ليس لتغير المناخ مظاهر سلبية دائماً، فبفضل تغير المناخ وبالتحديد ظاهرة الاحتباس الحراري ازدادت شدة الرياح قوةً، وهو ما أدى إلى زيادة إيجابية في وزن طيور القطرس، أكبر الطيور الطائرة على وجه الأرض، تعرف عليها.
إعلان
بفضل ظاهرة الاحتباس الحراري، أي ارتفاع درجة حرارة الأرض الذي أدى إلى زيادة شدة الرياح، ازداد عدد طيور القطرس وأصبحت تتكاثر بشكل أكبر. وقام فريق بحث فرنسي-ألماني بدراسة وزن طيور القطرس الضخمة في جزر كروزيه في الجزء الجنوبي من المحيط الهندي، وحصل فريق البحث على نتائج مدهشة.
فقد ازداد وزن هذه الطيور التي تُعَد أكبر الطيور البحرية في العالم بمقدار كيلوغرام واحد في المتوسط، في السنوات الماضية. وتُعَدّ هذه الزيادة في الوزن زيادة كبيرة، إذ يبلغ متوسط وزن إناث هذه الطيور 8 كيلوغرامات، كما يبلغ متوسط وزن ذكورها 9 كيلوغرامات. وهي الزيادة التي يرى فيها الخبراء فوائد كبيرة.
كميات أكبر من الغذاء
وأوضح الباحث تورستن فيغاند من مركز هيلمهولتز لأبحاث البيئة في حديث لموقع دي دبليو DW سبب ازدياد وزن هذه الطيور قائلاً: " في وجود رياح قوية تستطيع طيور القطرس الطيران والتحليق بشكل أسرع، وبالتالي فإنها تستهلك مقداراً أقل من الطاقة، كما أنها تقطع بهذه السرعة الكبيرة مسافات أطول وتصل إلى مناطق أوسع، وبالتاليتحصل على المزيد من الأطعمة وتتناول كميات أكبر من المواد الغذائية".
عندما تأكل هذه الطيور كميات أكبر من الغذاء وحينما تستهلك قدراً أقل من الطاقة عند تحليقها في الهواء، فإنها تزداد وزناً بطبيعة الحال. ومن مزايا زيادة وزن هذه الطيور، التي تحلق بأناقة في الهواء، هي أن وزنها الزائد يمكِّنها من الطيران بشكل أفضل ضد التيارات الهوائية الشديدة. وبذلك فهي تستطيع العودة إلى أعشاشها وصغارها ضد التيارات الهوائية بسرعة أكبر. وهو الأمر الذي ينعكس إيجابياً على زيادة أعدادها.
الرياح الشديدة تؤدي إلى زيادة عدد صغار طيور القطرس
ويوضّح الخبير فيغاند ذلك قائلاً: "زيادة عدد صيصان هذه الطيور يعتمد على طول الفترة الزمنية التي يقضيها آباء وأمهات هذه الطيور في البحث عن الغذاء"، وهذا يعني أنه كلما عاد آباء وأمهات الصيصان بشكل أسرع بالطعام إلى أعشاش صغارها، بقي عدد أكبر من الصيصان الصغيرة على قيد الحياة.
وكانت رحلات طيور القطرس بحثاً عن الطعام، في فترة السبعينيات من القرن الماضي، تستمر 13 يوما تقريباً، لكن هذه الفترة تقلصت حالياً إلى حوالي 10 أيام فقط. لذا، تفقس لكل ذكر وأنثى من هذه الطيور حالياً بيضة واحدة أكثر منها قبل أربعين عاما. في تلك الفترة، كانت تفقس لكل أنثى بيضتان اثنتان، أما حالياً فقد ازداد العدد إلى 3 بيضات.
انتشار عالمي
بفضل الرياح الشديدة، الناتجة عن الاحتباس الحراري في جو الكرة الأرضية، ازداد عدد هذه الطيور البحرية في السنوات الأخيرة، وأصبح يعيش حاليا أكثر من 8000 ذكر مع مثل هذه العدد من الإناث في أعشاشها حول العالم. لكن هذه الطيور المهاجرة لن تستفيد إلى الأبد من التغير المناخي، فالباحثون يتوقعون أن الرياح سوف تتغير مرة أخرى في عام 2080 ، ولن يكون ذلك لصالح طيور القطرس، أكبر طيور العالم، بعكس ما هو عليه الحال حالياً.
ع ج م / ع أ. ج
الطيور المهاجرة.. ضحية البيئة والمناخ وعدوانية الإنسان
أصبحت حياة الطيور المهاجرة في خطر ليس فقط جراء تداعيات ظاهرة التغير المناخي فحسب، بل وبسبب الصيد وكذا العوائق الأخرى المرتبطة بالحياة المدنية. وأصبحت رحلات الطيور المهاجرة مرهقة وتستغرق وقتا أطول من المعتاد.
صورة من: Michael Schöne/Star Media/Zoonar/picture alliance
الوقواق.. سفينة السماء
تتمتع طيور الوقواق بقوة حيث يمكنها السفر لقرابة ثمانية أشهر في العام في واحدة من أطول الرحلات التي يقوم بها أي طائر بري مهاجر. أما طيور السنونو فيمكنها الطيران لما يصل إلى ألف كيلومتر في اليوم. بيد أن الكثير من الطيور المهاجرة أصبحت مهددة بالانقراض حيث تواجه أخطارا عديدة أثناء تحليقها برا وبحرا.
صورة من: A. Audevard/blickwinkel/AGAMI/picture alliance
الطيور المهاجرة .. خطر الزجاج القاتل
ويعد الإنسان ألد أعداء الطيور المهاجرة سواء بصيدها أو جراء ما يقوم به البشر. فعلى سبيل المثال، تعد النوافذ الزجاجية الشفافة للغاية خطرا على الطيور المهاجرة حيث تعتبر قاتلة عند اصطدام الطائر بها. ففي الولايات المتحدة وحدها، يموت قرابة مليار طائر بسبب الاصطدام بالألواح الزجاجية سنويا.
صورة من: Freitag/Fotostand/picture alliance
طيور البجع.. أضواء المدينة
عادة ما تجذب أضواء المدن طيور البجع المهاجرة، ما يجعلها عرضة للاصطدام بالنوافذ الشفافة. لكن لحسن الحظ ظهرت بعض الطرق التي قد تحمي الطيور المهاجرة من هذا الخطر من خلال جعل الزجاج صديقا للطيور عن طريق طبع رسومات على الألواح الزجاجية أو تثبيت الزجاج الملون بدلا من الشفاف.
صورة من: Kalizhan Ospanov/XinHua/dpa/picture alliance
توربينات الرياح.. خطر، ولكن؟
ذكرت دراسة بريطانية حديثة أن توربينات الرياح الواقعة على طول طرق الهجرة الخاصة بالطيور مثل ساحل بحر البلطيق الألماني، تعد خطرا كبيرا على الطيور المهاجرة. ورغم ذلك، قدمت الدراسة بعض الحلول مثل تثبت أجهزة الاستشعار تغلقها بشكل آلي عند اقتراب الطيور أو حتى طلائها بلون أسود لكي تتمكن الطيور من تجنبها.
صورة من: Patrick Pleul/dpa/picture alliance
خطوط شبكات الكهرباء.. الخطر الأكبر
وكشفت الدراسة أيضا أن خطوط شبكات الكهرباء تعد خطرا كبيرا على الطيور المهاجرة حيث تقتل عدد أكبر من الطيور مقارنة بتوربينات الرياح. وتشكل خطوط الكهرباء خطرا بشكل خاص على الطيور التي تحلق على ارتفاع منخفض. بيد أن الدراسة قالت إن تميز خطوط الكهرباء وجعلها أكثر وضوحا قد ينقذ أسراب الطيور المهاجرة.
صورة من: picture alliance/dpa
الإنسان وفتكه بالطيور المهاجرة
وبعيدا عن شبكات الكهرباء والألواح الزجاجية، فإن البشر يقتلون العديد من الطيور المهاجرة عمدا عن طريق الصيد. فعلى سبيل المثال، يُجرى اصطياد 20 مليون طائر بري بشكل غير قانوني في منطقة البحر المتوسط وحدها سنويا. وإزاء، تطالب منظمات بضرورة حظر صيد الطيور المهاجرة أو تحديد أماكن ومناطق وطرق للصيد مع حظر صيد الأنواع المنقرضة.
صورة من: Ali Ali/dpa/EPA/picture alliance
أوروبا..حظر الصيد بحيلة "الدبق"
وفي محاولة لإنقاذ الطيور المهاجرة من محاولات صيدها، قرر الاتحاد الأوروبي حظر صيدها عن طريق حيلة "الدبق" أو ما يُعرف بـ "قبضان الغراء" حيث يتم اصطياد الطيور عن طريق وضع غراء أو مادة لاصقة من أشجار الدبق على أغصان الأشجار وهو يجعل الطيور تتألم.
صورة من: David Guttenfelde/AP/picture alliance
تاثير التغير المناخي على سلوك الطيور المهاجرة
تؤثر ظاهرة التغير المناخي على سلوك الطيور المهاجرة فقد أدت الظاهرة إلى جعل فترة الطقس الشتوى أقصر وأكثر اعتدالا ما يعني أن المزيد من الطيور سوف تتخلى عن الهجرة وتفضل البقاء في مناطق تكاثرها على مدار السنة.
صورة من: Steve Young/FLPA/imageBROKER/picture alliance
تغير المناخ خطر على طيور العندليب
حذر باحثون من نقصان الطيور المهاجرة مثل طيور العندليب جراء ظاهرة التغير المناخي، مؤكدين أن تفاقم الظاهرة قد يعني أن رحلات الهجرة التي تقطعها أسراب طيور العندليب ستكون أطول في المستقبل.
صورة من: Christian Naumann/Naturphotos/picture alliance
طائر الدخلة.. تغير مسار الرحلة
بدأت أسراب من طائر الدخلة ذو القبعة السوداء في تغيير مسار رحلات الهجرة فبدلا من الانتقال من أوروبا الوسطى إلى إسبانيا وشمال إفريقيا كما كان الحال في السنوات الماضية، تهاجر العديد منها الآن إلى بريطانيا في الشتاء إذ جعل المناخ المعتدل فصل الشتاء يُمكن تحمله كما باتت رحلات هجرتها أقصر لتنجو من أعمال الصيد.