عبر فاغنر والتضليل.. هل لروسيا دور في انقلاب النيجر؟
١٢ أغسطس ٢٠٢٣
انقلاب النيجر يثير مخاوف كبيرة من خلق نظام عسكري مرتبط بروسيا في منطقة الساحل. مصالح موسكو كبيرة للغاية خصوصا تنحية فرنسا وأمريكا. لكن هل هناك أدلة على تدخلها؟
إعلان
في المظاهرات التي نُظمت في النيجر دعماً للانقلاب، ظهرت مجموعة من الأشخاص يرفعون أعلام روسيا ويهتفون بشعارات كـ"يعيش بوتين" و"لتسقط فرنسا". الهتافات باسم روسيا أعادت الشكوك بدور روسي في أزمة النيجر، وهناك أقاويل بأن الانقلاب لم يكن ليحدث لولا دعم روسي، لكن لا توجد دلائل واضحة حول ذلك.
الإدارة الأمريكية لا ترى أن مرتزقة فاغنر، الذين وُجهت لهم أصابع الاتهام بحكم حضورهم القوي في عدة دول إفريقية، أو موسكو عموماً، مسؤولين عن الانقلاب.
زعيم فاغنر، يفغيني بريغوجين، رحب بالانقلاب، لكنه لم يعلن أيّ مسؤولية عن دعمه. تقول إلينا بوكالوفا، الخبيرة في شؤون فاغنر وروسيا، لـDW إنه لا توجد دلائل كثيرة حول تدخل روسيا في الانقلاب.
وبدلاً من ذلك ، يبدو أن الدافع وراء الانقلاب كان الطموح الشخصي. أراد الرئيس النيجري محمد بازوماستبدال اللواء عبد الرحمن تشياني، رئيس الحرس الرئاسي. لكن هذا الأخير هو من قام بعزل الرئيس وأعلن نفسه رئيسا للمجلس العسكري الجديد.
هذا وتمضي دول غرب أفريقيا قدما في خططها لتدخل عسكري محتمل في النيجر، رغم أنها لم تفقد الأمل في حل سلمي للأزمة.
وأمرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) بتفعيل قوة احتياطية من المحتمل أن تستخدم ضد المجلس العسكري في النيجر.
هل تعمل مجموعة فاغنر في النيجر؟
لا توجد دلائل حول حضور مجموعة فاغنر في النيجر، لكن إلينا بوكالوفا تقول إن بلداً كالنيجر مهم جداً بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكي يفكر في إرسال مقاتلين إلى هذا البلد. وتضيف أن بريغوجين لن يواجه مشكلة في تجميع حوالي ألف إلى ألفي شخص في النيجر، وهو فوز يرغب فيه بوتين بشدة بحكم أنه لا يحقق أهدافه في أوكرانيا.
وتحذر بوكالوفا من أنه في حالة استنجاد النيجر بمجموعة فاغنر، فإن البلد سيمضي نحو مزيد من اللا استقرار، وانتهاكات حقوق الإنسان، والسلطوية، وقمع الاحتجاجات المطالبة بعودة الديمقراطية.
لكن إذا لم تكن هناك دلائل على حضور على الأرض لقوات فاغنر، فإنه من غير المستبعد استخدام روسيا لأدوات التضليل الرقمية، خصوصاً أن النيجر كان قبل الانقلاب حليفاً للغرب، ويحتضن قواعد أمريكية وفرنسية، ومباشرة بعد الانقلاب، أعلن المجلس العسكري وقف التعاون مع الغرب.
تجري حالياً حملات كبيرة على الانترنت موجهة ضد فرنسا والولايات المتحدة، تتهمها بالاستعمار والبحث عن النفوذ في منطقة الساحل. ووفقًا للمركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية، وهو مؤسسة تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، فإن قنوات Telegram، الموالية لروسيا، اقترحت النيجر كهدف مستقبلي بعد الانقلاب في بوركينا فاسو عام 2022.
ويشير تقرير من المركز إلى أن شبكات التضليل المرتبطة بمجموعة فاغنر نشرت مرتين شائعات عن انقلاب في النيجر، بما ظهر أنه مخطط له بعناية، تزامناً مع رحلة خارجية قام بها الرئيس محمد بازوم في فبراير/شباط 2023، لكن التقرير لا يبرز وجود حملات استهداف في الفترة الزمنية التي سبقت الانقلاب مباشرة.
فوائد روسيا من الانقلاب
شهدت دول في غرب إفريقيا موجة انقلابات منذ 2020، اثنان في بوركينا فاسو ومالي، وواحد في تشاد، وآخر في غينيا، والآن النيجر. ويقول أوفيغوي إيجيجو، الخبير في الشؤون الإفريقية، لـDW إن هناك افتراضاً بتحرك روسي في إفريقيا، كما يوجد تضليل إعلامي روسي، لكن هناك مشاعر معادية للاستعمار منتشرة مسبقاً في المنطقة.
وقبل الانقلاب، قوّت النيجر علاقاتها مع روسيا، إذ وقعا عام 2017 اتفاق تعاون عسكري ومن ذلك خطة لمواجهة الإرهاب، لكن هذه الشراكة لم تتطور حسب إيجيجو.
في المقابل، يمنح الانقلاب روسيا فرصة لتوسيع مصالحها في منطقة الساحل وحشد التأييد في الجمعية العامة للأمم المتحدة من دول جديدة، حتى تكسر حالة من شبه الإجماع العالمي على إدانة غزوها لأوكرانيا، وحتى تضيف النيجر إلى قائمة من الدول الإفريقية التي لا تصوت على قرار الإدانة.
كما يتيح الانقلاب توسيع صادرات السلاح الروسي إلى النيجر، ما يتيح لقادة الانقلاب تقوية مكانتهم، يقول إيجيجو. لكن ما سيدفعه النيجر، أحد أفقر بلدان إفريقيا، سيكون باهظاً، وقد يصل لحد استغلال الثروات الطبيعية في البلد لأجل أداء فواتير السلاح الروسي.
كات هيرزين/إ.ع
بالصور: النيجر.. دولة فقيرة رغم ثرواتها الهائلة
تعيش النيجر في ظل أزمة سياسية وإقليمية عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم. وتعد النيجر من أفقر الدول الإفريقية، رغم أنها تزخر بالثروات والمعادن الطبيعية خاصة اليورانيوم.
صورة من: picture alliance/dpa/epa/H. Fohringer
فقر مدقع
النيجر هي واحدة من أفقر دول العالم حيث تحتل المرتبة السابعة بين أفقر دول العالم. تعدادها سكانها يبلغ أكثر من 25 مليون نسمة، فيما يقبع قرابة نصف السكان تحت خط الفقر، بما في أكثر من 10 ملايين شخص يعيشون في فقر مدقع.
صورة من: Nicolas Remene/Le Pictorium/MAXPPPdpa/picture alliance
عبء اللاجئين
بسبب النزاعات التي تعصف بدول الساحل الإفريقي، تعاني النيجر من تداعيات الصراعات، ليس فقط في الشق الأمني وإنما أيضا في التعامل مع أزمة تدفق اللاجئين. وفقا لبيانات الأمم المتحدة، تستضيف النيجر 255 ألف لاجئ فروا من بوركينا فاسو ومالي ونيجيريا، فيما أعادت الجزائر آلاف اللاجئين بموجب اتفاقية تعاون أمني تم توقيعها في أكتوبر/ كانون الأول عام 2021.
صورة من: DW
العيش في كنف المساعدات
40 بالمئة من ميزانية النيجر تأتي من المساعدات الخارجية. فقد خصصت بروكسل 503 ملايين يورو بين عامي 2021 و2024 لاستخدامها في التعليم والحوكمة والنمو المستدام، مع تخصيص 70 مليون يورو العام الماضي لدعم جيش النيجر. وأعلنت فرنسا عن حزمة مساعدات قيمتها 131.6 مليون دولار للنيجر، فيما قدمت واشنطن مساعدات بقيمة 233 مليون دولار. وأعلنت ألمانيا في 2021 عن حزمة مساعدات لمدة عامين بقيمة 131 مليون دولار.
صورة من: Blaise Dariustone/DW
ثروات طبيعية ضخمة
تزخر النيجر بثروات طبيعية هائلة في مقدمتها اليورانيوم. تمتلك النيجر سادس أكبر احتياطي من اليورانيوم على مستوى العالم، حيث تعد أوروبا المستفيد الأكبر. إذ تلبي النيجر ربع حاجة بلدان التكتل من اليورانيوم المستخدم لإنتاج الطاقة. ولا تقتصر ثروات النيجر الطبيعية على اليورانيوم بل تزخر أيضا بالذهب، حيث بلغت صادراتها منه 2.7 مليار دولار عام 2021، فضلا عن أنه يوجد بها خام الحديد والقصدير والفوسفات والنفط.
صورة من: Getty Images
ركيزة اقتصادية
بفضل ما تمتلكه النيجر من يورانيوم وذهب ونفط، باتت ثرواتها الطبيعية الضخمة ركيزة اقتصاد البلاد، حيث قدرت الحكومة بأنها تشكل نحو 40 في المئة من صادراتها، فيما يساهم قطاع المعادن بنسبة ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Ascani
ثروة حيوانية وزراعية
تمتلك النيجر ثروة حيوانية وزراعية ضخمة. ووفق بيانات البنك الدولي يمثل القطاع الحيواني نحو 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما يعتمد أكثر من 80 في المئة من سكانها على الزراعة. بيد أن هناك تناقضا في القطاع الزراعي بين شمال وجنوب البلاد. إذ تعاني المناطق الشمالية من جفاف وتصحر فيما تسقط في المناطق الجنوبية أمطار وفيرة.
صورة من: Imago/Nature Picture Library
واحة للاستقرار والديمقراطية
لسنوات طويلة، ظلت النيجر واحة الاستقرار وآخر معاقله في منطقة الساحل، التي تعصف بدولها اضطرابات وأزمات سياسية خانقة. فقبل عامين، شهدت البلاد انتقالا ديمقراطيا ناجحا للسلطة رغم محاولة انقلاب فاشلة حاولت إرباك المشهد الديمقراطي، وهو تطور على عكس ما حصل في دول الجوار، لا سيما مالي وبوركينا فاسو التي شهدت في السنوات الأخيرة أربعة انقلابات.
صورة من: picture alliance/abaca/AA
تاريخ حافل بالانقلابات
ورغم تمتعها بمسار ديمقراطي نسبي، إلا أن تاريخ النيجر حافل بالانقلابات منذ استقلالها عام 1960. فقد وقع أول الانقلابات العسكرية عام 1974 حين أطاح الجيش بحكومة تولت زمام الأمور في البلاد منذ الاستقلال. وفي عام 1996 وقع انقلاب آخر قاده الجيش ضد رئيس البلاد مهمان عثمان، بيد أن انقلاب عام 1999 كان الأكثر دموية في تاريخ البلاد.
صورة من: AFP
انقلاب قلب الموازين
في السادس والعشرين من يوليو / تموز الماضي، أعلنت قوات من الحرس الجمهوري استيلاءها على السلطة واعتقال الرئيس المنتخب محمد بازوم الذي رفض قبول ذلك. وفي بيان متلفز، أعلن الانقلابيون تشكيل ما يُعرف بـ " المجلس الوطني لحماية الوطن".
صورة من: Mahamadou Hamidou/REUTERS
عبد الرحمن تياني.. رجل الظل
بات الجنرال عبد الرحمن تياني الرجل القوي الجديد في النيجر بعد الانقلاب. ينحدر الجنرال تياني من قبائل الهوسا التي تشكل غالبية سكان النيجر. انضم إلى الجيش عام 1984 حيث خدم في عدة بعثات للأمم المتحدة في ساحل العاج والكونغو ودارفور بالسودان. شغل منصب قائد الحرس الرئاسي عام 2011. وبحسب السلطات، فإن تياني أحبط عدة محاولات للانقلاب بين عامي 2021 و2022.
صورة من: ORTN/Télé Sahel/AFP/Getty Images
محمد بازوم.. الرئيس السجين
ينحدر الرئيس بازوم من أصول عربية، فهو ينتمي إلى قبائل "عرب ديفا" الذين يمثلون نسبة 0.3 بالمئة من السكان. في الثاني من أبريل/ نيسان 2021، أدى محمد بازوم اليمين الدستورية رئيسا للنيجر حيث كان أول رئيس مدني منتخب يتسلم السلطة سِلميا من رئيس مدني منتخب. وقبل الرئاسة، شغل بازوم مناصب وزراية، فضلا عن دوره في "حزب النيجر من أجل الديمقراطية والاشتراكية" الحاكم. ومنذ الانقلاب، بات بازوم معتقلا في قصره. م.ع