالم السلاح
كتب أكثر من مائة خبير في الذكاء الاصطناعي إلى الأمم المتحدة وطالبوها بحظر الأسلحة ذاتية التحكم التي يمكن أن تنشط دون تدخل بشري. حتى الآن لا وجود لروبوت قاتل، لكنّ القفزات في مجال الذكاء الاصطناعي جعل ظهورها ضمن المستقبل المنظور. في رسالتهم أكد الخبراء أنّ هذه الأسلحة ستمثل الثورة الثالثة، بعد البارود والأسلحة النووية.
صورة من: Bertrand Guay/AFP/Getty Images
البارود
أول ثورة في عالم السلاح حدثت باختراع البارود من قبل الصينيين الذين بدأوا باستخدامه بين القرنين العاشر والثاني عشر بما يمكنّهم من إطلاق مقذوفات من خلال مواسير أسلحة بسيطة. وسرعان ما انتشر في الشرق الأوسط وأوروبا في القرون التالية، وحال ما استقرت صناعتها، أثبتت الأسلحة النارية قدرتها على القتل بما يفوق بأضعاف قدرة القوس والسهم والرمح.
صورة من: Getty Images/E. Gooch/Hulton Archive
المدفعية
أدى اختراع البارود الى دخول المدفعية الى الميدان. وشرعت الجيوش منذ القرن السادس عشر باستخدام قطع مدفعية قادرة على اطلاق كرات معدنية ثقيلة نحو جنود المشاة المهاجمين ولإحداث ثغرات في الأسوار المحيطة بالمدن والحصون . في القرن التاسع عشر طورت أنواع أشد فتكا من المدفعية وزج بها الى ميادين القتال في الحرب العالمية الأولى.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الأسلحة الرشاشة
أواخر القرن التاسع عشر اخترعت الأسلحة التي ترمي رشقات نارية متتالية سريعة، فغيرت فورا شكل ساحات الحرب. الأسلحة الرشاشة، كما باتت تعرف، أتاحت للمهاجمين السير نحو العدو تحت غطاء ناري كثيف يمنعه من المواجهة. قدرة السلاح المميتة تجلت في معارك الحرب العالمية الأولى حيث تمكن المتحاربون من قتل جنود المشاة وهم يتقدمون عبر الأرض بين القطعات.
صورة من: Imperial War Museums
الطائرات المقاتلة
العقول التي تحرك الجيوش لم تهمل اختراع أول طائرة عام 1903، فبعد ست سنوات، اشترى الجيش الأمريكي أول طائرة حربية غير مسلحة وهي "رايت ميليتري فلاير" المنتجة عام 1909. في السنوات التي تلت، استمرت تجارب العلماء والمختصين على الطائرات وطورت القاذفة والمقاتلة. وفي نهاية الحرب العالمية الأولى، باتت القاذفات والمقاتلات عماد سلاح الجو الذي أنشأ مستقلا عن الجيوش.
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb/U.S. Airforce
العجلات والوحدات الآلية
اعتادت الجيوش على استخدام الجنود والخيول للحرب ولنقل المعدات العسكرية. ولكن بحلول الحرب العالمية الأولى بدأت الجيوش باستخدام الآليات من قبيل السيارات والدراجات النارية والشاحنات والدبابات والمدرعات وناقلات الأشخاص المدرعة فكانت النتيجة جيوشا شديدة البأس. ألمانيا النازية هي أول من أطلق استراتيجية الحرب الآلية الخاطفة " Blitzkrieg".
صورة من: ullstein bild - SV-Bilderdienst
الصواريخ
رغم قدرة المدفعية التدميرية، فقد بقي مداها قصير نسبيا، وجاء اختراع الصواريخ في الحرب العالمية الثانية ليتيح فجأة للجيوش استهداف أهداف تبعد عنها مئات الكيلومترات. كان أول صاروخ من صنع المانيا وهو V-2 بدائيا، لكنه أرسى القواعد لصناعة الصواريخ العابرة للقارات والقادرة على حمل رؤوس نووية.
صورة من: picture-alliance/dpa
الطائرات النفاثة
ظهرت الطائرات النفاثة أول مرة نهاية الحرب العالمية الثانية الى جنب الطائرات المروحية. المحركات النفاثة زادت من سرعة وقدرة الطائرات على الارتفاع ما جعلها هدفا صعبا لمدفعية والأسلحة المضادة الطائرات وحتى شبكات الرادار. بعد الحرب العالمية الثانية طورت طائرة استطلاع نفاثة تملك القدرة على التحليق على ارتفاع 25 كيلومتر وتطير بسرعة تفوق سرعة الصوت.
صورة من: picture-alliance
الأسلحة النووية
الثورة الثانية في عالم السلاح اعلنت عن نفسها بشكل مروع في السادس من آب/ اغسطس 1945 حين القت الولايات المتحدة الأمريكية على مدينة هيروشما في اليابان "الصبي الصغير" وهي القنبلة النووية الأولى . قتلت القنبلة وجرحت فورا من 60 الى 80 ألف انسان . في الحرب الباردة طوّرت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي سابقا آلاف القنابل الأشد فتكا.
صورة من: Getty Images/AFP
ماكنة الحرب في العصر الرقمي
شهدت العقود الأخيرة تناميا في استخدام الكومبيوتر في الماكنة العسكرية. العالم الرقمي جعل وسائل الاتصال أسرع وأبسط، وزاد إلى حد كبير من دقة إصابات بعض الأسلحة. وتركز الجيوش اليوم على تطوير وسائل الحرب الإلكترونية، للدفاع عن البنية التحتية ولتمكين الجيوش من مهاجمة الخصوم على فضاء السايبر.الكسندر بيرسن/ ملهم الملائكة