صندوق النقد الدولي يخفض توقعات النمو في الشرق الأوسط
١٨ أبريل ٢٠٢٤
مقارنة بتقديرات أكتوبر/ تشرين الأول، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2024، محذرا من أن الصراع في غزة وإسرائيل من المخاطر الرئيسية التي تُحدث تطورات سلبية على المنطقتين.
إعلان
قال صندوق النقد الدولي اليوم الخميس (18 أبريل/ نيسان 2024) إن اقتصادات منطقة الشرق الأوسط ستنمو خلال العام الحالي بوتيرة أبطأ مما كان متوقعا في السابق، إذ تزداد التحديات بفعل الحرب في غزة والهجمات على حركة الشحن في البحر الأحمر وخفض إنتاج النفط في وجود تحديات قائمة تتمثل في ارتفاع الديون وتكاليف الاقتراض.
وخفض الصندوق توقعاته للنمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في 2024 إلى 2.7 بالمئة من 3.4 بالمئة في توقعات أكتوبر تشرين الأول. وينطوي ذلك على تحسن مقارنة بمعدل نمو حققته المنطقة العام الماضي بلغ 1.9 بالمئة.
وجاء تعديل التوقعات بالخفض مدفوعا بالصراعات في السودان والضفة الغربية وغزة، فضلا عن خفض دول الخليج لإنتاج النفط، مما يؤثر على النشاط الاقتصادي.
وقال الصندوق "في 2025، من المتوقع أن يسجل النمو ارتفاعا إلى 4.2 بالمئة حيث يُفترض أن ينحسر تأثير هذه العوامل المؤقتة بالتدريج".
وقال "هناك الكثير من الضبابية، ومن المتوقع أن يظل النمو على المدى المتوسط أقل دون المتوسطات المعتادة قبل الجائحة".
ويتوقع الصندوق أن تحقق البلدان المصدرة للنفط أداء أفضل من غيرها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن تحقق هذا البلدان نموا 2.9 بالمئة هذا العام، بزيادة نقطة مئوية عن العام الماضي.
وقال "من المتوقع أيضا أن تواصل التخفيضات الطوعية في إنتاج النفط، وأبرزها من جانب السعودية، كبح النمو في هذا العام"، مضيفا أن "زيادة إنتاج النفط عن المتوقع" سيعزز النمو في الدول الأخرى المنتجة النفط والغاز خارج منطقة الخليج.
واتفق أعضاء "أوبك+"، بقيادة السعودية وروسيا، الشهر الماضي على تمديد تخفيضات لإنتاج النفط تبلغ 2.2 مليون برميل يوميا حتى نهاية يونيو حزيران لدعم الأسواق. وساعد ذلك في إبقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة.
وأبقى اجتماع لوزراء النفط من أكبر الدول المنتجة في أوبك+ في وقت سابق من الشهر الحالي على سياسة إمدادات النفط دون تغيير. ويضم التحالف منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، والقائد الفعلي لها السعودية، وحلفاء بقيادة روسيا.
وقال صندوق النقد "تم تخفيض توقعات النمو للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بمقدار 1.3 نقطة مئوية منذ أكتوبر، ومن المتوقع حاليا أن ترتفع إلى نسبة بسيطة تبلغ 2.4 بالمئة في عام 2024. ومع ذلك، يُتوقع أن تقلل الخطط الطموحة لتنويع الأنشطة الاقتصادية الاعتماد على إنتاج الهيدروكربونات".
وفيما يتعلق بالبلدان المصدرة للنفط غير الخليجية، رفع الصندوق توقعاته لنمو اقتصاداتها إلى 3.3 بالمئة في العام الحالي، مقارنة بتقديرات أكتوبر/ تشرين الأول عند ثلاثة بالمئة.
وقال "طول أمد الاضطرابات في البحر الأحمر يمكن أن يستمر في التأثير على أحجام التجارة وتكاليف الشحن، مع تضاعف التأثير على مصر من خلال تراجع إيرادات قناة السويس".
وأضاف "الصراع في غزة وإسرائيل يعتبر من المخاطر الرئيسية التي تُحدث تطورات سلبية على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا سيما المخاطر المتمثلة في مزيد من التصعيد أو صراع طويل الأمد، وتعطيل حركة التجارة والشحن".
يذكر أن زعيم المتمردين الحوثيين في اليمن عبد الملك الحوثي أعلن اليوم الخميس أنّ جماعته شنّت منذ بدء الحرب في قطاع غزة هجمات على حوالى مئة سفينة "مرتبطة" بإسرائيل في مياه البحر الأحمر وخليج عدن، وذلك في إطار ما تقول إنّها محاولات لدعم الفلسطينيين في قطاع غزة والضغط باتجاه وقف الحرب المستعرة منذ أكثر من ستة أشهر.
ص.ش/ع.ش (رويترز، أ ف ب)
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.