1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ظاهرة الاحتراق النفسي: هل يأكل الدوري الألماني أبناءه؟

٣ أكتوبر ٢٠١١

رغم أن المرض النفسي للاعبي ومدربي الدوري الألماني بسبب الإجهاد والأرق خرج من دائرة التابوهات، إلا أن ظهور حالات جديدة دائماً ما تصاحبه موجة من الذهول يتصاعد معها النقاش للخوض في أسباب الظاهرة واقتراح حلول للحد من تبعاتها

نجوم عانت من الاحتراق النفسي. من اليمين إلى اليسار: سيباستيان دايسلر، رالف رانغنيك وروبرت إينكه.صورة من: AP/DW-Fotomontage

ما فتئ النقاش حول الاكتئاب والاحتراق النفسي (Burnout Syndrom) ومدى تأثيرهما على لاعبي ومدربي الدوري الألماني "البوندسليغا"، الذي صاحب دخول ماركوس ميلر حارس مرمى هانوفر إلى إحدى المصحات النفسية لتلقي العلاج، يفتر، حتى يعود إلى الواجهة من جديد. وكانت المناسبة هذه المرة الاستقالة المفاجئة لرالف رانغنيك، المدير الفني لفريق شالكه، الذي أرجع قراره بالتخلي عن منصبه لأسباب صحية بحتة أوجزها في الإرهاق و"نفاذ مخزونه من الطاقة".

وأثارت استقالة رانغنيك العديد من ردود الأفعال في الأوساط الرياضية الألمانية، والتي لم تقف عند حدث الاستقالة في حد ذاته، بل تجاوزته لتخوض في الدوافع الناتجة عن المشاكل النفسية التي ترغم بعض لاعبي ومدربي الدوري الألماني إلى التوقف اضطرارياً عن العمل سواء بشكل نهائي أو لفترة قد تطول أو تقصر لالتقاط الأنفاس وتجديد الطاقة.

الجمهور أصبح أكثر تفهماً

من جانبه أنحى مدرب باير ليفركوزن روبين دوت، عند استضافته في برنامج "دوبل باس" على قناة "سبورت 1" الألمانية للحديث عن الضغط المسلط على المدربين، باللائمة على وسائل الإعلام. وقال دوت: إنه "إلى جانب الهزيمة الرياضية يتم البحث أيضاً عن الفشل الشخصي، وإذا ما وُجد فيتم إبرازه والتركيز عليه". وهذا في نظره ما يزيد من الضغط النفسي الذي يقود إلى حالة الإعياء النفسي والجسدي، وتمنى دوت "أن تبقى النقاشات حول الهزائم الرياضية في إطارها الرياضي المحض".

وعزا مدرب ليفركوزن، الذي بدا متأثراً من جراء النتائج السلبية التي حصدها فريقه في الأسبوعين الأخيرين من مسابقة الدوري، معاناة لاعبين ومدربين من جراء الاحتراق النفسي إلى عدم تعويض الطاقة التي يتم استنزافها خلال يوم العمل. واستطرد دوت قائلاً: "المدرب يستنزف طاقة كبيرة، لأنه ليس لديه ذلك الصمام الذي يٌنفس من خلاله عن نفسه مما يلحقه من قلة الاحترام والإهانات والادعاءات الكاذبة".

بعد إصابته بالإجهاد قرر رالف رانغنيك الابتعاد عن ميدان التدريب دون أن يحدد تاريخا لعودته.صورة من: dapd

وفي الآونة الأخيرة انتشر استخدام مصطلح "الاحتراق النفسي" في الصحافة الرياضية الألمانية بشكل كبير. ويرجع ذلك بالأساس إلى تزايد الحالات التي تعاني من أعراضه، مثل الإجهاد والأرق الشديد والاكتئاب بين لاعبي الدوري الألماني، مما اضطر بعضهم إلى وقف مساره الرياضي. وأظهرت حالة رالف رانغنيك وماركوس ميلر حارس المرمى الاحتياطي لفريق هانوفر، اللذان اقتسما معاناتهما مع الرأي العام، أن مسألة الأمراض النفسية لدى الرياضيين المحترفين لم تعد من التابوهات التي يستحيل الخوض فيها كما كان الأمر في السابق.

ويرى تيو تسفانسيغر، رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم، أن الجمهور أصبح أكثر تفهماً لهذه الفئة من الرياضيين، وأرجع ذلك، في تصريحات أدلى بها لوسائل الإعلام المحلية على خلفية استقالة رانغنيك، إلى الحملات التوعوية التي أعقبت وفاة حارس مرمى المنتخب الألماني وفريق هانوفر روبرت إنكه في عام 2009. وقال تسفانسيغر: "ربما أصبح المرء الآن أكثر تفهماً واحتراماً لضعف الآخرين ومرضهم عما كان الحال عليه قبل عامين، أو على الأقل أتمنى أن يكون الأمر كذلك".

نهاية مأساوية لروبرت إنكه

وكان أول من أثار معاناة اللاعبين المحترفين في الدوري الألماني مع المشاكل النفسية هو لاعب هيرتا برلين وبايرن ميونيخ السابق سيباستيان دايسلر. إذ اعترف لاعب خط الوسط عام 2003 بإصابته بالاكتئاب قبل أن يلتحق بإحدى مصحات الطب النفسي لتلقي العلاج. ثم عاد بعدها اللاعب الموهوب لملاعب الكرة، لكنه وضع حداً لمسيرته الكروية في عام 2007 عن سن لم يتجاوز السابعة والعشرين ربيعاً. وفي مقتطف من سيرته الذاتية كتب دايسلر عن حالته قائلاً: "كان النوم يجافي عيني، لم أكن قادراً على النوم لأنني كنت أخاف من الاستيقاظ". وتبقى الحالة التي هزت ألمانيا هي تلك التي تخص حارس المرمى الدولي روبرت إنكه الذي مات منتحراً بعدما رمى بنفسه أمام إحدى القطارات بالقرب من مدينة هانوفر. وتبين فيما بعد أن إنكه كان يعاني من الاكتئاب والخوف من الفشل، كما أنه كان يخضع للعلاج النفسي منذ 2003.

جانب من مراسيم تشييع جنازة حارس مرمى منتخب ألمانيا السابق روبرت إنكه الذي مات منتحرا بعد معاناة طويلة مع الاكتئاب.صورة من: AP

ومع تزايد عدد حالات لاعبي البوندسليغا الذين يعانون من مشاكل نفسية بسبب الضغوط المختلفة التي تفرضها المنافسة الرياضية، بدأ بعض المحللين الرياضيين الخوض في إشكال مدى احترام المنتج الرياضي للبوندسليغا للمعايير الإنسانية، بل منهم من قال صراحة أن البوندسليغا تأكل أبناءها، في إشارة إلى الضغط النفسي الذي تفرضه المنافسة الشرسة على اللاعبين والمدربين على حد سواء. غير أن أولي هونس، رئيس نادي بايرن ميونيخ، قلل من حدة هذه النقاشات في تصريح للقناة الألمانية الثانية، عندما اعتبر أن أعراض الاحتراق النفسي لا تعتبر مشكلاً مرتبطاً بكرة القدم فقط، بل نجده أكثر انتشاراً في مجالات أخرى كمجال الاقتصاد مثلاً.

وقد يكون هونس على جانب كبير من الصواب في أن المشاكل النفسية ليست ظاهرة تخص البوندسليغا وحدها. ولكن ما الضير في ذلك، يتساءل المراقبون، في أن تٌفعل رابطة الدوري الألماني (DFL) بعض التدابير التي من شأنها حماية اللاعبين والمدربين من آثار النكسات النفسية. إذ اقترح طبيب نادي شالكه تورستن راريك في هذا الشأن إضافة مادة دراسية جديدة تخص التأهيل النفسي الرياضي وآليات مواجهة الأرق إلى برامج تكوين المدربين بدل التركيز على النواحي الفنية للمهنة فقط.

وهناك أيضاً من طالب رابطة الدوري بإلزام الأندية بإنشاء مراكز العناية الاجتماعية والطب الرياضي النفسي في أكاديمياتها التي تعنى بتأهيل الفئات الصغرى. ويرجى من هذه الفكرة، ذات البعد الاستباقي، توعية طلاب الكرة بمخاطر الضغط النفسي للممارسة الرياضية الاحترافية الذي ينعكس سلباً على الصحة العامة، وإعدادهم لدخول عالم احتراف كرة القدم، الذي غالباً ما يرون فيه سوى المال والشهرة.

عادل الشروعات

مراجعة: عماد غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW