أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي باتفاق المعادن مع الولايات المتحدة، ووصفه بأنه اتفاق متكافئ وعادل بحق، فيما قال مسؤولون أمريكيون إنه يعزز موقف ترامب في المحادثات مع روسيا.
رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي باتفاق المعادن الذي وقعته كييف مع واشنطنصورة من: Mystyslav Chernov/AP/picture alliance
إعلان
أشادت كييف وواشنطن اليوم الخميس (الأول من مايو/ أيار 2025) بصفقة تمنح الولايات المتحدة أفضلية في الوصول إلى معادن أوكرانية جديدة بوصفها مرحلة محورية، وقال مسؤول أمريكي رفيع المستوى إنها ستسمح للرئيس دونالد ترامب بالتفاوض مع روسيا على أساس أقوى.
بدوره رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي باتفاق المعادن الذي وقعته كييف مع واشنطن، واصفا إياه بأنّه "عادل حقا". وقال زيلينسكي في خطابه اليومي "الاتفاق تغيّر بشكل كبير" خلال المفاوضات، مضيفا "الآن، أصبح اتفاقا عادلا حقا، يتيح فرصة لاستثمارات كبيرة في أوكرانيا".
وأكد الرئيس الأوكراني أنّ الاتفاق لا ينص على ديون يجب على أوكرانيا سدادها للولايات المتحدة، بناء على ما أراده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البداية، موضحا أنّه يهدف إلى إنشاء صندوق "للاستثمار في أوكرانيا وكسب المال هنا".
ويشمل الاتفاق استخراج معادن ونفط في أوكرانيا، ويأتي بعد مفاوضات صعبة وتوترات بين كييف وواشنطن بلغت ذروتها في مشادة كلامية بين ترامب وزيلينسكي في المكتب البيضوي في نهاية شباط/ فبراير الماضي. كما يأتي الاتفاق بالتزامن مع مفاوضات دبلوماسية تهدف إلى إيجاد حل للصراع في أوكرانيا، بعد أكثر من ثلاث سنوات من بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية في شباط/ فبراير 2022.
اتفاقية معادن بين واشنطن وكييف
02:22
This browser does not support the video element.
نص الاتفاق
وينص الاتفاق الذي روج ترامب له بشدة، على إنشاء صندوق استثماري مشترك لإعادة إعمار أوكرانيا، في وقت يحاول فيه الرئيس الأمريكي التوصل إلى تسوية سلمية في الحرب الروسية في أوكرانيا.
وتمنح الصفقة الولايات المتحدة أيضا تفضيلا في الوصول إلى مشروعات المعادن الأوكرانية الجديدة. والصفقة محورية في جهود أوكرانيا لإصلاح العلاقات مع ترامب والبيت الأبيض التي توترت بعد توليه منصبه في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت في مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس إن الصفقة "رسالة قوية للقيادة الروسية، وهي تعطي الرئيس ترامب القدرة الآن على التفاوض مع روسيا على أساس أقوى".
وتنقل تصريحاته فيما يبدو رسالة إلى روسيا مفادها أن واشنطن ما زالت تقف في صف كييف على الرغم من الشكوك حول التزامها تجاه حليفتها منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض وما صاحبها من تحول كبير في الدبلوماسية الأمريكية.
وعبرت واشنطن عن إحباطها من تقاعس موسكو وكييف عن الاتفاق على البنود، كما تحدث ترامب عن خيبة أمله من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لعدم تحركه أسرع نحو السلام. وقال ترامب يوم الثلاثاء إنه يعتقد أن بوتين يريد وقف الحرب وأضاف "أعتقد أنه، لولا وجوده، لأراد الاستيلاء على البلاد بأكملها".
واعتمدت كييف بشدة على الإمدادات العسكرية الأمريكية طوال فترة الحرب، وتقول إن روسيا كثفت هجماتها على أوكرانيا منذ أن كثفت الولايات المتحدة مساعي التوصل إلى تسوية سلمية.
لطالما طالب الرئيس ترامب بتعويض عن المساعدات العسكرية والمالية التي قدّمتها بلاده لأوكرانيا منذ بدء الحرب الروسية قبل ثلاث سنوات. وقدّر المبلغ المُستحق على كييف بنحو 500 مليار دولار، أي أكثر بأربعة أضعاف من المساعدات المقدّمة إلى الآن، والتي تبلغ حوالى 120 مليار دولار، وفقا لمعهد كيل الألماني.
وكان زيلينسكي رفض مسودّة سابقة للاتفاق بشأن الموارد الطبيعية الأوكرانية، ستضطرّ "عشرة أجيال من الأوكرانيين" دفع ثمنها. وكان من المقرّر أن يوقّع نسخة أخرى من الاتفاق في 28 شباط/ فبراير في البيت الأبيض، لكنّ المشادّة الكلامية غير المسبوقة التي جرت بينه وبين ترامب ونائبه جاي دي فانس أمام الكاميرات، أدّت إلى مغادرته وإلغاء التوقيع.
وفي أعقاب ذلك، طرحت واشنطن نسخة جديدة وصفتها وسائل إعلام وخبراء بأنها غير مناسبة لكييف. وتضمّنت إشارة إلى كافّة المساعدات العسكرية الأمريكية التي قدمها الرئيس السابق جو بايدن، على شكل دين أوكراني.
إعلان
مصادقة البرلمان الأوكراني
من جانب آخر قال مسؤولون كبار في إدارة الرئيس ترامب إن من المتوقع أن يصادق البرلمان الأوكراني في غضون أسبوع على اتفاق بشأن المعادن. وأضاف المسؤولون للصحفيين أن اتفاق المعادن مع أوكرانيا سيكون بمثابة نموذج لاتفاقات دولية أخرى في المستقبل. وأوضحوا أن مقر الشراكة العامة التي ستشرف على تنفيذ الاتفاق، سيكون في ولاية ديلاوير. وتمتلك أوكرانيا احتياطيات كبيرة من الحديد واليورانيوم والغاز الطبيعي.
في غضون ذلك التزم الكرملين الصمت بشأن الصفقة التي تم التوصل إليها أمس الأربعاء، لكن الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف قال إن هذا يعني أن ترامب "كسر نظام كييف" لأن أوكرانيا سيتعين عليها دفع ثمن المساعدات العسكرية الأمريكية من الموارد المعدنية.
وأشار ميدفيديف الذي يشغل الآن منصب مسؤول أمني رفيع المستوى في روسيا إلى أن أوكرانيا أُجبرت على الاتفاق. وكتب على تيليغرام: "كسر ترامب نظام كييف لدرجة أنها ستضطر إلى دفع ثمن المساعدات الأمريكية من الموارد المعدنية... الآن سيتعين عليهم (الأوكرانيون) دفع ثمن الإمدادات العسكرية من الثروة الوطنية لبلد يختفي".
من جانب آخر قالت يوليا سفيريدنكو، النائب الأول للرئيس الأوكراني ووزيرة الاقتصاد التي وقعت على الاتفاقية إن أوكرانيا ليس لديها التزامات ديون للولايات المتحدة بموجب الاتفاقية، وهي نقطة رئيسية في المفاوضات المطولة بين البلدين.
وأضافت أن الاتفاق يتوافق مع دستور أوكرانيا وحملة أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهي عناصر أساسية في موقف أوكرانيا التفاوضي. لكن الصفقة لم تقدم أي ضمانات أمنية أمريكية ملموسة لأوكرانيا، وهو أحد أهدافها الأساسية.
تحرير: سمر كرم
حرب أوكرانيا ـ 3 سنوات من الدمار والقتل والتشريد.. والنتيجة؟
مرّت ثلاث سنوات منذ شنّت روسيا هجومها الشامل على أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى دمار واسع النطاق. واليوم، يساور الأوكرانيين القلق بشأن كيفية نهاية هذه الحرب.
صورة من: Serhii Chuzavkov/Avalon/Photoshot/picture alliance
تهديد متزايد
في أواخر 2021، أظهرت صور الأقمار الصناعية تجمع القوات الروسية والأسلحة الثقيلة بالقرب من بلدة يلنيا على حدود بيلاروسيا. وفي 11 نوفمبر من نفس العام، حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، الرئيس الروسي بوتن من غزو أوكرانيا. لكن رغم هذا التحذير، قرر بوتن في 24 فبراير 2022 شن غزو واسع النطاق لأوكرانيا
صورة من: Maxar Technologies/AFP
بداية الحربـ هجوم شامل
في 24 فبراير، سقطت صواريخ على عدد من المدن الأوكرانية، مثل كييف وأوديسا وخاركوف. في كييف، أُضرمت النيران في مبنى عسكري أثناء الهجمات. وبدأت الحرب التي أصرت موسكو على تسميتها "عملية خاصة"
صورة من: Efrem Lukatsky/AP Photo/picture alliance
العنف في بوتشا
في غضون أسابيع، تمكّن الأوكرانيون من طرد القوات الروسية من المدن الشمالية. وبعد ذلك، ظهرت جرائم الحرب إلى العلن، وانتشرت صور لمدنيين تعرضوا للتعذيب والقتل في بوتشا، قرب كييف. وأعلنت السلطات أن أكثر من 1100 مدني قُتلوا في المنطقة. وأظهرت تحقيقات استقضائية أن العنف كان ممنهجا ومخططاً.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/AP Photo/picture alliance
الحياة وسط الدمار
وفقًا لموسكو، كان من المفترض أن تستمر "العملية الخاصة" في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام فقط. لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحرب مستمرة. وتشير أحدث التقارير الصادرة عن معهد دراسات الحرب إلى أن روسيا تسيطر حاليًا على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، معظمها في الشرق. تم التقاط هذه الصورة في دونيتسك، شرق أوكرانيا، في مايو/أيار 2023.
صورة من: Sofiia Gatilova/REUTERS
ضم مناطق أوكرانية إلى روسيا
في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية — لوغانسك، ودونيتسك، وزابوروجيا، وخيرسون — بمساحة تقدر بحوالي 90,000 كيلومتر مربع. وبعد عام، إجراء انتخابات في هذه المناطق في تصويت وصف بـ "الانتهاك الصارخ للقانون الدولي". فاز حزب روسيا الموحدة بقيادة بوتين في جميع المناطق بأكثر من 70% من الأصوات.
صورة من: Alexander Ermochenko/REUTERS
فرار الملايين من الحرب
أجبرت الحرب في أوكرانيا الملايين على الفرار، مما أدى إلى موجة هجرة كبيرة لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفقًا للأمم المتحدة، نزح 3.7 مليون شخص داخل أوكرانيا بسبب القتال. وغادر البلاد أكثر من 6 ملايين شخص أوكرانيا وتوجهوا إلى أوروبا، خاصة إلى بولندا وألمانيا.
صورة من: Filip Singer/EPA-EFE
ماريوبول، مدينة المقاومة الأوكرانية
في عام 2022، استمر حصار روسيا لمدينة ماريوبول الجنوبية لمدة 82 يومًا. تعرضت المدينة لقصف كثيف وتحصن آخر المقاتلين الأوكرانيين في مصنع للصلب. وبعد أن قصفت روسيا مستشفى، انتشرت صورة لامرأة حامل يتم إجلاؤها حول العالم. التقط صحفيون أوكرانيون الصورة، وفازوا لاحقًا بجائزة الأوسكار عن فيلمهم الوثائقي "20 يومًا في ماريوبول".
صورة من: Evgeniy Maloletka/AP/dpa/picture alliance
قصف طريق الاتصال الوحيد بشبه جزيرة القرم.
يُعد جسر القرم، الذي يمتد بطول 19 كيلومترًا (حوالي 12 ميلًا)، الأطول في أوروبا، ويربط جنوب روسيا بشبه جزيرة القرم. في أكتوبر\تشرين الأول 2022، تعرض الجسر لأضرار نتيجة قنبلة زرعها الأوكرانيون، مما جعله قابلاً للاستخدام جزئيًا. وفي يوليو/تموز2023، تعرض الجسر لأضرار أخرى بسبب القوات الأوكرانية.
صورة من: Alyona Popova/TASS/dpa/picture alliance
كارثة بيئية
في 6 يونيو/حزيران 2023، أدى انفجار إلى تدمير سد كاخوفكا وتفريغ نهر دنيبرو. وبينما تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن المسؤولية عن الحادث، كانت روسيا تسيطر على السد في ذلك الوقت. أسفر الفيضان الناتج عن الانفجار عن كارثة بيئية واسعة النطاق، دمرت آلاف المنازل وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
صورة من: Libkos/AP Photo/picture alliance
استهداف البنية التحتية للطاقة
استهدفت روسيا بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. بعد عام من الغزو، دُمرت 76% من محطات الطاقة الحرارية، وبحلول سبتمبر/أيلول 2024، ارتفع هذا الرقم إلى 95%. أدى ذلك إلى إضعاف شبكة الكهرباء في أوكرانيا، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم الوضع الإنساني، خصوصًا خلال فصل الشتاء.
صورة من: Sergey Bobok/AFP
أوكرانيا تهاجم الأراضي الروسية
في أغسطس/آب 2024، شنت القوات المسلحة الأوكرانية هجومًا على الأراضي الروسية لأول مرة. وفي مواجهة مقاومة ضئيلة على الحدود، تمكنت في البداية من السيطرة على نحو 1400 كيلومتر مربع (حوالي 540 ميلاً مربعاً) في منطقة كورسك. لكنها فقدت منذ ذلك الحين ثلثي الأراضي التي كانت قد احتلتها
صورة من: Roman Pilipey/AFP/Getty Images
حرب الدرون
تستخدم كل من روسيا وأوكرانيا الطائرات بدون طيار للاستطلاع والمراقبة، وكذلك لشن هجمات مستهدفة. ويقول الخبراء إن هناك حوالي 100 نوع مختلف من الطائرات بدون طيار قيد الاستخدام في أوكرانيا. وفي مارس/أذار 2024، قالت أوكرانيا إنها قادرة على تصنيع ما يصل إلى 4 ملايين طائرة بدون طيار سنويًا.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/Radio Free Europe/Radio Liberty/REUTERS
تدمير هائل
خلفت ثلاث سنوات من الحرب آثارًا عميقة في أوكرانيا. في الشرق والجنوب، تحولت العديد من البلدات والقرى، التي دمرتها الهجمات الروسية، إلى مدن مهجورة. بلدة بوغوروديتشني في منطقة دونيتسك، التي تعرضت لهجوم مكثف من روسيا في يونيو/حزيران 2022، أصبحت الآن شبه خالية.
صورة من: Mykhaylo Palinchak/SOPA Images/ZUMA Press Wire/picture alliance
الحياة بعيدًا عن القتال
رغم استمرار الحرب، لا تقتصر كافة مناطق أوكرانيا على خط المواجهة، حيث تدور المعارك المباشرة. بعيدًا عن هذه المناطق، تستمر الحياة بشكل طبيعي. المحلات والمقاهي والمطاعم تواصل عملها، فيما يستعد السكان لانقطاع التيار الكهربائي بتركيب مولدات كهربائية.
صورة من: YURIY DYACHYSHYN/AFP
مستقبل مجهول للدعم الأمريكا
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن رغبته في إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال "24 ساعة"، لكنه لم يحقق ذلك بعد. ومع ذلك، تثير علاقته الظاهرة مع روسيا ورغبته في الضغط على أوكرانيا للتنازل عن ثرواتها المعدنية لصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تبادل التصريحات القوية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، القلق في أوكرانيا وبين حلفائها.