1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ظاهرة صينية جديدة: تحقيق "بوليسي" عبر الانترنت

٣ نوفمبر ٢٠١٠

بدأت في الصين، التي تفرض رقابة صارمة على الانترنت، تنتشر ظاهرة البحث والتحقيق عبر الشبكات الالكترونية. ويسعى عدد متزايد من الأفراد - في الغالب - إلى البحث عن الحقيقة وفضح انتهاكات في بلادهم. لكن لهذه الظاهرة مساوئ أيضا.

عدد متزايد من الصينيين يقبلون على التحقيق والبحث البوليسي عبر الانترنتصورة من: AP

تعتبر شبكة الإنترنت للكثيرين في الصين متنفساً ومكاناً آمناً نسبياً لمناقشة أي موضوع يتم حظره أو مراقبته من قبل النظام الشيوعي الحاكم هناك. لكن أن يستخدم الصينيون الإنترنت للكشف عن فضائح وحالات فساد لكبار أعضاء الحزب الحاكم، فهذا شيء جديد من نوعه. ويُطلق على هذه الموجة الإلكترونية، التي تجتاح منتديات الإنترنت في الصين "البحث البشري".

بدأ الاهتمام بهذه الظاهرة بعد حادث تورط فيه مسؤول صيني كبير يعمل بسلطة الموانئ في مقاطعة شينجن الصينية: ففي إحدى الأمسيات قام لين جياجانغ، الذي ينتمي أيضاً للحزب الشيوعي الحاكم، بجرّ فتاة في الحادية عشر من عمرها هناك لاغتصابها وهو في طريقه إلى دورة المياه بأحد مطاعم المدينة. وبعد أن استدعى والد الفتاة الشرطة، أطلق الضباط سراح المسؤول رفيع المستوى بحجة أنه كان مخموراً للغاية ولم يستطع تذكر ما حدث. لكن ما لم يعلمه جياجانغ هو أن إحدى كاميرات المراقبة بالمطعم قامت بتسجيل ما حصل.

وبعد فترة وجيزة انتشر مقطع الفيديو، الذي يصور ما قام به جياجانغ على الإنترنت، ما أثار سخط عدد من أعضاء منتدى صيني، ودفعهم لإجراء تحريات حول الشخص المسؤول. وفي وقت قياسي قام أعضاء المنتدى باكتشاف اسم جياجانغ، وعنوانه، ورقم هاتفه، والمكان الذي يعمل فيه. وفي نهاية الأمر اضطرت سلطة الموانئ في شينجن إلى توقيف جياجانغ عن عمله، فيما فتحت الشرطة ملف الحادث مجدداً.

"عدالة شخصية وضغط على الحكومة"


ويطلق الصينيون على هذه الظاهرة الإلكترونية الجديدة اسم "البحث البشري"، في إشارة إلى أعضاء منتديات الإنترنت، الذين يقومون بالتحقيق بأنفسهم، بدلاً من الاعتماد على برامج إلكترونية تجوب شبكة الإنترنت. كما يتم تبادل أي معلومات يعثر عليها مستخدمو الإنترنت مع بقية أعضاء المنتدى.

تخضع الإنترنت في الصين لرقابة حكومية صارمة، خصوصاً مواقع المعارضين السياسيين ومنظمات حقوق الإنسانصورة من: picture alliance/dpa

دانييل زينغ، أستاذ علوم الكمبيوتر بجامعة أريزونا الأمريكية، يصف هذه الظاهرة قائلا: "إنها تعبر عن إحساس قوي بالعدالة لدى الجيل الشاب في الصين، فهم يستخدمون الإنترنت للعثور على الحقيقة في بعض المسائل." ويضيف: "وهذا حافز مهم ساهم في نمو سريع لظاهرة البحث البشري".

يبدو أن هذه الظاهرة قد تطورت إلى درجة أنها أجبرت وسائل الإعلام الحكومية على تغطية الحوادث، التي يكتشفها مستخدمو الإنترنت وأعضاء شبكة البحث البشري. وفي قصة المسؤول لين جياجانغ، بدأت الصحف المحلية وشبكة التلفزيون الحكومي بتغطية هذا الحادث بعد أن عبر مستخدمو الإنترنت عن غضبهم حيال ما قام به هذا المسؤول.

إلا أن هذه الظاهرة يمكن استخدامها بشكل معكوس، إذ بدأت وسائل إعلام صينية في توظيفها لإجراء أبحاث حول مواضيع معينة، كما يوضح خبير المعلومات جيمس هندلر من معهد رينسيلير التقني الأمريكي: "لقد تم العثور مؤخراً في الصين على مواد كيماوية في معاجين الأسنان أو في عبوات الحليب". ويضيف قائلا: "هنا قام صحافيون باللجوء إلى تقنية البحث البشري من أجل الحصول على معلومات حول هذه الفضائح".

سيف ذو حدين


يستخدم موالو الحكومة الصينية أيضاً ظاهرة "البحث البشري" لتحديد هوية المشاركين في مظاهرات احتجاجية على سياسة بكين، في التبت مثلاًصورة من: AP

ولكن لظاهرة البحث البشري مساوئ أيضا، إذ يستغلها البعض لنشر التطرف القومي، وفضح ما يسمونه بالسلوك "غير الوطني". وعلى سبيل المثال، وخلال المظاهرات ضد الاحتلال الصيني للتبت عام 2008، نشر بعض مستخدمي الإنترنت صورة لطالبة صينية شاركت في إحدى المظاهرات المناهضة للنظام الصيني في الولايات المتحدة. وبعد مرور فترة زمنية وجيزة قام عثر أعضاء شبكة بحث بشري على اسم هذه الطالبة، وعنوان منزل عائلتها في الصين، وقاموا بنشره، ما ترتب عليه تلقي عائلتها تهديدات بالقتل، وتجمع عدد كبير من مؤيدي النظام الصيني أمام منزلها.

ولا تقتصر هذه المطاردة على الشؤون السياسية، بل تمتد إلى بعض الحالات غير السياسية، وهنا تخرج ظاهرة البحث البشري عن السيطرة، كما هو الحال في قصة فتاة من مدينة لوباي شمال الصين، التي ظهرت في مقطع للفيديو نُشر على الإنترنت وهي تقتل قططا صغيرة بكل برودة أعصاب. وبدلاً من ملاحقتها قانونياً، قام أعضاء شبكة البحث البشري بإطلاق حملة مسعورة للبحث عن الفتاة، ما أدى في النهاية إلى طردها من عملها كممرضة، وانتقالها للحياة في مدينة أخرى بسبب الضغط الذي تعرضت له.

وفي هذا السياق يحذر خبير الإنترنت في جامعة بكين للعلوم التربوية، فانغ ويغوي، من استغلال هذه الظاهرة الجديدة بشكل غير مسؤول، ويقول: "ضحايا حملات البحث البشري يعانون الأمرّين، لأن بعض مستخدمي شبكة الإنترنت يتصرفون بدون أي إحساس بالمسؤولية". ويضيف: "لدينا في الصين حكمة تقول: التشنيع السيئ يخفي المخاطر، هذه الظاهرة قد تكون في بعض الأحيان شيئاً قاسياً للغاية".

وتبقى ظاهرة البحث البشري عشوائية، فبالرغم من أن الحكومة الصينية تخشى الغضب الشعبي ومن ينجم عنه من عنف قد لا يحسب له حساب، لا يوجد هناك أي قانون لتنظيم حملات البحث البشري. فيما حذرت المحاكم الصينية من أن تؤدي عمليات البحث البشري إلى تنامي ظاهرة العنف في الانترنت وانتهاك الحرية الشخصية للأفراد.

كريستوف ريكينغ/ ياسر أبو معيلق

مراجعة: شمس العياري

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW