تتواصل أطوار محاكمة شاب متهم في قضية الهجوم على العديد من الأشخاص عند نصب الهولوكوست في برلين. وفي قضية التخطيط للهجوم على السفارة الإسرائيلية، أبدي الجاني ندمه. فما التفاصيل الجديدة؟
كان الضحية يزور الموقع الذي يحي ذكرى الستة ملايين يهودي الذين قتلتهم ألمانيا النازية في المحرقة مع أصدقاء له عندما وقع الحادث.صورة من: Lilli Förter/dpa/picture alliance
إعلان
أدلى سائح إسباني كان قد أصيب بجروح خطيرة في هجوم بسكين عند نصب الهولوكوست في برلين في وقت سابق من العام الجاري، بشهادته أمام محكمة اليوم الأربعاء (3 ديسمبر/كانون الأول 2025).
وقد أتى الرجل من إسبانيا للمثول أمام محكمة برلين الإقليمية العليا حيث يحاكم شاب يبلغ من العمر 19 عاما بناء على اتهامات بالشروع في القتل والإرهاب بشأن الحادث الذي وقع في 21 فبراير/شباط الماضي.
وقال الرجل الإسباني البالغ من العمر 31 عاما إنه "حقا لم ير قط" المهاجم الذي صرخ قائلا "شيئا له علاقة بالله" فيما أمسك بالسائح من الخلف بيد وطعنه بالأخرى.
كان الضحية يزور الموقع الذي يحي ذكرى الستة ملايين يهودي الذين قتلتهم ألمانيا النازية في المحرقة (الهولوكوست)، مع أصدقاء له عندما وقع الحادث. ووأصيب بجروح مهددة للحياة وخضع لجراحة طارئة. وألقي القبض على الجاني، وهو لاجئ سوري، وكانت يداه ملطخة بالدماء في محيط الموقع عقب الهجوم.
واتهم مكتب المدعي العام الاتحادي الرجل بالشروع في القتل والضرر البدني الجسيم ومحاولة الانضمام لمنظمة إرهابية أجنبية. وبدأت المحاكمة في العشرين من نوفمبر/تشرين الثاني ومن المتوقع أن تنتهي في أواخر يناير/كانون الثاني.
إعلان
المتهم يبدي ندمه ويتبرأ من الفكر المتشدد
من جهة أخرى، أبدى متهم آخر في قضية التخطيط المحتمل لشن هجوم على السفارة الإسرائيلية في العاصمة الألمانية برلين ندما وتبرأ بالكامل من الفكر المتطرف.
وقال الشاب البالغ من العمر 19 عاما، على لسان محاميته في افتتاح جلسات المحاكمة أمام محكمة برلين العليا أول أمس الاثنين: "كنت عالقا في حالة عميقة من الفراغ"، مشيرا إلى أن هذا هو السبب في اعتناقه للفكر المتشدد وانخراطه على نحو متزايد في التيار الإسلاموي.
وجاء في تصريح المواطن الروسي المنحدر من أصول شيشانية في بيانه: "ضاق أفقي، كما ازدادت أفكاري تشددا"، وأضاف أنه كان يخطط للسفر للمشاركة في القتال لتحقيق أهداف دينية، لافتا إلى أنه كان ينظر إلى الأمر باعتباره "نوعا من المغامرة العسكرية مع أصدقاء".
ورغم حديثه في إحدى الدردشات عن خطط هجوم محتملة، فإنه أكد أنه لم يفكر بالأمر بجدية مطلقا، بل أراد فقط أن يبدو مهما كي يأخذه الآخرون على محمل الجد.
ويتهم الادعاء العام الألماني الشاب بدعم منظمة إرهابية أجنبية، والمنظمة المقصودة هي تنظيم داعش، والتحضير لعمل عنف خطير يهدد الدولة. وتعتزم الدائرة المختصة بأمن الدولة في المحكمة العليا في برلين عقد تسع جلسات محاكمة، ما يعني أن الحكم قد يصدر في 12 يناير/كانون الثاني 2026.
وكان المتهم، الذي عاش في البداية في مركز للاجئين بمدينة بوتسدام قرب برلين، قد اعتقل في فبراير/شباط الماضي بمطار العاصمة، حيث أوقفته الشرطة الاتحادية ومكتب الشرطة الجنائية في ولاية براندنبورج أثناء توجهه لركوب الطائرة.
وبحسب الادعاء العام، كان ينوي المتهم السفر إلى باكستان للانضمام إلى تنظيم داعش هناك وتلقي تدريب عسكري. ويقبع المتهم منذ ذلك الحين في الحبس الاحتياطي.
وبالتوازي مع خططه الهجومية، يتهم الشاب بترجمة مواد دعائية لميليشيات تنظيم داعش إلى اللغتين الروسية والشيشانية.
وتشير لائحة الاتهام إلى أنه توجه في 20 فبراير/شباط الماضي إلى مطار برلين-براندنبورج، وقبل ذلك بقليل أرسل مقطع فيديو يعلن فيه الولاء للتنظيم إلى أحد أعضائه المشتبه بهم في الخارج.
ألمانيا واللاجئون.. كيف تغير الحال منذ الترحيب الكبير في 2015؟
أغلبية الألمان كانت في عام 2015 مع استقبال اللاجئين ومنحهم الحماية. ولكن الأمور لم تستمر كذلك، حيث تراجعت نسبة التأييد للاجئين بشكل متسارع اعتباراً من مطلع عام 2016. نستعرض ذلك في هذه الصور.
صورة من: Odd Andersen/AFP/Getty Images
ميركل وعبارتها الشهيرة
"نحن قادرون على إنجاز ذلك". عبارة قالتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في هذا المؤتمر الصحفي للحكومة، الذي عقد بتاريخ 31 أغسطس/آب 2015. لم تكن تعرف حينها أن الجملة ستدخل التاريخ الألماني الحديث، وتسبب استقطاباً في البلاد، ويتحول الرأي العام الألماني من مرحب بنسبة كبيرة باللاجئين، إلى تناقص هذه النسبة بمرور السنوات.
صورة من: Imago/photothek/T. Imo
تأييد كبير لاستقبال اللاجئين
حتى مع ارتفاع أعداد طالبي اللجوء إلى ألمانيا من حوالي 41 ألف طلب لجوء في عام 2010 إلى 173 ألف طلب لجوء في 2014، كانت الأغلبية الساحقة من الألمان، في مطلع عام 2015، مع استقبال اللاجئين وتقديم الحماية لهم.
صورة من: Martin Meissner/AP Photo/picture alliance
أول محطة ترحيب
صيف وخريف 2015 شهد ذروة موجة اللجوء الكبيرة. فبعد أخذ ورد على المستوى السياسي الألماني، ومع الدول الأوروبية المجاورة، سمحت ألمانيا ودول أوروبية أخرى بدخول طالبي اللجوء إليها. مئات الآلاف دخلوا البلاد خلال أسابيع قليل. وظهرت صور التعاطف معهم من جانب السكان الألمان. وكان ذلك واضحاً للعيان في محطات القطارات وفي مآوي اللاجئين.
صورة من: Sven Hoppe/dpa/picture alliance
التأييد حتى على مدرجات الملاعب
وحتى على مدرجات ملاعب كرة القدم، في مباريات الدوري الألماني (بوندسليغا)، شاهد العالم عبارات الترحيب باللاجئين، كما هنا حيث رفعت جماهير بوروسيا دورتموند هذه اللافتة العملاقة بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين أول 2015.
وبالمجمل وصل إلى ألمانيا خلال عام 2015 وحده حوالي 890 ألف طالب لجوء.
صورة من: picture-alliance/G. Chai von der Laage
الرافضون لاستبقال اللاجئين أقلية في 2015
بنفس الوقت كان هناك رافضون لسياسة الهجرة والانفتاح على إيواء اللاجئين، وخاصة من أنصار حركة "بيغيدا" (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب)، الذين كانوا يخرجون في مسيرات، خصوصاً في شرق البلاد، للتعبير عن رفضهم لاستقبال اللاجئين. كما كانت تخرج مظاهرات مضادة لحركة "بيغيدا" وداعمة لاستقبال اللاجئين.
صورة من: Reuters/F. Bensch
ليلة الانعطاف الكبير
وبقي الرأي العام منفتحاً على استقبال اللاجئين حتى ليلة حاسمة، مثلت علامة فارقة في قضية الهجرة واللجوء في ألمانيا. فبينما كان العالم يودع عام 2015 ويستقبل 2016، والاحتفالات السنوية تقام أيضا في المدن الألمانية، وردت أنباء متتالية عن عمليات تحرش بالكثير من الفتيات في موقع احتفال برأس السنة في مدينة كولن (كولونيا). أكثر من 600 فتاة تعرضن للتحرش والمضايقات.
صورة من: DW/D. Regev
تعليق لم الشمل لحملة الحماية المؤقتة
من تلك اللحظة بدأ المزاج العام في التغير وأخذ حجم التأييد لاستقبال اللاجئين يتراجع في الرأي العام الألماني. وبدأ التشديد في قوانين الهجرة واللجوء، كتعليق لم الشمل لمدة عامين للاجئي الحماية الثانوية (المؤقتة)، بموجب القانون الذي صدر في ربيع عام 2016، والذي صدر في عهد وزير الداخلية آنذاك توماس دي ميزير.
صورة من: Getty Images/AFP/J. McDougall
الهجوم على سوق عيد الميلاد في برلين 2016
وقبل أن يودع الألمان عام 2016 بأيام قليلة، أتت كارثة جديدة صدمت الرأي العام: هجوم بشاحنة على سوق لعيد الميلاد في العاصمة برلين، نفذه اللاجئ التونسي سميح عمري. 13 إنسان فقدوا حياتهم في الهجوم، وأصيب 63 آخرون. حصيلة مؤلمة ستترك ندوباً في المجتمع.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب البديل يدخل البرلمان للمرة الأولى
استفاد من هذه الأحداث حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المناهض لسياسة الهجرة واللجوء الحالية والرافض لاستقبال اللاجئين كلياً. ليدخل الحزب البرلمان الألماني لأول مرة في تاريخه، محققاً المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية الاتحادية التي أقيمت في سبتمبر/أيلول 2017، بنسبة 12.6 بالمئة.
صورة من: Reuters/W. Rattay
استمرار الاستقطاب
شهدت السنوات اللاحقة استمرار الاستقطاب في المجتمع، خصوصاً مع بعض الهجمات التي نفذها لاجئون، بدوافع إرهابية. أمر قلص الدعم الشعبي للهجرة. إلى أن تراجعت الشعبية، وبات قرابة ثلثي الألمان في استطلاعات الرأي يريدون استقبال أعداداً أقل من اللاجئين أو وقف استقبالهم كلياً.