1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عبر عدة بوابات - الدب الروسي يُحاصر واشنطن بالمنطقة العربية

إسماعيل عزام
١١ ديسمبر ٢٠١٧

تحركات روسيا في المنطقة العربية تمر عبر عدة بوابات، آخرها اتفاق إنشاء مفاعل نووي في مصر، في وقت أخرج فيه ترامب بلده من دور الوسيط في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. فهل تكون موسكو بديلاً عن واشنطن في منطقة التناقضات؟

Syrien Putin ordnet Rückzug an - Besuch auf Militärbasis
صورة من: picture alliance/ dpa/TASS/M. Klimentyev

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الاثنين، زيارة رسمية إلى مصر، شهدت توقيع عقود المفاعل النووي الذي تتجه الحكومة المصرية لإنشائه في منطقة الضبعة شمال شرق مصر، ومن المنتظر أيضاً أن يبحث بوتين مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إمكانية تعليق السلطات الروسية قرارها بوقف الرحلات الجوية في اتجاه مصر، وهو القرار الذي اتُخذ في خريف 2015 بعد سقوط غامض لطائرة روسية في صحراء سيناء.

زيارة بوتين تفتح النقاش حول إمكانية تكريس موسكو لتوجه جديد يقوّي نفوذها بالشرق الأوسط، فهي فاعلة أساسية في الحرب داخل سوريا، إذ ساهمت قواتها في استعادة النظام السوري لمجموعة من المناطق التي فقدها سابقاً، كما تعدّ لاعباً أساسياً في ليبيا بدعمها الواضح لخليفة حفتر. ويأتي هذا التوجه في ظل الانتقادات الكثيرة التي وُجهت للإدارة الأمريكيةـ بما أنها باتت تعد غير محايدة في رؤيتها لعدد من ملفات المنطقة، خاصة على ضوء اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، زيادة على فشل واشنطن في رأب صدع الأزمة الخليجية، ممّا يوّفر لروسيا فرصة قوية لمنافسة الولايات المتحدة بشكل أكبر.

مفاعل نووي في مصر

توقيع السيسي وبوتين للعقود الأربعة النهائية لبدء أشغال إنشاء المفاعل النووي في الضبعة، يأتي لإنهاء مسلسل طويل من الانتظار المصري لخروج هذا المشروع إلى حيز الوجود، وتحديداً منذ عام 1981 الذي اختارت فيه الحكومة المصرية موقع الضبعة لبناء محطة نووية بعد دراسات أجرتها شركة فرنسية. ويعود سبب كل هذا التأخر إلى تطوّرات محلية وعالمية حكمت على المشروع بالتأجيل، إلى أن فازت به المؤسسة الحكومية الروسية روساتوم عام 2014. تصل مدة العقود في المشروع إلى 60 سنة، وقد اقترضت مصر من روسيا مبلغ 25 مليار دولار لأجل هذه المحطة النووية، في أكبر قرض تُقدم عليه مصر طوال تاريخها.

صورة من: Imago/ITAR-TASS/M. Metzel

هذه هي المرة الثانية التي يصل فيها بوتين إلى القاهرة، في عهد الرئيس السيسي، إذ زارها في فبراير/شباط 2015، في أول وصول لرئيس روسي إلى مصر منذ 2005. ووقع بوتين في تلك الزيارة عدة اتفاقيات اقتصادية وعسكرية من أهمها إنشاء منطقة صناعية روسية في السويس. السيسي بدوره زار موسكو في أغسطس/آب 2014، وعاد إليها في مايو/أيار وأغسطس/آب من عام 2015، فضلاً عن لقاءين بين الطرفين في قمة العشرين واجتماع بريكس. قوة العلاقة بين الطرفين تظهر في عدة مؤشرات أخرى، منها الصفقات الضخمة التي تقتني من خلالها القاهرة السلاح الروسي، كصفقة 3.5 مليار دولار أمريكي التي عقدت عام 2014.

ومن الملفات التي تتفق فيها القاهرة مع موسكو، هناك الملف الليبي، وتحديداً دعم اللواء خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي الذي يبسط سيطرته على مناطق عديدة في الشرق الليبي. إذ زار حفتر موسكو أكثر من مرة، متباحثاً مع وزير خارجيتها سيرغي لافروف ووزير دفاعها سيرغي شويغو. ومن التصريحات القوية، ما قاله نائب الخارجية الروسي، غياندي غاتيلوف، عام 2016، من ضرورة إيجاد دور لحفتر في مستقبل ليبيا، مشيداً بدوره في "محاربة الإرهاب". بل إن تقارير إعلامية اتهمت روسيا بتسليح قوات حفتر، وبالتالي خرق حظر التسلح الذي أقرته الأمم المتحدة في ليبيا، وهو ما نفته موسكو.

من سوريا.. إلى اليمن

كما لم تختلف وجهات النظر بين بوتين والسيسي في سوريا، فالقاهرة لم تضع شرط رحيل بشار كمدخل لإنهاء الأزمة، بل اعتبرت، حسب تصريحات وزير الخارجية سامح شكري، أن قرار بقاء بشار أو رحيله يخصّ الشعب السوري. كما أيّد المتحدث ذاته التدخل العسكري الروسي في سوريا، وقال إنه يهدف لـ"محاصرة الإرهاب"، ممّا جعل  القاهرة  تخرج عن نطاق عدد من حلفائها العرب ممّن لم يبتهجوا للتدخل الروسي الذي شكل صمام أمان لاستمرار نظام الأسد.

بوتين والأسد يحاولان "قطف ثمار" التحالف

00:53

This browser does not support the video element.

ولا تبدو موسكو راغبة في تقليل نفوذها في سوريا حتى مع إعلان بوتين سحب جزء كبير من قواته العسكرية من هذا البلد، إذ لا تزال روسيا تحتفظ بقاعدتين مهمتين، هما طرطوس، وحميميم، اللتان ستواصلان العمل في سوريا بشكل دائم وفق ما أكده بوتين. كما سبق لمتحدث باسم الجيش الروسي أن أكد استمرار قوات موسكو في سوريا، حتى بعد القضاء على داعش، لأجل "إعادة الحياة للبلد"، وهو ما جعل أطرافاً في المعارضة السورية تصف الوجود الروسي بالاحتلال.

ويؤكد سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا بأبوظبي، في تصريحات لـDW عربية، هذا التعاظم الكبير للنفوذ الروسي بأكثر من بلد عربي. ويُضيف الصديقي جزئية مهمة في النقاش:"موسكو تخطّط للإمساك بمفتاح الغاز في العالم، فهي الموّرد الأول لأوروربا بهذه المادة، كما استطاعت، بعد فرض حضورها العسكري والسياسي في سوريا، إنهاء مشروع خليجي كان يهدف لإيصال الغاز إلى أوروبا عبر أنبوب يمرّ من التراب السوري، ممّا أنهى أيّ محاولة لمنافستها في أوروبا".

ويتابع الصديقي أن النفوذ الروسي قد يصل حتى إلى اليمن، إذ يمكن أن يفرض بوتين بلده وسيطاً في حلٍ مفترض للأزمة اليمنية. وينطلق الصديقي في هذا الاستنتاج من الوجود الإيراني في اليمن، في إشارة منه إلى الدعم الإيراني للحوثيين، إذ يقول: "حيثُ ما وُجدت إيران، فحتماً ستوجد روسيا، سواء مساندة لطرف أو راعية لحل ما".

نهاية للدور الامريكي؟

يؤكد الصديقي أن ما أتاح لروسيا تعزيز نفوذها في المنطقة ليس هو إمكاناتها الاقتصادية، بما أنها ليست قوى عظمى في هذا المجال، بل تراجع الحضور الأمريكي في الشرق الأوسط واضطراب السياسات الخارجية الأمريكية سواءٌ خلال الولاية الثانية لأوباما أو خلال ولاية ترامب، وكذا تراجع السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. غير أن الصديقي يستبعد أن تترك واشنطن لموسكو منطقة حيوية كالشرق الأوسط حتى تلعب فيها كما تشاء.

يوّضح الصديقي أكثر عندما يشير إلى أن روسيا لن تلعب دوراً طليعياً في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي بعد موقف ترامب الذي اعتبره متتبعون كُثر إعلاناً لنهاية الدور الأمريكي في الوساطة. ويقول الصديقي في هذا الصدد إن موسكو، ورغم استفادتها الاستراتيجية من تضاؤل التعويل العربي على الإدارة الأمريكية في حلّ النزاع، تفتقد إلى عناصر القوة التي تخوّلها أن تحلّ محل واشنطن. كما أن هذه الأخيرة، يتابع المتحدث، لا تزال تحافظ على أوراق قوية بالمنطقة حتى وإن لم تساهم في مسلسل تسوية النزاع، ومن ذلك، تحالفاتها الكبيرة مع بعض الأنظمة في الشرق الأوسط.

ومع العودة القوية لخليفة الاتحاد السوفياتي إلى الساحة العربية، يُطرح سؤال حول قدرة روسيا على خلق قطبية مع الولايات المتحدة تأخذ بعض ملامح ما جرى بين الطرفين إبّان الحرب الباردة. يجيب الصديقي أنه يمكن رؤية ملامح هذه القطبية على المدى القريب، لكن على المدى البعيد لن يحدث ذلك، فعلاوة على الإمكانيات الروسية المحدودة، تبقى منطقة الشرق الأوسط معقدة التحالفات، إذ "لا يمكن لقوة في المنطقة أن تخلق ضرراً لخصمٍ لها أو تدعم طرفاً ما دون أن تضرّ بأحد حلفائها، فمثلا تدعم موسكو النظام السوري وخليفة حفتر، بينما تدعم دول الخليج حفتر ولا تدعم بشار الأسد. هناك تناقضات متعددة بالمنطقة ستوّفر لموسكو وواشنطن أرضية للتقارب بدل التصادم" يقول الخبير.

إسماعيل عزام

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW