طبول الحرب تقرع في الخليج - نقاط مفاتيح لفهم الأزمة
١٢ مايو ٢٠١٩
أعلنت إيران التخلي عن بعض فصول الاتفاقية النووية مع الغرب وهددت بإغلاق الممرات من وإلى حقول النفط في الخليج. والأمريكيون بعثوا بحاملة طائرات إلى المنطقة، يحرسها أسطول مصغر، فهل ستنشب قريبا حرب؟
إعلان
شددت الولايات المتحدة الأمريكية في الشهر الماضي العقوبات ضد إيران، وباتت صادرات النفط صعبة بالنسبة إلى طهران أكثر من ذي قبل. كما أن واشنطن صنفت في أيار/ مايو المنصرم الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية. وشعرت إيران بأنها مهددة، لأنها تخشى بسبب العقوبات انهيارا اقتصاديا إضافيا، وعليه تم تشديد الخطاب من قبل نظام الملالي. فقائد البحرية للحرس الثوري والرئيس روحاني هددا مؤخرا بإغلاق ممر هرمز في الخليج.
ماذا سيعني إغلاق طريق هرمز؟
عمل مثل هذا سيشعر به العالم بأسره، لأنه يتم ،عبر هذا الممر البحري، نقل 30 في المائة من النفط الخام العالمي. ,إلاق المضيق سهل التنفيذ. فهذا الممر البحري يبلغ عرضه فقط نحو 40 كلم، وحاملات النفط الكبيرة لا تمر إلا من بعض المواقع المحددة في الممر الذي يمكن وضع بعض الألغام لشل حركة النقل فيه. وفي حال لجأت إيران لهذا الأسلوب، فإنه لا يمكن تفادي الحرب. ومن المشكوك فيه أن تلجأ طهران إلى مثل هذا العمل، لأنّ هذا لن يستعديالولايات المتحدة الأمريكية فحسب، بل جميع الدول المصدرة للنفط المتساحلة على للخليج.
ما هي الأوراق الإضافية التي تملكها طهران؟
الاتفاقية النووية هي ورقة تلعبها إيران. فالولايات المتحدة الأمريكية قد انسحبت من الميثاق في 8 أيار/ مايو 2018، لكن الشركاء الأوروبيين في الاتفاقية وإيران يتمسكون به ويتفادون بحنكة عقوبات الولايات المتحدة المعلنة من جانب واحد ضد إيران. والآن يريد الملالي التخلي عن فصول في الاتفاقية، ساعين إلى الحصول على كميات أكبر من اليورانيوم المخصب ومكونات نووية أخرى أكثر مما هو منصوص عليه في الاتفاقية. وأمام الشركاء الأوروبيين 60 يوما لقبول هذا الشيء والتخفيف في الوقت نفسه من قيود قطاعي البنوك والنفط.
هل الاتفاقية النووية محكوم عليها بالفشل؟
هذا رهين برد فعل الأوروبيين، وكيف سيردون على الإنذار النهائي من طهران؟ ومن الممكن أن يرفضوا ذلك كمحاولة ابتزاز. وعلى إثرها تصبح الاتفاقية ميتة. ويشكك خبراء في جدوى دفع الأوروبيين إلى هذا الحد. فخبير الشؤون الخارجية من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، رولف موتسنيش قال في حوار مع DW إن "الخطوة الأخيرة لطهران ستسبب في مزيد من زعزعة استقرار المنطقة وتدمر النظام الدولي".
ماذا تخطط الولايات المتحدة الآن عسكريا؟
أولا سترفع الولايات المتحدة من وجودها العسكري في الخليج. فأسطول بحري يضم حاملة الطائرات أبرهام لينكولن في طريقه وسيصل إلى المنطقة في الأيام المقبلة. كما سيتم نقل طائرات من نوع B52 إلى المنطقة ليكون رد فعل الولايات المتحدة الأمريكية على كل هجوم من الجانب الإيراني مضمونا. ووزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو لم يستبعد في الأسبوع الماضي ردا عسكريا بقوله "إذا كان ذلك ضروريا فسنفعله".
هل توجد مؤشرات حول مخططات إيرانية؟
نعم هي موجودة. لكن يجب توخي الحذر، لأن مصدرها أجهزة استخبارات أمريكية ولم تكن في السابق دوما صحيحة، كما نعلم. وهذه المعلومات "الملموسة والموثوقة" تفيد بأن الإيرانيين يخططون لهجمات على وحدات أمريكية في العراق وسوريا. ويُذكر أن الإيرانيين حملوا صواريخ قصيرة المدى على قوارب في اتجاه العراق، كما ذكرت قناة سي إن إن التي استشهدت بتصريحات موظف حكومي.
ماذا يتوقع الأمريكيون من حلفائهم في المنطقة؟
كان من الممكن مراقبة هذا خلال الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الخارجية بومبيو (الثلاثاء 7 أيار/ مايو 2019) إلى العراق، إذ أن الولايات المتحدة تطلب الوفاء والحماية. فالحكومة العراقيةالشيعية في غالبيتها في بغداد يعود الفضل للأمريكيين في وجودها على الاطلاق في السلطة في هذا البلد، وبالتالي طالبها بومبيو في حال المواجهة بدعم الولايات المتحدة الأمريكية، رغم وجود تعاطف كبير بين السكان مع الشيعة في إيران. والدول الخليجية الأخرى هي تقليديا في جانب الولايات المتحدة باستثناء قطر التي تربطها علاقات جيدة مع طهران.
هل ستحصل الحرب أم لا؟
حاليا لا، إذا لم تقم إيران بخطوة حمقاء. فالأمريكيون يهاجمون في العادة عندما يعدون الوحدات والعتاد. وفي حال قيام طهران بإغلاق مضيق هرمز أو مهاجمة وحدات أمريكية في المنطقة، فإن رد فعل سريع سيحدث، وهذا مؤكد. والولايات المتحدة الأمريكية ليس لها اهتمام كبير بحرب ضروس. فالرئيس الأمريكي ترامب وعد في الحملة الانتخابية بعدم خوض الحروب بسرعة مثل أسلافه، وبالتالي فإن قرع طبول الحرب يبقى قائما على الجانبين دون حدوث حرب خليج ثالثة.
أودو باور/ م.أ.م
الاقتصاد الإيراني.. انتكاسة واضحة ومستقبل مهدد
يشهد الوضع الاقتصادي بإيران تراجعا. فبعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي وفرضها عقوبات اقتصادية وضغوط على إيران، فضلا عن خروج متظاهرين إلى الشارع احتجاجا على الوضعية الإقتصادية، صارت إيران تعيش على وقع أزمة مرجح تفاقمها.
صورة من: IRNA
أكبر احتجاجات منذ سنوات
شهدت إيران مع نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017 وانطلاق العام الجديد 2018 موجة مظاهرات بمناطق عدة نتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة البطالة والأزمة المالية الخانقة بالبلد، وقتل فيها العشرات واعتقلت السلطات الآلاف. وهذه هي الحركة الاحتجاجية الأكبر في إيران منذ المظاهرات المعترضة على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا في العام 2009.
صورة من: Irna
العملة الإيرانية تفقد قيمتها
فقدت العملة الوطنية الإيرانية نصف قيمتها. وقد أشارت أرقام صادرة عن البنك الدولي، أن الاقتصاد الإيراني انخفض من المركز 17 إلى 27 على مستوى العالم خلال العقود الأربعة الماضية. لكن طلب الولايات المتحدة من الشركات العالمية وقف استيراد النفط الإيراني يهدد الاقتصاد بأزمة أكبر، إذ يمثل بيع النفط نسبة 64 بالمائة من إجمالي صادرات إيران، كما يشكل مصدرا أولا للعملة الصعبة التي تدخل البلد (الدولار واليورو).
صورة من: Getty Images/AFP/A. Kenare
الريالات الإيرانية في تدهور
أشارت بعض المصادر الإعلامية إلى أن ورقة الـ10 آلاف ريال إيراني كانت تساوي قبل عام 1979 حوالي 150 دولارا أمريكيا، أما الآن فهي أكثر بقليل من 10 سنتات في سوق الصرف المتقلبة في طهران. وبالرغم من استعادة الاقتصاد الإيراني لعافيته بعد 2015، إلا أنه بقي هشا. ويُنتظر أن يزيد تدهورا بعد فرض العقوبات التي ستؤثر على الريال الإيراني.
صورة من: AP
ارتفاع أسعار الذهب
أكد رئيس اتحاد تجار الذهب في طهران، أن الصراع بين إيران وأمريكا، أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب في البلاد، حسب ما تناقلته مواقع إخبارية. وسجلت المسكوكة الذهبية في السوق الإيرانية رقما قياسيا جديدا ببلوغها الـ 3 ملايين و400 ألف تومان، حيث زاد سعرها نحو 600 ألف تومان خلال شهر واحد.
صورة من: Isna/Rohollah Vahdati
البنوك في أزمة!
يواجه البنك المركزي الإيراني صعوبات كبيرة في تنفيذ المعاملات المالية داخل البلد وخارجه. ويعزي البعض ذلك إلى أخذ البنك لودائع تقدر نسبة فائدتها السنوية بـ20 إلى 23 بالمائة. وبسبب العقوبات الأمريكية، خفضت البنوك معدلات الفائدة ما بين 10 إلى 15 بالمائة، مما دفع الكثير من المودعين إلى سحب أموالهم لشراء الدولار واليورو. وهو ما أدى إلى تفاقم نقص العملات الأجنبية، وإغلاق مكاتب صرافة، لكن دون جدوى.
صورة من: Isna
أسعار خيالية!
من بين المؤشرات على تأزم الوضع الاقتصادي في إيران، انخفاض قيمة الريال الإيراني الذي أدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة بنسبة 100 بالمائة، علاوة على ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني. هذا بالإضافة إلى انخفاض نشاط بورصة السلع الإيرانية إلى حد أدنى. وتشير توقعات خبراء في شركة "بي أم آي" للأبحاث الاقتصادية العالمية، أن يشهد الاقتصاد الإيراني انكماشاً بنحو 4 في المئة العام المقبل.
صورة من: AP
التضخم يرفع الأسعار
شكل التضخم خلال السنوات الماضية عاملا أساسيا في تدهور الاقتصاد الإيراني حيث يبلغ متوسط معدل التضخم ما بين 19 و20 بالمائة سنويا. وحسب مركز الإحصاء الإيراني الحكومي في طهران فإن معدل التضخم وصل في يونيو/ حزيران الماضي إلى نحو 8.7 %، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، الأمر الذي يكشف عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وانخفاض قيمة العملة المحلية مؤخرا.
صورة من: ILNA
فقر وبطالة وهجرة
ساهمت مشكلة التضخم في ظهور الطبقات المجتمعية بإيران وانتشار الفقر والبطالة. وحسب تقديرات البنك الدولي فإن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إيران استنادا إلى القدرة الشرائية الحقيقية للعملة الإيرانية بين عامي 1976 و2017، يكشف أنه خلال هذه الفترة أصبح الإيراني أكثر فقرا بنسبة 32 بالمئة. كما تشير الاحصائيات إلى أن عددا كبيرا من الشباب الإيراني يحاول الفرار من الأوضاع المتأزمة.
صورة من: shahrvanddaily.ir
صفقات في مهب الريح!
من بين الجوانب المرجح تأثرها السلبي بالعقوبات الأمريكية، الصفقات المعقودة مع كبرى الشركات الدولية على الصعيد العالمي وعلى صعيد النفط وأيضا والأجهزة الإلكترونية، مثل الصفقات التي عقدتها طهران مع شركة توتال النفطية وشركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات وجنرال إلكتريك للأجهزة والمعدات الإلكترونية.
صورة من: picture-alliance/dpa
انتكاسة السياحة
توتر العلاقات مع الاقتصاديات الكبرى وبعد العقوبات المفروضة جعل الحالة الإقتصادية لإيران مُقبلة على عزلة تشمل عدة قطاعات مثل السياحة. فبعد أن دشنت شركات طيران كبرى، مثل الخطوط الجوية البريطانية، رحلات إلى البلد بهدف الترويج له كوجهة سياحية، وفتح سلسلة فنادق عالمية مثل Accor عام 2015، يرى مراقبون أن هذه الصفقات قد يتم التراجع عنها بسب قلة السياح ومحدودية رحلات الطيران القادمة من أوروبا. مريم مرغيش