عشية مؤتمر المانحين.. الهدنة الجديدة في السودان صامدة!
١٨ يونيو ٢٠٢٣
ساد الهدوء في الخرطوم بعد دخول هدنة جديدة لمدة 72 ساعة حيز التنفيذ صباح الأحد، عشية انعقاد مؤتمر لتنسيق المساعدات الانسانية التي يحتاج إليها نحو نصف سكان البلاد.
إعلان
قال سكان إن الاشتباكات هدأت في العاصمة السودانية الخرطوم صباح اليوم الأحد (18 حزيران/يونيو 2023) في أعقاب معارك وضربات جوية خلال الليل وذلك مع بدء سريان وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة بهدف تهدئة القتال المستمر منذ أكثر من شهرين بين طرفي الصراع.
واتفق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على وقف الهجمات وعدم السعي للحصول على مكاسب عسكرية خلال فترة وقف إطلاق النار، التي بدأت في الساعة السادسة صباحا (0400 بتوقيت غرينتش)، فضلا عن السماح بتسليم المساعدات، حسبما قال الوسطاء السعوديون والأمريكيون.
وفي الساعات التي سبقت سريان الهدنة، أفاد شهود بوقوع اشتباكات وضربات جوية في عدة مناطق بالخرطوم وأم درمان المجاورة.
وفشلت عدة اتفاقيات سابقة في وقف القتال. وسمحت الاتفاقات السابقة لوقف إطلاق النار التي توسطت فيها السعودية والولايات المتحدة خلال محادثات بجدة بتسليم بعض المساعدات الإنسانية مع انحسار القتال لكن الجانبين انتهكا الاتفاقات مرارا.
وتسبّب النزاع بمقتل أكثر من 2000 شخص وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أنّ الأعداد الفعليّة قد تكون أعلى بكثير، حسب وكالات إغاثة ومنظّمات دوليّة.
ونزح من 149 ألف شخص نحو تشاد الحدوديّة مع إقليم دارفور حيث تثير الأوضاع قلقا متزايدا خصوصا في الجنينة مركز ولاية غرب دارفور، إحدى الولايات الخمس للإقليم. وحذّرت الأمم المتحدة مطلع هذا الأسبوع من أنّ ما يشهده الإقليم قد يرقى إلى "جرائم ضدّ الإنسانيّة".
مؤتمر للمانحين
وتستضيف ألمانيا وقطر والسعودية ومصر والأمم المتحدة غدا الاثنين مؤتمرا للمانحين في جنيف يهدف إلى الحصول على تعهدات بتمويل عمليات الإغاثة الإنسانية في السودان.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 49 مليونا يحتاجون الآن إلى مساعدات إنسانية داخل السودان، الأمر الذي يتطلب تمويلا يبلغ نحو ثلاثة مليارات دولار حتى نهاية العام.
كما وجهت نداءات لجمع ما يقرب من 500 مليون دولار لمواجهة أزمة اللاجئين الناجمة عن الصراع. وفرّ أكثر من 500 ألف إلى البلدان المجاورة للسودان، فيما نزح ما يقرب من 1.7 مليون داخل البلاد.
وتسببت المعارك بنقص في المواد الغذائية والخدمات الأساسية. وتؤكد مصادر طبية أن ثلاثة أرباع المستشفيات الواقعة في مناطق القتال باتت خارج الخدمة.
وأشارت الأمم المتحدة في وقت سابق هذا الشهر الى أن خطة الاستجابة الإنسانية التي أعدتها نالت 16 بالمئة فقط من التمويل المطلوب. وقال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك "من إجمالي 2,6 مليار دولار مطلوبة للاستجابة الإنسانية هذا العام، لم نتلق سوى 400 مليون".
السيسي يستقبل نائب البرهان
وفي القاهرة، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، أن وقف الاقتتال وإطلاق النار بشكل دائم وشامل، وبدء عملية الحوار السلمي بما يفضي إلى تحقيق إرادة الشعب السوداني في الأمن والاستقرار والتنمية، هي الأولويات التي ينبغي تكثيف الجهود من أجل تنفيذها.
وأشار السيسى إلى قيام مصر ببذل أقصى الجهد لتحقيق التهدئة وحقن الدماء ودفع مسار الحل السلمي، ودعم مصر الكامل للسودان وتماسك دولته، ووحدة وسلامة أراضيه.
جاء ذلك خلال استقبال السيسي، اليوم، مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني والوفد رفيع المستوى المرافق له، وذلك بحضور اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة ، وفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية أحمد فهمي.
اقتحام مقر السفير التونسي
ودانت تونس الأحد عملية اقتحام مقر إقامة سفيرها في العاصمة السودانية الخرطوم والذي تعرض للسرقة والعبث بمحتوياته. وقالت وزارة الخارجية التونسية في بيان "تدين تونس بشدة اقدام مجموعات مسلحة على اقتحام مقر إقامة سفير الجمهورية التونسية بالخرطوم ونهب ممتلكاته والعبث بمحتوياته، في خرق جسيم لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية".
واستنكرت عدة دول في وقت سابق، من بينها ليبيا والسعودية وقطر، الاعتداءات على سفاراتها في الخرطوم ونهبها.
خ.س/أ.ح (رويترز، أ ف ب، د ب أ)
السودان.. محطات من صراع المعارضة مع العسكر
السودانيون بين الأمل والقلق حول مستقبل أوضاع بلادهم. في الصباح يستيقظون على أنباء إحباط محاولة إنقلابية وفي المساء تأتي أخبار بالتوصل لاتفاق بين العسكر وقوى المعارضة. في صور: محطات الصراع على السلطة بين المحتجين والجيش.
صورة من: AFP/Getty Images/A. Shazly
إعلان الوساطة الإفريقية الإثيوبية المُشتركة الجمعة (12 يوليو تموز 2019) بأن قوى إعلان الحرية والتغيير المعارضة والمجلس العسكري الإنتقالي في السودان توصلا إلى اتفاق كامل بشأن "الإعلان السياسي" المُحدد لكافة مراحل الفترة الإنتقالية، وخارطة طريق لتنظيم الانتخابات. هذا الإعلان يأتي في وقت لم تُبدد فيه بشكل نهائي المخاوف من تعطيل انتقال السلطة للمدنيين.
صورة من: AFP/Getty Images/A. Shazly
في الحادي عشر من يوليو/ تموز استيقظ السودانيون على بيان للمجلس العسكري الحاكم يعلن فيه أن مجموعة ضباط حاولوا القيام "بانقلاب عسكري" لتقويض اتفاق بين الجيش والمعارضة لاقتسام السلطة لفترة مدتها ثلاث سنوات يعقبها
إجراء انتخابات. الغموض ما يزال يحيط بأهداف مدبري محاولة الإنقلاب وارتباطاتهم.
صورة من: picture-alliance/AA
احتجاجات سلمية
لأسابيع طويلة صمد المتظاهرون السودانيون أمام مقر وزارة الدفاع. آلاف المحتجين كانوا يطالبون بمجلس انتقالي يحدد فيه المدنيون مستقبل البلاد. ولكن في مطلع حزيران/ يونيو 2019 تحرك العسكر لفض الاعتصام بقوة السلاح ما أسفر عن مقتل العشرات وجرح المئات.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
باسم الأمة..
متظاهر يحمل علم السودان بالقرب من المقر الرئيسي لقيادة الجيش. العلم يرمز إلى مطلب المتظاهرين في المشاركة بشكل متساو في رسم مستقبل البلاد، والمقصود مشاركة الشعب والجيش على قدم المساواة في ذلك. ولو حدث ذلك، سيكون خطوة مهمة على طريق الديمقراطية.
صورة من: Reuters
إشارات تحذيرية
قبل أيام من فض الاعتصام، كان هناك حضور قوي للجيش. ورأى الكثير من المتظاهرين في ذلك أن الجيش ربما لا يبدو مستعدا لتسليم السلطة للمدنيين، حسب ما كان يأمله السودانيون بعد الإطاحة بالديكتاتور عمر البشير.
صورة من: Getty Images/AFP
نهاية حقبة
هيمن الرئيس المخلوع عمر البشير على السلطة منذ عام 1993 وحتى الإطاحة به في نيسان/ أبريل 2019. قمع معارضيه بكل قسوة. ومن أجل الحفاظ على سلطته أمر البشير بحل البرلمان عام 1999. في تلك الفترة كان زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن يجد في السودان ملاذا آمنا له. لكن اسم البشير يبقى مرتبطا بشكل وثيق مع الحر ب ضد الانفصاليين في إقليم دارفور.
صورة من: Reuters/M. Nureldin Abdallah
الديكتاتور أمام المحكمة
كثير من السودانيين كانوا يأملون في رؤية الديكتاتور وهو يمثل أمام المحكمة. أمل تحقق بالفعل عندما بدأت جلسة محاكمة عمر البشير في الـ 16من حزيران/ يونيو. وكانت التهم الأولية الموجهة إليه تتمثل في الفساد وحيازة عملات أجنبية بكميات كبيرة. فبعد سقوطه وجد رجال الأمن في قصره أكياسا مليئة بالدولارات قدرت بأكثر من 100 مليون دولار.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Hjaj
حضور قوي للمرأة
كان للمرأة السودانية حضور قوي في الاحتجاجات، حيث تتمتع المرأة بحرية أكبر منذ بدء الاحتجاجات. المرأة السودانية لا تقوي الاحتجاجات من حيث العدد فقط، بل تدعمها نوعيا أيضا، فهي التي أعطت الاحتجاجات وجها سلميا آخر. حضور المرأة في الاحتجاجات جسد رغبة الكثير من المواطنين في الديمقراطية والمساواة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
أيقونة الثورة!
أصبحت طالبة كلية الهندسة المعمارية آلاء صلاح، وجها بارزا من وجوه الثورة. وهذه الصورة التاريخية التقطها مصور كان حاضرا عندما صعدت آلاء إلى سطح سيارة لتلقي خطابا أمام المحتجين. ومنذ ذلك الوقت تشهد هذه الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي مشاركة واسعة. صور من هذا النوع تعتبر من أدوات الثورة المهمة، فهي ترمز إلى الهوية الانتماء.
صورة من: Getty Images/AFP
تضامن عالمي
بفضل شبكات التواصل الاجتماعي تنتشر أخبار الاحتجاجات بسرعة حول العالم، وهذا ما حدث مع احتجاجات السودان. التي حظيت بعم معنوي عالمي كبير، كما تظهر هذه الصورة بمدينة ادينبورغ في سكوتلندا، حيث تطالب سيدة بوقف قتل المدنيين في السودان. كما أعلن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي عن موقفهم في بيان رسمي للاتحاد الأوروبي طالبوا فيه بوقف فوري لكل انواع العنف ضد الشعب السوداني.
صورة من: picture-alliance/EdinburghEliteme/D. Johnston
دعم للجيش أيضا
لكن ليس كل السودانيين شاركوا في الاحتجاجات ضد العسكر. فهناك من يدعمهم، حيث يأملون في تشكيل حكومة صارمة. ويعتقد أنصار الجيش أنه فقط ومن خلال العسكر يمكن ضمان مستقبل مزدهر للبلاد. ويضعون أملهم هذا في شخص الجنرال عبدالفتاح برهان رئيس المجلس العسكري الذي يحملون صورته.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly
في انتظار فرصته
لكن الرجل القوي الفعلي في السودان هو الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي". فهو الرجل الذي يعتقد أنه أمر القوات بفض الاعتصام أمام مقر القيادة العسكرية بقوة السلاح. وكان الجنرال قائدا لميليشيات "بالجنجويد" التي قمعت المتمردين بكل قسوة ووحشية في دارفور. ويخشى المتظاهرون من أن يصبح هذا الجنرال الرجل الأول في البلاد.
صورة من: Reuters/M.N. Abdallah
قلق في الخليج
أثارت أحداث السودان قلق السياسيين في دول أخرى، مثل محمد بن زايد آل ثاني، ولي العهد في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تخشى السعودية، حالها في ذلك حال الإمارات، من أن نجاح الاحتجاجات في السودان يعتبر بمثابة نجاح الثورة "من تحت" وقد يصبح مثالا يحتذى به في المنطقة. ولهذا تدعم السعودية والإمارات عسكر السودان.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Ministry of Presidential Affairs/M. Al Hammadi
الجار الشمالي يراقب بقلق!
في القاهرة تتجه الأنظار بكثير من القلق والريبة والشكوك إلى الخرطوم. وتخشى حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي أن تساهم أحداث السودان في زيادة نفوذ جماعة الإخوان المسلمين التي تحاربها في مصر بكل قوة. وإذا تمكنت الجماعة من ترسيخ أقدامها في السودان، كما تخشى مصر، فإن ذلك قد يساهم في إعادة القوة إليها في مصر أيضا.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/MENA
احتجاجات لا تنتهي
في غضون ذلك تستمر الاحتجاجات في السودان. ففي يوم الجمعة (14 حزيران/يونيو 2019) طالب صادق المهدي أحد قادة المعارضة السودانية منذ عقود، بتحقيق رسمي في عملية فض الاعتصام بالقوة. الطلب أثار غضب العسكر. والاحتجاجات في السودان تدخل في مرحلة جديدة. كيرستن كنب/ ح.ع.ح