1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

طفولة في مخيم للاجئين.. شوق جارف إلى وطن جديد

صوفيا كليفتاكي
٢٥ يونيو ٢٠٢٤

فر الصبي السوري أيهم برفقة عائلته من سوريا إلى تركيا، لتستمر رحلتهم إلى اليونان، حيث لا تزال العائلة تقيم في مخيم شيستو للاجئين بالقرب من العاصمة أثينا، إذ رُفض طلب لجوئهم مرتين. فأي مستقبل ينتظر العائلة؟

أيهم البحش (11 عاماً) مع أخته الصغرى لين (8 أعوام) في مخيم شيستو للاجئين - صورة بتاريخ 20 يونيو 2024
مخيم شيستو للاجئين بالقرب من أثينا: أيهم البحش (11 عاماً) يعيش هنا منذ سبعة أشهر مع أخته الصغرى لين (8 أعوام) ووالديهصورة من: Sofia Kleftaki/DW

من الخارج يلوح جدار وبوابة للدخول وأسلاك شائكة تابعة لإحدى وحدات البحرية اليونانية المجاورة. يقع مخيم شيستو للاجئين وسط أرض قاحلة على مشارف أثينا، على بُعد حوالي نصف ساعة بالسيارة من وسط العاصمة اليونانية.

في الصباح الباكر ترتفع درجات الحرارة لأكثر من 30 درجة مئوية، وتهب رياح ساخنة، الهواء جاف ومغبر. على الرغم من الحرارة، هناك شيء ما يحدث في شيستو. صبي، ربما في ربيعه الخامس من العمر، يركض حافي القدمين على الأرضية المغبرة المرصوفة بالحصى، ويتوقف لمشاهدة مجموعة من رجال الإطفاء يقومون بتدريبات السلامة.

طبع الأطفال أكفهم بالطلاء على العديد من جدران الحاويات في مخيم شيستوصورة من: Sofia Kleftaki/DW

في معسكر اللاجئين هذا يعيش حالياً 193 طفلاً تتراوح أعمارهم بين أقل من شهر واحد وبين 17 عاماً مع أسرهم. وينحدر معظمهم من سوريا  وأفغانستان والصومال والعراق. لم يعد هناك أي قاصرين غير مصحوبين بذويهم في شيستو. في الماضي، كانت مخيمات اللاجئين اليونانية - بما في ذلك هنا - تحتوي على ما يسمى بـ "المنطقة الآمنة" لهذه المجموعة من الأطفال. ومع ذلك، ونظراً للاحتياجات الخاصة للأطفال غير المصحوبين بذويهم، لم يعد هذا موجوداً اليوم. يتم إيواء القُصّر الموجودين في اليونان بدون والديهم في معسكرات منفصلة.

"كنا على الطريق لمدة ثلاثة أيام"

أيهم البحش (11 عاماً) يعيش في شيستو منذ سبعة أشهر مع أخته الصغرى لين (8 أعوام) ووالديه. يجلس الصبي في مكتب الاندماج الاجتماعي مع مترجمه وأعضاء من فريق العمل في المخيم بمكتب الاندماج الاجتماعي. وتتدلى الصور الملونة والمشغولات اليدوية على جميع جدران القاعة. وهناك ثمة هاتف محمول معلق في السقف مكتوب عليه كلمة "السعادة".

أيهم ولين مع مترجم وموظف من إدارة مخيم شيستو للاجئينصورة من: Sofia Kleftaki/DW

فرت عائلة أيهم من سوريا إلى تركيا وعاشت لمدة ثماني سنوات في مدينة مرسين على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​بتركيا. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، وصل الوالدان وأطفالهما إلى جزيرة كوس اليونانية وبعد شهر إلى شيستو. يقول أيهم: "بقينا في الطريق لمدة ثلاثة أيام، أتذكر ذلك". لكن الصبي السوري لا يتذكر أي تفاصيل أخرى عن الهروب إلى اليونان.

تجارب سيئة في تركيا

تقول والدة أيهم، آلاء الحطاب (34 عاما): "ما عشناه في تركيا كان سيئاً. إنه أمر فظيع عندما يأتي أطفالك من المدرسة ويخبرونك أنهم قد تعرضوا للعنف. تركيا  ليست بلداً آمناً".

وتوضح آلاء الحطاب أنها تشعر بالأمان في اليونان، فموظفو مخيم شيستو يعاملونها هي وعائلتها بشكل لائق. ومع ذلك لا يمكنهم حقًا المساعدة أيضاً، فقد رُفض طلب اللجوء الذي قدمته الأسرة مرتين. في هذا السياق تقول الحطاب إنها لا تعرف ما سيحدث بعد ذلك ولا يمكنها سوى الانتظار في الوقت الحالي. وهي بالتأكيد لا تريد العودة إلى سوريا. "أريد الأفضل لأطفالي، لم يبق لنا سوى الأمل الآن".

آلاء الحطاب مع طفليها لين وأيهمصورة من: Sofia Kleftaki/DW

كندا وبريطانيا وألمانيا ، مراراً وتكراراً: الأطفال في شيستو يعرفون من آبائهم أن اليونان هي بمثابة محطة توقف بالنسبة لهم في رحلتهم نحو أوروبا. لكن إلى متى هذا التوقف؟

أسئلة يومية

تعيش كل عائلة في شيستو في حاويتها الخاصة التي تتكون من غرفتي نوم منفصلتين مع أسرة مفردة وسرير بطابقين، ومطبخ بموقد وثلاجة، وحمام. يتم توفير الماء الساخن في شيستو عن طريق أنظمة الطاقة الشمسية وفيها سخانات كهربائية. جميع الحاويات لديها أيضا أجهزة لتكييف الهواء. بالإضافة إلى حاويات المعيشة، هناك مبنى خاص للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يحتوي على منصة لتسهيل الدخول إليه.

وبما أن الوقت الحالي هو العطلة الصيفية في اليونان ولا يذهب الأطفال إلى المدرسة، فإنهم يقضون معظم وقتهم في الحاويات المكيفة خلال النهار. فقط في المساء، عندما تنخفض درجات الحرارة ببطء وتصبح محتملة، يخرجون للعب في ملعب الأطفال أو ملعب كرة القدم الصغير. من أبرز أحداث حياة أيهم ولين اليومية هي الرحلات إلى خارج المخيم لمشاهدة بعض العروض والمناسبات.

"لا تغمضوا أعينكم عن أحد" - رسم الأطفال رسائل على مبنى المدرسة مليئة بالتسامح والتضامنصورة من: Sofia Kleftaki/DW

رافقت آلاء الحطاب طفليها في رحلة إلى أسبوع اللاجئين وسط العاصمة أثينا. الأشقاء يلونون برفقة أطفال آخرين منزلاً مصنوعاً من الورق المقوى: ورشة عمل تفاعلية حول موضوع "البيت" و"الوطن" ورمزيهما. تقول الحطاب: "أصعب شيء بالنسبة لي هو الأسئلة شبه اليومية التي يطرحها أطفالي حول متى سننتقل أخيراً إلى منزلنا".

الاستعداد للحياة في الخارج

يستطيع معظم الأطفال التواصل باللغة اليونانية، والعديد منهم يتحدثون الإنجليزية أيضاً. جميع الأطفال في سن المدرسة مسجلون في المدارس اليونانية. لكن هناك من لا يذهب إلى المدرسة. في هذا السياق يقول توماس باباكونستانتينو، رئيس منظمة شيستو: "لا نستطيع، ولا نريد، أن نجبر هؤلاء الأطفال وآباءهم على القيام بذلك".

يرى توماس باباكونستانتينو الذي يدير المخيم في شيستو منذ 2020، أن عمله لا يقتصر على توفير السكن والرعاية الطبية للاجئين فحسب، بل وقبل كل شيء في تحسين الحياة باستمرار في المخيم بطرق مختلفة. ويولي باباكونستانتينو وفريقه أهمية خاصة لإعطاء الأطفال دوافع مختلفة وتقديم رؤى للحياة خارج شيستو.

توماس باباكونستانتينو (في الأمام على اليسار) وفريقه يعتنون بالأطفال وأسرهم في مخيم شيستو للاجئينصورة من: Sofia Kleftaki/DW

ولهذا ينظم مدير المخيم بانتظام رحلات إلى الأحداث الرياضية والثقافية. ومؤخراً، كان أيهم ولين حاضرين في نهائي بطولة دوري المؤتمر الأوروبي، وفي ملعب كاليمارمارو لحضور حفل الشعلة الأولمبية لدورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024.

يأخذ أيهم كرة طائرة من حاويته ويتحدث بحماسة عن زيارته لمشاهدة  نهائي دوري المؤتمر الأوروبي. فقد سُمح لـ 12 طفلاً من شيستو، بما في ذلك أيهم وشقيقته لين، بمرافقة لاعبي فريق أولمبياكوس اليوناني إلى الملعب. حتى أنه سُمح لحسين البالغ من العمر ثلاثة عشر عامًا بتسليم الكرة. يقول لنا أحد موظفي فريق شيستو: "لم يرغب الأطفال في خلع قمصانهم لمدة أسبوع بعد المباراة".

"لقد سُمح لي بمرافقة اللاعب الذي سجل الهدف!"، يقول أيهم بفخر. لكنه لاحقاً لا يريد أن يصبح لاعب كرة قدم، بل طبيباً أو طياراً. أما لين فتعشق كرة القدم تماماً مثل شقيقها، بيد أن مهنة أحلامها: طبيبة أطفال.

أعده للعربية: ع.غ

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW