السودان ـ فشل جولة جديدة من مفاوضات وقف إطلاق النار
٧ نوفمبر ٢٠٢٣
لم يحرز طرفا الصراع في السودان أي تقدم نحو وقف إطلاق النار في محادثاتهما الأخيرة في السعودية، وعوضا عن ذلك أكّدا التزامهما بزيادة المساعدات الإنسانية، لتفشل الجولة الأولى من محادثات "جدة2" في تحقيق أي اختراق.
إعلان
أعلنت السعودية والولايات المتحدة، والهيئة الحكومية للتنمية في غرب إفريقيا (الإيغاد)، بصفتها ممثلاً مشتركاً للاتحاد الأفريقي والإيغاد، وكون الأطراف الثلاثة الميسرين لمحادثات (جدة2)، عن التزام القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع باتخاذ خطوات لتسهيل زيادة المساعدات الإنسانية وتنفيذ إجراءات بناء الثقة، إلا أنها أعلنت "عدم تمكن الطرفين (المتحاربين في السودان) من الاتفاق على وقف لإطلاق النار خلال هذه الجولة الأولى.
وأوردت وكالة الأنباء السعودية بيانا عن الخارجية السعودية جاء فيه "يأسف الميسرون لعدم تمكن الطرفين من الاتفاق على اتفاقات لتنفيذ وقف إطلاق النار خلال هذه الجولة الأولى، حيث لا يوجد أي حل عسكري مقبول لهذا الصراع".
ومنذ 15 نيسان/أبريل تدور في السودان حرب بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق الفريق أول محمد حمدان دقلو الملقّب بـ"حميدتي". ومذاك، قُتل أكثر من عشرة آلاف شخص، وفقًا لتقديرات "مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح" (أكليد).
واستضافت السعودية منذ الأسابيع الأولى للحرب محادثات في مدينة جدة الساحلية أسفرت عن التوصل لإعلان جدة، وهو التزام بتجنب استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية والسماح بدخول المساعدات العاجلة. ولكنّ بعد أسبوع من الاتفاق، أكّد مفوض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث لوكالة فرانس برس حدوث انتهاكات "مهمة وفاضحة" للاتفاق. وبالمثل خُرقت أكثر من هدنة تم التوصل اليها في الأسابيع الأولى للحرب.
وحاولت الولايات المتحدة، التي ساهمت في تنسيق محادثات جدة، التقليل من التوقعات بشأن هذه الجولة الأخيرة، اذ أكد مسؤولون أميركيون أن من السابق لأوانه مناقشة حل سياسي دائم. لكنهم أثاروا احتمال أن تعمل المحادثات على "تحقيق وقف إطلاق النار"، وأعربت السعودية عن أملها في "اتفاق سياسي يتحقق بموجبه الأمن والاستقرار والرخاء للسودان وشعبه الشقيق". ولكنّ النتائج حتى الآن أقل بكثير من ذلك، ولم يتضح الثلاثاء ما هي الخطوات التالية في هذا المسار الدبلوماسي.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الجانبين اتفقا على العمل مع الأمم المتحدة "لمعالجة معوقات إيصال المساعدات الإغاثية" وتحديد نقاط الاتصال لتسهيل عبور طواقم الإغاثة. وأضافت أنهم اتفقوا أيضا على "إجراءات بناء الثقة" بما في ذلك توقيف الهاربين من السجون، في إشارة واضحة إلى شخصيات بارزة في عهد الرئيس السابق عمر البشير، فرت من مرافق الاحتجاز في وقت مبكر من الحرب وانضمت إلى الجيش.
وأضافت بيان الخارجية السعودية أن "الأمر متروك الآن لكل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في الالتزام التام بمسؤوليتهما لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه".
والثلاثاء، اندلع حريق هائل في مصفاة لتكرير النفط تسيطر عليها قوات الدعم السريع شمال العاصمة السودانية الخرطوم، وألقت القوات شبه العسكرية باللوم فيها على غارة جوية للجيش، في حين قال الجيش إنّ "ناقلة وقود تابعة للميلشيا انفجرت". والإثنين، حذّرت ممثّلة للأمم المتّحدة من أنّ المعارك الدائرة بين طرفي النزاع في السودان تقترب من الحدود مع جنوب السودان ومن منطقة أبيي المتنازع عليها بين البلدين.
ف.ي/ع.ج.م (د ب ا، رويترز، ا ف ب)
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
منذ سقوط نظام البشير تتصارع قوى سياسية وعسكرية على السلطة في السودان. وتسبب الصراع في عدم استقرار الأحوال بالبلاد على مدى سنوات، إلى أن اندلع القتال الأخير بين الجيش وقوات الدعم السريع. فما هي أبرز تلك الجهات المتصارعة؟
صورة من: Ebrahim Hamid/AFP/Getty Images
قوى "إعلان الحرية والتغيير"
وهي تجمع لعدد من التيارات والمكونات السياسية الإئتلافات المدنية السودانية، منها "تجمّع المهنيين" و "الجبهة الثورية" و "تحالف قوى الإجماع الوطني" و "كتلة التجمع الاتحادي" و "كتلة قوى نداء السودان".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
تأسيس "إعلان الحرية والتغيير"
تأسّست قوى الحرية في كانون الثاني/يناير 2019 خِلال الاحتجاجات التي اندلعت عام 2018 ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير. قامت تلك القوى المعروفة اختصاراً باسم "قحت" بصياغة "إعلان الحرية والتغيير" و"ميثاق الحرية والتغيير" الذي دعا إلى إقالة البشير من السلطة وهو ما حدث في نيسان/أبريل عام 2019.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش يطيح باتفاق تقاسم السلطة
استمرت "قحت" في نشاطها ونظمت احتجاجات في وجه المجلس العسكري الذي حكم البلاد "نظريًا" بعد سقوط نظام البشير ثمّ دخلت في مرحلة مفاوضات مع الجيش حتى توصلت معه في 17 تموز/يوليو 2019 إلى خطة لتقاسم السلطة لكنها لم تصمد كثيراً، حيث أطاح الجيش السلطة المدنية واتُهم بتنفيذ "انقلاب".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش الحاكم الفعلي منذ استقلال السودان
الحاكم الفعلي للبلاد منذ إعلان الجمهورية عام 1956. يحتل المركز 75 عالمياً في قائمة أقوى جيوش العالم ويصل عدد أفراده إلى نحو 200 ألف جندي بين قوات عاملة واحتياط. لدى الجيش السوداني 191 طائرة حربية متنوعة بين مقاتلات وطائرات هجومية وطائرات شحن عسكري وطائرات تدريب ومروحيات هجومية. كما يمتلك 170 دبابة وآلاف المدرعات وأنواع مختلفة من المدافع وراجمات الصواريخ إلى جانب أسطول بحري صغير.
صورة من: Sovereignty Council of Sudan/AA/picture alliance
انقلاب الجيش على الحكومة المدنية
استولى الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على السلطة وأعلن حالة الطوارئ، منهياً اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين في خطوة وصفت بأنها انقلاب عسكري. تقول التيارات المدنية إن الجيش يرفض تسليم السلطة للمدنيين ما أدى لصدامات متعددة كان أبرزها ما سمى "بمجزرة القيادة العامة" في حزيران/يونيو 2019 وراح ضحيتها أكثر من 100 قتيلٍ في يومٍ واحد وتبرأ المجلس العسكري منها وأكد فتح تحقيقات بشأنها.
صورة من: Sudan Sovereignty Council Press Office/AA/picture alliance
الرجل القوي في الجيش السوداني
يقود الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان والذي برز اسمه في فبراير/شباط 2019، مع إعلان البشير ترقيته من رتبة فريق ركن إلى فريق أول. تولى العديد من المناصب داخل وخارج السودان. عقّدت الانقسامات بين قوات الدعم السريع والجيش جهود استعادة الحكم المدني. وسرعان ما دب الخلاف بين الرجلين القويين عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ونائب البرهان.
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP/Getty Images
قوات الدعم السريع..ميليشيات الجنجويد بالأمس
عمودها الأساسي ميليشيات الجنجويد وهي جماعات مسلحة كانت موالية للبشير، أثارت ذعراً شديداً منذ عام 2003 حين قامت بسحق تمرد في دارفور. اتهمت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية. أضفى البشير الشرعية عليها لتتحول إلى "قوات الدعم السريع" وفق قانون أجازه المجلس الوطني في عام 2017". حصل قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" على رتبة عسكرية وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
قوات الدعم السريع..الرجال والعتاد
يُقدر عدد أفراد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد ينتشرون في جميع أنحاء البلاد. تمتلك عدداً كبيراً من الأسلحة الخفيفة مثل البنادق والرشاشات والأسلحة المضادة للدروع والصواريخ الموجهة والمتفجرات اليدوية والأسلحة الثقيلة مثل المدافع والدبابات وآلاف من سيارات الدفع الرباعي وغيرها.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
من هو محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع؟
"حميدتي" اللواء محمد حمدان دقل، هو تاجر جمال سابق وحاصل على قدر من التعليم الأساسي ويعد الرجل الثاني في السودان وأحد أثرى الأشخاص في البلاد. أدى دوراً بارزاً في السياسة المضطربة في السودان على مدى سنوات وساعد في إطاحة الرئيس البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم. تولى عدداً من أهم الملفات في السودان بعد سقوط البشير، بما في ذلك الاقتصاد المنهار ومفاوضات السلام مع جماعات متمردة.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
"حميدتي" ..رجل من؟
يتمتع حميدتي بعلاقات دولية قوية مع عدة دول أجنبية مثل روسيا وإثيوبيا، وأخرى عربية منها السعودية والإمارات خاصة بعد أن أرسل قواته لدعمهما ضد الحوثيين في الحرب الأهلية اليمنية. يقول مراقبون إنه منذ سقوط البشير وهو يسعى ليصبح الرجل الأول في السودان.
صورة من: Russian Foreign Ministry Press Service/AP/picture alliance
كيانات التيار الإسلامي
وهي تنظيمات وتيارات وكيانات إسلامية متنوعة المشارب والاتجاهات، منها "حركة الإصلاح الآن" بقيادة غازي صلاح الدين العتباني وهو مستشار سابق للبشير، وأيضاً "الحركة الإسلامية السودانية" بقيادة حسن عمر و"منبر السلام العادل" و "حزب دولة القانون والتنمية".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
موقف كيانات التيار الإسلامي
تقول قوى سياسية سودانية إن التيار الإسلامي في أغلبه يضم رموزاً من العهد السابق وأن أغلب مكوناته تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين. من جهتها تقول تلك التيارات الإسلامية إنها تعمل على حفظ السيادة الوطنية وجعل قيم الدين هي الحاكمة لجميع أوجه الحياة إضافة لإصلاح الشأن السياسي. إعداد: عماد حسن.