1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عشرون عاما على عاصفة الصحراء

١٧ يناير ٢٠١١

تعاقب الحروب على العراقيين لم يترك في ذاكرتهم مساحة لتذكر تفاصيل أي منها، ولم تكن عمليات " عاصفة الصحراء" استثناء، إذ لا يكاد العراقيون يشعرون بذكراها العشرين التي تمر اليوم.

بغداد في الساعات الاولى لعمليات عاصفة الصحراءصورة من: AP

ضم صدام حسين الكويت إلى العراق بعد احتلاله لها في 2 آب/ أغسطس 1990، وتشكل تحالف دولي قادته الولايات المتحدة الأمريكية لإخراجه منها، وأطلق على عمليات تحرير الكويت "عاصفة الصحراء"،وأطلق عليها المؤرخون اسم حرب الخليج الثانية، تمييزا لها عن حرب العراق وإيران التي كانت قد انتهت قبل سنتين من وقوع الغزو.

كان العقل المخطط للعمليات آنذاك الجنرال "كولن باول" الذي اعتمد مبدأً قتاليا بات يعرف بمبدأ كولن باول ، حيث وظّف الطيران والصواريخ بعيدة المدى لتجريد العراق من إمكاناته الاستراتيجية والقتالية على مدى 43 يوما بدأت في فجر السادس عشر من يناير كانون الثاني عام 1991، وأعقبها هجوم القوات البرية التي فاق عددها 500 ألف عسكري من ثلاثين دولة أنهت بسهولة الاحتلال العراقي للإمارة الغنية بالنفط وسميت بالحرب النظيفة.

الحرب التي وصفت "بالنظيفة"على الجبهة الأخرى خلّفت آلاما مزمنة في نفوس العراقيين جيشا وشعبا.

مشاعر متفاوتة

القطعات البريطانية البرية بدأت هجومها بعد القصف الجويصورة من: picture alliance/dpa

الكويتيون استبشروا بانطلاق العمليات لشعورهم بأن التحالف الدولي سوف يعيد لهم وطنهم السليب، وتباينت مواقف الدول العربية من تلك العمليات حسب علاقتها بنظام الحكم في العراق آنذاك وتبعا لمصالحها معه.

الفريق الركن نجيب الصالحي الذي كان أحد قادة الجيش العراقي آنذاك عبّر لدويتشه فيله عن دهشته لقرار حاكم العراق صدام حسين احتلال الكويت، معتبرا ذلك جنونا ارتبط باستبداد الحاكم وامتناعه عن مشاورة الخبراء، ومعتبرا أن قبول صدام للمنازلة مع التحالف الدولي مثّل خطأ استراتيجيا قاد إلى تدمير الجيش والبلد برمته فيما بعد، وما زالت أثار ذلك النزال غير المتكافئ مستمرة حتى اليوم .

وأشار الصالحي إلى أن العراقيين فرض عليهم قبول تلك الحرب والعيش مع نتائجها المرة، واصفا تفاصيل القصف الجوي الكثيف ونتائجه المروّعة على القطعات المنتشرة في الكويت وفي العراق، ومشيرا إلى آثار ذلك القصف المطوّل على معنويات الجيش والمدنيين وحتى النخبة السياسية، علاوة على آثاره المستديمة على البنية التحتية للبلد التي بقيت مخرّبة حتى اليوم وعلى الاقتصاد العراقي الذي لم يتعاف بعد من آثار تلك الهجمات الجوية الصاروخية. وأشار الضابط العراقي إلى أن عمليات "عاصفة الصحراء" وما تبعها من انسحاب غير منظم وكارثي للجيش العراقي من الكويت قد أججت انتفاضة شعبية قامت في أول آذار/ مارس عام 1991 واستمرت آثارها لسنوات طويلة، وصارت فيما بعد واحدا من أسباب سقوط النظام السابق، الذي اختار أن يدخل في منازلة مع شعبه .

ذاكرة الرعب

"كوثر عبد الزهرة " التي كانت في الخامسة عشرة من عمرها حين بدأت عمليات تحرير الكويت، وصفت لدويتشه فيله كيف كانت مشاعرها قبل عشرين عاما وهي تعيش مع أمها وأشقائها في غرفة تحت الأرض فيما تتساقط القذائف والصواريخ حول بيتهم في منطقة العامرية ببغداد العاصمة.

ثم روت كوثر قصة أبيها الذي كان طيارا في سلاح الجو العراقي أُسقطت طائرته ووقع في قبضة قوات التحالف الدولي حيث مكث نحو شهرين في الأسر.

وفيما كان قادة الجيش العراقي يوقعون اتفاقية الاستسلام غير المشروط المعروفة باتفاقية( خيمة صفوان) مع قائد قوات التحالف الدولي الجنرال الأمريكي شوارتزكوف لإنهاء عمليات "عاصفة الصحراء" كان العراقيون قد شرعوا فعلا برحلة عذاب طويلة، فرضتها عليهم سنوات الحصار الاقتصادي الذي فرض على بلدهم بعد انتهاء عاصفة الصحراء.

حقل الغام خلفته الحروب في كردستان العراقصورة من: picture-alliance / dpa

الكتاب والصحفيون تأثروا بشكل استثنائي بهذا الحصار، فباعوا كتبهم الخاصة بمبالغ زهيدة ليتمكنوا من التقوّت بثمنها. الصحفي خالد سليمان رئيس تحرير صحيفة ( هفتانه) التي تصدر في كردستان العراق وصف لدويتشه فيله مشاعره التي اختلط فيها الخوف من حرب مدمرة دخلها العراقيون رغما عنهم بمشاعر الأمل في أن تُسقط هذه الحرب النظام الديكتاتوري . واستذكر سليمان الرعب الذي عاشه الناس وهم يستمعون إلى ماكينة الإعلام الرسمي التي دأبت على تخويفهم من هجمات بالأسلحة الكيماوية، واصفا الأساليب البدائية التي اعتمدها العراقيون لتحصين منافذ بيوتهم ضد الهجمات المحتملة بالغازات السامة.

رئيس تحرير صحيفة العالم البغدادية سرمد الطائي وفي لقاء مع دويتشه فيله قال: " مازلنا نشوى على الصفيح الساخن ذاته الذي كنا نشوى عليه منذ عشرين عاما، وأتأمل اليوم وضع العراق بانتقاله من حرب إلى موجة عنف، إلى حرب، فموجة عنف وسط غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي، وأتساءل لو قدر لأموات حرب 1991 أن يلتقوا في متاهة من متاهات الزمن والكون بأموات 2003 أو 2011 فماذا سيقولون لهم؟ لماذا يتواصل هذا الموت في العراق؟ لماذا نرى نفس ملامح العقل المتشدد الذي أدخل العراق في مواجهة مع المجتمع الدولي، فاعلة اليوم في السياسة العراقية مع اختلاف الظروف؟ لماذا نرى نفس العجز السياسي والتمزق والانقسام والعجز عن الوصول إلى تكوين حلول؟".

حرب على جبهات بعيدة

دبابة محترقة خلفها الجيش العراقي في الكويت وفي الخلفية حريق في احدى آبار النفطصورة من: picture-alliance/dpa

الكاتب والروائي العراقي الإسرائيلي ايلي عمير عبّر لدويتشه فيله عن مشاعر الألم التي اعترته وهو يتأمل عبر شاشات التلفزة ما خلفه القصف الجوي والصاروخي في بغداد من خراب، رغم أنه قد فارق بغداد في أواخر أربعينات القرن الماضي. واعتبر عمير أن إقدام صدام حسين على قصف إسرائيل بالصواريخ كان خطأ استراتيجيا، لاسيما وأن رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينها إسحق شامير أعلن أن بلاده ليست في حرب مع العراق. عمير لفت الأنظار إلى أن تلك الصواريخ أثارت بعض الخوف في نفوس الناس في حينها، لكنها جعلت من صدام على المدى البعيد عدوا لعدد كبير من الإسرائيليين، ودفعتهم بالتالي إلى تأييد الرئيس بوش الإبن حين بدأ حرب العراق في عام 2003 والوقوف إلى جانبه لإسقاط صدام حسين.

ملهم الملائكة

مراجعة: منى صالح

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW