طموح السعودية النووي .. هل يفشل الاتفاق النووي مع إيران؟
١٧ نوفمبر ٢٠٢٠
بعد أن وصل الاتفاق النووي مع إيران إلى حافة الفشل، تسعى دول، مثل السعودية استغلال الموقف لصالحها. في المقابل هناك تطلع في ألمانيا نحو الإدارة الأمريكية الجديدة لإنقاذ الاتفاق، الذي شاركت برلين في التوصل إليه.
إعلان
بات الاتفاق النووي مع إيران على حافة الهاوية منذ انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية منه في عام 2018. كما لا يزال من غير الواضح كيف ستتطور الأمور بعد تغيير الرئاسة في واشنطن. إلا أن هذه القضية أضحت أكثر إلحاحاً بسبب أمن المنطقة. السياسي في حزب الخضر الألماني أوميد نوريبور، قال في مقابلة مع DW، إن الاتفاق النووي مع إيران كان حتى الآن "العقبة الرئيسية أمام انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط". وأضاف السياسي في تصريح لدويتشه فيله: "الأمر لا يتعلق فقط بمنع قنبلة إيرانية، ولكن أيضا حرمان الآخرين في المنطقة من تبرير سعيهم وراء القنبلة. ولهذا السبب بذل المعارضون للاتفاق بشدة من كلا الجانبين في منطقة الخليج كل ما في وسعهم من أجل إفشاله".
الأسلحة النووية في السعودية هو "خيار"
يبدو أن المشكلة تكمن في أن استخدام إيران للتقنية النووية في المجال العسكري، سيهدد بانهيار المنطقة كأحجار "لعبة الدومينو“. لهذا عبرت المملكة العربية السعودية الآن عن موقفها من الاتفاق، وفي هذا الصدد قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، إن بلاده تحتفظ بالحق في تسليح نفسها بأسلحة نووية إذا لم يكن بالإمكان منع إيران من صنع تلك الأسلحة. أضاف الجبير في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "إنه خيار بالتأكيد"، مشيرا إلى أنه إذا أصبحت إيران قوة نووية فإن مزيدا من الدول ستحذو حذوها. وتابع "لقد أوضحت السعودية أنها ستبذل قصارى جهدها لحماية شعبها وحماية أراضيها".
وإذا لم يعد الاتفاق النووي مع إيران فعالاً بما فيه الكفاية، فقد ينهار الأمن في المنطقة. في ألمانيا، تعلق الآمال الآن على أن يتم نزع فتيل القضية في أقرب وقت ممكن مع الإدارة الجديدة في واشنطن. من جهته قال أوميد نوريبور: "إنه أمر شائك بالنسبة لنا في أوروبا، للسعي لإنقاذ الاتفاقية النووية مع إدارة بايدن". وحذر من أن أي شيء آخر غير هذا، سيوصل إلى أسلحة نووية في الجوار الأوروبي.
أوروبا بحاجة إلى استراتيجية جديدة مع إيران
من ناحية أخرى، يرى المتحدث باسم السياسة الخارجية عن "الحزب الديمقراطي الحر" في ألمانيا، بيجان دجير سراي أن "التمسك بالاتفاق لا يمثل نموذجاً مستقبلياً". وأضاف جير سراي إن الأوروبيين بحاجة ماسة إلى استراتيجية جديدة للتعامل مع إيران. يقول السياسي الليبرالي ذو الجذور الإيرانية: "لا أحد يستطيع الانضمام إلى الاتفاقية التي أبرمناها في عام 2016. في غضون ذلك، طرأ الكثير من التغيير على المشهد السياسي، بما في ذلك في المنطقة". في رأيه، "الاتفاق النووي مع إيران لا معنى له، إلا إذا تم أخذ جوانب أخرى في الاعتبار، مثل برنامج الصواريخ الإيراني، وقبل كل شيء، دور إيران في المنطقة بأكملها". إذ تتنافس المملكة العربية السعودية وإيران على السيادة في الشرقين الأدنى والأوسط، وهي منطقة بها صراعات عديدة مثل الحروب الدامية في سوريا واليمن.
الطموح السعودي النووي
في عام 2015، وقع الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وألمانيا على اتفاق مع الحكومة في طهران يقضي بوقف تطوير قنبلة نووية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية. لكن في مايو/ أيارعام 2018، في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق ووصلت به إلى حافة الفشل. وسعت إدارة ترامب جاهدة للتوصل إلى اتفاق أبعد مدى يشمل أيضًا برنامج الصواريخ الإيراني ويوقف تدخل إيران في النزاعات الإقليمية. والمملكة العربية السعودية تدعم هذا.
عندما سئل عما إذا كان يخشى من التغيرات التي قد تأتي في عهد جو بايدن كرئيس للولايات المتحدة، أجاب وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية: "سنرى"، واصفاً الاتفاق السابق بأنه "ضعيف".
ويعتبر ترامب حليفاً مخلصاً للسعودية ولا توجد لحد الآن معلومات عن البرنامج النووي للمملكة، كما أنها لا تمتلك محطات طاقة نووية. غير أن الحكومة أعلنت أنها تعتزم بناء 16 مفاعلًا نووياً على مدى العقود الثلاثة المقبلة.
ويهدف هذا البرنامج، حسب ما أعلن عنه، إلى تغطية الطلب المتزايد على الطاقة وكذلك استخدام مفاعلات أصغر لتحلية مياه البحر. كما تعمل الرياض بشكل أساسي مع الصين في مشاريع الطاقة النووية. في خطوة مماثلة لإيران، وقعت السعودية على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، التي تتعهد بموجبها الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية بعدم امتلاك أي منها في المستقبل أيضاً. رغم ذلك، ترددت منذ فترة طويلة مخاوف بشأن إمكانية تطوير أسلحة نووية. من جانبه هدد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف بالانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في يناير/ كانون الثاني بسبب الخلاف على الاتفاق النووي.
روزاليا رومانيك/ د.ب.أ/ إ.م
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
لعبة القط والفأر مع الغرب. بداية البرنامج النووي الإيراني في نهاية خمسينات القرن الماضي كانت واعدة. ثم جاءت القطيعة مع وصول الخميني للحكم لتتوالى فصول الترغيب والترهيب: اتفاق عام 2015، ثم انسحاب أمريكي وعقوبات قاسية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Iranian Presidency Office/M. Berno
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
صورة من: gemeinfrei
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
صورة من: Getty Images/Afp/Gabriel Duval
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
صورة من: akairan.com
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
صورة من: AP
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
صورة من: AP
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
صورة من: AP
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
صورة من: AP
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
صورة من: AP
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
صورة من: ISNA
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Wilking
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
صورة من: Getty Images/A. Burton/M. Wilson
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
صورة من: Imago/Zumapress/C. May
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
صورة من: Getty Images/L. Balogh
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
صورة من: Reuters/S. Nenov
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة