عشرات القتلى ومئات الجرحى باشتباكات عنيفة في طرابلس
٢٧ مايو ٢٠١٧
اندلعت اشتباكات عنيفة في العاصمة الليبية طرابلس بين جماعات مسلحة متحالفة مع حكومة الوفاق الوطني" المعترف بها دولياً، وبين "حكومة الإنقاذ" برئاسة "خليفة الغويل. وأسفرت المواجهات عن عشرات القتلى حسب إحصائيات رسمية.
إعلان
عاشت العاصمة الليبية طرابلس يوماً طويلا أمس الجمعة، حيث اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة قبيل الفجر، واستمرت حتى ساعة متأخرة من الليل مخلفة عشرات القتلى والجرحى. وجرت الاشتباكات بين عدة تشكيلات مسلحة تنتمي إلى حكومتين داخل طرابلس، هما "حكومة الوفاق الوطني" المعترف بها دولياً برئاسة فائز السرّاج، والتي جاءت نتيجة حوار ليبيي استمر لسنتين، برعاية دولية، و"حكومة الإنقاذ" برئاسة خليفة الغويل.
وقال متحدث باسم الشرطة القضائية في ساعة متأخرة من مساء الجمعة إن جماعة متحالفة مع حكومة الوفاق سيطرت على سجن الحدباء الذي يضم العديد من السجناء المعروفين من بينهم أحد أبناء معمر القذافي ومدير مخابراته العسكرية. وقال المتحدث أحمد أبو كراع إنه سيتم نقل السجناء إلى مكان أكثر أمانا اليوم السبت (27 مايو/ أيار).
وجاءت الاشتباكات بعد نداءات أطلقها منسّق عملية "فجر ليبيا"، وقائد إحدى الكتائب الداعمة للغويل، "صلاح بادي"، لبدء عملية مسلّحة جديدة باسم "فخر ليبيا" تهدف لإسقاط المجلس الرئاسي. وبدأ تبادل إطلاق النار عند قيام التشكيلات الداعمة لحكومة الإنقاذ بشن هجوم على مقرات التشكيلات الداعمة لحكومة الوفاق في مناطق مكتظة بالسكان من العاصمة، واستُخدمت خلال الاشتباكات أسلحة ثقيلة ومتوسطة مع مدافع ودبَابات، خلفت أضراراً جسيمة في الممتلكات العامة والخاصة وقتلى وجرحى، تباينت الأرقام حول أعدادهم الصحيحة.
ونشرت غرفة العمليات المركزية بوزارة الصحة الليبية إحصائية غير نهائية تتحدث عن 78 قتيلا، بينهم مدنيون، وأكثر من 1000 جريح، فيما أعلنت مجموعة من المستشفيات في طرابلس نداءات لكل العاملين فيها بالتواجد، وللمواطنين بالتبرع بالدم.
خمس سنوات على سقوط القذافي وليبيا لم تخرج بعدُ من النفق
بعد سقوط القذافي وعد سياسيون بإقامة دولة في ليبيا تحترم حقوق الإنسان، لكن بعد مرور سنوات لم تقم تلك الدولة حتى الآن.
صورة من: DW-Fotomontage/picture-alliance/AA/AP
في مدخل هذا النفق ألقى ثوار في 20 من اكتوبر 2011 القبض على القذافي وهاجمه نفر من الغاضبين وأردوه قتيلا. بعد خمس سنوات من الحادثة التي شكلت منعرجا في تاريخ ليبيا، يختزل هذا المكان وبألوانه المتداخلة وشعاراته المتضاربة، المشهد الليبي الغارق في الفوضى.
صورة من: picture alliance/dpa
بعد نحو 42 عاما من حكم معمر القذافي اندلعت في ليبيا في 17 فبراير/ شباط 2011 ثورة ضده أدت إلى سقوط نظامه بمساعدة من حلف الناتو، ومنذ ذلك الحين تبحث ليبيا عن مخرج من الاضطرابات السياسية والعنف الذي يجتاحها.
صورة من: dapd
في بنغازي بشرق ليبيا تأسس المجلس الوطني الانتقالي برئاسة مصطفى عبدالجليل، كوجه للمرحلة الإنتقالية بعد الثورة الليبية. ولم يكد ينته الشهر الذي قتل فيه القذافي حتى انتخب المجلس في طرابلس عبد الرحيم الكيب رئيساً للحكومة الانتقالية. وفور انتخابه صرح الكيب أنه يريد "بناء دولة تحترم حقوق الإنسان".
صورة من: dapd
في سنة 2012 قرر المؤتمر الوطني إجراء انتخابات مباشرة من قبل الليبيين لاختيار جمعية تأسيسية لصياغة دستور البلاد. كما صدر في نفس العام قانون تعديلي لتنظيم المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية في البلاد).
صورة من: AFP/Getty Images
استمر المجلس الوطني الانتقالي في السلطة نحو عشرة أشهر. وفي يوليو/ تموز 2012 جرى انتخاب المؤتمر الوطني العام، الذي شكل الحكومة برئاسة على زيدان في أكتوبر/ تشرين الأول، لكن المجلس سيحجب الثقة عن حكومة زيدان وإسقاطها في شهر مارس 2014.
صورة من: Reuters
ورغم وجود حكومة غرقت ليبيا في فوضى الجماعات والميلشيات المسلحة، وظهرت مخاطر تحولها إلى "دولة فاشلة" تأوي إليها العناصر الإرهابية والمتشددة من دول الجوار. وفي شهر فبراير/ شباط 2014 ظهر اللواء المتقاعد خليفة حفتر عبر شريط فيديو معلنا سيطرته على عدد من مؤسسات الدولة في شرق البلاد، وفي شهر مايو أعلن حفتر بدء "عملية الكرامة" لتطهير ليبيا من العناصر الإرهابية والمتشددة.
صورة من: Reuters
وتمت كتابة دستور بعد تعطل كبير لتجرى الانتخابات التشريعية بالنظام الفردي في 25 يونيو/ حزيران 2014. وفاز مرشحو التيار المدني الليبرالي بأغلبية مقاعد البرلمان، متقدمين على مرشحي التيار الوطني الإسلامي. ليحل البرلمان (مجلس النواب) وحكومته محل المؤتمر الوطني. ومقر مجلس النواب هو بنغازي، لكن أغلبية الأعضاء اختاروا طبرق لعقد جلساتهم.
صورة من: Reuters
اعترف المجتمع الدولي بالبرلمان في طبرق، والذي كلف عبدالله الثني بتشكيل حكومة، لكن ائتلاف "فجر ليبيا" في غرب البلاد، والذي تعد جماعة الإخوان المسلمين أقوى طرف فيه شكل برلمانا موازيا في طرابلس وحكومة برئاسة عمر الحاسي. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 ألغت المحكمة العليا في طرابلس نتائج الانتخابات بحجة عدم دستورية قانون الانتخابات.
صورة من: picture-alliance/dpa
شهدت ليبيا مزيدا من الفوضى وتحولت إلى ملجئ للعناصر المسلحة من مشارب مختلفة وخصوصا من التيارات المتشددة، ومنها "أنصار الشريعة"، و"جيش تحكيم الدين" و"مجلس شورى الشباب" المواليين لتنظيم القاعدة، وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وغيرها من الجماعات المسلحة التي تتراوح العلاقات فيما بينها بين التحالفات والتناحر.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Hannon
انحازت قوى إقليمية ودولية إلى طرفي الصراع. وفي حين تدعم مصر والإمارات وروسيا برلمان طبرق واللواء حفتر، تدعم تركيا وقطر برلمان طرابلس. وقامت مساع دولية من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، ولهذا أوفدت الأمم المتحدة في أغسطس آب 2014 مبعوثا خاصا إلى ليبيا هو برنادينو ليون، الذي أطلق مسلسل مفاوضات في الصخيرات بالمغرب.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
استقال المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون بعد مفاوضات طويلة وعسيرة بين الأطراف الليبية في منتجع الصخيرات القريب من العاصمة المغربية الرباط. لينجح خلفه الديبلوماسي الألماني مارتين كوبلر في التوصل مع الأطراف الليبية في الصخيرات إلى اتفاق سلام يهدف لإنهاء الصراع السياسي والعسكري بينها في الخميس (17 كانون الأول/ ديسمبر 2015).
صورة من: imago/Xinhua
وبناء على اتفاق الصخيرات تشكل المجلس الرئاسي الليبي، الذي شكل بدوره حكومة وفاق وطني برئاسة فائز السراج، ونالت الحكومة ثقة برلمان طبرق بالأغلبية قرب نهاية فبراير/ شباط 2016. ووصل السراج الأربعاء (30 آذار/ مارس 2016) إلى طرابلس، لكن خليفة الغويل، رئيس ما يسمى بـ "حكومة الإنقاذ الوطني" طلب منه مغادرة البلاد هو ومن معه.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/GNA Media
وبمرور الوقت أعلن الغويل دعمه لحكومة الوفاق الوطني لكنه تراجع عنه بعد ذلك. لتبقى في ليبيا حتى الآن ثلاث حكومات تتنازعها. حكومتان في طرابلس: "الوفاق الوطني" بقيادة السراج، و"الانقاذ" بقيادة الغويل وحكومة طبرق المؤقتة برئاسة عبدالله الثني، إضافة إلى العشرات من الميليشيات المسلحة والمتناحرة.
صورة من: DW-Fotomontage/picture-alliance/AA/AP
13 صورة1 | 13
واستنكر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المعترف به دوليا والناتج عن حوار الصخيرات (المغرب) بأشد العبارات ترويع المواطنين الآمنين في طرابلس من قبل "مجموعات خارجه عن القانون والشرعية". واتهم المجلس الرئاسي في بيانه الغويل وصلاح بادي، الذي ينتمي إلى مدينة مصراته، بقيادة هذه الأعمال التي وصفها بالهمجية والمجرمة بحق المواطنين.
ومن جهته، قال الغويل إنهم لن يخرجوا من المشهد قبل الاطمئنان على ثورة 17 من شباط/ فبراير. وجاء رد البرلمان الليبي قريبا من رد حكومة الوفاق الوطني حيث استنكر هذه الهجمات وترويع المواطنين وتدمير البنية التحتية وإدخال العاصمة في حالة من الفوضى، محملا قادة هذه المليشيات المسؤولية عن سلامة المواطنين، وأدان كل من دعم هذه المليشيات التي وصفها بالمتناحرة ووفر لها الغطاء السياسي سواء من المجلس الرئاسي المقترح أو المفتي المعزول الصادق الغرياني، كما جاء البيان.
وفي اجتماع عقده مع أعضاء بالبرلمان الليبي، ومجلس الدولة مساء الجمعة، أكد السراج أن المعركة لن تنتهي إلا بانتهاء أجواء التوتر والفوضى وخروج مسببيها خارج العاصمة. بيان السراج وكلمته لم يروقا لحكومة الإنقاذ "المدعومة من جماعات إسلامية، ومن مجلس مصراته العسكري"، فقد أصدر رئيسها، "خليفة الغويل" بياناً اعتبر فيه أن حكومته هي صاحبة الشرعية القانونية والدستورية.
دولياً، أكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة فى ليبيا، "مارتن كوبلر" إدانة أعضاء مجلس الأمن الدولي لتصعيد العنف في طرابلس، عبر بيان مشترك صدر مساء الجمعة، دعوا فيه إلى ضبط النفس، والابتعاد عن الحلول العسكرية، وتأييد المصالحة الوطنية، وتقديم مرتكبي الأعمال الإجرامية والإرهابية في جميع أنحاء ليبيا إلى العدالة.