عرب ألمانيا وموسيقى الراب – نجوم وهموم
٢٢ نوفمبر ٢٠١٣عانى الشاب سيف الدين لأعوام طويلة من تعاطي المخدرات وعاش فترة مراهقة سيئة للغاية، كما يقول. وفي يوم من الأيامأحس بحاجة للتغيير في حياته، "عندها قرأت مجددا عن الإسلام، وأحسست أنه يعطيني السكينة والقوة". ويعبر سيف الدين عن هذه التجربة بأغنيته: "أشهد بما يلي".
سيف الدين (35 عاما)، المولود في مدينة فرانكفورت لأب مغربي وأم إيطالية، وجد رفيقا مثاليا له، شكل معه ثنائيا غنائيا مميزا: إنه "عمار 114". هذا هو الاسم الفني للشاب الإثيوبي الذي قدم في طفولته إلى ألمانيا حيث تعرف فيها على الإسلام واعتنقه، على حد قوله.
يريد المطربان الشابان الوصول بأغانيهما بالدرجة الأولى إلى اليافعين والشباب من عائلات مسلمة ممن لا يعرفون ما هو الإسلام. ويوضح عمار في هذا السياق بالقول: "هناك أشخاص مجرمون يدّعون بفخر بأنهم مسلمون ولكنهم لا يعلمون أي شيء عن هذا الدين، ويجب أن نشرح لهؤلاء بأن الإسلام يعني السلام والاحترام". وفي إحدى أغانيه ينتقد عمار تلك المجموعة من الشباب العرب التي اعتدت في محطة مترو الأنفاق في ميونيخ على رجل بحالة صحية صعبة.
"نحن ألمانيا أيضا"
سيف الدين وعمار يعكسان في نصوص أغانيهما الشعور بالضيق من عدم قبول المجتمع لهما بشكل كامل. وهما ليسا وحيدان في ذلك. العديد من مغنيي الراب والهيب هوب يحتجون على هذا الواقع، وبينهم سهيرة عواد.
المطربة سهيرة عواد باتت ربما أشهر مغنية للهيب هوب في برلين، وبالتحديد منذ عام 2005 عندما أطلقت ألبوما لاقى نجاحا جماهيريا كبيرا. لغتها المباشرة ونصوصها الناقدة للمجتمع ومظهرها الخارجي المليء بالتحدي عبر ارتداء الحجاب، جعل منها ظاهرة فنية فريدة. سهيرة المولودة عام 1980 لأبوين فلسطينيين، تحب كثيرا برلين التي ولدت فيها، كما أنها تحب وطن أبويها. ويقول مطلع إحدى أغانيها: "ليس هناك شك .. برلين هي بيتي، ولكن فلسطين هي بيتي أيضا. الجدار يعزل .. حجر على حجر ..".
ومن الأشياء التي تضفي البهجة على قلب سهيرة عندما تأتي إليها الفتيات عقب الحفلة ويقلن لها: "أنت رائعة، رغم أنك متدينة وتصلين". وهذا ما تريد المطربة البرلينية إيصاله؛ تريد أن تكون "قدوة لليافعين" على طريقتها الخاصة. "المعروف عن مطربات الهيب هوب أنهن يصعدن خشبة المسرح وهن شبه عاريات"، كما تقول سهيرة، أما هي فتريد أن تقول: "الشكل ليس كل شيء. المهم المضمون".
ومع صدور ألبومها الثاني مطلع عام 2013، قررت سهيرة اعتزال الغناء وهجر الموسيقى، لتتفرغ لأسرتها وللعمل في مجال الاستشارة الاجتماعية.
ظاهرة بوشيدو
ولم يكن جميع مغنيي الراب بهذه الصورة "المريحة" اجتماعيا، لأن هناك مطربين آخرين اتخذوا منحى مختلفا تماما. ولعل أشهرهم بوشيدو، الذي يعتبر حاليا من أشهر مطربي ألمانيا عموما. ظاهرة هذا المغني تعتبر فريدة من نوعها في المجتمع الألماني. هناك معجبون كثر، ولكن أيضا نقاد كثر.
المغني التونسي – الألماني أنيس محمد يوسف الفرشيشي، المعروف ببوشيدو، اختار الراب ليصل من خلاله إلى الجمهور. بعض الشباب من ذوي الأصول المهاجرة يعتبره "قدوة"، بينما صنفت السلطات الألمانية العديد من ألبوماته ضمن الألبومات الممنوعة لغير البالغين. ومنها ألبومه الغنائي الأخير الصادر في عام 2013، لأنه يضم أغنية "ضغط بدون سبب". بررت السلطات قرار حظر بيع الأغنية لمن هم دون الـ18 من العمر وحظر بثها تلفزيونيا وإذاعيا، لكونها تتضمن كلمات تشجع على العنف والتمييز ضد النساء وضد المثليين جنسيا.
سبق هذه المشكلة اتهام آخر، وجهته صحيفة "شتيرن" الألمانية واسعة الانتشار لبوشيدو، عندما قالت إنها تملك الدليل على أن "بوشيدو عضو في خلية مافيا"، يقودها اللبناني أبو شاكر. التهمة لم تثبت، ولكن إشارات كثيرة وجهت لبوشيدو، منها ما قاله بصراحة لصيحفة "فرانكفورتر ألغماينه": "إنه (أي أبو شاكر) أفضل أصدقائي. بل هو أكثر من صديق".
مواقع التواصل الاجتماعي تظهر مع ذلك وجود عشرات الألوف من الشابات والشباب المعجبين ببوشيدو، الذي يكرر باستمرار، أثناء حديثه بالألمانية، كلمات عربية ذات دلالة دينية مثل: "إن شاء الله، الحمد لله..." كتعبير عن هويته، كما يقول.
وتوجد محطات مضيئة في حياة بوشيدو، مثل حصوله على جائزة "بامبي" الشهيرة في ألمانيا عام 2011 تقديرا لجهوده في قضية الاندماج في ألمانيا. وحتى منح هذه الجائزة لقي معارضة كبيرة في الأوساط السياسية والثقافية الألمانية، اذ طالب البعض بسحبها منه.