سوريا: أنباء عن اتفاق بتسليم السلاح ودخول الأمن إلى السويداء
١ مايو ٢٠٢٥
أكدت المراجع الدينية والفصائل العسكرية الدرزية الخميس (الأول من مايو/ أيار) انها "جزء لا يتجزأ" من سوريا التي ترفض "الانسلاخ" عنها، بعيد اشتباكات ذات طابع طائفي اوقعت أكثر من مئة قتيل يتوزعون بين مسلحين دروز من جهة وعناصر أمن ومقاتلين مرتبطين بالسلطة من جهة أخرى ومدنيين بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وجاء التصعيد حيال الدروز بعد أكثر من شهر على أعمال عنف دامية في منطقة الساحل السوري قتل خلالها نحو 1700 شخص غالبيتهم العظمى من العلويين، سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها إدارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، في سعيها لتثبيت حكمها ورسم أطر العلاقة مع مختلف المكونات عقب إطاحة حكم الرئيس بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر
واثر اجتماع في مدينة السويداء ليل الخميس ضم مشايخ عقل الطائفة وأعيانها وفصائلها المسلحة، تم الإعلان عن خارطة طريق على وقع الاحداث الدامية الأخيرة. وقال متحدث باسم المجتمعين "نؤكد على مواقفنا الوطنية الثابتة...وأننا جزء لا يتجزأ من الوطن السوري الموحد"، مضيفا "نرفض التقسيم او الانسلاخ أو الانفصال". ودعا في الوقت نفسه الى "تفعيل دور وزارة الداخلية والضابطة العدلية في محافظة السويداء من أبناء المحافظة".
وتزامنت مطالب دروز السويداء مع اعلان السلطات السورية التوصل إلى اتفاق مع ممثلين عن مدينة جرمانا.
"هجمة إبادة غير مبررة"
وكان أبرز شيوخ الطائفة الدرزية في سوريا قد ندّد الخميس بما وصفه بأنه "هجمة إبادة غير مبررة" ضد أبناء طائفته، بعد المواجهات الأخيرة الدامية بين مسلحين دروز ومجموعات تابعة لقوات الأمن السورية، متهما الحكومة "بقتل شعبها".
ووصف الهجري الذي يعد أبرز القادة الروحيين لدروز سوريا، في بيان ما شهدته منطقتا جرمانا وصحنايا قرب دمشق بـ"هجمة إبادة غير مبررة" ضد "آمنين في بيوتهم". وشدد على أن "القتل الجماعي الممنهج" يتطلب "وبشكل فوري أن تتدخل القوات الدولية لحفظ السلم ولمنع استمرار هذه الجرائم ووقفها بشكل فوري"، في مطلب سبق للسلطات السورية أن نددت به.
في غضون ذلك أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وسكان دروز إن مقاتلين وعناصر أمن تابعين للسلطة هاجموا المدينتين، على خلفية شريط الفيديو، واشتبكوا مع مسلحين دروز في المنطقة. فعقب انتشار تسجيل صوتي نُسب الى شخص درزي قيل إنه يتضمن إساءات الى النبي محمد، تعذر على وكالة فرانس برس التحقق من صحته، اندلعت اشتباكات ليل الاثنين الثلاثاء في مدينة جرمانا التي يقطنها دروز ومسيحيون وأوقعت أكثر من مائة قتيل، يتوزعون بين مسلحين دروز من جهة، وعناصر أمن ومقاتلين مرتبطين بالسلطة، من جهة أخرى، وفق ما أحصى المرصد السوري لحقوق الانسان.
من جانبها أعلنت السلطات السورية الأربعاء نشر قواتها في صحنايا لضمان الأمن، متهمة "مجموعات خارجة عن القانون" بافتعال الاشتباكات. وأكدت السلطات في بيان الأربعاء "التزامها الراسخ بحماية جميع مكونات الشعب السوري بدون استثناء، بما في ذلك أبناء الطائفة الدرزية".
وزير خارجية إسرائيل يدعو المجتمع الدولي لحماية دروز سوريا
وعلى وقع الاشتباكات، أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء "نقل رسالة حازمة إلى النظام السوري" مفادها أن "إسرائيل تتوقع منهم التحرك لمنع الإضرار بالطائفة الدرزية".
كما دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الخميس المجتمع الدولي لتوفير الحماية للدروز في سوريا، وقال ساعر في بيان بمناسبة يوم الاستقلال في إسرائيل: "أدعو المجتمع الدولي للقيام بدوره في حماية الأقليات في سوريا وخاصة الدروز من النظام وعصابات الإرهاب التابعة له". وطلب ساعر من المجتمع الدولي "أن لا يغض الطرف عن الأحداث الصعبة التي تحدث هناك مؤخرا".
كما حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الخميس من أن إسرائيل سترد بقوة إذا فشلت الحكومة السورية في حماية الأقلية الدرزية، عقب يومين من الاشتباكات الدامية قرب دمشق. وقال كاتس في بيان: "إذا استؤنفت الهجمات على الدروز وفشل النظام السوري في منعها، فسترد إسرائيل بقدر كبير من القوة". وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه نقل درزيين سوريين جريحين للعلاج.
وجاء التصعيد حيال الدروز بعد أكثر من شهر على أعمال عنف دامية في منطقة الساحل السوري قتل خلالها نحو شخص غالبيتهم العظمى من العلويين ، سلطت الضوء على التحديات التي تواجهها إدارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، في سعيها لتثبيت حكمها ورسم أطر العلاقة مع مختلف المكونات عقب إطاحة حكم الرئيس بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وزير الخارجية السوري يحذر من أي دعوة للتدخل الخارجي
وكانت الخارجية السورية أبدت الأربعاء "رفضها القاطع لجميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية".
وجاء ذلك إثر شنّ اسرائيل ضربات في محيط صحنايا، استهدفت وفق محافظ دمشق عامر الشيخ دورية للأمن العام، ما أسفر عن مقتل أحد عناصرها ومدني. وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أمر وحداته بـ"الاستعداد لشن ضربات ضد أهداف تابعة للحكومة السورية في حال استمر العنف ضد المجتمعات الدرزية".
وفي منشورات على منصة أكس، ندّد وزير الخارجية أسعد الشيباني الخميس بمطلب التدخل الدولي، مؤكدا أن "الوحدة الوطنية هي الأساس المتين لأي عملية استقرار أو نهوض". واعتبر أن "أي دعوة للتدخل الخارجي، تحت أي ذريعة أو شعار، لا تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام"، مضيفا "من يدعو إلى مثل هذا التدخل يتحمل مسؤولية تاريخية وأخلاقية وسياسية أمام السوريين والتاريخ، لأن نتائج هذه الدعوات لا تنتهي عند حدود الخراب الآني، بل تمتد لعقود من التفكك والضعف والانقسام". وتابع: "نحن نؤمن أن الطريق إلى الاستقرار يمر عبر الحوار والتشارك الفعلي بين جميع مكونات الشعب السوري بعيداً عن الإملاءات وتحت سقف السيادة السورية الكاملة".
ووجه الشيباني الشكر للإدارة الأمريكية على تسهيل إجراءات زيارة الوفد السوري إلى واشنطن ونيويورك، قائلا: "نشكر وفد الإدارة الأمريكية على نقاشاتهم البناءة حول مستقبل سوريا، حيث شددنا على ضرورة رفع العقوبات كاملا وفتح المجال أمام الشعب السوري للعيش بكرامة وحرية".
وأضاف أن "هذه الزيارة تمثل محطة مهمة في مسار استعادة سوريا لمكانتها الإقليمية والدولية، وتعبيرا واضحا عن إرادة السوريين في إيصال صوتهم والتفاعل الإيجابي مع العالم، على قاعدة الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة".
يذكر أنه إثر الإطاحة بـ الأسد أذي قدّم نفسه حاميا للأقليات في سوريا، لم تتوصل الفصائل الدرزية المسلحة التي لا تنضوي تحت مظلة واحدة، الى اتفاق كامل مع السلطات الجديدة. لكن مئات المقاتلين من فصيلين رئيسيين انضووا في صفوف الأمن العام ووزارة الدفاع.
ويعد بسط الأمن على كامل سوريا من أبرز التحديات التي يواجهها الشرع ، مع وجود مناطق لا تزال عمليا خارج سيطرته، على غرار مناطق سيطرة المقاتلينالاكراد في شمال شرق البلاد، رغم توقيع اتفاق ثنائي معهم. وتعهدت السلطات الجديدة حماية الطوائف كافة وسط مخاوف لدى الأقليات، في وقت يحثّ المجتمع الدولي على إشراك جميع المكونات في المرحلة الانتقالية.
تحرير: عماد غانم