عبر الاقتصاد.. إدارة ترامب تضغط على العراق لإبعاده عن إيران
١٥ فبراير ٢٠٢٠
بدأت إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب الضغط على العراق، من بوابة اقتصاده الهش، بهدف وضع حد لتقاربه مع إيران، عبر تقليص فترة الاستثناء من العقوبات المرتبطة بالتعامل مع طهران وتأخير السماح بإرسال دفعات نقدية حيوية.
إعلان
كانت الولايات المتحدة قرّرت السماح للعراق بمواصلة استيراد الغاز والكهرباء من إيران. لكن يبدو أنّ صبر واشنطن بدأ بالنفاذ أخيرا، فقلصت مدة الإعفاء إلى 45 يوما فقط. وقال الباحث في معهد الدراسات الإقليمية والدولية في السليمانية أحمد طبقجلي لوكالة فرانس برس: "هذه بداية الموت بألف طعنة". وأضاف "كلّما تقلّصت مدة الاستثناء، كلما أصبحنا أقل قدرة على تحمل نتيجة أي خطأ نرتكبه".
ويقوم المصرف المركزي العراقي شهريا بنقل ما بين مليار وملياري دولار نقدا من حسابه في الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، حيث تتدفّق إيراداته من النفط، لتسديد ثمن معاملات رسمية وتجارية. لكن الدفعة التي كان من المفترض أن تصل في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي، تأخّرت لأسبوعين بحسب مسؤول عراقي علق قائلا: "نحن نسير على حافة السكين".
وفي حال انتهت مدة الاستثناء من العقوبات المتعلّقة بالتعامل مع إيران من دون تجديدها، فذلك يعني أنّه سيتوجب على العراق وقف استيراد الغاز والكهرباء من طهران، أو الاستمرار بالتعامل معها ومواجهة احتمال التعرّض لعقوبات أميركية. ويعاني العراق من عجز في الكهرباء، ما يؤدي إلى انقطاعها على فترات متفاوتة قد تصل إلى 20 ساعة في بعض مناطقه.
وربطت واشنطن الضغوط بمسائل أخرى من بينها نحو 20 هجوما صاروخيا تعرّضت لها السفارة الأميركية في بغداد وقواعد تضم قوات أميركية في العراق منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وذكر مسؤول عراقي أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو "صرخ" في رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي خلال مكالمة هاتفية الشهر الماضي. وأوضح المسؤول "قال له (بومبيو) أن ينسى مسألة تجديد الاستثناء في حال تواصلت الهجمات".
وفي مؤشر إضافي على تراجع العلاقات بين واشنطن وبغداد، لم يلتق بومبيو وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، لكنه اجتمع بالمقابل برئيس وزراء اقليم كردستان مسرور بارزاني، الذي التقى كذلك وزيري الطاقة والدفاع الأميركيين.
الولايات المتحدة مستاءة أيضا من التباطؤ العراقي في توقيع عقود مع شركات أميركية كبرى متخصّصة بقطاع الطاقة، بهدف تسريع فك الارتباط بإيران في هذا المجال. وقبل أسابيع من انتهاء فترة الاستثناء الأخيرة، أفاد مسؤول أميركي أنّ العراقيين "رفضوا باستمرار الاتفاقات مع جنرال الكتريك واكسون". واعتبر أنّ المسؤولين العراقيين "يختارون أن يعتمدوا على الايرانيين، مانحين طهران موقعا مؤثرا في اقتصادهم وبنيتهم التحتية".
وتتحدّث مصادر في بغداد وواشنطن عن انقسام في السياسة الأميركية، حيث يبدو البيت الابيض مؤيدا لاستراتيجية زيادة الضغوط على العراق، بينما يفضّل الآخرون اعتماد المرونة. وذكرت المصادر أنّ الصقور في الإدارة الأميركية أصبحوا في مواقع "مهيمنة"، بينما قال مسؤول عراقي إنّ هؤلاء باتوا يستخدمون المعاملات المالية "للتنمر" في علاقتهم بالعراقيين.
"على واشنطن ألا تحشر العراق في الزاوية"
وقال وزير الكهرباء العراقي في الحكومة المستقيلة لؤي الخطيب في مقابلة مع وكالة فرانس برس إن على واشنطن ألا "تحشر العراق في الزاوية". لكنّه أعرب في الوقت ذاته عن ثقته من أنّ الولايات المتحدة لن تقوم "بتفخيخ" الاستثناء من العقوبات "بهدف تقويض الخدمات العامة".
وذكر الخطيب أنّ هناك تقدما في مجال البحث عن مصادر أخرى، مشيرا إلى توقيع اتفاقيات مع الاردن ودول خليجية لدعم شبكة الكهرباء، وإلى احتمال شراء الغاز من شركات عاملة في اقليم كردستان الذي يتمتّع بحكم ذاتي. وكانت الحكومة العراقية منحت الضوء الاخضر لتوقيع ستة عقود لتطوير حقول غاز عراقية قبل ثلاثة أسابيع من انتهاء فترة الاستثناء الأخيرة.
وبحسب الباحث في معهد الدراسات الإقليمية والدولية في السليمانية احمد طبقجلي، فإنّ "الاعلان جاء ردا على الضغوط الاميركية. من الواضح أن الحكومة العراقية أصيبت بالذعر". غير أنّ الولايات المتّحدة قد تجد نفسها غير قادرة على التلويح بأكثر من "تهديدات اقتصادية"، حسبما يرى الباحث في معهد السلام بالولايات المتحدة رمزي مارديني. وأوضح "قد تساعد هذه المقاربة على حماية المصالح الأميركية على المدى القصير، لكن العلاقة الثنائية بمجملها ستبقى رهن انعدام الثقة والعداء".
ف.ي/ أ.ح (أ ف ب)
العراق - يوميات وأحلام صيادين في هور "الجبايش"
الصيد في أهوار العراق كان يشمل السمك والطيور. صيادان من هور الجبايش يرويان لـ DW عربية عن تفاصيل عملهما المضني، في رحلة عبر المسطحات المائية التي طالما كانت موطنا لمئات الأصناف من الطيور والأسماك. القصة في ملف صور.
صورة من: DW/M. Al-Schalan
حافات الأهوار اليابسة
على حافات هور الجبايش، يعيش صيادون اعتزلوا المهنة، فباتوا يعرضون خدمات سياحية للزائرين، فيعرضون خدمة الزوارق، ويقيمون مضايف هي عبارة عن مطاعم سمك للسائحين. في الصورة حافة هور الجبايش الجنوبية.
صورة من: DW/M. Al-Schalan
الصيد بالفاله!
الصياد عبد الأسدي البالغ من العمر 67 عاماً، ولد في الأهوار ويعيش اليوم في منطقة "أبو سوباط". مارس الصيد حتى جاوز عمره الستين، فأقعده فقدان البصر عن مهنة آبائه وأجداده منذ أربعة أعوام. تعلم الصيد في صباه من مرافقة الصيادين. مارس الصيد برمح الأهوار ثلاثي السنان المعروف بالفاله، لكنه يعترف بأن صيد الشباك أسهل وأكثر جدوى.
صورة من: DW/M. Al-Schalan
الحياة فوق جبش القصب!
يعيش صيادو الأهوار في "صرايف" من حصران القصب، فوق أكداس قصب عائمة على سطح الماء تعرف بـ " الجبايش". ويعتبر الصياد أبو كرار (وقد رفض الإفصاح عن اسمه الكامل، ورفض تصويره) أنّ الحياة بهذه الطريقة صعبة، لكنها ممكنة لمن ولدوا في هذا المكان.
صورة من: DW/M. Al-Schalan
ما مستقبل ابن الصياد؟
كرار الذي يبلغ من العمر عشرة أعوام هو ابن صياد، وتعلم السباحة والصيد ورعي الجاموس من أبيه. وحين سألته DW عربية إن كان سيبقى في الهور، ويمارس عمل أبيه رغم شح الصيد، أشاح بوجهه عن الميكروفون وغادر بزورقه إلى عمق الهور، وكأنه لا يملك إجابة على اسئلة صعبة تتعلق بوجوده الموروث في السهل الرسوبي الذي هو موطن أسلافه السومريين في بلاد الرافدين.
صورة من: DW/M. Al-Schalan
الإوز والبط بدلاً عن الأسماك المنقرضة!
كشف الصياد أبو كرار أن الطيور التي نراها في الأهوار، والظاهر بعض منها في الصورة، هي طيور يربيها سكان المنطقة، وتنحصر في الإوز العراقي والبط، للاستفادة منها كغذاء. وهي ليست طيوراً برية، لذا لا تتعرض للصيد.
صورة من: DW/M. Al-Schalan
الطيور المهاجرة لا تحب السائحين!
يقول أبو كرار إنّ الطيور المهاجرة باتت تحط في أهوار العمارة، التي يقل فيها السواح وضوضاؤهم، مؤكداً أنّ القوارب (الشخاتير) التي تشغلها محركات تعمل بالبنزين هي سبب نفور الطيور من هور الجبايش. أما الأسماك فلها قصة أخرى. الزوراق الظاهرة في الصورة تمخر طيلة اليوم مياه الهور، ويشغلها الصيادون في عطل نهاية الأسبوع والأعياد لتحقيق موارد إضافية.
صورة من: DW/M. Al-Schalan
من صيد السمك إلى تربية الجاموس
أبو كرار الذي ولد صيادا في هور الصحين بمدينة العمارة، وكبر هناك، ثم هاجر إلى كربلاء بعد أن فتح صدام حسين مشروع نهر القائد لتجفيف الأهوار في تسعينيات القرن الماضي، يقول اليوم: إن السمك شحيح في أهوار الجبايش إلى درجة الندرة، بسبب الصيد الجائر. وهو يعيش مع ولديه وجواميسه التسعة فوق جبش عائم بمنطقة بغدادي في وسط هور الجبايش.
صورة من: DW/M. Al-Schalan
من الصيد إلى قوارب السياحة
ع. ع الظاهر في الصورة بجلبابه الأسود، مارس صيد السمك بالفاله والشباك وبالكهرباء، ويقول إنّ السلطات تمنع الصيد بالسموم والكهرباء بشدة، كما أن السمك بات شحيحاً، ولهذا فقد انصرف إلى مهنة بيع القصب ونقل السائحين، حيث تمثل القوارب (الشخاتير) الظاهرة في الصورة وسيلة النقل الوحيدة في الأهوار، لذا يحقق أصحابها مورداً معقولاً من عملهم عليها.
صورة من: DW/M. Al-Schalan
القصب كعلف وكمادة للبناء
بعد أن شح الصيد، لا يجد سكان الأهوار والصيادون ما يسدون به رمقهم اليوم سوى بيع القصب الذي يستخدم كعلف للجواميس والأبقار، وحين يجف يستخدم لبناء الصرايف والأطواف (الجبايش). الصياد الشيخ عبد الأسدي، يقول إنّ القصب ونقل السائحين وتربية الجاموس وبيع منتجاته، هي مصادر الدخل الحالية لسكان الأهوار.
صورة من: DW/M. Al-Schalan
المضيف عامر بزواره
مضائف القصب تقام عادة على بقعة أرض يابسة، لكن يمكن إقامتها فوق جبايش القصب أيضا. هذه المضايف تستعمل اليوم كمحطات ضيافة للزوار والسائحين، ويجري صيد أسماك الهور لعمل ولائم مكلفة لهم. صيد السمك وبسبب شحه، يجري قبل طلوع الفجر بالشباك، وأحيانا بالتيار الكهربائي الذي يصعق كل المخلوقات في بقعة كبيرة من الماء.
صورة من: DW/M. Al-Schalan
دلات القهوة رمز الضيافة والكرم
في كل مضيف تنتصب دلات القهوة العربية بمثابة إعلان يشجع زوار الهور على النزول في المضايف المنتشرة بكثرة على اليابسة. بسبب الارتفاع الكبير لمنسوب المياه هذا العام، غرقت مضايف وبيوت عديدة. رغم وجود دلات القهوة، يفضّل الصيادون تناول القهوة السريعة الظاهرة في زجاجة أوروبية، لأنّ إعدادها سهل وسريع.
صورة من: DW/M. Al-Schalan
قضاء الجبايش
يمثل قضاء الجبايش مركزاً سياسياً وحضرياً ومدنياً للمسطحات المائية الشاسعة المعروفة بأهوار الجبايش. هنا يزور الناس عيادات الأطباء والعيادات البيطرية ويذهب الصغار إلى المدارس، كما توجد مصارف ومحلات لبيع الأعلاف ولتصريف منتجات الجواميس وهي القشطة والحليب والرائب التي ارتفعت أسعارها بسبب قلتها. وتوجد سوق كبيرة لبيع السمك، تغزوه منتجات مزارع الأسماك بعد أن شح سمك الأهوار. تصوير وإعداد ملهم الملائكة