عقب انتقادات حادة.. ميرتس: لا يمكننا الاستغناء عن المهاجرين
فلاح الياس د ب ا
٢٣ أكتوبر ٢٠٢٥
قدم المستشار الألماني ميرتس أول توضيح مفصل لما قصده بتصريحاته عن الهجرة وما يعرف بالمشهد العام في المدن الألمانية، وذلك بعدما قوبلت هذه التصريحات بانتقادات حادة.
ميرتس: "سنظل بحاجة إلى الهجرة في المستقبل، وهذا ينطبق على ألمانيا كما ينطبق على جميع دول الاتحاد الأوروبي"صورة من: dts-Agentur/picture alliance
وعلى هامش قمة غرب البلقان في العاصمة البريطانية، قال ميرتس: "نعم، سنظل بحاجة إلى الهجرة في المستقبل، وهذا ينطبق على ألمانيا كما ينطبق على جميع دول الاتحاد الأوروبي، إننا بحاجة إليها في المقام الأول من أجل أسواق العمل لدينا". ونوه ميرتس إلى أن هناك في ألمانيا أشخاصا من ذوي الأصول المهاجرة باتوا يشكلون اليوم "جزءا لا غنى عنه من سوق العمل الألماني"، مؤكدا: "لم نعد قادرين على الاستغناء عنهم، بغض النظر عن أصولهم أو لون بشرتهم أو ما إذا كان الذين يعيشون ويعملون في ألمانيا من الجيل الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع".
ميرتس يحدد الفئة المقصودة من المهاجرين
لكن ميرتس أوضح أن المشكلات تأتي من هؤلاء المهاجرين الذين ليست لديهم إقامة دائمة، ولا يعملون، ولا يلتزمون بالقوانين، مضيفا: "كثير من هؤلاء هم من يشكلون الصورة العامة في مدننا. ولهذا السبب أصبح كثير من الناس في ألمانيا، وكذلك في دول أخرى من الاتحاد الأوروبي، يشعرون بالخوف من التواجد في الأماكن العامة"، وتابع ميرتس إلى هذا الأمر ينطبق على محطات القطارات ومترو الأنفاق وبعض الحدائق العامة، وأردف أن هذا الأمر "يؤثر على أحياء بأكملها تسبب مشكلات كبيرة للشرطة".
وشدد ميرتس على ضرورة حل أسباب هذه المشاكل، وقال: "لينا أن نحل هذه المشكلات معا في أوروبا، ولن يمكننا حلها إلا بهذه الطريقة"، ورأى أنه يجب استعادة ثقة الناس في سيادة القانون بعد أن فقدت في السنوات الأخيرة. وقال إنه لهذا السبب سيناقش المجلس الأوروبي في بروكسل غدا الخميس مرة أخرى سياسة الهجرة واللجوء المشتركة للاتحاد الأوروبي، واستطرد: "هذا عمل يجب أن نقوم به معا، ولكنه يتطلب أيضا جهودا وطنية".
كان الجدل حول ما قاله ميرتس عن الهجرة والمشهد العام للمدن الألمانية منذ التصريحات التي كان أدلى بها في مؤتمر صحفي في مدينة بوتسدام في الأسبوع الماضي، حيث قال إن الحكومة تصحح أخطاء الماضي في سياسة الهجرة، لكنها لا تزال تواجه "مشكلات في المشهد العام للمدن"، مشيرا إلى أن وزير الداخلية يعمل على توسيع عمليات الترحيل. وعندما سئل لاحقا عن مقصده بتلك العبارة، أجاب ميرتس بالقول: "اسألوا بناتكم".
تحرير: عادل الشروعات
ألمانيا واللاجئون.. كيف تغير الحال منذ الترحيب الكبير في 2015؟
أغلبية الألمان كانت في عام 2015 مع استقبال اللاجئين ومنحهم الحماية. ولكن الأمور لم تستمر كذلك، حيث تراجعت نسبة التأييد للاجئين بشكل متسارع اعتباراً من مطلع عام 2016. نستعرض ذلك في هذه الصور.
صورة من: Odd Andersen/AFP/Getty Images
ميركل وعبارتها الشهيرة
"نحن قادرون على إنجاز ذلك". عبارة قالتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في هذا المؤتمر الصحفي للحكومة، الذي عقد بتاريخ 31 أغسطس/آب 2015. لم تكن تعرف حينها أن الجملة ستدخل التاريخ الألماني الحديث، وتسبب استقطاباً في البلاد، ويتحول الرأي العام الألماني من مرحب بنسبة كبيرة باللاجئين، إلى تناقص هذه النسبة بمرور السنوات.
صورة من: Imago/photothek/T. Imo
تأييد كبير لاستقبال اللاجئين
حتى مع ارتفاع أعداد طالبي اللجوء إلى ألمانيا من حوالي 41 ألف طلب لجوء في عام 2010 إلى 173 ألف طلب لجوء في 2014، كانت الأغلبية الساحقة من الألمان، في مطلع عام 2015، مع استقبال اللاجئين وتقديم الحماية لهم.
صورة من: Martin Meissner/AP Photo/picture alliance
أول محطة ترحيب
صيف وخريف 2015 شهد ذروة موجة اللجوء الكبيرة. فبعد أخذ ورد على المستوى السياسي الألماني، ومع الدول الأوروبية المجاورة، سمحت ألمانيا ودول أوروبية أخرى بدخول طالبي اللجوء إليها. مئات الآلاف دخلوا البلاد خلال أسابيع قليل. وظهرت صور التعاطف معهم من جانب السكان الألمان. وكان ذلك واضحاً للعيان في محطات القطارات وفي مآوي اللاجئين.
صورة من: Sven Hoppe/dpa/picture alliance
التأييد حتى على مدرجات الملاعب
وحتى على مدرجات ملاعب كرة القدم، في مباريات الدوري الألماني (بوندسليغا)، شاهد العالم عبارات الترحيب باللاجئين، كما هنا حيث رفعت جماهير بوروسيا دورتموند هذه اللافتة العملاقة بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين أول 2015.
وبالمجمل وصل إلى ألمانيا خلال عام 2015 وحده حوالي 890 ألف طالب لجوء.
صورة من: picture-alliance/G. Chai von der Laage
الرافضون لاستبقال اللاجئين أقلية في 2015
بنفس الوقت كان هناك رافضون لسياسة الهجرة والانفتاح على إيواء اللاجئين، وخاصة من أنصار حركة "بيغيدا" (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب)، الذين كانوا يخرجون في مسيرات، خصوصاً في شرق البلاد، للتعبير عن رفضهم لاستقبال اللاجئين. كما كانت تخرج مظاهرات مضادة لحركة "بيغيدا" وداعمة لاستقبال اللاجئين.
صورة من: Reuters/F. Bensch
ليلة الانعطاف الكبير
وبقي الرأي العام منفتحاً على استقبال اللاجئين حتى ليلة حاسمة، مثلت علامة فارقة في قضية الهجرة واللجوء في ألمانيا. فبينما كان العالم يودع عام 2015 ويستقبل 2016، والاحتفالات السنوية تقام أيضا في المدن الألمانية، وردت أنباء متتالية عن عمليات تحرش بالكثير من الفتيات في موقع احتفال برأس السنة في مدينة كولن (كولونيا). أكثر من 600 فتاة تعرضن للتحرش والمضايقات.
صورة من: DW/D. Regev
تعليق لم الشمل لحملة الحماية المؤقتة
من تلك اللحظة بدأ المزاج العام في التغير وأخذ حجم التأييد لاستقبال اللاجئين يتراجع في الرأي العام الألماني. وبدأ التشديد في قوانين الهجرة واللجوء، كتعليق لم الشمل لمدة عامين للاجئي الحماية الثانوية (المؤقتة)، بموجب القانون الذي صدر في ربيع عام 2016، والذي صدر في عهد وزير الداخلية آنذاك توماس دي ميزير.
صورة من: Getty Images/AFP/J. McDougall
الهجوم على سوق عيد الميلاد في برلين 2016
وقبل أن يودع الألمان عام 2016 بأيام قليلة، أتت كارثة جديدة صدمت الرأي العام: هجوم بشاحنة على سوق لعيد الميلاد في العاصمة برلين، نفذه اللاجئ التونسي سميح عمري. 13 إنسان فقدوا حياتهم في الهجوم، وأصيب 63 آخرون. حصيلة مؤلمة ستترك ندوباً في المجتمع.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب البديل يدخل البرلمان للمرة الأولى
استفاد من هذه الأحداث حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المناهض لسياسة الهجرة واللجوء الحالية والرافض لاستقبال اللاجئين كلياً. ليدخل الحزب البرلمان الألماني لأول مرة في تاريخه، محققاً المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية الاتحادية التي أقيمت في سبتمبر/أيلول 2017، بنسبة 12.6 بالمئة.
صورة من: Reuters/W. Rattay
استمرار الاستقطاب
شهدت السنوات اللاحقة استمرار الاستقطاب في المجتمع، خصوصاً مع بعض الهجمات التي نفذها لاجئون، بدوافع إرهابية. أمر قلص الدعم الشعبي للهجرة. إلى أن تراجعت الشعبية، وبات قرابة ثلثي الألمان في استطلاعات الرأي يريدون استقبال أعداداً أقل من اللاجئين أو وقف استقبالهم كلياً.