صناعة الدواء تحذر السعودية من قيود على الواردات الألمانية
٢٣ أغسطس ٢٠١٨
تستشعر الصناعات الدوائية الألمانية الآثار المترتبة على الأزمة الدبلوماسية بين الرياض وبرلين، إذ حذرت من أن القيود القائمة عليها قد تضر بالمرضى السعوديين أولاً وتنال من فرص الاستثمار في المملكة في المستقبل.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
إعلان
في خطاب قوي اللهجة إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، اطلعت رويترز على نسخة منه، سلطت اتحادات الدواء الألمانية والأوروبية والأمريكية الضوء على مستوى القلق في ألمانيا وفي مناطق أخرى بشأن شروط التوريد الصارمة التي طبقتها الرياض رداً على انتقادات لسياساتها. وقال أوليفر أومز من غرفة التجارة والصناعة الألمانية في الرياض: "على مدى الأشهر الستة الأخيرة تجد شركات الرعاية الصحية الألمانية صعوبة في العمل في السعودية.. إنها ليست مقاطعة عامة لكن قطاع الرعاية الصحية يعاني بوضوح".
وفي حين سيطر الخلاف المتعلق بحقوق الإنسان بين السعودية وكندا على عناوين الأخبار في الأسابيع الأخيرة، كانت ألمانيا منخرطة في مشاحنة أخرى مع المملكة الغنية بالنفط منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. فقد شجب وزير خارجية ألمانيا آنذاك، زيغمار غابرييل، ما قال إنها "روح المغامرة" في الشرق الأوسط في تصريحات رأى البعض فيها هجوماً على سياسات بسط النفوذ التي تنتهجها السعودية على نحو متزايد. من جانبها استدعت الرياض سفيرها في ألمانيا بعد التصريحات "المشينة" على حد قولها.
منذ ذلك الحين حاولت المستشارة أنغيلا ميركل تخفيف التوترات حيث تحدثت مع الأمير محمد بالهاتف. لكن الخلاف استمر ويقول مسؤولون ألمان إن شركات مثل سيمنس هيلثينيرز وباير وبوهرنغر إنغلهايم أصبحت مستبعدة من مناقصات الرعاية الصحية العامة في السعودية.
تداعيات سلبية كبيرة
خرجت أنباء إلى العلن في أيار/ مايو مفادها أن السعودية تعاقب الشركات الألمانية، لكن وجود الرسالة، المكتوبة بتاريخ 12 حزيران/ يونيو الماضي والموجهة إلى الأمير محمد، لم ترد في أي تقارير من قبل.
ويشار إلى أن رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ السعودي زهير الحارثي لم يستبعد، في حوار خاص بـDW عربية في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أن تلجأ المملكة لكل الوسائل المشروعة لتحقيق مصالحها، ومنها “العقوبات الاقتصادية”.
يقول الخطاب المرسل من اتحادات الدواء الألمانية والأوروبية والأمريكية: "قد يكون لهذا الإجراء تداعيات سلبية كبيرة على الإمداد المستدام لأدوية مبتكرة وضرورية للغاية لمعالجة المرضى في المملكة العربية السعودية." ويضيف أن قراراً باستبعاد المنتجات ألمانية الصنع من عملية التوريد السعودية المركزية للمستلزمات الطبية "من المرجح أن ينال بدرجة كبيرة من نظرة الصناعة للسعودية كموقع للاستثمار في الأدوية المبتكرة في المستقبل".
وأحجمت الاتحادات عن التعليق لكن مسؤولين ألماناً قالوا إنه لم يرد رد من السعوديين وإن الوضع لم يتحسن منذ إرسال الخطاب.
ولم ترد السلطات السعودية حتى الآن على طلب للتعقيب.
والجدير ذكره أن السعودية أكبر سوق أدوية في الشرق الأوسط وإفريقيا بمبيعات بلغت 7.6 مليار دولار العام الماضي وفقاً لشركة معلومات الرعاية الصحية إكفيا. وفي ظل العبء المتزايد لأمراض مزمنة ترتبط بتنامي نمط الحياة الغربية، فإن سوق العقاقير السعودية تنمو عشرة بالمئة سنوياً في حين ينمو قطاع مناقصات التوريد حوالي 30 بالمئة.
وتخلو قائمة أكبر عشرة موردي أدوية إلى المملكة من باير وبوهرنغر. وتتصدر تلك القائمة نوفارتس وفايزر وشركة تبوك السعودية وفقاً لبيانات إكفيا.
وتراجعت الصادرات الألمانية إلى السعودية خمسة بالمئة في النصف الأول من 2018. وبلغ مجموعها 6.6 مليار يورو في 2017 منها ما يقدر بحوالي 15 بالمئة من قطاع الرعاية الصحية.
سيمنس تطلب مساعدة السلطات الأمريكية
امتنعت باير وبوهرنغر عن التعليق. لكن سيمنس هيلثينيرز التي تنتج أجهزة الأشعة السينية والرنين المغناطيسي فضلاً عن أدوات التشخيص، أقرت بأن نشاطها في السعودية تأثر وقالت إنها لجأت إلى السلطات الأمريكية طلباً للمساعدة في إنهاء الأزمة.
وقال متحدث باسم وحدة سيمنس "قرار الحكومة السعودية يؤثر بالفعل على نشاطنا المحلي". ولا تذكر الوحدة أرقاماً منفصلة لحجم نشاطها السعودي. وأضاف "نعمل على التوصل إلى حل بالتعاون مع السلطات الأمريكية لتعبئة سلاسل توريداتنا العالمية من أجل التغلب على قيود وزارة الصحة السعودية"، لكنه لم يذكر تفاصيل.
خلاف "ضار"
ووصف يوهان فادبول، عضو البرلمان البارز من حزب ميركل الاتحاد الديمقراطي المسيحي، الخلاف مع السعودية بأنه "ضار جداً". وقال في تصريحات لرويترز "هل ينبغي أن يكون هناك تضامن مع كندا؟ نعم. لكن لا أعتقد أنه ينبغي أن يكون محور السياسة الخارجية الألمانية في المنطقة. وينبغي أن ينصب على تحسين العلاقات مع السعودية. لسوء الحظ، لم نحقق هذا حتى الآن".
خ.س/ع.غ (رويترز)
السعودية ـ أزمات دبلوماسية متلاحقة في عهد ولي العهد الطموح
تزداد حدة الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا بشكل غير مسبوق، غير أن هذه الأزمة ليست الأولى، إذ شهدت الرياض منذ تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد أزمات دبلوماسية مع دول بينها ألمانيا بسبب ملفات أبرزها ملف حقوق الإنسان.
صورة من: picture-alliance/dpa/SPA
الأزمة بين مونتريال والرياض
االأزمة بين السعودية وكندا هي أحدث الأزمات الدبلوماسية في عهد محمد بن سلمان والتي بدأت بسبب انتقادات وجهتها السفارة الكندية للمملكة بشأن حقوق الإنسان، وذلك على خلفية اعتقال نشطاء المجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة في السعودية، ومن بينهم الناشطة سمر بدوي. الأمر الذي اعتبرته السعودية تدخلاً في شؤونها الداخلية واتخذت قرارات تصعيدية تجاه كندا مست الطلاب السعوديين الدراسين هناك والمرضى والرحلات الجوية.
صورة من: picture alliance/AP/G. Robins/The Canadian Press
سحب السفير السعودي من برلين
في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي 2017، استدعت السعودية سفيرها في برلين، عندما انتقد وزير الخارجية آنذاك زيغمار غابريل السياسة الخارجية السعودية تجاه كل من لبنان واليمن. وبعدها قامت الرياض بسحب سفيرها من ألمانيا، ولم يتم إرجاعه لحد الآن، بالرغم من إبداء الحكومة الألمانية حينها رغبتها في عودة السفير السعودي إلى برلين، كما عبّرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية عن أملها في العمل على تحسين علاقات الجانبين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
الأزمة مع قطر بتهمة دعم الإرهاب
بدأت الأزمة مع قطر قبل أكثر من عام عندما أطلقت فضائيات ومواقع إماراتية وسعودية هجوماً كاسحاً على الدوحة متهمة إياها بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة ودعم جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها مصر والسعودية والإمارات والبحرين تنظيماً إرهابياً. على إثر ذلك قطعت الدول الأربعة علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/ يونيو 2017، وشنت حملة حصار عليها لاتزال مستمرة. من جهتها نفت قطر دعم أي تنظيم متطرف.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/O. Faisal
الخلاف مع لبنان بسبب الحريري
الأزمة مع لبنان بدأت إثر اعلان رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته المفاجئة من الرياض، وظهر التصعيد بعد إقرار الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بتعرض رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري للاحتجاز هناك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، ما أدى إلى نشوب توتر في العلاقات بين البلدين. من جهته نفى الحريري والرياض احتجازه في السعودية رغما عنه. وبعد تدخل دولي شارك فيه ماكرون غادر الحريري المملكة وعدل عن استقالته.
صورة من: picture-alliance/ MAXPPP/ Z. Kamil
بين طهران والرياض أكثر من خلاف
الأزمة السعودية مع إيران وصلت إلى أشدها بعد أن قام محتجون في طهران باقتحام مبنى السفارة السعودية احتجاجاً على قيام المملكة بإعدام الزعيم الشيعي البارز نمر باقر النمر . ويذكر أنه قد تم اضرام النار في أجزاء من مبنى السفارة وتدمير أجزاء أخرى في الهجوم عليها، وهو الأمر الذي أدى إلى القبض على خمسين شخصاً من جانب السلطات الإيرانية، ودفع السعودية مطلع عام 2016 إلى قطع علاقاتها مع إيران.
صورة من: Reuters/M. Ghasemi
تركيا والخلاف حول زعامة العالم الإسلامي
بالرغم من تاريخ العلاقات التركية السعودية التي تميزت في كثير من الأحيان بتعاون اقتصادي وتعاون عسكري، إلا أن تصريحات بن سلمان بشأن تركيا كشفت النقاب عن خلافات جوهرية بين البلدين. ومما جاء في هذه التصريحات أنه "يوجد ثالوث من الشر، يضم تركيا وإيران والجماعات الإرهابية". كما أوضح أن "تركيا تريد الخلافة وفرض نظامها على المنطقة، بينما تريد إيران تصدير الثورة ".
الخلاف مع مصر تسبب بعقوبة نفطية
قبل تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، عرفت العلاقات السعودية المصرية توتراً منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وذلك عقب تصويت القاهرة في مجلس الأمن لصالح مشروع قرار روسي لم يتم تمريره متعلق بمدينة حلب. كما وقعت مصر والمملكة اتفاقية تؤول بموجبها ملكية جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين في البحر الأحمر إلى الرياض، تبعتها احتجاجات مصرية. وكان الرد السعودي وقف تزويد القاهرة بشحنات شهرية من منتجات بترولية.
صورة من: picture-alliance/AA/Egypt Presidency
السويد تتهم الرياض بأساليب القرون الوسطى
في آذار/ مارس 2015 استدعت الرياض سفيرها في ستوكهولم بسبب انتقادات وجهتها وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم لسجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، وخصت بالذكر منها القيود المفروضة على النساء ووصف حكم القضاء السعودي بجلد المدون السعودي المعارض رائف بدوي بأنه من "أساليب القرون الوسطى". إعداد: إيمان ملوك
صورة من: Reuters/TT News Agency/Annika AF Klercker