ظاهرة العنصرية في عالم الكرة.. ضريبة اللاعبين الأجانب؟
٢٧ يوليو ٢٠١٨
ما حدث مع اللاعب الدولي مسعود أوزيل، ليس بالجديد. فقد عانى قبله لاعبون أوروبيون كبار آخرون قبله من مشكلة العنصرية بسبب أصولهم المهاجرة. ما قد يطرح التساؤل حول ما إذا كان اللاعبون من أصول أجنبية يدفعون ضريبة هزائم فرقهم.
إعلان
اليوم يُحتفل باللاعب، وغداً يهمش. هذا ليس فقط شعور اللاعب الألماني الدولي مسعود أوزيل، الذي أعلن عن اعتزاله عبر تغريدة له على حسابه على موقع تويتر جاء فيها: "في عيون غريندل، رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم ومساعديه، أنا ألماني إذا فزنا ومهاجر، إذا خسرنا". نجوم كرة القدم من عائلات مهاجرة يلاقون المصير نفسه في البلدان الأوروبية الأخرى.
"عندما سارت الأمور على ما يرام، قرأت مقالات صحفية، ونعتوني بالمهاجم البلجيكي روميلو لوكاكو"، هذا كان ما كتبه اللاعب البلجيكي، المولود في أنتويرب ، لأبوين كونغوليين، في منتصف حزيران/ يونيو في مقالة على منصة الإنترنيت الأمريكية "منبر اللاعبين" "The Players Tribune". "إذا لم تسر الأمور على ما يرام، يتم نعتي بروميو لوكاكو، المهاجم البلجيكي من أصل كونغولي".
الهجوم على زيدان
كريم بنزيمة، لاعب فرنسي ذو أصول جزائرية، اشتكى في عام 2014: "عندما أسجل الأهداف، أنا فرنسي، وعندما لا أسجل، أنا عربي". في فرنسا هناك العديد من النقاشات حول طريقة معاملة لاعبي كرة القدم من أصول مهاجرة. بعد فوز فرنسا بكأس العالم لكرة القدم عام 1998، كان لا يزال يحتفل بالجندي المنتصر المتعدد الثقافات، زين الدين زيدان واعتباره مثالاً ناجحاً للاندماج في فرنسا. لكن بعد ذلك تعرض زين الدين زيدان، الابن لعائلة جزائرية مهاجرة، لهجوم من قبل حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف بسبب أصوله المهاجرة.
تعدد الثقافات: وصفة للنجاح
في عام 2010 بعد تصفيات كأس العالم في جنوب أفريقيا، كان المزاج العام للفرنسيين منخفض. وبشكل مفاجئ ألقي اللوم على العديد من اللاعبين الذين لديهم جذور عربية أو أفريقية وقيل بأنهم المسؤولون عن هزيمة فرنسا في كأس العالم. وبعد مرور عام اتضح أنه حتى مدرب المنتخب الفرنسي لورانت بلانك، كان قد تحدث في اجتماع للاتحاد الفرنسي لكرة القدم عن الاقتراح الخاص بقبول مراكز التدريب في البلاد 30 بالمائة فقط من اللاعبين من ذوي الجنسية المزدوجة. ويشاع بأن بلانك قد صرح خلال الاجتماع بالتالي "نحن بحاجة إلى إعادة ترتيب أنفسنا وأنه يجب أن يكون لدينا معايير مختلفة، تتكيف مع ثقافتنا الخاصة". عندما أصبح محضر الاجتماع علنياً، تراج بلانك عن اقتراحه. لم تحقق النسبة المذكورة والتي يجب أن تكون للاعبين من ذوي أصول مهاجرة، وفي عام 2018، أصبح فريق آخر متعدد الثقافات من فرنسا بطل كأس العالم لكرة القدم.
خوليت: "إذا لعبت بشكل جيد، يتم تقبلي"
يبدو أن التعرض للعنصرية في حالة الفشل الرياضي أصبح نتيجة متوقعة، كماهي تجربة اللاعب الهولندي السابق رود خوليت، نهاية ثمانينات القرن الماضي، وهوأحد أفضل لاعبي كرة القدم في العالم. جيله كان يتقبل العنصرية بطريقة مختلفة، كما يتذكر خوليت، الذي كان والده ينحدر من سورينام، ويقول: "لم يكن لدينا أي دعم في ذلك الوقت، لذلك قلت لنفسي إن هذا حدث لأنني مختلف، شعرت وقتها أنني أستطيع التعامل مع هذا عن طريق اللعب بشكل جيد. صحيح أنني أبدوا مختلف، ولكن عندما ألعب بشكل جيد، يتم تقبلي".
بالوتيلي: قائد فريق إيطالي غير مقبول
التحول إلى اليمين في العديد من البلدان الأوروبية أدى إلى تفاقم مشكلة العنصرية في عالم كرة القدم وأصبح النقاش حول هذا الموضوع أكثر حدة. الأشخاص الذين لديهم خلفية مهاجرة يفقدون مصداقتهم في الرأي العام، ليس فقط في عالم كرة القدم. لاعب ريال مدريد الدولي ماريو بالوتيلي بإمكانه أن يألف رواية عن ذلك. هذا الشاب البالغ من العمر 27 عاماً، والمولود في باليرمو، وهو ابن مهاجرين غانيين، يتعرض للهجوم العنصري على الدوام.
قبل كأس العالم 2018، والتي لم يتمكن الفريق الإيطالي من التأهل إليه، كان اقتراح بالوتيلي بتولي قيادة منتخب إيطاليا، شخص مثله ينحدر من إفريقيا، هو "رمز مهم لجميع المهاجرين القادمين إلى إيطاليا ". وتجاوب وزير الداخلية الإيطالي وزعيم ليغا نورد اليميني المناهض للأجانب على الفور وقال بإن قائد الفريق يفترض أنه ممثل البلد، وتمنى لبالوتيلي "الاستمتاع بالعمل وبالكرة".
شتيفان نيستلر/ إ.م
أوزيل ـ "عازف ليل" رمى مزماره بسبب صورة مع أردوغان
بعدما ساهم في تربع ألمانيا على عرش كرة القدم وفي صنع أمجادها الرياضية، فجر مسعود أوزيل قنبلة اعتزاله اللعب دوليا مع "المانشافت"، وسط جدل كبير على خلفية صورة له مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. مسيرة أوزيل الكروية في صور
صورة من: picture-alliance/dpa/Bundesregierung/G. Bergmann
الطفل المعجزة
في فترة طفولته، حمل مسعود أوزيل قمصان عدة أندية كروية في مدينة "غيلزنكيرشن" الألمانية، التي ولد فيها، ثم لعب بعد ذلك لمدة خمس سنوات برفقة فريق "روت فايس إيسن". في سنة 2005 انضم أوزيل إلى فريق شالكه، وفي 2009 لعب مع المنتخب الألماني تحت 21 سنة وحصل معه على بطولة أوروبا.
صورة من: Imago/Team 2
التألق دولياً ـ البداية من جنوب إفريقيا
سنة 2008 انتقل "عازف الليل" إلى فريق فيردر بريمن، بسبب خلافات بشأن تجديد عقده بين فريق شالكه، ووالد مسعود أوزيل (مصطفى)، الذي كان آنذاك وكيلا لأعمال ابنه. لكن صاحب القدم اليسرى جلب اهتمام العديد من الأندية الأوروبية الكبرى، بعدما قدم أداء رائعا في مونديال جنوب أفريقيا 2010، حيث انتقل أوزيل إلى ريال مدريد، الذي لعب معه ثلاث سنوات، ليحط الرحال بعدها في فريق أرسنال في صفقة بلغت 50 مليون يورو.
صورة من: Imago/Sven Simon
نموذج للاندماج
سنة 2010 فاز مسعود أوزيل بجائزة "بامبي" الإعلامية الشهيرة كمثال ناجح للاندماج. في نهاية 2007 تنازل أوزيل عن جنسيته التركية، بيد أنه لم يخف أبدا فخره بجذوره التركية. سنة 2016 نشر مسعود صورا لرحلة حج في مكة.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Pedersen
بطل القلوب
هنأت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل (الصورة) مسعود أوزيل، على الانتصار الذي حققه منتخب "المانشافت" على نظيره التركي، في مباراة برسم التصفيات المؤهلة إلى بطولة أمم أوروبا 2012. وبعد مونديال البرازيل 2014 تبرع أوزيل بمكافأة الفوز لصالح الأطفال البرازيليين، الذين يحتاجون إلى عمليات جراحية، وهو ما جعل صانع الألعاب ينال استحسان الكثير من الناس، كما زار أوزيل الأطفال السوريين اللاجئين في الأردن.
صورة من: picture-alliance/dpa/Bundesregierung/G. Bergmann
صانع الفرص بعد ميسي
شارك مسعود أوزيل في جميع مباريات المنتخب الألماني (سبع مباريات) في رحلته نحو الفوز بكأس العالم 2014، حيث يُعد صاحب القدم اليسرى الساحر ليس فقط صانع ألعاب منتخب "المانشافت"، بل أيضا حلقة وصل مهمة بين المدرب يواخيم لوف وباقي اللاعبين في المنتخب. كما نجح أوزيل في مونديال البرازيل 2014 في الحلول ثانيا بعد النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي كأكثر لاعب يخلق الفرص.
صورة من: picture-alliance/GES/M. Gillar
الصورة المثيرة للجدل
ليست المرة الأولى ( مايو/أيار 2018)، التي يتم فيها تصوير مسعود أوزيل برفقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إذ سبق وظهر أوزيل مع أردوغان، غير أن صورته الأخيرة مع الرئيس التركي، قبل انطلاق مونديال روسيا أثارت الكثير من الاهتمام. وفيما أنتقد البعض أوزيل لدعمه حاكم سلطوي، أتهمه البعض الآخر بعدم الولاء لألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Presidential Press Service
كبش فداء لفشل المانشافت؟
في مونديال روسيا ودع منتخب "المانشافت" البطولة من الدور الأول، وهو ما اعتبر أكبر إخفاق في تاريخ مشاركات المنتخب الألماني في نهائيات كأس العالم. على إثر ذلك أعتبر رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم راينهارد غريندل، أن صمت أوزيل بخصوص قضية لقائه مع أردوغان أثقل كاهل المنتخب. تصريحات غريندل قوبلت بانتقادات من الوسطين السياسي والرياضي أما أوزيل فقد أعتبر أنه يتم استخدامه كـ"كبش فداء".
صورة من: picture-alliance/Photoshot
"ألماني عند الفوز ومهاجر حال الخسارة"
في بيان مثير للانتباه، على حسابه الخاص في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أعلن مسعود أوزيل (29 عاما) في ( 22 يوليو/تموز 2018) اعتزاله اللعب رسميا مع المنتخب الألماني. أوزيل الذي لعب 92 مباراة مع "المانشافت" وسجل 23 هدفا وساهم في صنع 40 هدفا، كتب قائلا: "أنا ألماني عندما نفوز، ومهاجر عندما نخسر". الكاتب : شوماخر إليزابيث/ر.م