عشرات الآلاف في برلين مع وضد حزب البديل من أجل ألمانيا
٢٧ مايو ٢٠١٨
شهدت العاصمة الالمانية مواجهة سادتها أجواء التوتر بين اليمين المتطرف ومتظاهرين معادين له مصممين على التضييق على خصومهم بشتى الوسائل، وسط انتشار كبير للشرطة لمنع أي صدامات.
إعلان
انطلق ظهر اليوم الأحد ( 27 مايو/ أيار 2018) متظاهرون من حزب "البديل من أجل المانيا" اليميني الشعبوي من محطة برلين المركزية إلى بوابة براندبورغ التاريخية مرددين الشعارات المفضلة لهذا الحزب : المستشارة الالمانية أنغيلا "ميركل يجب أن ترحل" و"نحن الشعب". وخلال مهرجان خطابي، رفض زعيم الحزب اليميني الشعبوي، يورغ مويتن، تدفق مزيد من المهاجرين على ألمانيا.
وعلى الضفة الأخرى من نهر شبري في العاصمة الألمانية، حيث مقر مجلس النواب، تجمع آلاف الناشطين النقابيين وسكان عاديون وأعضاء في جمعيات وأحزاب تعبيراً عن رفضهم لمظاهرة اليمين المتطرف.
وأرغم هؤلاء الناشطون مسيرة اليمين المتطرف على تغيير مسارها الأصلي بعد أن قطعوا أحد الجسور، ما أجبرها على سلوك طريق آخر. وقالت الشرطة إنها اضطرت في أمكنة أخرى إلى استخدام الغاز المسيل للدموع للفصل بين متظاهرين من المجموعتين. وأكد حزب اليمين المتطرف ان حافلة تنقل مناصرين له تعرضت للرشق بالحجارة والطلاء صباح الأحد.
وردد آلاف المتظاهرين المناهضين شعارات مثل "الدعاية النازية ليست حقاً" أو "برلين كلها ضد حزب البديل من أجل المانيا".
وخشية وقوع أعمال عنف، تم نشر ألفي عنصر أمن، خصوصاً وأن مجموعات من اليسار المتطرف توعدت بتخريب مظاهرة اليمين المتطرف.
واستعادت بياتريكس فون شتورش، وهي إحدى قياديات اليمين المتطرف، أمام الحشود العنوان المفضل لحزبها : التنديد بالتهديد الذي يطرحه الإسلام. وقالت فون شتورش: "الرهان هو على الحرية في مواجهة الأسلمة"، في حين زادت شعبية حزبها، الذي استفاد من المخاوف التي أثارها وصول أكثر من مليون طالب لجوء إلى البلاد منذ 2015، غالبيتهم الساحقة من المسلمين. وندد كريستيان نوبر (47 عاماً) بقرار ميركل استقبال المهاجرين، مضيفاً: "لم يعد الوضع مقبولاً مع ميركل، إذ تبذر الحكومة مبالغ هائلة على اللاجئين وتترك مسنين يعيشون في ظروف بائسة".
وكان حزب البديل من أجل المانيا قد فاز في الانتخابات التشريعية التي جرت في 24 سبتمبر/ أيلول الماضي بحوالي 13 في المائة من الأصوات ودخل البرلمان. ويؤكد هذا الحزب أنه يريد تعبئة الشارع ضد المستشارة الألمانية، خصمه اللدود.
وكانت قيادة الحزب قد صرحت للشرطة أنها تتوقع مشاركة عشرة آلاف شخص. لكنها خفضت توقعاتها هذا الأسبوع مشيرة إلى أنها تراهن على جمع 2500 إلى 5000 متظاهر. وبرر الحزب هذا التراجع بخوف الكثيرين من التعبير علناً عن مواقفهم المؤيدة خشية تعرضهم لإجراءات انتقامية في محيطهم أو مكان عملهم.
وتحرك المتظاهرون من الأحزاب المعارضة منذ أيام على شبكات التواصل الاجتماعي لـ"قطع الطريق أمام مناصري حزب البديل من أجل المانيا وعدم الترك الشارع لهم". ويؤكد معظمهم على ضرورة منع حزب اليمين المتطرف من إيصال رسالته من خلال طرق سلمية.
وما يثير قلق الشرطة هو إعلان المناهضين لحزب البديل من أجل المانيا على الإنترنت أنهم "يفضلون الفوضى على هذا الحزب". وتقع مواجهات بانتظام بين الشرطيين وناشطي اليمين المتطرف في برلين.
وقال أندرياس كالبيتس من كوادر حزب البديل من أجل ألمانيا: "كل شخص سيشارك في هذه التظاهرة يعلم أنها لن تكون هادئة".
ويشغل هذا الحزب في الوقت الحالي أكثر من 90 مقعداً في البرلمان وهو أكبر أحزاب المعارضة، بفعل الائتلاف الحكومي الذي تم التوصل إليه بصعوبة بين محافظي أنغيلا ميركل والاشتراكيين الديمقراطيين.
وفي حين شددت الحكومة سياسة الهجرة بشكل كبير في العامين الماضيين، يستمرّ تقدّم "البديل من أجل ألمانيا" في استطلاعات الرأي وقد قلّص الفارق مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
م.ا.م / ي.أ (أ ف ب)
مظاهر متعددة للتطرف في شرق ألمانيا
رغم أن اليمين المتطرف ظاهرة لا تقتصر على بلد معين، إلا أن الحكومة الألمانية أعربت مؤخرا عن قلقها من تنامي كراهية الأجانب ومعاداة الإسلام في الولايات الألمانية الشرقية. جولة مصورة في مظاهر التطرف اليميني بشرق ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها إزاء تنامي كراهية الأجانب والتشدد اليميني في شرق ألمانيا، محذرة من أنهما يشكلان تهديدا على السلم الاجتماعي وينفر المستثمرين الأجانب. الإحصائيات الأخيرة تؤكد هذه المخاوف: ففي عام 2014 مثلا سجل 47 من الاعتداءات ذات الدوافع العنصرية في شرقي ألمانيا، على الرغم من عدد السكان فيها لا يشكل سوى 17 بالمائة من إجمالي سكان البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
فمثلا، على الرغم من أن نشاط النازيين الجدد لا يقتصر على ألمانيا فحسب، بل سجل في عدد مناطق من العالم على غرار أمريكا والنرويج، إلا أن حزبهم "حزب ألمانيا القومي الديمقراطي" لم ينجح حتى الآن في الدخول إلى البرلمانات المحلية والمجالس المحلية إلا في شرقي ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Bimmer
شكلت مدينة دريسدن، بولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، مهد ومعقل حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) التي تتظاهر منذ أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2014 ضد الإسلام والمسلمين وتواجد الأجانب في ألمانيا. وقد بلغت هذه الاحتجاجات ذروتها مع تدفق سيل اللاجئين، وأغلبيتهم من سوريا، على ألمانيا العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
خلال احتجاجاتهم الليلية التي تنظمها حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) لم يتوان اليمينيون المتطرفون عن التعبير عن رفضهم لقدوم اللاجئين إلى ألمانيا. في إحدى المظاهرات حمل أحدهم لافتة تصور أناسا في قطار – وذلك في إشارة إلى أن أغلبية اللاجئين قدموا إلى ألمانيا في القطارات انطلاقا من المجر والنمسا – وقد كتب عليها بالإنجليزية: "اللاجئون غير مرحب بهم، عودوا بعائلاتكم إلى أوطانكم".
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Schutt
اليمين المتطرف يرفضو أيضا التعددية الثقافية في إشارة إلى المهاجرين، الذين يعيشون في ألمانيا منذ عقود، ويعتبرونها دخيلة على الثقافة الألمانية. في الصورة أحد المتظاهرين في احتجاجات نظمتها حركة بيغيدا في مدينة دريسدن وهو يحمل لافتة كتب عليها "يجب وقف التعددية الثقافية. وطني (يجب) أن يبقى ألمانيّا".
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi
كثيرا ما شهدت مدن شرق ألمانيا احتجاجات متكررة ضد اللاجئين وتنديدات بالمستشارة ميركل التي يتهمونها بفتح الأبواب على مصراعيها أمام "من هب ودب" دون أن تعير اهتماما لمخاوفهم ومشاكلهم. وفي الواقع، فقد شهد حزب المستشارة، الحزب الديمقراطي المسيحي، تراجعا في الانتخابات البرلمانية المحلية لعدد من الولايات الألمانية، وليس في شرق ألمانيا فقط.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
إضرام الحرائق في مآوي اللاجئين أو في البنايات المخصصة لإيواء اللاجئين أحداث - وإن لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا - تحسب على اليمين المتطرف وعلى كارهي الأجانب بصفة عامة واللاجئين بصفة خاصة. الصورة تظهر بناية خصصت لإيواء اللاجئين في بلدة باوتسن وهي تحترق. كما أظهرت التحقيقات فيما بعد أن الحريق كان بفعل إجرامي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Löb
بعدما سمع اليمنيون المتطرفيو أن طائفة الأحمدية تريد أن تبني مسجدا بمنطقة نائية في إيرفورت بولاية تورينغن، شرقي ألمانيا، حتى سارعوا للاحتجاج رغم أن الأمر لم يتعد طور التخطيط. ورغم أن هذا المسجد الذي لايزال مجرد حبر على ورق هو الأول من نوعه في الولاية بأسرها والثالث في شرقي ألمانيا (باسثناء برلين)، إلا أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي يرى فيه مشروعا بعيد المدى لأسلمة ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
الاحتجاج على بناء المساجد من قبل البعض في ألمانيا ليس بالأمر الجديد. بيد أن البعض استخدم وسائل أخرى للتعبير عن احتجاجه: ففي عام 2013 ومع انطلاق أشغال بناء أول مسجد في مدينة لايبتسغ وثاني مسجد على الإطلاق في شرق ألمانيا (باستثناء برلين) قام مجهولون بوضع رؤوس خنازير دامية على أرضية المبنى. حادث مماثل تكرر بعدها بثلاث سنوات عندما وضع مجهولون خنزيرا صغيرا ميتا أمام مسجد في المدينة ذاتها.
صورة من: picture-alliance/dpa
لأكثر من 10 سنوات ويمنيون متطرفون، ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية انطلاقا من مدينة تسفيكاو بشرق ألمانيا، يقتلون أناسا في مختلف أنحاء ألمانيا. والمتهمون هم أوفه موندلوز، أوفه بونهارت (في الصورة – في الوسط) وبيآته تشيبه. ضحاياهم: ثمانية أتراك ويوناني وشرطية. دافعهم في ذلك هو كراهيتهم للأجانب. وإلى حدود عام 2011 كان الرأي العام يجهل هوية هؤلاء وأن القتلة هم من اليمينيين المتطرفين.