ضغوط على السعودية..أمل للمدافعين عن الحريات بالعالم العربي؟
٢٤ أكتوبر ٢٠١٨
أثارت قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول جدلاً كبيراً بشأن وضعية حقوق الإنسان والتعبير عن الرأي في العالم العربي. جدل رآه البعض قد يصب في النهاية في صالح سجناء الرأي والمدافعين عن الحريات.
إعلان
يشهد العالم حالياً حالة من التراجع في الحريات العامة وحقوق الإنسان وخصوصا في العالم العربي. فوفق تقرير لمؤسسة فريدوم هاوس الأمريكية صدر مؤخراً، فإن هذه التحديات التي تواجهها حرية الصحافة والإعلام وحقوق الإنسان وسيادة القانون هي الأخطر منذ عقود.
وأشار التقرير إلى أن هذا التدهور شمل 71 دولة، منها دول تنعدم فيها الحريات وتنتهك فيها الحقوق السياسية والمدنية، كالجزائر والعراق ومصر والإمارات واليمن والسعودية وسوريا والسودان والبحرين وليبيا.
ترامب وصعود اليمين الشعبوي عالمياً
في هذا السياق يقول الكاتب الصحفي المصري فهمي هويدي إن "هذا المشهد الذي وصل إليه العالم مؤخراً جاء متزامناً مع تغير السياسة الأمريكية مع صعود ترامب إلى سدة السلطة في الولايات المتحدة، بكل ما يمثله من قيم وأفكار، ما أوصلنا إلى مشهد مقتل شخصية كبيرة مثل جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده"
أضاف هويدي أن هناك حالة من الهزيمة لفكرة الديمقراطية عالمياً مع تزايد قوة واستخدام المال الخليجي الذي تمكن من اختراق مؤسسات أمريكية ومراكز أبحاث ما أثر بشدة على طبيعة القرار الأمريكي وأنه "لولا بقية من مؤسسات ديمقراطية لكان الغرب وصل إلى ما وصلنا إليه في العالم العربي".
صورة سلبية للسعودية
يرى الكثيرون أن صورة السعودية وولي العهد بشكل خاص قد تضررتا بشكل هائل وأن الجهود التي قد تبذل في هذا السياق لتحسين الصورة ستحتاج إلى وقت وجهد كبيرين.
يتفق مع ذلك آدم كوجل الباحث المتخصص في شئون الشرق الأوسط بمنظمة هيومن رايتس ووتش بمكتب الأردن، لكنه يرى أن هذا الأمر يؤثر إلى الآن على المشهد الجيوسياسي في المنطقة، "ذلك أنه في أغلب الدول العربية - مع استثناءات قليلة للغاية - لا يُسمح لأحد مطلقاً بانتقاد السعودية إما بسبب ارتباطات سياسية واقتصادية قوية بين تلك الحكومات وقيادة المملكة أو لوجود استثمارات سعودية داخل تلك البلدان".
ويرى كرستيان مير، مدير مكتب مراسلون بلا حدود في ألمانيا في مقابلة مع DW عربية، أن طبيعة الديكتاتوريات عموما وفي العالم العربي خصوصا تميل إلى عدم وجود رأي آخر بشكل مطلق والسيطرة على المنابر الإعلامية وتوحيد الخطاب الموجه إلى الجهور وإزاحة السياسة بشكل تام عن المشهد المجتمعي في البلاد.
هذا ما رأيناه في مصر والسعودية وسوريا، "لكن ما صدم العالم فعلياً هو وحشية تطبيق السعودية لذلك مع جمال خاشقجي ما جعل النظرة الدولية لهذه الدولة تختلف بشكل جذري، كما أن تفاصيل الحادث أثارت فزع الجميع إقليمياً ودولياً وتصاعد الخوف من تكرار هذا الأمر لذلك شاهدنا هذه الضغوط الدولية الهائلة على السعودية".
اغتيال صحفي كل أسبوع حول العالم
لم تكد منظمة مراسلون بلا حدود تصدر في تقرير حديث لها أن كل أسبوع يتم اغتيال صحفي، حتى جاء تأكيد خبر مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ليؤكد أن حياة الصحفيين عرضة للخطر. ففي النصف الأول من 2018 فقط قتل 36 صحفياً محترفاً.
صورة من: picture-alliance/Eventpress/Stauffenberg
خاشقجي.. جريمة في القنصلية
بعد 18 يوما من اختفائه وتصريحات متضاربة حول مصيره أعلنت الرياض السبت (20 أكتوبر/ تشرين الأول 2018) موت الصحفي السعودي جمال خاشقجي إثر "شجار واشتباك بالأيدي" مع أشخاص آخرين داخل مبنى القنصلية السعودية باسطنبول. وتزامناً مع ذلك تم إعفاء عدد من كبار المسؤولين الأمنيين من مناصبهم وتوقيف 18 سعوديا على ذمة القضية. غير أن ذلك لم يمح الشكوك من أن يكون خاشقجي تمت تصفيته بسبب انتقاده لسياسات بلاده.
منتقد لسياسة ولي العهد السعودي
كان جمال خاشقجي قد دخل القنصلية السعودية باسطنبول ظهر الثلاثاء 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018 للحصول على أوراق من أجل الزواج من خطيبته التركية، التي انتظرته خارج القنصلية. وبعد ساعات من الانتظار لم يخرج جمال فأبلغت السلطات، ليتم التكهن حول مصير الصحفي البارز، الذي كان ينتقد قبل اختفاءه سياسة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
صورة من: Reuters TV
فيكتوريا مارينوفا
عثر على جثة الصحفية البلغارية فيكتوريا مارينوفا (30 عاما) في متنزه قرب نهر الدانوب في مدينة روسي مسقط رأسها. وقال ممثلون عن الادعاء العام إنها تعرضت للاغتصاب والضرب ثم قتلت خنقا. وقال وزير الداخلية ملادن مارينوف إنه ليست هناك أدلة تشير إلى أن قتلها مرتبط بعملها الصحفي. لكن وسائل الإعلام ركزت على القضية التي كانت مارينوفا تتناولها وهي قضية فساد محتملة تتعلق بأموال من الاتحاد الأوروبي.
صورة من: BGNES
جان كوسياك
لقي الصحفي السلوفاكي جان كوسياك وخطيبته حتفهما بالرصاص في منزلهما، فيما يبدو بسبب تحقيقهما في التهرب الضريبي من جانب رجال أعمال. وقُتل كوسياك (27 عاما) وخطيبته بطلقات نارية في الرأس والصدر. وكان كوسياك مساهم منتظم في بوابة "اكتواليتي دوت إس كيه" ويركيز على التهرب الضريبي من قبل رجال الأعمال الذين لهم علاقات قوية مع الساسة والأحزاب.
صورة من: Getty Images/AFP/V. Simicel
دافنه كاروانة غاليسيا
حسب بيانات منظمة "مراسلون بلا حدود" يتعرض كل أسبوع في المتوسط صحفي واحد للاغتيال في العالم. وفي أوروبا ساد الغضب والاستياء بسبب الاعتداء بالمتفجرات على الصحفية الاستقصائية دافنه كاروانة غاليسيا في الـ 16 من أكتوبر/ تشرين الأول 2017 في مالطا.
صورة من: picture-alliance/dpa/L.Klimkeit
سمير قصير
في الثاني من حزيران 2005 اغتيل الصحفي اللبناني البارز في صحيفة النهار سمير قصير، بتفجير قنبلة وضعت تحت سيارته بمنطقة الأشرفية في بيروت. واغتيال قصير كان لكمّ الأفواه وقمع حرية الر\اي والتعبير، وترسيخ القمع والترهيب. إلا أنّ ما أراده من يقف وارء اغتياله انقلب عليه، فهذه الجريمة لم تكمم الأفواه وإنّما كسرت كلّ حواجز الخوف لدى اللبنانيين.
صورة من: picture-alliance/dpa
كارين فيشر
قتلت الصحفية الألمانية كارين فيشر في أفغانستان بتاريخ 07 تشرين الأول/ أكتوبر 2006. وقد تم العثور على جثتها وحثة زميلها التقني كريستيان شتوفه مقتولين بالرصاص في خيمتهما في شمال أفغانستان أثناء إقامتهما هناك. وقد كتبت كارين وأعدت تقارير لدويتشه فيله أيضا.
صورة من: DW
اغتيالات مستمرة حول العالم
مهنة الصحافة من المهن الخطيرة واغتيال وقتل الصحفيين لا يقتصران فقط على المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة. وتعد أفغانستان وسوريا من الدول الأكثر خطرا على حياة الصحفيين حيث قتل في أفغانستان 11 صحفيا في النصف الأول من عام 2018 وفي سوريا 7 صحفيين. ورغم أن المكسيك لا تشهد نزاعا مسلحا، إلا أنها خطرة جدا بالنسبة للصحفيين حيث قتل فيها 11 صحفيا عام 2017 حسب إحصائيات منظمة مراسلون بلا حدود.
صورة من: picture-alliance/Eventpress/Stauffenberg
8 صورة1 | 8
فرصة للمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم العربي
تحتل السعودية ترتيباً متراجعاً للغاية فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحرية الصحافة والتعبير واستقلال القضاء وفق تقارير منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة.
لكن آدم كوجل الباحث في هيومن رايتس ووتش يرى أنه بالنظر إلى أن السعودية دولة قوية للغاية داخل العالم العربي فإنه إذا ما استُغلت الضغوط المتنامية على القيادة السياسية السعودية للدفع في اتجاه إجراء إصلاحات سياسية حقيقية وفعلية فإن ذلك سيكون له نتائج شديدة الإيجابية على الحالة الحقوقية في العالم العربي ككل.
وشدد كوجل في مقابلته مع DW عربية على أن قادة العالم لا يجب أن يكتفوا بدفع السعودية إلى تحقيق العدالة في قضية خاشقجي فقط، وإنما عليهم دفع الرياض إلى القيام بإصلاحات مهمة في مجال حقوق الإنسان ما من شأنه أن يزيد من مساحة حرية التعبير وربما سيكون من المفيد في هذا الإطار البدء بالإفراج عن عشرات من نشطاء حقوق الإنسان والكتاب والمفكرين الذين القى بهم في السجن مؤخراً.
ويتفق الكاتب الصحفي المخضرم فهمي هويدي مع ذلك ويضيف بأن "ثمن النضال من أجل الحرية والديمقراطية في العالم صار باهظاً للغاية ولعل جمال خاشقجي دفع هذا الثمن في حده الأقصى".
تفكيك التحالفات القديمة
ويعتقد محللون سياسيون بأنه إن تم إبعاد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن منصب ولاية العهد فإن ذلك سيكون له انعكاسات مباشرة على التحالف القوي بين الرياض وأبو ظبي والقاهرة ما قد ينعكس بشكل إيجابي على حالة حقوق الإنسان وحرية التعبير في العالم العربي.
يقول الكاتب الصحفي فهمي هويدي إن إبعاد محمد بن سلمان عن منصب ولاية العهد قد لا يسبب أثراً مباشراً في هذا السياق "لكنه على الأقل سيسبب شرخاً في الجدار لأنه إذا سقط محمد بن سلمان سيُحدث ذلك أزمة لدى الباقين". ويضيف بأنه يثق تماماً أنه بسبب هذه الأزمة السياسية الهائلة في السعودية فإن "محمد بن زايد مثلاً ربما لا ينام مطلقاً، بخلاف أن ترامب نفسه بدأ يشعر بحجم الورطة التي وضع فيها بن سلمان نفسه ما جعله موقفه يتغير تماماً حتى وصل الأمر به إلى أن يتحدث ولأول مرة عن عقوبات قد تفرض على السعودية".
ويرى هويدي أن هذا الحراك في المشهد السياسي يأتي في إطار نضالات كبرى يجب أن تترافق معه ولابد من إتمامها "لاستعادة الديمقراطية وتقوية مؤسسات الدولة واستقلالها وتحرير الصحافة والإعلام والجامعات، فبالنظر إلى الوضع الحالي في العالم العربي فإن أي شخص يُسجن بسبب رأيه لا يجد من يدافع عنه داخلياً بسبب البطش الهائل أما خارجيا فلن يتعدى الأمر أن تصدر بعض المؤسسات الدولية بياناً صحفياً يدين اعتقال الشخص أو تمنحه جائزة ما لا يستطيع هو شخصياً السفر لتسلمها لظروف سجنه".
عماد حسن/كريستين كنيب
أهم التطورات في قصة اختفاء خاشقجي
منذ لحظة الإعلان عن اختفاء جمال خاشقجي الصحفي السعودي المعارض للقيادة السعودية وسيل الأخبار والتطورات حول قضيته لا يتوقف. في ما يلي أهم التطورات في قصة اختفاءه منذ دخوله مبنى القنصلية وحتى اللحظة.
صورة من: Privat
خاشقجي من منتقدي النظام السعودي
جمال خاشقجي، الصحفي والكاتب السعودي، هو بطل قصة اختفاء لا يزال الغموض يلفها وتحيط بها السرية حتى اللحظة. عمل خاشقجي في السابق مستشارًا للحكومة. في أيلول/سبتمبر 2017، فرّ من السعودية للعيش في الولايات المتحدة خشية اعتقاله في حال عودته، حسب قوله. انتقد خاشقجي في مقالاته بعض سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ودور الرياض في الحرب على اليمن.
صورة من: Privat
تاريخ ومكان الاختفاء
في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2018، دخل خاشقجي مبنى قنصلية بلاده في إسطنبول لإتمام إجراءات مرتبطة بزواجه من خطيبته التركية و منذ تلك اللحظة اختفى أثره. وبحسب "واشنطن بوست" دخل خاشقجي إلى القنصلية حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر بالتوقيت المحلي، نقلاً عن خطيبته، التي قالت إنها رافقته ولكن لم يسمح لها بالدخول ولم يخرج خاشقجي في الساعة الخامسة بعد الظهر بعد إغلاق القنصلية رسمياً.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
تضارب أنباء حول خروجه من القنصلية
منذ الإعلان عن اختفاءه، قدمت السلطات التركية والسعودية روايتين متضاربتين بشأن خروج خاشقجي من القنصلية، إذ قالت أنقرة إنه لا توجد أدلة على أنه غادر مقر القنصلية، بينما ذكرت الرياض أنه خرج في اليوم ذاته. وما تزال السعودية تنفي رسمياً احتجاز خاشقجي وتصر على أنه غادر القنصلية وحده في اليوم ذاته.
صورة من: Reuters TV
تفتيش القنصلية
مع بدأ التحقيقات طلبت السلطات التركية تمكينها من تفتيش مبنى القنصلية، وأعربت الرياض عن استعدادها للسماح بالتفتيش. إلا أنه لحد الساعة لم يحصل ذلك بعد، رغم مطالبة السلطات التركية المتكررة. ونشرت وكالة " رويترز" صوراً للقنصلية السعودية من الداخل، حيث تحدث القنصل، عن أن خاشقجي غير موجود في القنصلية.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/A. Bolat
مصادر تركية تعلن مقتل خاشقجي
بعد مرور أربعة أيام على اختفاءه، وفي السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 2018 قال مصدران تركيان إن السلطات التركية تعتقد أن خاشقجي قتل داخل القنصلية.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/L. Pitarakis
وسائل إعلام تركية تتحدث عن تفاصيل مقتل خاشقجي المزعومة
نقلت وسائل إعلام تركية تسريبات عن احتمال مقتل خاشقجي على يد "فريق موت" وصل إلى إسطنبول على متن طائرتين خاصتين. وذكرت وسائل الأعلام التركية أنه من المحتمل أن جثة خاشقجي تم تقطيعها بـ" منشار عظم". قناة تلفزيونية تركية نقلت صوراً عن كاميرات مراقبة أظهرت أعضاء "فريق الموت" السعودي المزعوم.
صورة من: www.sabah.com.tr
السيارة السوداء
ومن بين التفاصيل الأخرى التي نشرتها وسائل الإعلام التركية، هي سيارة سوداء، مظللة بالكامل ويمكن مشاهدة ما بداخلها، غادرت مبنى القنصلية السعودية بعد نحو ساعتين من دخول خاشقجي إليها، متوجهة إلى مكان مجهول. وتعتقد وسائل الإعلام التركية أن هذه السيارة ربما قد نقلت "جثة الصحفي السعودي بعد مقتله وتقطيع جثته".
صورة من: Getty Images/AFP/B. Kilic
خطة لاستدراج خاشقجي ؟
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" أن الاستخبارات الأمريكية رصدت اتصالات بين مسؤولين سعوديين، بحثوا خلالها مخطّط سعودي أمر به ولي العهد محمد بن سلمان، يهدف إلى استدراج خاشقجي إلى السعودية للقبض عليه، وذلك قبل اختفائه بأسبوع.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/V. Mayo
تركيا تملك الأدلة
في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2018 كشفت صحيفة "واشنطن بوست" نقلاً عن مسؤولين أمركيين وأتراك أن الحكومة التركية لديها فيما يبدو أدلة تثبت مقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول. الأدلة عبارة عن تسجيلات صوتية ومصورة.
صورة من: picture-alliance/AA/A. Bolat
السعودية تطالب بتحقيق مشترك
قال مصدران تركيان اليوم 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2018 إن وفدا من السعودية وصل إلى أنقرة في إطار التحقيق في اختفاء خاشقجي. وكانت السعودية قد اقترحت على انقرة تشكيل مجموعة عمل مشتركة للتحقيق. إعداد: إيمان ملوك