انضم الآلاف من جماهير الأندية في برلين إلى المظاهرات الحاشدة ضد حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، ما سلط الضوء على الطابع السياسي للرياضة بالتزامن مع استعداد ألمانيا لاستضافة بطولة أوروبا لكرة القدم 2024.
إعلان
احتشد أكثر من 150 ألف متظاهر قرب مبنى الرلمان الألماني (الرايشستاغ) نهاية الأسبوع الماضي لمعارضة العنصرية واليمين المتطرف ، مع مشاركة عدد من مشجعي الأندية الألمانية الذين رفعوا أعلام أنديتهم ولافتات ملونة كُتب عليها عبارات مناهضة للعنصرية مثل "لا مجال للفاشيين في كرة القدم!" و"كرة القدم ترحب باللاجئين".
وخلال مشاركته في المظاهرة، قال ديفيد هوفمان، العضو في منظمة "Gesellschaftsspiele" التي تركز على زيادة التوعية السياسية بين مشجعي كرة القدم في برلين، إنه "من المهم أن يتحدث الجميع بصوت واحد ضد التطرف. إنها لحظة حاسمة. ويجب على الرياضة وكرة القدم على وجه الخصوص، أن تنتفض لأن الكثير من الناس يجتمعون عند لعب كرة القدم ومشاهدتها".
وفي مقابلة مع DW، أضاف هوفمان أنه ساعد في تشجيع الجماهير الكروية على المشاركة في التظاهرات الحاشدة ضد اليمين المتطرف، موضحا أن 30 رابطة تضم روابط أندية تنافس في الدوري وأخرى لا تشارك في البطولة، وقّعت على المشاركة رسميا في التظاهرة.
الوقوف أمام اليمين المتطرف
وجاءت مظاهرة السبت (الثالث من يناير/ كانون الثاني) ضمن احتجاجات عارمة تسود أنحاء ألمانيا ضد اليمين المتطرف منذ الكشف عن "لقاء بوتسدام" في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي الذي حضره قادة من حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي وبعض السياسيين المحافظين ورجال أعمال حيث ناقشوا خطة تقضي بإعادة المهاجرين في ألمانيا "قسرا" إلى بلدانهم، بمن فيهم من يحملون الجنسبة الألمانية ذوي أصول مهاجرة.
وقالت بترا، وهي مشجعة لنادي "هيرتا برلين"، إنها شاركت في المظاهرة بسبب "ضرورة أن نقف جميعا في ديمقراطيتنا ضد اليمين المتطرف"، مضيفة: "يتعين أن نحرص على عدم تعثر ديمقراطيتنا وعدم وصول الأحزاب الخاطئة إلى السلطة".
ورغم انخفاض الدعم الشعبي لحزب "البديل" منذ بدء موجة الاحتجاجات الحالية، إلا أن الحزب اليميني الشعبوي مازال يحظى بنسبة تاييد بلغت 19 بالمئة في استطلاعات الرأي على مستوى البلاد مما يجعله ثاني أكثر الأحزاب شعبية في ألمانيا.
قوة الساحرة المستديرة
من جانبه، يرى ماكس، مشجع نادي "يونيون برلين"، أن كرة القدم تتجاوز كونها مجرد وسيلة للترفيه في العطلات الإسبوعية، مؤكدا أنه قرر وزوجته وكافة أفراد أسرته المشاركة في تظاهرة السبت.
وقال "كرة القدم تعكس المجتمع. النضال من أجل الديمقراطية يعني أن نحمي أسسها، سواء داخل أندية كرة القدم وداخل المدارس وأماكن العمل وحتى الأحياء التي نقطنها".
ولعبت العديد من أندية البوندسليغا دورا في تشجيع عشاقها على المشاركة في المظاهرات المناهضة لليمين المتطرف فيما أعرب مدربون مثل الألماني كريستيان شترايش، مدرب فريق فرايبورغ والإسباني تشابي ألونسو، المدير الفني لباير ليفركوزن، عن دعمهما للاحتجاجات. وتزامن هذا مع تعالي الأصوات الداعية إلى انخراط كافة الأندية الألمانية.
وفي ذلك، قال آرني الذي يلعب لصالح أحد الأندية المحلية غير المشاركة في منافسات البونسليغا، "تتمتع كرة القدم بالقدرة على جمع الناس معا، خاصة الأشخاص الذين ينتمون إلى ثقافات ولغات وجنسيات وديانات وعرقيات وحتى أراء مختلفة".
ويرى مراقبون أن مشاركة مشجعي الأندية الكروية في الاحتجاجات الحالية ضد اليمين المتطرف تسلط الضوء على الطابع السياسي لكرة القدم في ألمانيا.
ورغم نجاح روابط مشجعي الأندية الألمانية أيضا في القضاء على الكثير من أعمال الشغب ذات الطابع اليميني التي كانت سمة مميزة لكرة القدم الألمانية في الثمانينيات والتسعينيات، إلا أن عالم الساحرة المستديرة في ألمانيا مازال يعاني من انقسامات تعكس حالة الانقسام داخل المجتمع الألماني.
ومع استمرار بعض الإساءات العنصرية، سواء عبر الإنترنت أو في ملاعب كرة القدم الألمانية، جرى تدشين حملات مثل "أطردوا النازيين من الملاعب" لعبت دورا هاما في منع اختراق العناصر المتطرفة للمجتمع الكروي في البلاد.
وفي تعليقه، قال هوفمان: "هناك محاولات من اليمين المتطرف لتقويض ثقافة كرة القدم. ولكن كما ترون اليوم، هناك الكثير من المنظمات الكروية وروابط المشجعين تقف ضد هذه المحاولات بهدف إظهار أن كرة القدم رياضة تجمع الجميع ولا تفرقهم".
كرة القدم الألمانية في دائرة الضوء
يأتي ذلك بالتزامن مع استضافة ألمانيا كأس أمم أوروبا لكرة القدم في الفترة من 14 يونيو/ حزيران إلى 14 يوليو/ تموز العام الجاري، ما دفع بعض الأصوات الكروية مثل هوفمان إلى التحذير من إمكانية استغلال العناصر المتطرفة لبطولة "يورو 2024".
الجدير بالذكر أنه رغم نجاح مونديال 2006 الذي استضافته ألمانيا في إظهار كافة أشكال الوطنية في البلاد، إلا أن بعض مظاهر القومية البائنة في كرة القدم ترتبط في بعض الأحيان باليمين المتطرف.
وفي ذلك، قال هوفمان: "بالتأكيد أنا قلق بشأن بعض النزعات القومية في ألمانيا خلال تنظيم حدث كروي كبير، لكني أعتقد أن هذا الأمر يوفر فرصة للانخراط في حوار نقدي حول القومية والدور الذي تلعبه كرة القدم في الاستراتيجيات القومية".
وأضاف: "هذا ما يتعين علينا القيام به. علينا التحدث مع جيراننا ومع أصدقائنا من أجل توعيتهم من خطر مساعي المتطرفين اليمينيين إلى استغلال كرة القدم".
بدورها، شددت بترا على أن مشاركة عشاق الساحرة المستديرة في المظاهرات المناهضة لليمين المتطرف، تبعث برسالة مفادها أن كرة القدم تلعب دورا هاما في الدفاع عن الديمقراطية، مضيفة: "كرة القدم تعني أساس كل شيء. إنها مجتمعنا، إنها تتسع للجميع بغض النظر عمّن أنت أو الفريق الذي تشجعه كحال ديمقراطيتنا التي تتسع للجميع".
أعده للعربية: محمد فرحان
ألمانيا - محطات في تاريخ العنف اليميني المتطرف
أحدثها جريمة قتل مروعة في مدينة هاناو يُشتبه بأن دافعها عنصري. منذ عام 1990 بلغ عدد ضحايا اليمين المتطرف 198 شخصا أغلبهم من أصول أجنبية. ملف الصور هذا يلقي نظرة على جرائم هذا اليمين وأنشطته خلال ثلاثة عقود.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Kahnert
أول ضحايا اليمين المتطرف انغولي
يعد الأنغولي آمادو أنتونيو كيوا من أول ضحايا عنف اليمين المتطرف في ألمانيا، وقد هاجمته مجموعة من النازيين الجديد في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 1990، وقتله المهاجمون ومثلوا بجثته.
صورة من: Amadeu Antonio Stiftung
ضحايا أتراك في هجوم بمدينة مولن
مبنى في مدينة مولن شمال ألمانيا، تعرض لهجوم نفذه النازيون الجدد في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 1993، وأسفر إحراق البناء عن مصرع 3 أشخاص من أصول تركية، والبمنى كان يسكنه بشكل أساسي مهاجرون أتراك إلى ألمانيا.
صورة من: AP
الخلية النازية السرية في 1996
يمينيون راديكاليون بمدينة أيرفورت. لأكثر من 10 سنوات ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية انطلاقا من مدينة تسفيكاو بشرق ألمانيا. ومن بين المتهمين بجرائم متنوعة أوفه موندلوز وأوفه بونهارت ومانفريد لودر (صورة ملتقطة للثلاثة في عام 1996)
صورة من: privat/dapd
هجمات اليمين المتطرف طالت حتى المراقص
صورة تظهر 3 من ضحايا هجوم اليمين المتطرف، حيث هاجم ذوو الرؤوس الحليقة مرقصاً للديسكو في ألمانيا في 19 كانون الثاني/ يناير 2003، وقتلوا طعنا 3 شبان يظهرون في الصورة.
صورة من: DW/A. Grunau
الأجانب هدف دائم لخلية "إن إس يو"
قتلت خلية "إن إس يو" اليمينية المتطرفة عشرة أشخاص على الأقل من عام 2000 إلى 2007. تسعة من الضحايا من أصول أجنبية، كانوا يعيشون كلهم في ألمانيا. كما قتلت المجموعة الارهابية شرطية ألمانية. وقد قُتل الضحايا بدم بارد.
صورة من: picture-alliance/dpa
مسجد في لايبزغ تعرض لهجوم اليمين المتطرف
مجهولون يلقون براس خنزير في باحة مسجد بمدينة لايبزغ في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013. ويُحسب إضرام الحرائق في مآوي اللاجئين أو في البنايات المخصصة لإيواء اللاجئين أحداث - وإن لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا - على اليمين المتطرف وعلى كارهي الأجانب بصفة عامة واللاجئين بصفة خاصة.
صورة من: picture-alliance/dpa
عنف اليمين أكثر نشاطا في شرق ألمانيا
في عام 2014 سجل 47 اعتداء ذي دوافع عنصرية في شرقي ألمانيا، على الرغم من عدد السكان فيها لا يشكل سوى 17 بالمائة من إجمالي سكان البلاد. صورة لعنصر من حليقي الرؤوس في برلين عام 2015.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
اليمين المتطرف يرفض اللاجئين
كثيرا ما شهدت مدن شرق ألمانيا احتجاجات متكررة ضد اللاجئين وتنديد بالمستشارة ميركل التي يتهمونها بفتح الأبواب على مصراعيها أمام "من هب ودب" دون أن تعير اهتماما لمخاوفهم ومشاكلهم. الصورة من تظاهرات في مدينة فرايتال ضد اقامة مراكز ايواء اللاجئين عام 2015.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
المشاعل من شعارات اليمين المتطرف
عناصر من اليمين المتطرف يستعرضون قوتهم في مدينة ماغديبورغ في 16 يناير 2015، وذلك في مناسبة لاحياء ذكرى قيام الحرب العالمية الثانية. وتسجل مدن شرق المانيا على وجه الخصوص ارتفاعا متسارعا في عدد الموالين لحركات اليمين المتطرف والنازيين الجدد.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Schlueter
المتهم بمهاجمة المرشحة لمنصب عمدة كولونيا
صورة من عام 2016، لعنصر من اليمين المتطرف ألقي القبض عليه بعد مهاجمته المرشحة لمنصب عمدة كولونيا هنريتا ريكر قبل يوم من انتخابها. الصورة تظهر المتهم وهو يدخل صالة المحكمة في دوسلدورف في 29 نيسان 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Vennenbernd
اليهود مازالوا هدفاً للنازيين الجدد
أوفه أوتسي اوبالا صاحب المطعم اليهودي في مدينة كيمنيتس، يصف للصحفيين ما جرى في هجوم نفذته مجموعة من المقنعين المعادين لليهود والسامية، ويكشف عن اصابته في كتفه بحجر رماه به المهاجمون المقنعون في (27 آب / اغسطس 2018).
صورة من: Getty Images/AFP/J. MacDougall
الصليب المعقوف ما زال شعارهم
محموعة من النازيين الجدد يرفعون الصليب المعقوف وقد توهج فيه اللهيب في نيسان/ ابريل 2018. الصورة من طقوس خاصة جرت في منطقة لم يعلن عنها تمجيدا للحزب النازي.
صورة من: Reuters/G. Nakamura
اغتيال فالتر لوبكه
في الثاني من يونيو/ حزيران 2019 عُثِرَ على جثة فالتر لوبكه، رئيس المجلس المحلي لبلدية مدينة كاسل، في شرفة منزله مقتولا برصاصة في رأسه. ووجه الادعاء العام تهمة قتل لوبكه، لشتيفان إي. وداعمه المشتبه به ماركوس إتش.، وشتيفان معروف في السابق بأنه من النازيين الجدد. وكان لوبكه المتنمتي لحزب المستشارة ميركل من مؤيدي قضايا اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Pförtner
معبد يهودي كهدف ليميني متطرف
سكان مدينة هاله الألمانية (شرق) يرفعون شعار:"سكان هاله ضد اليمين - الاتحاد من أجل الشجاعة الأخلاقية"، احتجاجا على جريمة وقعت في مدينتهم في 09.10.2019 عندما كان 52 شخصا يحتفلون بيوم الغفران داخل المعبد اليهودي بالمدينة، وحاول شتيفان ب. وهو شاب يميني متطرف (28 عاما) اقتحام المعبد، ولكنه فشل فأطلق النار على امرأة وشاب وجدهما في طريقه وقتلهما. وكان يعتقد أن "المرأة مسلمة" وفق تصريحه أمام المحكمة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
هجمات بمدينة هاناو على مقاهي الشيشه
شهدت مدينة هاناو بولاية هسن مقتل 9 أشخاص في موقعين مختلفين ليلة 19 شباط/ فبراير 2020، ثم عثرت الشرطة بعد الجريمة بساعات على جثة المشتبه بأنه مطلق النار على الأشخاص التسعة وعلى على جثة والدته في مسكنه. إعداد م.أ.م / م.س