1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

صناعة النسيج في غزة حرفة تراثية مهددة بالاندثار

١ يوليو ٢٠١٢

عصفت الصناعات الحديثة بحرفة نسج السجاد اليدوي من الصوف التي كانت تشتهر بها غزة عبر التاريخ. DW عربية جالت في الأسواق للتعرف على مدى تواجد هذه المنتجات التقليدية والتقت ببعض من تبقى من المحافظين على هذه الحرفة التراثية.

قليل من الناس يقبلون الآن على شراء المنسوجات اليدوية لارتفاع أسعارهاصورة من: DW

كانت منطقة حي الشجاعية القديم شرق مدينة غزة وجهتنا، حيث يشتهر هذا الحي التاريخي العريق بصناعة نسج الصوف. منذ عقدين من الزمن، كانت تنتشر في جنباته وطرقة وأزقته عشرات المحال ومصانع الصوف التي تصبغ وتغزل السجاد والبسط وصور الزينة وسراج الحيوانات، وكل ما يتعلق بواقع الحياة البدوية والريفية. وقد اشتهرت وارتبطت عائلات من غزة بصناعة وغزل النسيج كعائلات الصواف واليازجى وغيرهم، إذ كانت آلات "النول" المستخدمة لغزل الصوف منتشرة في كل مكان، بينما لم نر منها أثناء جولتنا سوى ثلاثة فقط.

حرفة الأجداد التراثية

يحافظ محمد الصواف على حرفة وصناعة نسج الصوف، ويشير محمد لـDWعربية بأنه ورث المهنة عن أبيه وأجداده، موضحا أن الإقبال على شراء المنتجات الصوفية بات قليلا جدا أو شبه منعدم. وقاطعه والده الذي شاركنا الحديث مؤكدا أن حرفة إنتاج البُسط والسجاد وغيرها من المنتجات الصوفية كانت تلقى رواجا كبيرا لا نظير له بين المنتجات الأخرى وأوضح لـDWأن الحرفة ازدهرت بشكل تصاعدي في فترة ستينيات وسبعينات القرن الماضي، لكنها بدأت في التراجع في فترة التسعينيات ومطلع القرن الحالي. وأضاف أبو محمد أن هذه الحرفة تم توارثها وتناقلها منذ عهد النبي داوود. وعن أسباب تمسكه بهذه المهنة رغم الإقبال المحدود جدا على شراء تلك المنتجات أجاب وملامح الإصرار ترافق إجابته: "هده حرفة أجدادي التراثية ..وستزدهر انشالله من تاني رغم كل شيء".

الحاج عبد الله مازال متمسكا بصناعة النسيج التقليديةصورة من: DW

مراحل الصناعة

تمر صناعة ونسج الصوف بمنتجاته المختلفة بعدة مراحل، حيث تبدأ من حلج أصواف الأغنام والخراف والإبل، ويتم جمعها وبيعها لأصحاب مصانع النسيج وبدورهم يقومون بفصل ألوان الصوف وأنواع الصوف عن بعضها، ويتم معالجتها بالتنشيف. ومن ثم يتم مرة أخرى غزلها وتحويلها إلى خيوط تُصبغ بألوان مختلفة. أما المرحلة الأخيرة فهي عبارة عن غسلها بماء بحر غزة لتثبيت الألوان لتبقي محافظة على ألوانها الزاهية المميزة.

ثم يأتى دور الحرفي على آله "النول"، وهى آلة لحياكة السجاد وغيرها من منتجات نسج الصوف تتكون من حفرة في الأرض بمساحة تُقدر 120سم في مترين وعُمق 80سم . ويوضع داخل الحفرة أجزاء من النول تسمى بالدواسات وظيفتها مَسك أجزاء النول الخارجية، ثم تتم مراحل عملية ما يُسمى "بالغرز" وتتم عمليه نسج البساط. ويشير هنا الحرفي أكرم اليازجي أحد المتبقيين على هذه المهنة أن عمليه تنفيذ الصور الشخصية تتم "بتسليط جهاز العرض المرئي فوق النول وغزل الملامح عقدة عقدة لتخرج الصورة مثل طبيعتها". وعن المدة الزمنية لإنهاء نسج الصورة بشكل كامل، يؤكد اليازجي " أنها مابين ثلاثة إلى خمسة أشهر. بينما تستغرق عملية إنجاز البساط نحو الشهرين".

البعض يحاول الحفاظ على المقتنيات التراثية المصنوعة من نسيج الصوف الطبيعي. ذات التكلفة المادية المرتفعةصورة من: DW

الصوف الصناعي بديلا

تجولنا في بعض الأسواق المحلية التي كانت تعج من وقت ليس ببعيد بالمنتجات اليدوية الصوفية. وشاهدنا انتشار المنتجات العصرية المصنوعة من الألياف البلاستيكية والأصواف الصناعية ذات التكلفة المادية المتدنية وقد أغرقت تلك الأسواق، لتحل بامتياز وبقوة محل تلك المنتجات اليدوية الصوفية. الحاج عبد الله (في نهاية العقد الخامس) أحد باعة تلك المنتجات البديلة أشار لـDWعربية إلى أن "المنتجات اليدوية الصوفية غالية الثمن لا يقبل على شرائها أحد"، موضحا أنه منذ نحو عشرين عاما كان وزملائه البائعين يجدون رواجا كبيرا لدى المستهلكين على شراء المنتجات الصوفية كالبسط والسجاد الملونة، خاصة من الفلاحين والبدو. "إلا أن هؤلاء المستهلكين أصبحوا الآن يفضلون شراء المنتجات الصينية كالسجاد والموكيت وغيرها من المنتجات ذات الألياف الصناعية رغم سوء هذه المنتجات .. لأنها رخيصة الثمن".

الحصار وفصل الضفة عن غزة

توفيرا للجهد وتحديا للصناعات العصرية حاول بعض من تبقي من الحرفيين القائمين على نسج البسط والسجاد والعباءات النسائية والرجالية استخدام الخيوط المصنعة بألوان تشبه الألوان الطبيعية، توفيرا للوقت والجهد وتماشيا مع أسعار المنتجات العصرية المُصنع من الألياف الصناعية والبلاستكية. وإن كانت أقل بكثير من جودة وجمال الخيوط الطبيعية. ويشير مصطفى، أحد الباعة في الأسواق، إلى أنه يبيع العباءات المنسوجة بالصوف الصناعي بعد أن كان يبيع ووالده العباءات والمنتجات الصوفية الطبيعية. وأرجع ذلك " للحصار وفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة"، مبينا أن المستهلكين كانوا قبل الحصار من بدو وأرياف وأبناء الضفة الغربية.

شوقي الفرا – غزة

مراجعة: سمر كرم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW