1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عراقي مسلم يعرّض نفسه للخطر من أجل مساعدة عراقيين مسيحيين

شمال رمضان / شمس العياري١٨ ديسمبر ٢٠٠٨

في الوقت الذي تستهدف فيه جماعات إرهابية الأقليات في العراق، يعرض البعض حياته للخطر من أجل مساعدتهم. موقعنا يسلط الضوء على تجربة عراقي شيعي لم يتردد في إنقاذ حياة أبناء جلدته المسيحيين ومساعدتهم على الفرار من المخاطر.

جماعات إرهابية متطرفة تزرع الأحقاد بين مكونات الشعب العراقي لتفتيت وحدة البلادصورة من: DW / AP

تحدثت الإحصائيات الأخيرة عن تراجع أعمال العنف في العراق، إلا أن الإرهاب يكاد يكون جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية لآلاف العراقيين في مناطق متفرقة من بلاد الرافدين، حيث ما تزال عمليات الاختطاف والنهب والقتل تهدّد حياة العديد في العراق. وإن شكّلت الأعمال الإرهابية واقعا مرّا على جميع العراقيين، إلا أن الأقليات العرقية والدينية على غرار الصابئة واليزيدية والمسيحية أصبحت أكثر استهدافا من غيرها للملاحقة والابتزاز والاختطاف وحتى القتل. الأمر الذي دفع الكثير منهم إلى الهجرة والهرب إلى مناطق أخرى في العراق أكثر أمنا.

وفي الوقت الذي تحاول فيه بعض الجماعات زرع الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين الذي عاشوا سويا بسلام في العراق طوال قرون، يعرض البعض حياته للخطر من أجل مساعدة الفارّين من التطرف الإرهابي، على غرار سائق تاكسي الأجرة عصام الكعبي، الذي يُعد مثالا على رغبة غالبية العراقيين في التعايش السلمي ونبذ العنف والكراهية التي زرعتها بعض الجماعات بهدف تفتيت وحدة العراق.

الأقلية المسيحية ضحية الفتن الطائفية

تعرض عدد من الكنائس ودور العبادة المسيحية في العراق إلى اعتداءات إرهابيةصورة من: AP

وُلد عصام الكعبي، وهو شيعي ويبلغ من العمر 36 عاما، في العاصمة العراقية بغداد. وفي منتصف السبعينات انتقلت عائلة عصام، الذي كان آنذاك في الخامسة من عمره، للسكن في ضاحية "البلديات" التي كانت من بين الضواحي البغدادية التي تتميز بالتنوع العرقي والديني، حيث كان المسلمين والمسيحيون يعيشون في كنف السلام جنبا إلى جنب، ويقول عصام إنه لم يشهد طوال أكثر من ثلاثين عاما من المسيحيين أي أذى أو سوء، يجعله يكّن الكراهية لهم، بل على العكس فقد توطدت صداقاته معهم إلى درجة أنه تعلم العديد من لغات الأقلية المسيحية العراقية على غرار الأرمينية والآشورية والكلدانية وكذلك الأرامية، التي تُعد لغة المسيح.

ويشير عصام الكعبي إلى أن الوضع اليوم قد اختلف، ذلك أن بعض الجماعات استغلت الاختلاف الديني والعرقي لنشر الأحقاد بين مكونات الشعب العراقي، ويقول إن المتطرفين أضحوا ينعتون "الأكراد بالمُتصهينين والشيعة بالروافض والمسيحيين بالصلييبين". ويشدّد عصام أن أتباع القاعدة وبعض أتباع الرئيس العراقي السابق صدّام حسين إنما يهدفون إلى دفع العراق إلى دوامة من الفوضى لا نهاية لها، وأنهم أصبحوا يؤججون نار الكراهية في الفترة الأخيرة بين المسلمين والمسيحيين وذلك من خلال اتهامهم بالتعاون مع الجيش الأمريكي، الذين تعتبره غالبية الشعب العراقي بأنه محتل.

الأعمال الإرهابية تشوه صورة الإسلام

أعمال العنف والارهاب تحول دون تحقيق الأمن المنشود في العراقصورة من: AP

ونظرا لتزايد خطر الاختطاف والابتزاز والاغتيال التي تعرضت له الأقلية المسيحية في الفترة الخيرة، اضطر العديد منهم إلى الهرب إلى الدول المجاورة للعراق (سوريا والأردن وتركيا) أو إلى الشمال العراقي الآمن نسبيا. وبما أن عملية الفرار من المناطق المتوترة غالبا ما تكون محفوفة بالمخاطر، فقد كان العديد منهم كانوا يلجؤون إلى عصام الكعبي، الذي كان يعمل منذ سنوات طويلة كسائق تاكسي وبالتالي معرفته الجيدة بالطرق. كما أنه كان قد ساعد بعض أصدقائه المسيحيين على الهرب من مناطق التوتر.

ويروي عصام الكعبي قصة طالبة طب مسيحية طلبت منه مساعدتها على الهرب من بغداد إلى عين كاوة بالقرب من مدينة أربيل في الشمال العراقي. الخطير في الأمر أن الطالبة كانت اُجبرت على الزواج بزعيم أحد الجماعات الإرهابية وقبل يومين من حفل الزفاف فرّ بها عصام الكعبي بسيارته من قبضة المتطرفين. ويقول عصام إلى أنه اضطر بعد هذه العملية إلى بيع سيارته والاختفاء لمدة ستة أشهر، ذلك أن الجماعة الإرهابية كانت تبحث عنه للانتقام منه. ويروي عصام أنه بعد فترة من البطالة وجد عملا كسائق لدى إحدى المنظمات الإنسانية في العراق وهو ما يسّر له مساعدة المسيحيين على الهرب إلى شمال البلاد، ورغم الخوف الذي كان يرافقه خلال عمليات تهريب العراقيين المسيحيين إلى المناطق الكردية الآمنة نسبيا، يقول عصام إنه هدفه الأول هو إنقاذ حياتهم من خطر الموت، معربا في الوقت نفسه عن أسفه بأن البعض يستعمل الإسلام كغطاء لأعماله الإرهابية.


تراجع عدد المسيحيين في العراق


يُشار في هذا الإطار إلى أن عدد المسيحيين كان يبلغ قبل الحرب العراقية حسب تقديرات نحو 1.2 مليون نسمة. وبعد سقوط نظام صدام حسين انخفض عددهم إلى نحو 800 ألف نسمة، وتشير آخر التقديرات إلى أن نصفهم قد غادر البلاد، في حين لجأ الآلاف منهم إلى شمال العراق. وكذلك عصام الكعبي قرر الانتقال للعيش مع عائلته في عين كاوة في الشمال العراقي بالقرب من أصدقائه المسيحيين و أولائك الذين ساعدهم على الفرار من قبضة الإرهابيين المتطرفين، الذين يسعون إلى "تشويه صورة الإسلام في الداخل والخارج" و"كسر التعددية العرقية والدينية" التي تميز بها العراق، بحسب عصام الكعبي.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW