"طوارئ ضد النازية" .. مبادرة مدينة دريسدن لمكافحة العنصرية
٢ نوفمبر ٢٠١٩
قرر مجلس إدارة مدينة دريسدن الألمانية إصدار مبادرة تهدف إلى التصدي لجذور التطرف اليميني وعواقبه خصوصا معاداة السامية والعنصرية وكراهية المسلمين، بعد النجاحات التي حققها حزب البديل لألمانيا الشعبوي في الولاية.
إعلان
أعلن مجلس مدينة درسدن شرقي ألمانيا ما أسماه "حالة طوارئ ضد النازية" بالمدينة. وقالت أغلبية أعضاء مجلس المدينة إن مسوغات القرار تتمثل في "تزايد ظهور المواقف المعادية للديمقراطية والتعددية والمعادية للإنسانية في تصرفات وأفعال اليمين المتطرف والتي وصلت إلى حد استخدام العنف في درسدن وتزايده وعلانيته".
وصوت المجلس البلدي بأغلبية 39 صوتا مقابل 29 وتحدثت عنه وسائل الاعلام المحلية اليوم السبت (2 نوفمبر/ تشرين الثاني)، حيث أوضح المجلس البلدي إنه "خلص بقلق الى أن المواقف المنافية للديمقراطية والتعددية، والتمييزية، ومواقف اليمين المتطرف التي تبلغ حد العنف تزداد في دريسدن".
وقال مستشار المدينة ماكس أشينباخ من حزب "دي بارتاي" (وتعني الحزب) في معرض حديثه عن مبادرة فرض "حالة طوارئ" بالمدينة: "هذه المدينة لديها مشكلة مع النازيين"، حيث أشار إلى حركة بيغيدا والاعتداءات المعادية للأجانب.
والنص الأصلي الذي كان موضع جدل واسع تمت تقريبا إعادة صياغته قبل تبنيه بأغلبية تضم احزاب اليسار والليبراليين. لكن عنوانه كان موضع جدل بشكل خاص وتعذر تعديله لأسباب إجرائية. وقال توماس لوسر من الحزب الخضر "لا نريد أن يؤجج حزب "بيغيدا" الكراهية في مدينتنا" في إشارة إلى الحركة التي تروج لكراهية المسلمين والتي نشأت في المدينة وضمت في السنوات الاخيرة آلاف الانصار.
وفي الأشهر الأخيرة، حقق حزب البديل لألمانيا الشعبوي المعارض لسياسة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على صعيد استقبال المهاجرين، العديد من النجاحات الانتخابية في ما كان يعرف بألمانيا الشرقية. وحل في ساكس التي عاصمتها دريسدن، ثانيا بنسبة تناهز 28 بالمئة من الاصوات في الانتخابات الاقليمية في أيلول/سبتمبر.
وصوت نواب هذا الحزب وكذلك النواب المحافظون في حزب ميركل ضد القرار وعبروا عن الأسف لاقتصاره على اليمين المتطرف.
ز.أ.ب/ ع.أ.ج (د ب ا، أ ف ب)
كيف تحولت مدينة كارل ماركس السابقة إلى مسرح للتطرف اليميني؟
شهدت كيمنتس تحولا كبيرا منذ إعادة توحيد ألمانيا بدءًا بعودة اسمها الأصلي إلا أنها أمست رمزا للخوف على ديمقراطية ألمانيا وانقسام المجتمع بعدما وقعت جريمة قتل لرجل ألماني، يشتبه أن مرتكبيها هما اثنان من طالبي اللجوء العرب.
صورة من: Secunda-Vista/Fotolia.com
ثالث أكبر مدن ساكسونيا
بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
تغيير الاسم على طريقة السوفييت
اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).
صورة من: imago/ecomedia/robert fishman
مشاهد من عصر النازية
كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.
صورة من: picture alliance
تأثير سوفيتي كبير
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مصاعب ما بعد الوحدة
رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.
صورة من: picture-alliance/ZB
جريمة قتل تفسح الطريق لليمين المتطرف
مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Prautzsch
الاحتشاد أمام كارل ماركس
صدر أمر باعتقال اثنين مشتبه بهما في قتله، أحدهما سوري عمره 23 عاما، والآخر عراقي عمره 22 عاما، يفترض أنهما وجها للرجل الألماني عدة طعنات. وبعدما انتشر خبر مقتله وقعت مظاهرات بعد ظهر الإثنين في قلب مدينة كيمنتس، واحتشدت مجموعات من اليمين المتطرف حول تمثال كارل ماركس.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
صراع اليمين واليسار وهجوم على أجانب
بالتزامن مع ذلك تكونت مظاهرة مضادة من قبل الأحزاب اليسارية في نفس المكان، مما حتم تدخل الشرطة لمنع وقوع الصدام. وقام أشخاص من اليمين المتطرف بمهاجمة أجانب في كيمنتس. وفي المساء بدأت المظاهرات تهدأ بعدما أسفرت عن جرح ستة أشخاص، وتقول الشرطة إن عدد المشاركين في المظاهرات جاء أكبر من توقعاتها بكثير.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
"غير قابل للانقسام"
أظهرت تلك الأحداث مدى المخاطر التي تحدق بالديمقراطية والتعددية في ألمانيا، وتحدث سياسيون ومشاهير عن قلقهم من الانقسام، وأُعلن عن تنظيم مبادرة "غير قابل للانقسام" (unteilbar#)، من أجل التظاهر في برلين في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد الإقصاء وتأييداً لمجتمع ألماني منفتح. وستكون هناك في نفس اليوم مظاهرات في عواصم أوروبية أخرى ضد النزعة القومية. إعداد: صلاح شرارة.