طالبان تضطهد المرأة وتطيح بمكاسب الماضي
٩ يناير ٢٠٢٢منذ سقوط كابول في أغسطس/ آب الماضي وعودة طالبان إلى حكم أفغانستان، بدأت الحركة في تطبيق وفرض قيود صارمة على المرأة الأفغانية في شتى المجالات، ما يشكل تهديدا خطيرا على مكاسب الماضي.
فرغم محاولة الحركة تبييض صفحتها والإيحاء بأنها باتت أكثر اعتدلا، وتعهدت بحماية حقوق المرأة الأفغانية، إلا أنها ما إن استولت على الحكم حتى فرضت عددا كبيرا من القيود التي قضت على المكاسب والحريات التي حصلت عليها المرأة الأفغانية بشق الأنفس على مدار العقدين الماضيين.
يشار إلى أنه في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة، قام الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش بغزو أفغانستان التي كانت تئن تحت حكم طالبان. وقد أثارت مبررات الحرب اهتماما كبيرا بحكم طالبان القاسي والصارم خاصة ضد المرأة، إذ أعلنت الإدارة الأمريكية آنذاك أن الحرب على الإرهاب في أفغانستان "كانت أيضا حربا من أجل حقوق المرأة وكرامتها".
قطار حقوق المرأة لم يصل إلى الريف
وقد ساعد تسليط الضوء على معاناة المرأة الأفغانية تحت حكم طالبان على تقديم مساعدات دولية للنساء والفتيات وتمويل برامج اجتماعية وإنشاء منظمات غير حكومية تركز على تحسين حياة المرأة. وقد أتت هذه الجهود بثمارها، إذ مكنت المرأة الأفغانية خاصة في المناطق الحضرية مثل العاصمة كابول من المشاركة في الحياة العامة، وهو الأمر الذي كان من المستحيل حدوثه تحت حكم طالبان الأول لأفغانستان بين عامي 1996 و2001.
بيد أن قطار حقوق المرأة لم يصل إلى المناطق الريفية والقرى حيث يعيش قرابة 70 بالمائة من الأفغان، إذ كانت القرى مسرحا للقتال بين حركة طالبان من جهة والقوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) والقوات الحكومية من جهة أخرى.
وفي ظل الغارات الجوية والمعارك وعمليات النزوح بين السكان المدنيين، لم تستفد المرأة الأفغانية في المناطق الريفية والقرى من فرص الحصول على حقوقها مثل قريناتها في المدن الكبرى خاصة العاصمة كابول.
لكن يبدو أن الانسحاب الأمريكي المفاجئ وما أعقب ذلك من انهيار الحكومة الأفغانية واستيلاء طالبان على الحكم قد نسف حقوق المرأة الأفغانية وأثقل كاهل الأفغانيات في القرى والمناطق الريفية.
ونقل تقرير للأمم المتحدة نُشر في يوليو/ تموز الماضي، عن أفغانيات يعيشن في المناطق الريفية قولهن إن اتفاقية الانسحاب بين الولايات المتحدة وطالبان في عام 2020 كانت تعني تعرضهن لقدر أقل من العنف مع التمتع بحرية أكبر في التحرك وهو الأمر الذي قلل من مخاوف النساء في القرى حيال تداعيات عودة حكم طالبان.
يشار إلى أنه في فبراير/ شباط عام 2020، وقعت طالبان والولايات المتحدة بالعاصمة القطرية الدوحة اتفاقا لإحلال السلام في أفغانستان نص على انسحاب تدريجي للقوات الأمريكية من أفغانستان مقابل ضمانات أمنية من طالبان وتعهدا بعقد محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية.
لكن الانسحاب الأمريكي المفاجئ وانهيار الحكومة الأفغانية وفرار الرئيس الأفغاني أشرف غني في أغسطس/ آب، مهد الطريق لعودة حركة طالبان إلى حكم أفغانستان مرة أخرى.
أما فيما يتعلق بحقوق المرأة الأفغانية بعد استيلاء طالبان على السلطة، ففي البداية استهدفت القيود الأفغانيات في المدن خاصة كابول، بيد أن الحركة قامت بزيادة فرض القيود على النساء والفتيات في أنحاء هذا البلد الذي مزقته الحروب.
فيما يلي بعض القيود التي فرضتها طالبان على المرأة في أفغانستان:
حظر السفر لمسافات طويلة
فرضت طالبان حظرا على تنقل النساء لمسافات طويلة أكثر من 72 كلم باستخدام وسائل النقل دون مرافقة أحد أقربائهن الذكور منذ ديسمبر/ كانون الأول، وفقا لما ذكرته "وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التابعة لطالبان.
ونددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بالقرار إذ نقلت فرانس برس عن مساعدة مدير المجموعة المعنية بحقوق المرأة هيذر بار قولها "يصب هذا الأمر الجديد بشكل أساسي باتجاه... تحويل النساء إلى سجينات تغلق في وجههن فرص التحرك بحرية للسفر إلى مدينة أخرى لمزاولة أعمالهن أو للهرب إذا كن يتعرضن للعنف في المنزل".
حظر ظهور المرأة في التلفزيون والإعلام
في نوفمبر/ تشرين الثاني، قررت حكومة طالبان منع ظهور النساء في المسلسلات التلفزيونية والأفلام وأمرت الصحفيات ومقدمات البرامج التلفزيونية بارتداء الحجاب كي يسمح لهن بالظهور على الشاشة.
وذكر تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود في أغسطس/ آب أن معظم الأفغانيات توقفن عن العمل في المؤسسات الإعلامية بعد استيلاء طالبان على السلطة.
إلغاء وزارة شؤون المرأة
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، قررت طالبان إلغاء وزارة شؤون المرأة، التي تأسست عام 2001، واستبدالها بوزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
منع تعليم الفتيات
كذلك اتخذت طالبان خطوات فعلية في منع تعليم الفتيات بإغلاق معظم المدارس الثانوية أمام الفتيات الأفغانيات، وفقا لما ذكرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وكانت الأعوام الماضية قد شهدت ارتفاعا في تعليم الفتيات في أفغانستان، إذ ذكر البنك الدولي أن معدل تسجيل الفتيات في المدارس الابتدائية وصل إلى 33 بالمائة في عام 2017 مقارنة بنسبة 10 بالمائة عام 2003 فيما كانت النسبة في المدارس الثانوية 39 بالمائة عام 2017 مقارنة بنسبة 6 بالمائة عام 2003.
حظر عمل المرأة
في يوليو/ تموز الماضي وعلى وقع استيلاء طالبان على المزيد من المناطق، اقتحم مسلحو الحركة البنوك في مدينة قندهار جنوب البلاد حيث أمروا الموظفات بالمغادرة.
وعقب إحكام الحركة قبضتها على أفغانستان، واصلت سياسة منع النساء من الذهاب إلى أماكن العمل. إذ ذكر مسؤول كبير في الحركة لوكالة رويترز في سبتمبر/ أيلول أن المرأة الأفغانية يجب ألا تعمل جنباً إلى جنب مع الرجل فيما طلب في الشهر ذاته عمدة طالبان الجديد في كابول من موظفات البلدية البقاء في المنزل.
يشار إلى أن تقريرا صادرا عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ديسمبر/ كانون الأول الفائت، ذكر أن النساء في أفغانستان شكلن عام 2020 نسبة 20 بالمائة من القوى العاملة في البلاد.
قيود على اللباس والفصل بين الجنسين
في سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن وزير التعليم في حكومة طالبان أن الحركة ستسمح للطالبات الأفغانيات بمواصلة تعليمهن الجامعي لكن دون الاختلاط مع الذكور مع الالتزام بارتداء الزي الإسلامي. إذ أقرت الحكومة ضرورة ارتداء جميع الطالبات والمعلمات والموظفات العباءة السوداء والنقاب.
وكان فرض هذه القيود من قبل حركة طالبان قد أثار مظاهرات احتجاجية نسائية، لكن الحركة قامت بقمعها بعنف سواء بالضرب أو إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع أو حتى إطلاق النار.
منير غدي / م ع